يعتقد ناشطون أن قائمة الاتهامات الموجهة للرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه وحاشيته غير كافية، وهي جزء بسيط فقط ممّا ارتكبه من جرائم على مدار 30 عاماً من تواجده في الحكم.


رغم أن الإتهامات التي يواجهها الرئيس المصري السابق حسني مبارك وابناه ورموز نظام حكمه قد تودي بهم إلى حبل المشنقة، إلا أن النشطاء السياسيين يرونها غير كافية، مشددين على أنه لا يمكن حصر فساد عهد إمتد لنحو ثلاثين عاماً في جنايتي قتل المتظاهرين والحصول على خمس فيلات من رجل الأعمال حسين سالم، مطالبين بضرورة محاسبة مبارك وقيادات الحزب الوطني المنحل على الفساد السياسي، وإصابة المصريين بالأمراض والفقر وانتشار الأمية.

إسقاط قدسية الحاكم

وحسب وجهة نظر الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، فإن محاكمة مبارك تعتبر نقطة فاصلة ليس في تاريخ مصر فحسب، بل في تاريخ المنطقة العربية ككل، مشيراً إلى أن مصر نجحت في محاكمة أول فرعون، وأسقطت القدسية عن الحاكم، وقال لـquot;إيلافquot; إنه من هذا المنطلق يجب عدم التعاطف مع مبارك، ولكن يجب التعاطف مع أسر الشهداء الذين يبلغ عددهم 864 شهيداً، بالإضافة إلى نحو ستة آلاف مصاب، فضلاً عن الآلاف من الضحايا الذين ماتوا في المعتقلات تحت وطأة التعذيب.

وأشار نور الذي كان من أبرز المعارضين لنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، إلى أن التهم التي يواجهها مبارك وإبناه تنحصر في الإشتراك بالتحريض على قتل المتظاهرين، والسماح بتصدير الغاز لإسرائيل بأقل من السعر العالمي، ما ترتب عليه الإضرار بالمال العام، بالإضافة إلى الحصول على خمس فيلات من صديقه رجل الأعمال حسين سالم، نظير التغاضي عن حصوله على عشرات الآلاف من الأمتار بأسعار بخسة. منتقداً لائحة الإتهام بهذا الشكل.

3 تهم فقط غير كافية

وأوضح نور أن لائحة الإتهام إختزلت فساد وإنحرافات ثلاثين عاماً من حكم مبارك في ثلاث تهم فقط، لافتاً إلى أن لائحة الإتهام لم تشر إلى حجم الثروة الحقيقي للرئيس السابق وأسرته، ولم تشر إلى العمولات على صفقات السلاح، ولم تشر إلى عدم تقديمه إقرارات الذمة المالية له ولأسرته طوال السنوات الثلاثين، منوهاً بأنها لم تتضمن الإتهامات بمتاجرة جمال مبارك في ديون مصر وفقاً لما هو ثابت في مستندات أجهزة المخابرات الأميركية، ولم تتضمن دخول نجل مبارك الأكبر علاء في شراكات بالإكراه مع رجال أعمال كبار، وتحقيق ثروة طائلة من استغلال نفوذ والده.

خيانة عظمى

ووفقاً للناشط السياسي الدكتور عمار علي حسن فإن لائحة الإتهام وضعت على عجل، ولم تجر تحقيقات في الجرائم بشكل جيد، كما أن التحريات لم تكن جدية أو أنها أجريت على عجل أيضاً، وقال حسن لـquot;إيلافquot; إن القضية التي يحاكم مبارك بشأنها حالياً عبارة عن نهب جزء بسيط من المال العام، وقتل المتظاهرين أثناء الثورة، مشيراً إلى أن مبارك إرتكب أفعالاً يمكن وصفها بجريمة الخيانة العظمى، حيث سمح لحاشيته بالتصرف بطريقة ممنهجة في مقدرات الوطن، والإستيلاء على أملاك الدولة، كما أن تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من الأسعار العالمية في الوقت الذي تعاني فيه مصر أزمة في الطاقة، يعتبر خيانة عظمى.

وتابع حسن قائلاً: إن انتشار أمراض الفيروس الكبدي الوبائي والسرطان والفشل الكلوي هي جزء من الفساد الذي تفشى في عهد مبارك في القطاع الزراعي، ولا ننسى قضية استيراد المبيدات المسرطنة التي أدت إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في مصر من 50 ألف حالة سنوياً إلى 150 ألف حالة سنوياً، كما أن مبارك كان من أكثر الرؤساء سفراً للخارج ما أرهق ميزانية الدولة، فضلاً عن ضرورة محاسبته على عدم إدخال عائدات قناة السويس ضمن الميزانية العامة للدولة، ويتم تخصيصها لنفقات مؤسسة رئاسة الجمهورية.

ودعا حسن إلى ضرورة توسيع دائرة الإتهام لتشمل كل هذه الجرائم، وتكون محاكمة لعصر كامل من الفساد، وألا تقتصر المحاكمة على الحصول على فيلات من حسين سالم وقتل المتظاهرين، لأن مبارك مشترك في قتل الآلاف في السجون طوال الثلاثين عاماً التي حكم فيها مصر.

خدمات مبارك لإسرائيل

فيما يرى المحامي محمد النجار أن الإتهامات الموجهة لمبارك ونجليه علاء وجمال لم تكن على مستوى التوقعات، لاسيما أن الوقائع التي ارتكبها مبارك وأسرته وتتوافر فيها أركان الجريمة الجنائية لا عد لها ولا حصر، وأوضح لـquot;إيلافquot; أنه كان ينبغي التحقيق في التصريحات المتوالية لقادة إسرائيل الذين أثنوا على مبارك، فاعتبره نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بمثابة كنز إستراتيجي لدولته.

فيما نعته قادة الجيش الإسرائيلي بأنه كان حارسا لحدود إسرائيل، ووصفه آخرون بأنه كان صديقاً وفياً لإسرائيل، وإستطرد: من الضروري التحقيق في الخدمات التي أسداها مبارك طوال سنوات حكمه لدولة توصف بأنها العدو لمصر، لأن ما قدمه مبارك لإسرائيل وجعل قادتها يثنون عليه بهذا الشكل يعتبر جريمة خيانة عظمى، ويجب معرفة حجم ونوعية تلك الخدمات.

نفقات جمال وسوزان

ولفت النجار إلى أنه ينبغي أن يحاكم مبارك على إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية، وتزوير الإنتخابات وإستفتاءات رئاسة الجمهورية لنحو ثلاثين عاماً، كما يجب التحقيق في نفقات نجله جمال وتكاليف زياراته الخارجية والداخلية، وإختلاط ميزانية الحزب الوطني المنحل بميزانية الدولة، كما ينبغي التحقيق في نفقات وسفريات ومشرعات زوجة الرئيس سوزان مبارك. وإنشاء هيئات ومجالس قومية من أجل شخصيات بعينها، ينبغي التحقيق في نهب أراضي الدولة من جانب رجال الأعمال المقربين من النظام السابق وإستعادة تلك الأملاك مرة أخرى.