يرى خبراء سياسيون أن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ستنعكس إيجاباً على الثورات العربية في المنطقة، فالحكام لم يعد أمامهم من خيارات سوى تقديم المزيد من التنازلات هرباً من مصير النظام المصري.


مبارك يرقد على سرير في قفص الاتهام

القاهرة: أكد الخبراء السياسيون أن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك وجميع رموز نظامه سيكون له المردود الإيجابي والفعال على الثورات العربية، وتحديداً في ليبيا واليمن وسوريا، مشيرين إلى أنها ستربك الحكام العرب، وأنهم الآن سيلجأون إلى المزيد من العنف والقوة تجاه الثوار، لأنهم يعلمون جيدًا أن ترك السلطة يعني وقوفهم خلف القفص الحديدي كما حدث مع مبارك.

ويقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لـquot;إيلافquot; إن محاكمة مبارك وضعت الحكام العرب في مأزق شديد أمام طموح شعوبهم نحو الديمقراطية والليبرالية، مشيراً إلى أن الأنظمة العربية الآن ليس أمامها سوى المزيد من تقديم التنازلات نحو مطالب شعوبهم هروباً من مصير النظام المصري.

مؤكداً أن التجربة المصرية الفريدة في محاكمة أول حاكم عربي أعطت الشعوب العربية الجرأة والشجاعة لتكرار ما حدث في مصر وتمت إزالة حاجز الخوف الفاصل بين الحاكم والشعوب العربية، وبالتالي سيكون سقف المطالب أكبر وهو ما سيتطلب تقديم التنازلات من جانب الأنظمة العربية، لأن لغة التكبر انتهت إلى الأبد بعد مشهد وقوف مبارك داخل القفص الحديدي.

وأضاف نافعة أن محاكمة الرئيس السابق ستدعم الثورات العربية في ليبيا وسوريا واليمن وستمنحهم المزيد من الإصرار على تحقيق أحلامهم بالتخلص من حكامهم ووقوفهم داخل القفص مثل مبارك، معبراً عن اعتقاده بأن مشهد مبارك لن يزال من ذاكرة الثوار في ليبيا واليمن وسوريا وأن التخلص من أنظمة هذه الدول قد أوشك.

ويرى السفير صلاح فهمي أن محاكمة مبارك سيكون لها تأثير في المنطقة مستقبلاً ورسالة لكل النظم العربية لإعادة النظر بسياستها تجاه شعوبها، ومنحها المزيد من الحرية والديمقراطية، وقال فهمي لـquot;إيلافquot; إن الأمر سينطبق على دول الخليج التي تعتبر الأكثر تضررًا من محاكمة مبارك، لأنها تخشى تحول المحاكمة لنموذج يحتذى به بعد ذلك ويشجع الشعوب للخروج على تلك الأنظمة هناك، ولذلك قامت مبادرة الخليج لإنهاء الأزمة في اليمن على أساس عدم محاكمة الرئيس على عبد الله صالح بعد تخليه عن السلطة.

معتبرًا أن محاكمة مبارك ستثير القوة لدى الثوار في اليمن وسوريا وليبيا ورسالة لهم أن الإرادة الشعبية أقوى من سلاح الحكام، كما أن مشهد المحاكمة أعطى نموذجًا بأن سيادة القانون فوق كل شيء، وليس سيادة مبدأ الانتقام والفوضى، ودعا فهمي الشعوب العربية إلى أن تستمر في ثوراتها حتى تحقق أحلامها كاملة لأن إرادة الشعوب فوق الجميع.

فيما يرى الدكتور جهاد عوده أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان أن محاكمة مبارك أعطت صورة سلبية بالنسبة للثورات العربية، مشيراً إلى أنها ستزيد من صعوبة مهمة الثورات التي تناضل من أجل الحرية، وقال لـquot;إيلافquot; إن الثوار سيواجهون تمسكا أكبر للحكام بكرسي السلطة، وفي سبيل تحقيق ذلك سيفرطون في العنف تجاه الثوار، فعلي عبد الله صالح الرئيس اليمني سوف يتمسك أكثر بالسلطة والأمر نفسه للقذافي وبشار الأسد.

معتبراً أن فكرة التنحي بعد مشهد مبارك أصبحت غير واردة على الإطلاق، لأن هؤلاء الحكام سيكون لديهم خوف من محاكمتهم كما حدث مع الرئيس السابق، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن محاكمة الزعماء سترفع الروح المعنوية للثوار والشعوب العربية وتضاعف من قواتهم وإصرارهم نحو تحقيق أحلامهم، ويعتقد عودة أن تأثير محاكمة مبارك تظهر نتائجها الإيجابية على الثوار في ليبيا واليمن وسوريا خلال الأيام القادمة، وستتجلى بالمزيد من الإصرار نحو التخلص من حكام هذه الدول الثلاث.

ويلفت الدكتور محمد منصور الخبير في الشأن العربي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط إلى أن الدول الجمهورية والملكية في العالم العربي لديها مخاوف كبيرة من نجاح الثورة المصرية، لأن ذلك سيترتب عليه إحداث هزة عنيفة تتمثل في دعوة شعوبهم إلى التحرير كما حدث إبان ثورة 1952 فسرعان ما انتقلت إلى الشعوب الأخرى مثل الجزائر وليبيا.

وقال منصور لـquot;إيلافquot; إن محاكمة الرئيس السابق مبارك وكبار رجال نظامه سيكون لها مردودها القوى تجاه هذه الدول خاصة وأننا نعيش في قرية صغيرة يؤثر الجزء في الكل والعكس، وأشار منصور إلى أمرين مهمين، أولهما أن الثورة المصرية لها تداعيات متغيرة في ما يتعلق بالدول الجمهورية والملكية، فالأخيرة لديها من الإمكانيات المادية الكافية لشعوبها، وبالتالي قد تكون في غنى عما يحدث من ثورات في باقي الدول وإن كانت تقاوم قيام ثورات ضدها بكل السبل.

ثانيهما: إن المحاكمات لنظام مبارك والتي توجت نجاح الثورة المصرية سيكون لها المردود الخطر على الدول التي قامت فيها الثورات كسوريا واليمن وليبيا خاصة وأن هذه المحاكمات أوضحت الرؤية لقادة هذه الدول الثلاث بأن سقوطهم على يد الثوار سيكون مصيره محاكمة علانية لهم كما حدثفي الثورة المصرية كما سيكون لها المردود الإيجابي على الثوار نحو المزيد من الضغط للتخلص من هذه الأنظمة وأن محاكمة مبارك سيترتب عليها تراجع الدول الغربية الداعمة لبعض الأنظمة العربية التي قامت بها الثورات، لأنها تأكدت أن إرادة الشعوب فوق كل شيء وأن أنظمة تلك الدول دخلت مرحلة الإنعاش ولابد لهذه الدول من مراجعة نفسها.