بسبب كثرة قضايا الفساد والانتهاكات في مصر فان نصف الشعب المصري سيحاكم النصف الآخر في حال توبعت كافة القضايا دفعة واحدة.


قضية مبارك تسير بوتيرة متسارعة بسبب الضغط الشعبي

القاهرة: حظيت الجلسة الأولى لمحاكمة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، إلى جانب نجليه، وبعض من أفراد نظامه السابق، يوم أمس الأربعاء، باهتمام عالمي كبير وغير مسبوق. ورأت وسائل إعلام أميركية أن تلك المحاكمة التي لقبت بـ quot;محاكمة القرنquot; تختلف عن محاكمات سابقة أجريت في العالم العربي لقادة سياسيين، من حيث مثول الرئيس المخلوع هذه المرة أمام محكمة عادية، ومحاكمته وفقاً لقوانين عادية، وليس بموجب مرسوم quot;ثوريquot; بطابع سياسي إلى حد كبير وغامض على نحو محدد.

ولفتت في هذا الشأن اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى حالة الازدحام التي سادت قاعة المحكمة، وتحدثت كذلك عن أجوائها، والطريقة التي يتعامل من خلالها القضاء المصري مع مثل هذه المحاكمات الجنائية. وأشارت المجلة أيضاً إلى تلك الواقعة الغريبة التي تحدث فيها أحد المحامين يوم أمس عن أن الرئيس مبارك قد مات بالفعل قبل عدة سنوات، وأن من يتواجد حالياً في قفص الاتهام هو شخص مشابه له.

وبعد أن تحدثت المجلة عن ذلك المشهد الذي وصفته بـ quot;الغريبquot;، مع مثول مبارك ونجليه وبعض من أفراد نظامه يوم أمس أمام المحكمة، أكدت ndash; استناداً إلى محادثات سبق أن أجرتها في حزيران / يونيو الماضي مع مجموعة من القضاة المصريين ndash; أن القضاء سيكون على مستوى هذه المهمة الإجرائية المتعلقة بمحاكمة مبارك.

لكن المجلة نوهت إلى عاملين تسببا في إثارة مشاعر القلق لدى القضاة، أولهما أن قضايا الفساد والانتهاكات عددها كبير جداً، لدرجة أن أحد القضاء أوضح أنه في حالة متابعة جميع القضايا دفعة واحدة، فإن نصف الشعب سيحاكم النصف الآخر.

ويبدو أن الوتيرة الخاصة بقضية الرئيس المخلوع مبارك تسير بخطى أسرع نتيجة للضغوط السياسية. أما العامل الثاني فهو المتعلق بالقضايا الوشيكة للغاية التي تتسم بالعديد من الضحايا الغاضبين والمشاعر الجماهيرية الجياشة، وقد أبدا في هذا السياق بعض القضاة تشككهم في ما إن كان بمقدور المحاكم أن توفر مناخاً آمناً للمحاكمات أم لا. وبعيداً عن حالة الزخم الإعلامي التي حظيت بها أولى جلسات محاكمة مبارك، فقد كان لها في واقع الأمر العديد من الجوانب التي تستحق الثناء.

وهذا لا يعني، وفقاً للمجلة، أن محاكمة مبارك ستكون نعمة غير مشروطة لمستقبل مصر. وقالت إن خبراء متخصصين في مجال العدالة الانتقالية سيجدون على الأرجح أن الإجراءات المصرية ndash; بل والأكثر الجو العام ndash; مركزة للغاية على العدالة بالنسبة للماضي وغير متناغمة بما فيه الكفاية لضرورة تحقيق المصالحة في المستقبل.

وفي الوقت الذي لن يقولوا فيه إنه ينبغي التعامل بحرص مع المسؤولين السابقين، فإنهم سيستفيدوا من قول الحقيقة والمحاسبة على الانتقام والعقاب. كما نوهت المجلة بأنه سيكون هناك مزيد من الشذوذ الإجرائي، مع استمرار محاكمة مبارك. وبغض النظر عن أي شيء، فان تلك المحاكمة ستكون دعوى مصرية شاملة.