رحّب المؤتمر السوري للتغيير (أنطاليا) بخطاب خادم الحرمين الشريفين الموجّه إلى سوريا. واعتبر مؤسس ومدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـquot;إيلافquot; دعوة العاهل السعودي الرئيس السوري بشار الأسد إلى وقف عمليات قتل شعبه الفرصة الاخيرة لإنقاذ سوريا.


إحدى المعارضات السوريات تطالب بمزيد من الحرية في بلادها

أسامة مهدي وبهية مارديني: اعتبر مؤسس ومدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في حديث مع quot;إيلافquot; دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للرئيس السوري بشار الاسد بوقف عمليات قتل الشعب السوري الفرصة الاخيرة لانقاذ سوريا. واضاف ان المواطنين في عدد من المدن السورية رددوا صيحات quot;الله اكبرquot; عقب انتهاء الملك من خطابه، الامر الذي قابله رجال الامن بزخات من الرصاص.

وأوضح عبد الرحمن، الذي يدير من لندن المرصد الذي يتابع تطورات الاحداث في سوريا والاحتجاجات التي تشهدها المدن والبلدات السورية لحظة بلحظة، ان خطاب العاهل السعودي ودعوته النظام السوري إلى وقف نزيف الدم والبدء باصلاحات تشكل موقفا حكيمًا لدعم الشعب السوري وتجسيدا لمطالب السوريين والمجتمع الدولي برمته.

وقال ان خطاب العاهل السعودي ينسجم وكلّ الدعوات التي انطلقت من داخل سوريا وخارجها والتحذيرات التي تطالب بوقف عمليات القتل قبل ان تنجر البلاد الى ويلات لا طاقة لها على تحملها. واشار الى ان النظام السوري سقط في امتحان القدرة على قراءة مغزى استمرار الصمت العربي والدولي سابقا على جرائمه، حيث اعتقد أن هذا الصمت هو ورقة خضراء تجيز له تصعيد عمليات القمع والقتل التي يمارسها ضد المواطنين.

وحذر رامي عبدالرحمن من ان عدم استجابة النظام السوري لدعوات الملك عبد الله ستدخل البلاد في نفق مظلم -ان لم تدخله بعد - لا يمكن الخروج منه. واشار الى ان خطاب الملك عبد الله لا يعدّ تدخلاً في الشأن السوري الداخلي، وانما هو الحرص الاخوي على سوريا وشعبها، وهو الذي كان دائمًا داعمًا لسوريا واقتصادها، وحريصًا على امن واستقرار شعبها.

وحول موقف الشارع السوري من خطاب الملك عبد الله من خلال اتصالاته المتواصلة مع الناشطين داخل البلاد اكد رامي عبد الرحمن ان المواطنين السوريين خرجوا في العديد من المدن السورية الليلة الماضية، وخاصة في اللاذقية وبانياس وجبلة، يرددون كلمات الله اكبر متحدين رجال الامن الذين واجهوهم بزخات الرصاص للتغطية على صيحاتهم.

واعتبر مدير المرصد السوري خطاب العاهل السعودي بمثابة رسالة نهائية للنظام السوري للتوقف عن قتل الشعب، وقال انه اذا لم يستجب لها فسيكون قد فوّت الفرصة الاخيرة لامكانية تحقيق خلاص سوريا. وقال quot;نحن في المرصد يهمنا وقف إصدار اي قرارات وقوانين يقال انها للاصلاح قبل ان يتم انهاء عمليات القتل والقمع والاعتقال، ثم اعتقال ومحاكمة جميع من شاركوا في عمليات قتل الشعب .. فلا يجوز ان تقتل انسانا ثم تضع وردة على قبرهquot;. واضاف لذلك فإن كل القرارات التي يصدرها النظام، سواء ما تعلق منها بالاحزاب والانتخابات والاعلام، لن تكون مجدية في ظل ما يجري من عمليات تدمير وترويع للجميع في سوريا.

يذكر ان المرصد السوري لحقوق الإنسان يلعب حاليا دوراً مهماً في الثورة السورية، حيث يشكل نافذة إخبارية لرصد وتوثيق اعمال القمع التي ينفذها الأمن السوري ضد المتظاهرين. وقد تأسس المرصد عام 2006 وأصبحت التقارير والوثائق والأخبار التي يبثها عن الداخل السوري وما يحدث فيه من قصص ومآس مصدراً لأخبار القنوات الفضائية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي على حد سواء.

ويؤكد رامي عبد الرحمن ان تمويل المرصد يتم ذاتيًا، وممولوه هم المشاركون والمتطوعون.. وشدد بالقول على quot;نرفض الحصول على أي تمويل من أي جهة كانت لأننا فريق من المتطوعين، ولسنا متفرغين، فنحن نناضل من اجل نصرة المظلومين والدفاع عن حقوق الإنسان في سورياquot;.

وينتمي رامي عبدالرحمن المولود عام 1971 إلى مدينة بانياس، وهي إحدى المناطق السورية التي تعرض أهلها للقتل والحصار من قبل النظام السوري. وهو يعيش حاليًا في بريطانيا منذ ان غادر بلاده عام 2000.

ويقول ان التزامه بالدفاع عن حقوق الانسان يعود الى حادث شهده عندما كان في السابعة من عمره. ويقول quot;رأيت رجال امن يضربون اختيquot;. ولتجنب توقيفه في بلده انتقل عام 2000 الى بريطانيا، حيث يعيش مع زوجته السورية وابنتهما البالغة من العمر خمس سنوات.

ويقود رامي شبكة تضم مئتي ناشط في الدفاع عن حقوق الانسان في سوريا تبلغه دقيقة بدقيقة عن القمع الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الاسد وهو الناشط الوحيد في الشبكة الذي يعيش في الخارج ولتجنب تفكيك هذه المنظمة في حال اعتقال احد اعضائها لا يعرف الناشطون فيها بعضهم بعضًا، وهم على اتصال بوساطة شبكة سكايب وشبكتي التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر وبالبريد الالكتروني والهواتف التي لا تظهر ارقامها. وتشنّ السلطات السورية وإعلامها حاليًا حملة هجوم عاتية ضد عبد الرحمن وتتهمه بالسعي إلى زعزعة استقرار البلاد وأمنها.

وكان الملك عبد الله وجّه الليلة الماضية كلمة تاريخية إلى الشعب السوري اكد فيها ان ما يحدث في سوريا من قمع للمتظاهرين quot;لا تقبل به السعوديةquot; وquot;اكبر من ان تبرره الاسبابquot;، مطالبًا بـquot;وقف آلة القتل وإراقة الدماءquot; في هذا البلد. واضاف ان المملكة quot;تقف تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها، مطالبة بإيقاف آلة القتل، وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الآوانquot;. واكد ان quot;ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، فالحدث أكبر من أن تبرره الاسباب، بل يمكن للقيادة السورية تفعيل اصلاحات شاملة سريعة لا تغلفها الوعود، بل يحققها الواقعquot;.

واشار العاهل السعودي الى quot;تداعيات الاحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا، والتي نتج منها تساقط أعداد كبيرة من الشهداء، الذين أُريقت دماؤهم، وأعداد اخرى من الجرحى والمصابينquot;، مؤكدًا ان ذلك quot;ليس من الدين ولا من القيم والاخلاقquot;. واضاف ان quot;اراقة دماء الابرياء لأي أسباب ومبررات كانت، لن تجد لها مدخلاً مطمئنًا، يستطيع فيه العرب والمسلمون والعالم كله، أن يروا من خلالها بارقة أمل، إلا بتفعيل الحكمة لدى القيادة السورية، وتصدّيها لدورها التاريخي في مفترق طرق الله أعلم إلى أين يؤديquot;. وشدد على ان quot;مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع، لا سمح اللهquot;.

من جهة أخرى، قال المؤتمر السوري للتغيير (أنطاليا) quot;إنه تلقى ببالغ التقدير والإكبار هذا الخطاب، واعتبر في بيان، تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه، أن الملك السعودي quot;أثبت من خلالها مجدداً، أن المملكة لم تصمت على الظلم سابقاً، ولن تسكت عنه لاحقاً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بشعب شقيق أعزل إلا من كرامته، يتعرض لأبشع أنواع القتل والتعذيب والاعتقال والسحل والتدمير والتهجير والتجويع على أيدي نظام بشار الأسد الفاقد للشرعية الوطنية، الذي لم يراع القيم الإسلامية حتى في شهر رمضان المبارك، ولا القيم الإنسانية، حتى بعد كل المطالبات والمناشدات والتحذيرات العربية والإسلامية والدولية، المباشرة منها وغير المباشرةquot;.

المعارضة السورية ترحّب بخطاب الملك السعودي

وثمّن المؤتمر السوري للتغيير، فحوى كلمة خادم الحرمين الشريفين، التي تلقاها الشعب السوري الحر بحب وتقدير بالغين، من رجل لا يقف إلا مع الحق، بما في ذلك تأكيده على أن quot;الحدث أكبر من أن تبرره الأسبابquot;. فالأسباب كلها اختصرها نظام الأسد بسبب واحد فقط، وهو استمراره في اغتصاب سلطة، بكل الوسائل التي يمتلكها. والجميع يعلم، بأنه في الحقيقة لا يمتلك سوى آلة قتل وحشية صانعة للفظائع، يستخدمها ضد شعب يريد استرجاع حريته المسلوبة منذ أكثر من 41 عاماً، ويسعى إلى إقامة دولة، تتقدم وتزدهر بمكوناتها الوطنية، مستندة إلى معايير العدالة والمساواة.

ويشدد quot;المؤتمرquot;، على أهمية قول الملك عبد الله بن عبد العزيز، إن quot;الجميع يعلم أن كل عاقل عربي ومسلم، أو غيرهم، يدرك أن ذلك ليس من الدين، ولا من القيم، والأخلاقquot;. فما يقوم به نظام الأسد، لا يستند إلا إلى شريعة واحدة، وهي شريعة الغاب.

واتفق المؤتمر السوري للتغيير quot;تماماً مع ما أكده خادم الحرمين الشريفين، على أن quot;مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياعquot;. ويشدد المؤتمر في هذا الصدد، على أن هناك طرفًا واحدًا في سوريا، يعمل على جرف البلاد إلى أعماق الفوضى والضياع، وهو نظام بشار الأسد، الذي استهجن النصائح العربية والإسلامية والدولية الصادقة، قبل أن يقذف بها عرض الحائط.

على هذا الأساس، لا يمكن لهذا النظام أن يقود إصلاحاً، فضلاً عن أن كل الإصلاحات التي ادعى القيام بها، غلفتها الوعود، ولم يسمح النظام الوحشي لها أصلاً، أن تدخل في نطاق الواقع. وكان أمراً طبيعياً عدم دخولها في حياة السوريين كرامة وعزة وكبرياءquot;.

واعتبر المؤتمر أنه quot;جاءت مطالبة الملك عبد الله بن عبد العزيز، بوقف quot;آلة القتل وإراقة الدماءquot;، لتكرس بالفعل المسؤولية التاريخية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وتعزز وقوفها التاريخي أيضاً، إلى جانب أشقائها. وسوريا ليست إلا دولة شقيقة عزيزة على المملكة التي لا ترضى لها سوى العزة والكرامة. والتاريخ كان صادقاً عندما سجل هذه الحقيقة في صدر صفحاته. وعلى هذا الأساس، يدعو المؤتمر السوري للتغيير، إلى أن تكون كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز لسوريا، بمثابة أساس لاجتماع جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، لبحث الأوضاع الفظيعة، في بلد مؤسس للجامعة، وعضو فاعل فيها.

ورحّب المؤتمر السوري للتغيير بشدة باستدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين في دمشق للتشاور حول الأحداث الجارية في سوريا التي تنزف، ويسقط فيها الشهداء على مدار الساعة، ويُمنع عن شعبها الطعام والمياه حتى في شهر رمضان المبارك، وتُقطع عنهم الإمدادات الطبية، ويُقتل حتى المواليد في حاضناتهم، ويُمثَل في جثامين شهدائهم. إن الشعب السوري الأبي لا يتعرض إلى عنف، بل إلى حرب إبادة.

وأكد quot;المؤتمرquot; حقيقة أن السوريين الأحرار الذين يقومون بثورتهم الشعبية السلمية العارمة، لا يقفون فقط في وجه نظام وحشي فاقد للشرعية الوطنية، بل يقومون أيضاً بواجبهم العربي، في الحيلولة دون استكمال تغلغل خارجي سرطاني يستهدف المنطقة بأسرها.

يذكر أن المؤتمر السوري للتغيير، عُقد في أنطاليا في تركيا في الفترة الواقعة ما بين 31 أيار/ مايو و3 حزيران/ يونيو، بمشاركة معظم القوى والأحزاب السياسية والشعبية، فضلاً عن مشاركة عدد كبير من الشخصيات الوطنية السورية المستقلة. وبلغ عدد المشاركين 420 شخصاً، انتخبوا في نهاية المؤتمر، هيئة استشارية مكونة من 31 شخصاً، تم تفويضها بالعمل على الوقوف إلى جانب الثورة الشعبية العارمة في سوريا ودعمها.

وكانت الهيئة الاستشارية قد انتخبت بدورها مكتبها التنفيذي المكون من 10 أعضاء. وقد طالب المؤتمر السوري للتغيير في بيانه الختامي، باستقالة رئيس النظام السوري بشار الأسد من كل مناصبه، ونقل السلطات وفق الأطر الدستورية، إلى أن يتم تشكيل مجلس انتقالي، يقوم بوضع دستور جديد، والتحضير لانتخابات حرة تقود إلى قيام دولة ديمقراطية مدنية في البلاد، بعدما شدد المؤتمر على أن الشعب السوري يتكون من قوميات عديدة، عربية وكردية وآشورية وسريان وتركمان وشركس وأرمن وسواهم.

الى ذلك قال الناشط السياسي السوري عبد الرحمن ربوع لـquot;ايلافquot; إن الجالية السورية في القاهرة نظمت اليوم وقفة شكر للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أمام السفارة السعودية، واعتبر أن الملك السعودي وقف الى جانب الشعب السوري في محنته، داعيًا الدول العربية للوقوف مواقف مشابهة.

من جانبه اعتبر المهندس أيمن عبد النور رئيس تحرير نشرة كلنا شركاء السورية في تصريح خاص لـquot;ايلافquot; quot;أنه حتى الآن المجتمع الدولي متخاذل، وسبب ذلك الحذر، فلا توجد قيادات واضحة منظمة للمعارضة السورية تقدم برنامج واضحًا للنظام ما بعد فترة حكم الأسدquot;.

وقال quot;لكن الامر يبدو أنه قد حسم، والمعارضة اصبحت اكثر تنظيمًا ونضجًا وتماسكًا، والفظائع التي ارتكبها نظام الاسد لم تعد تسمح حتى لاقرب المقربين منه الدفاع عنه، لذلك يتوقع ان يكون هناك تحرك عربي وأممي كبير لنصرة الشعب السوري الاعزلquot;.