يراهن فريق الدفاع عن الرئيس المصري السابق حسني مبارك على نقل محاكمته إلى القضاء العسكري باعتباره ما زال عسكرياً، حيث عاد إلى موقعه الأصلي قبل تولّي منصب نائب رئيس الجمهورية في 1987، إذ كان يحمل رتبة فريق أول في القوات المسلحة، ويهدف الدفاع إلى خلق حالة من الجدل القانوني.


أثير الكثير من الجدل أخيرًا حول إمكانية محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك عسكرياً، بموجب قانون يعود إلى العام 1979، لم يستخدم ولو لمرة واحدة منذ صدوره، حيث أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات لتكريم قيادات حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، ومنحهم الحق في العودة إلى مواقعهم العسكرية ورتبهم بعد الإنتهاء من الوظائف المدنية التي يمارسونها، وكان مبارك ممن شملهم القانون، حيث كان يشغل منصب قائد القوات الجوية برتبة فريق أول.

تنص المادة الأولى من القانون الذي أصدره السادات بموجب قرار جمهوري له قوة القانون ويحمل رقم رقم 35 لسنة 1979، على أن quot;يستمر الضباط الذين كانوا يشغلون وظائف قادة الفروع الرئيسة ورئيسي هيئة العمليات في حرب السادس من اكتوبر 1973 في الخدمة بهذه القوات مدي حياتهم، وذلك استثناء من احكام المادة 13 من القانون رقم 90 لسنة 1975quot;.

وقصرت المادة الثانية عملهم على quot;تقديم المشورة في الموضوعات ذات الاهمية الخاصة، التي يطلب منهم ابداء الرأي فيهاquot;، فيما تنص المادة الثالثة، التي يثار حولها الجدل على الأتي quot;اذا اقتضت الضرورات الوطنية بتعيين أحد هؤلاء الذين ينطبق عليهم القرار في مناصب مدنية، فإنه يعود إلى الخدمة بالقوات المسلحة بعد انتهاء خدمته المدنية في أي وقت، ويستحق خلال خدمته المدنية رواتب وتعويضات وبدلات الوظيفة المعين بها، أو الرواتب والبدلات التي كان يستحقها باعتبار استمراره في الخدمة العسكرية أيهما أكبر، عدا بدل التمثيل، فيصرف بالفئة المدنية أو العسكرية أيهما أكبر وعند العودة إلى الخدمة العسكرية يستمر صرفه بالفئة الاعلىquot;.

ويراهن فريق الدفاع عن الرئيس السابق في نقل محاكمته إلى القضاء العسكري بإعتباره ما زال عسكرياً، حيث عاد إلى موقعه الأصلي قبل تولي منصب نائب رئيس الجمهورية في العام 1987، حيث كان يحمل رتبة فريق أول في القوات المسلحة، ويهدف الدفاع إلى خلق حالة من الجدل القانوني حول القضية، وإعادتها إلى نقطة الصفر، والإيحاء بأن هذا القانون منح كل القيادات المشاركة في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 حصانة من المحاكمة الجنائية.

quot;لا يحتاج تأويلاًquot;
وفقاً للدكتور محمد الشناوي أستاذ القانون الجنائي في جامعة القاهرة، فإن القانون صريح ولا يحتمل أية تأويلات، ويمنح الرئيس السابق الحق في المحاكمة أمام القضاء العسكري، حيث إنه الآن وبعد تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية عاد مرة ثانية إلى وظيفته ورتبته العسكرية، وينطبق عليه ما ينطبق على العسكريين.

وقال الشناوي لـquot;إيلافquot; إنه من الأولى نقل القضايا المتهم فيها مبارك للقضاء العسكري. وحول المميزات التي سوف يحصل عليها مبارك من المحاكمة عسكرياً، أوضح الشناوي، أن مبارك سوف يلقى معاملة كريمة، ولن يتم نقل جلسات محاكمته تلفزيونياً، ولن يحضرها الإعلام، لاسيما أن تصويره وهو في هذه الأوضاع يشكل إهانة كبيرة له، على الأقل من وجهة نظره، كما إنه قد يحصل على عفو بموجب هذا القانون، بإعتباره من قيادات حرب أكتوبر المجيدة، لاسيما أن الأدلة التي تدينه ليست كافية.

quot;للتكريم فقطquot;
لكن المستشار أحمد محمود رئيس محكمة سابق يرى أن هذا القانون يحمل في طياته تكريم للقيادات العسكرية التي شاركت في حرب أكتوبر فقط، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن القانون يقدم مميزات مادية لهم، ولم ينص على أية ميزات أو إعفاءات من المحاكمة، مشيراً إلى أن الرئيس السادات عندما أصدره كان يحاول من خلاله ضمان حياة كريمة للهؤلاء القادة، لاسيما أن بعضهم شغل وظائف مدنية، وكانت الرواتب في ذلك الوقت ضعيفة، فخشي أن يتم حرمانهم من المميزات التي تمنحها القوات المسلحة لأعضائها، ولاسيما من شاركوا في حرب أكتوبر، فأصدر هذا القانون.

وأضاف محمود أن ما يؤكد أن الهدف من القانون تكريمي مادي أنه نص على التالي quot;اذا اقتضت الضرورات الوطنية تعيين أحد هؤلاء الذين ينطبق عليهم القرار في مناصب مدنية، فإنه يعود إلى الخدمة في القوات المسلحة بعد انتهاء خدمته المدنية في أي وقت ويستحق خلال خدمته المدنية رواتب وتعويضات وبدلات الوظيفة المعين بها، أو الرواتب والبدلات التي كان يستحقها باعتبار استمراره في الخدمة العسكرية أيهما أكبرquot;، وهذا النص لا يحتمل التأويل في أن الهدف من ضمان حياة كريمة لهؤلاء القادة.

quot;مخالف للدستورquot;
يشير الدكتور نبيل السعيد أستاذ القانون في جامعة الإسكندرية إلى أن مبارك لا يمكن محاكمته أمام المحاكم العسكرية، لأن ذلك الطرح مخالف للدستور والقانون، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن مبارك إرتكب الجرائم التي يحاكم بموجبها الآن، سواء قتل المتظاهرين أو الفساد، أثناء توليه منصب رئيس الجمهورية، وهو منصب مدني وليس عسكريًا، وقد خلع البزة العسكرية منذ ما يزيد على 63 عاماً، منذ تعيينه نائباً للرئيس السادات.

مؤكداً أنه بموجب القانون يحاكم أمام القضاء الطبيعي، وليس أمام القضاء العسكري، مشيراً إلى أن من يثيرون تلك القضية الآن ليس لهم هدف سوى إثارة البلبة واللغط حول محاكمة الرئيس السابق، مؤكداً أنها حيل غير قانونية، ولن تجدي نفعاً، لأن الدولة لن تسمح إلا بمحاكمة مبارك أمام القضاء الطبيعي، لإعتبارات عدة منها: ثورة 25 يناير من أهم مميزاتها أنها لم تستخدم المحاكم الإستثنائية أو العسكرية ضد رموز النظام السابق، وسوف تحافظ على سلميتها في التعامل مع خصومها، إضافة إلى أن محاكمة مبارك عسكرياً سوف تحرم مصر من إستعادة مليارات الدولارات المهربة للخارج، لأن الدول الغربية لا تعترف إلا بالمحاكمات العادلة أمام القضاء الطبيعي.

quot;لم يطبق quot;
من جانبه، قال اللواء حازم عبد المنعم الخبير العسكري إن القانون الذي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات لم يطبق مطلقاً، ومن يخرج من الخدمة من العسكريين لا يعود إليها، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن هذا القانون كان الهدف منه تكريم قادة حرب أكتوبر، وليس منحهم حصانة من المساءلة القانونية في حالة إرتكاب جرائم جنائي.

لافتاً إلى أن مبارك يسري عليه القوانين كافة، لأنه الآن صار مواطناً عادياً، ولا يتمتع بأية حصانة سياسية أو عسكرية، وووصف الحديث عن ذلك القانون بأنه يأتي من قبيل quot;الإثارة الإعلامية التي تصاحب قضايا المشاهير والسياسيينquot;، متوقعاً أن يستمر الجدل حول محاكمة مبارك ورموز نظام حكمه إلى ما نهاية، لأنها محاكمة العصر أو محاكمة القرن.