صورة أرشيفية لأحداث العريش

توالي الأحداث الامنية في مصر، فتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات كافة، ومنها إحتمالية وجود تنظيم للقاعدة في شبه جزيرة سيناء، خصوصاً بعد تفجير خطوط إمداد الغاز إلى إسرائيل والأردن، وأحداث العريش، وخروج منشورات منسوبة إلى القاعدة تدعو إلى إنشاء إمارة إسلامية في شبه جزيرة سيناء.


القاهرة: فجأة، وبعد أيام قليلة من انتصار الثورة المصرية على نظام الحكم السابق في 11 فبراير الماضي، وقع تفجير في شمال سيناء إستهدف خطوط إمداد الغاز لإسرائيل والأردن، وتبعه أربعة تفجيرات أخرى خلال شهر فبراير الماضي. ورغم أن تلك التفجيرات كبيرة، وأصابت الإقتصاد المصري بخسائر ضخمة، إلا أن السلطات لم تحدد حتى الآن هوية المنفذين، ويبدو أن ذلك العجز أو الإنشغال بالثورة والأحداث التي تموج بها البلاد، قد شجع الأشخاص أو الجماعات التي نفذتها على التمادي في العنف، حيث حاولت مجموعة من quot;الملثمينquot; قدر عددها بنحو 200 فرد، السيطرة على قسم شرطة العريش، وإستخدموا في ذلك أسلحة متطورة وأر بي جيه وقنابل وأسلحة آلية، وتصدت لهم قوات من الشرطة والجيش، وأسفرت الإشتباكات عن مقتل خمسة أشخاص بينهم ضابطان أحدهما من الشرطة والآخر من القوات المسلحة، إضافة إلى إصابة 19 شخصاً بجروح خطرة. وفي سابقة هي الأولى من نوعها في مصر، خرجت منشورات تزعم أن للقاعدة وجودا في سيناء وتدعو إلى الجهاد من أجل إعلانها إمارة إسلامية.

كل الإحتمالات قائمة

فتحت تلك الحوادث التي لم تشهدها مصر من قبل الباب على مصراعيه أمام كافة التكهنات، ومنها احتمالية وجود تنظيم للقاعدة في شبه جزيرة سيناء، حسبما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق، أو تورط جهات أو جماعات فلسطينية مثل جامعة جيش الإسلام، التي ألمحت إليها مصادر أمنية في مصر أكثر من مرة عقب التفجيرات، أو تمركز جماعات مصرية مسلحة في شمال سيناء. لكنّ أحدا لم يتوقع أن يصدر بيان منسوب لquot;القاعدةquot; يدعو فيه إلى إنشاء إمارة إسلامية في شبه جزيرة سيناء، الأمر الذي أثار قلق المصريين، معهم المجتمع الدولي أيضاً.

ويبدو أن هشاشة الأوضاع الأمنية في سيناء دفعت تلك الجامعات إلى التمادي في تحدي السلطة في مصر، حيث أقدمت على مهاجمة مستشفى العريش صباح اليوم الثلاثاء 2 أغسطس، واختطف أحد الجرحى من الفلسطينيين الذين كانوا ضمن المجموعة التي هاجمت قسم شرطة العريش.

إسرائيل وليس أحد آخر

ووفقاً للدكتور أحمد عبد الحميد الخبير الاستراتيجي فإن القاعدة ليس لها وجود في مصر، وليست هناك خلايا إرهابية نائمة، وقال عبد الحميد لquot;إيلافquot; إن التفجيرات الأربعة التي وقعت في خطوط إمداد الغاز لإسرائيل والأردن تشير إلى أن الجهة المنفذة واحدة، لكن الهجوم الذي تعرض له قسم شرطة العريش نفذته جهة أخرى غير التي قامت بتفجيرات خطوط الغاز، وأضاف عبد الحميد أن إسرائيل غير مستبعدة إطلاقاً من الضلوع في هذه الهجمات بما فيها ما يستهدف خطوط الغاز، مشيراً إلى أنها تسعى إلى إغراق مصر في الفوضى وإجهاض الثورة، بعد أن أزاحت مبارك عن الحكم، الذي كانت تعتبره quot;الكنز الإستيراتيجي لهاquot; أو quot;حارس إسرائيلquot;، أو quot;الصديق لهاquot;، كما وصفه رئيس وزرائها والعديد من المسؤولين الإسرائيليين، ورجح أن يكون الموساد إستخدم عناصر فلسطينية في تلك الأعمال الإرهابية ورفع أعلاما سواء في إطار عملية التمويه أو توجيه الأنظار إلى جهات أخرى. ونبه عبد الحميد إلى أن الأجهزة الأمنية المصرية تعمل بجد في الكشف عن المتورطين في تلك الأعمال التي تستهدف زعزعة الإستقرار في مصر، وإجهاض الثورة.

وحول سبب التأخر في الوصول إلى الجناة، قال عبد الحميد إن تلك المهمة شاقة، وفيها تشعبات كثيرة، ويبدو أن تلك الهجمات نفذت بخبرات مخابراتية عالية.

ليست القاعدة

وحسب إفادة علي عبد العال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، لquot;إيلافquot;، فإن quot;القاعدةquot; لديها طريقة متعارف عليها في إصدار البيانات حول العمليات التي تقوم بها، وعادة تكون مختومة بختم التنظيم، ومدونا عليها شعاراته، وتصدر من خلال الأذرع الإعلامية التابعة لها وهي: مؤسسة سحاب الإعلامية أو مؤسسة الفجر الإعلامية ومن خلال موقعهما على شبكة الإنترنت، ولا تصدر بيانات إلا بعد التأكد من أن عناصرها هم من قاموا بتنفيذ أية عملية وليس وكلاء أو عناصر تابعة لجماعة أخرى. وأضاف عبد العال أن هذا البيان الهدف منه التشكيك و إثارة القلق من التيارات الإسلامية في مصر، لاسيما أن هناك جهات داخلية وخارجية تستهدف إجهاض الثورة المصرية، وتشويهها، والإيحاء بأن الإسلاميين سوف يقفزون عليها، ويحولون مصر إلى دولة متشددين، مشيراً إلى أن الفصائل الإسلامية في مصر ترفض العنف، وترفض أعمال تنظيم القاعدة.

إيران أو أميركا أو إسرائيل

وأكد عبد العال أنه لا وجود لتنظيم القاعدة في مصر، بشهادة الخبراء الأمنيين وخبراء الجماعات الإسلامية، وتابع قائلاً: لا أستبعد تورط إسرائيل أو إيران أو أميركا في الوقوف وراء الهجوم على قسم شرطة العريش والقيام بأعمال الترويع في مدينة العريش، بهدف نشر الفوضى وإثارة الذعر بين المواطنين والإيحاء بأن الثورة المصرية لم تنجح، وأن الإسلاميين خطر على الأمن المصري والعالمي، لاسيما أن الأسلحة التي استخدمت في الهجوم متطورة جداً، كما أن العناصر التي قتلت أو جرحت من الفلسطينيين، وهؤلاء لا يمكن التنبؤ بانتماءاتهم، وغالباً تابعون للموساد، لأن الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية ليس من مصلحتهم زعزعة الإستقرار في مصر.

لكن عبد العال لم يستبعد قيام جماعات قبائلية أو فصائل إسلامية في مصر بتفجير خطوط الغاز، على اعتبار أن الغالبية من الشعب المصري يعارض تصدير الغاز لإسرائيل، وطالب عبد العال الأجهزة الأمنية المصرية بسرعة التعامل مع الوضع في سيناء بالكثير من الإهتمام، حتى لا تتحول إلى جزيرة منعزلة عن البلاد يسهل للأجهزة المخابراتية أو الجماعات المسلحة السيطرة عليها، والإنطلاق منها لنشر الفوضى وزعزعة الإستقرار في مصر كلها ومن ثم إجهاض الثورة.

لا يستبعد حدوثعمليات تخريبيه

وبلهجة قاطعة قال أيمن فايد المستشار الإعلامي السابق لزعيم تنظيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن، إن القاعدة لم يعد لها وجود في العالم، وليس لها وجود في مصر على الإطلاق، وأضاف لquot;إيلافquot;، أنه يستبعد ضلوع جماعات سلفية في الهجمات على خطوط الغاز وقسم شرطة العريش، حسبما نشر مؤخراً، مشيراً إلى أن أن إيران أو حزب الله وأميركا ليسوا بعيدون عن هذه الأعمال التخريبية بهدف نشر الفوضى في مصر، متوقعاً حدوث عمليات تخريبية في أنحاء متفرقة من البلاد.

ثورات مزيفة

ورفض فايد الإعتراف بأن ما حدث في مصر بتاريخ 25 يناير بأنه quot;ثورة شعبيةquot;، وقال إنها ثورة مزيفة قامت بها أميركا، بهدف نشر الفوضى في أنحاء العالم الإسلامي، لأن الثورة الحقيقية سوف تقوم في الدول الإسلامية جميعاً في توقيت واحد، وأوضح أن أميركا بعد أن ساعدت في إزاحة الأنظمة الحاكمة تسعى الآن إلى نشر الفوضى والتخريب في تونس ومصر وسوريا واليمن، حتى ينشغل العالم العربي والإسلامي بنفسه عن المخططات الأميركية والإسرائيلية.

ونبه فايد إلى أن المؤامرة واضحة جداً في ليبيا، حيث أشعلت أميركا هناك التمرد ضد نظام القذافي، ثم قامت بقذف طرابلس بطائرات حلف الناتو، لكنها لم تنجح في إسقاط نظام الحكم، فلجأت إلى التفاوض مع القذافي، ويبدو أنها سوف تخسر المعركة، لاسيما بعد ظهور الإنشقاقات في صفوف الثوار أو المتمردين في بنغازي، وتجلى ذلك في مقتل اللواء عبد الفتاح يونس.