رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي

بيروت: شهد الوضع اللبناني الجمعة تطورات عديدة على خلفية الموقف الذي اتبعته بيروت في مجلس الأمن حيال التصويت على البيان الرئاسي الذي أدان العنف في سوريا، فقد انتقدت القوى المناهضة لدمشق، وعلى رأسها تيار المستقبل، خيار الحكومة، بينما أيدت شخصيات تابعة لحزب الله، بينما ندد تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا بالخيار اللبناني، وتوجهوا لرئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، بالقول إنه سيجد نفسه quot;في ذيل الذين سيذكرهم التاريخ.quot;
ونقل الموقع الرسمي لإخوان سوريا بياناً صادراً عن زهير سالم، الناطق الرسمي باسم الجماعة قال فيه: quot;لم يكن الشعب السوري ليفكر يوماً أن يخذل الأهل والعشيرة من شعب لبنان الشقيق، ولم يكن الشعب السوري ليمالئ يوماً ومهما عظمت التضحيات، على دماء أهلنا في لبنان، في طرابلس أو في بيروت أو في صيدا، في السهل والجبل من أرض لبنان كل لبنان.quot;

وتابع سالم قائلاً: quot;لقد صدم الشعب السوري أجمع، بالريح الصفراء تهبّ عليه من لبنان، ليتابع مواقف المستهترين بدماء أبنائه، الممالئين عليه عصابات الفتنة والمؤامرة والفساد والاستبداد،quot; وخص بالانتقاد رئيس التيار الوطني الحر في لبنان، ميشال عون، المتحالف مع حزب الله، والذي اتهمه بـquot;تأييد قتل الأبرياء من أبناء سوريا الأحرار.quot;
واتهم البيان ميقاتي بأنه quot;اصطف إلى جانب قتلة الأطفال السوريين، المستبيحين للمدن السورية، والمرتكبين لجرائم الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب السوري،quot; وختم بالقول: quot;نقول لدولة الرئيس (ميقاتي): سيرحل الطغاة، وستنتصر الشعوب، وستجد نفسك حيث اخترت في ذيل الذين سيذكرهم التاريخ ببعض ما يستحقون، الرجل الذي اصطفّ إلى جانب قتلة الأطفال.quot;

وكان لبنان قد اختار quot;النأي بنفسهquot; عن مشروع القرار الرئاسي، وهي صيغة نادراً ما تتبع على صعيد التصويت في المحافل الدولية، وأثار ذلك خلافاً واسعاً في بيروت، حيث قال نواب المعارضة التي يقودها تيار المستقبل إن القار جاء بضغط من السلطات السورية.
وقال عضو كتلة المستقبل، خالد الضاهر، إن ما جرى في مجلس الأمن quot;لا يعبر عن اللبنانيين ولا عن حقيقة لبنان، فهو نتيجة خضوع السياسة الخارجية في لبنان للنظام السوريquot;، جازما بأن هذا quot;القرار يخالف كل القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وكرامته وبالحريات.quot;

من جانبه، قال زميله في الكتلة هادي حبيش، إن الموقف quot;مؤشر بأن لبنان في قبضة سوريا بشكل كامل،quot; ومؤكدا بأن موقف لبنان كان لمصلحة سوريا، quot;لأنه إذا اعترض لبنان على قرار إدانة سوريا، يمكن أن يذهب إلى قرار فرض العقوبات عليها، من هذا المنطلق يصوت لبنان وكأن سوريا هي التي تصوت وليس لبنان.quot;
وتابع بالقول: quot;هذا الموقف معيب للبنان، وكأنه يؤيد استعمال العنف، واليوم أصدقاء سوريا الذين وقفوا ضد أي قرار منذ أربعة أشهر، اضطروا إلى تأييد قرار إدانة العنف.quot;

أما النائب المتحالف مع تيار المستقبل، محمد كبارة، فقد اعتبر أن موقف لبنان كان quot;مشيناًquot; وقد جعل من ذلك البلد quot;شريكا النظام السوري في المسؤولية عن كل نقطة دم يسفكها،quot; مضيفاً: quot;فليعلم العالم بأن الشعب اللبناني مع أحرار سوريا، وهو بريء من مواقف حكومته.quot;
أما النائب عمار حوري فقد توجه quot;بالاعتذارquot; من الشعب السوري quot;عما اقترفته الحكومة اللبنانية في مجلس الأمن،quot; وقال إنه يجعل لبنان الرسمي وكأنه يقول: quot;نعم نحن نوافق على ما يتعرض له الشعب السوري.quot;

وظهر على الجانب الآخر مواقف مؤيدة لخطوة ميقاتي، وخاصة من قبل شخصيات مؤيدة لحزب الله، الذي تقول المعارضة اللبنانية إنه العمود الفقري للحكومة الجديدة.
وفي هذا الإطار أشاد رجل الدين الشيعي البارز، الشيخ عفيف النابلسي، بـquot;الموقف السياسي اللبناني الرسمي الذي رفض الانسياق وراء الحملة الدولية على سوريا، ورفض الخضوع للاملاءات الخارجية التي تريد إحداث شقاق وتوتر بين لبنان وسوريا،quot; وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية.

وقال النابلسي: quot;كما أن سوريا وقفت إلى جانب لبنان في معظم محنه وخصوصا إثر عدوان 2006 فإن الواجب على لبنان هذه الأيام أن يقف إلى جانب سوريا انتصارا للحق ولمشروع الإصلاح ولخيار المقاومة التي تمثله سوريا بكل اعتزاز.quot;
وأنتقد النابلسي مواقف قوى لبنانية قال إنها quot;مصرة على ركوب موجة العداء ضد سوريا،quot; ودافع عن النظام السوري قائلاً إنه يعمل لتحقيق quot;إصلاحات جذرية،quot; ولكن هناك من quot;يجاهر بعصبيته ويطلق الدعايات المضلِّلة ويستولد الفتن ويختبئ وراءهاquot; على حد تعبيره.

غير أن النابلسي - للمفارقة - انتقل بعد ذلك للإشادة بما يجري في مصر، لجهة محاكمة الرئيس السابق، حسني مبارك، وقال إنه صورته في السجن quot;تعكس خزي كل حاكم تآمر على شعبه،quot; واعتبر المحاكمة quot;عبرة لبقية الحكام الذين يمثلون أنظمة الاستبداد والظلم في العالم ولا يمثلون شعوبهم وأمتهم على الإطلاقquot; على حد تعبيره.
يشار إلى أن الوضع اللبناني يشهد انقساماً حاداً حيال ما يجري في سوريا التي تمارس نفوذاً تقليدياً في البلاد منذ عقود، وقد انتقد رئيس الوزراء اللبناني، سعد الدين الحريري، العملية العسكرية في حماة، في حين أعلن حزب الله وقوفه إلى جانب دمشق التي اعتبر أنها تواجه مؤامرات خارجية.