القادة العراقيون في جلسة البرلمان العراقي

بعد جدل وخلافات بين القوى السياسيّة العراقيّة استمرت سبعة أشهر منح البرلمان العراقي اليوم الخميس موافقة مبدئية على قانون تشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا شرط عدم تعارضه مع الدستور وذلك إثر قراءة أولى له بانتظار إجراء قراءتين اخريين له قبل التصديق عليه نهائيا وسط توقعات بنقاشات صعبة مقبلة بين الكتل السياسية حيث هدد ائتلاف المالكي على الفور باللجوء الى المحكمة الاتحادية ضد تشكيل المجلس.


صوت النواب العراقيون في جلسة برلمانية اليوم لمشروع قانون مجلس السياسات اثر الانتهاء من قراءة اولى لبنوده لكنهم اشترطوا عدم معارضة نصوصه ومبادئه مع الدستور العراقي. وقد اعترض بعض نواب ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على بعض مواد مشروع القانون لكنهم وافقوا اثر توضيحات وتدخلات من نواب كتل اخرى على المشاركة في التصويت لصالح تشكيل المجلس بقانونه المقترح.

لكن هذه الموافقة المبدئية لاتعني الانتهاء من هذه القضية التي اثارت على امتداد الاشهر السبعة الماضية التي اعقبت تشكيل الحكومة العراقية الحالية في 21 كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي خلافات سياسية خاصة بين كتلتي علاوي والمالكي بشكل هدد العملية السياسية برمتها ما اضطر الرئيس العراقي جلال طالباني خلال الاسابيع الاخيرة الى الاشراف على عقد ثلاث قمم للقادة السياسيين انتهت بالموافقة على عرض قانون مجلس السياسات على مجلس النواب اليوم.

وتنتظر المصادقة النهائية على القانون اجراء قراءتين اخريين داخل مجلس النواب لجميع بنوده ومناقشتها الواحد تلو الاخر وهو امر يتوقع ان يثير خلافات ونقاشات حادة خاصة في ما يتعلق بآليات اختيار رئيس المجلس وامكانية تعارض بعض بنود القانون مع مواد في الدستور العراقي. وفور منح البرلمان هذه الموافقة فقد بدأ بعض نواب دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي تصريحات تعارض تشريع هذا القانون.

فقد هدد الائتلاف باللجوء إلى المحكمة الاتحادية في حال التصويت بشكل نهائي على مجلس السياسات وقال النائب حسين الاسدي خلال مؤتمر صحافي في بغداد ان التصويت عليه يمثل نهاية الديمقراطية في البلاد. واشار الى ان الاتفاق على هذا المجلس جرى ضمن مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في اربيل خلال ايلول (سبتمبر) الماضي كان سياسيا وليس دستوريا. وقال ان رسم السياسات الإستراتيجية للدولة من اختصاص مجلس الوزراء ولا يحق لمجلس السياسات أن يقوم بهذا الدور الذي اعتبره دكتاتورية مبطنة.

وجاءت هذه الموافقة المبدئية المشروطة اثر بدء مجلس النواب اليوم مناقشة مشروع قانون مجلس السياسات العليا المثير للجدل في امتحان لصدقية الشراكة السياسية الحقيقية وسط توقعات بخلافات حول آليات اختيار المرشح لرئاسته زعيم الكتلة العراقية اياد علاوي حيث استبق رئيس الوزراء نوري المالكي النقاش برفض منح المجلس جزءا من صلاحياته.

وتشير بنود مشروع قانون المجلس الذي رفعته الرئاسة العراقية الى البرلمان خلال الساعات الاخيرة الى ان مهماته تتوزع بين الدورين الرقابي والاستشاري للسلطة التنفيذية لكنه ابقى البند الخاص بآلية اختيار رئيسه خاليا بهدف الاتفاق عليها داخل البرلمان الامر الذي يتوقع ان يشهد اقرار هذه الالية خلافات بين الكتل حيث ترى العراقية ان اختيار الرئيس يجب ان يتم من قبل مجلس النواب بينما يرى ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ان يجري ذلك داخل مجلس السياسات نفسه.

وقد استبق المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون المعارض الرئيس لمنح مجلس السياسات صلاحيات تنفيذية قائلا quot;إننا لا نستطيع أن نعطي من صلاحيات مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء الى هذا المجلسquot;. وأضاف في تصريح بثته قناة العراقية الرسمية الليلة الماضية quot;إذا أعطينا إلزاماً لقرارات هذا المجلس فإنّنا سنأخذ صلاحيات من رئيس الوزراء لأنّه بحسب مواد الدستور فإنّ رئيس الوزراء هو من يخطط للسياسات المستقبليةquot;. واكد ضرورة أنquot; يكون لهذا المجلس غطاء دستوريquot;.. مضيفاquot;وعندها سنقبل بهquot;.

خلافات سبقت القراءة الاولى

وسبقت مناقشة قانون المجلس خلافات بين الكتل السياسية حول الدور المنوط به والمهام التي سيتكلف بها. فقد قال عضو اللجنة الثلاثية لحل خلافات الكتل التي تضم اعضاء من العراقية ودولة القانون والتحالف الكردستاني النائب حسن السنيد ان quot;اللجنة الثلاثية طالبت بعقد جلسة لقادة الكتل السياسية برعاية رئيس الجمهورية جلال طالباني من اجل تكييف قانون مجلس السياسات الاستراتيجية مع الدستورquot;.

واضاف ان quot;اللجنة عقدت اجتماعا امس خرجت منه برؤية تفيد بان القانون يحتوي على مواد تتناقض مع الصلاحيات الحصرية للسلطة التنفيذية وفيه عدم فصل للسلطات الثلاث كما فيه تدخل في شؤون القضاء.. وبالتالي نحن مصرون وحريصون على ان يكون القانون غير متناقض مع الدستور عندئذ سنكون مستعدين للتصويت عليهquot;. واشار الى انه في حال تم تكييفه مع الدستور بالاستعانة بخبراء الدستور العراقيين سيصوت عليه في البرلمان.

ومن جهتها فقد حذرت الكتلة العراقية بزعامة علاوي من الالتفاف على إنشاء المجلس مؤكدة أن ذلك سيعني التفافاً على الشراكة وإعادة للدكتاتورية. وقال مستشار الكتلة العراقية هاني عاشور إن مجلس السياسات هو ضمانة العملية السياسية مؤكدا في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; ان العملية السياسية ما زالت دون ضمانات وتسير بحالة من أجواء عدم الثقة.

واشار الى ان مجلس السياسات العليا هو حصة القائمة العراقية وزعيمها علاوي وسيكون ضمانة سير العملية السياسية وبناء العراق وتعزيز الثقة بين أطرافه. وقال ان عزل او تهميش اي زعامة او كتلة سياسية اختارها الشعب ومنعها من ممارسة دورها في صناعة القرار والتعبير عن رؤية بناء البلاد يعني اننا نسير في طريق الدكتاتورية المقيتة. وشدد على ان مجلس السياسات سيكون له دور في رسم رؤية صناعة عراق جديد وهو طريق لتحقيق الشراكة... وحذر قائلا quot;ان اي محاولة لتذويبه والتحايل عليه تعبر عن عدم وجود نوايا للشراكة والثقة وان هناك من يأخذ العراق لطريق مسدود ويعيد الدكتاتورية المقيتة التي عرف الناس نهاياتها.

ومن جهته قال المتحدث باسم التحالف الكردستاني مؤيد الطيب إن الاكراد سيصوتون لتولي اياد علاوي رئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية مشيرا الى أن الاكراد ليس لديهم اي تحفظ على اناطة رئاسة المجلس بعلاوي. لكن النائبة حنان الفتلاوي عن ائتلاف المالكي انتقدت اتفاق قادة الكتل السياسية على تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية معتبرة أن quot;الكتل السياسية اختارت مصلحتها قبل مصلحة الشارع العراقي وهذا يحدث للمرة الثانية بعد عدم تصويتها على إقالة مفوضية الانتخابات. وقالت الفتلاوي إن مجلس السياسات يتناقض تماما مع مبدأ الترشيق الذي صوتت عليه الكتل السياسية وهو تجاهل لإرادة الشارع والمرجعيات الدينية.

وتضمن اتفاق تشكيل الحكومة اواخر العام الماضي تنفيذا لمبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني منح منصب رئاسة الوزراء للتحالف الوطني وتشكيل مجلس جديد أطلق عليه quot;مجلس السياسات الإستراتيجيةquot; تناط رئاسته بالقائمة العراقية.

ويعارض ائتلاف دولة القانون بقوة طلبا للقائمة العراقية بالتصويت على رئيس مجلس السياسات داخل مجلس النواب على اعتبار انه مخالف للدستور فيما تصّر العراقية على ضرورة ان يتم التصويت داخل المجلس لإكسابه صفة شرعية.

وكان قادة الكتل السياسية اتفقوا الاسبوع الماضي على تشريع قانون المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية خلال أسبوعين على ان يرسل القانون عاجلا من رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب الذي يستأنف جلساته غدا الثلاثاء للتصويت عليه.

وفي ما يلي نص مشروع قانون المجلس الوطني للسياسات العليا الذي حصلت عليه quot;إيلافquot; ويبدأ مجلس النواب بمناقشته اليوم الخميس: حصلت موافقة فخامة رئيس الجمهورية على تقدم مشروع القانون اعلاه استناداً الى احكام البند (اولا) من المادة (60) من الدستور ونرفق طياً مشروع القانون المذكور لعرضه على مجلس النواب للموافقة على تشريعه استناداً الى احكام البند (اولاً) من المادة (61) من الدستور.

بناء على ما اقره مجلس النواب طبقاً لاحكام البند (اولاً) من المادة (61) واستناداً للصلاحية المخولة لنا بموجب الدستور وتنفيذاً للاتفاق السياسي صدر القانون الاتي:

رقم () لسنة 2011
مشروع القانون
المجلس الوطني للسياسات العليا
التأسيس والأهداف

المادة (1)
اولا: يؤسس مجلس يسمى (المجلس الوطني للسياسات العليا) يتمتع بالشخصية المعنوية وله استقلال مالي واداري.
ثانيا: كل ما يصدر عن المجلس في مجالاته ونشاطه وأبواب اختصاصه يكون ملزما عند حصوله على اكثرية (80%) وذلك وفق الاليات الدستورية للجهات المعنية، وفي القرارات التي تحصل على أقل من تلك النسبة توجه كتوصيات الى الجهات المعنية.
ثالثا: يعمل المجلس الوطني للسياسات العليا وفقاً للدستور وسياقاته والقوانين النافذة.

المادة (2)
اولا: تكون فترة عمل المجلس لدورة انتخابية واحدة قابلة للتجديد عند الضرورة وبالتوافق.
ثانيا: يكون للمجلس الوطني للسياسات العليا سكرتارية وهيكل اداري خاص به يتفق على تشكيله.
ثالثا: يكون للمجلس الوطني للسياسات العليا ميزانية خاصة به تقدم من قبله وتقر وفقا للسياقات القانونية للموازنة العامة للدولة.
رابعا: يكون للمجلس مقر عام وقوة حماية مناسبة تابعة له.
خامسا: يضع المجلس الوطني للسياسات العليا نظاماً داخليا ينظم عمله.

المادة (3)
الهدف: المساهمة الفاعلة في حل العقد التي تعترض العملية السياسية في العراق والخطوط العامة للسياسيات العليا للدولة، وتقدم التوصيات والمقترحات بشأن التشريعات والقوانين وبشأن اصلاح النظام القضائي وفق السياقات الدستورية.

مجالات النشاط:
المادة (4)
اولا: الالتزام بالدستور.
ثانيا: السياسة الخارجية العامة.
ثالثا: الاستراتيجية الامنية والعسكرية.
رابعا: السياسات العامة الاقتصادية والمالية والنقدية.
خامسا: الطاقة.
سادسا: الاستثمار.
سابعا: المصالحة الوطنية.
ثامنا: استراتيجيات تنظيم الخدمات، البيئة، الصحة، حقوق الانسان، الثقافة، التنمية البشرية، والتربية والتعليم.

اختصاصات المجلس
المجالات التشريعية
المادة (5):
اولاً: تقديم المقترحات الخاصة بتشريعات القوانين المهمة وفق السياقات الدستورية.
ثانياً:مناقشة الاتفاقيات و المعاهدات الاستراتيجية المرتبطة بالامن والدفاع وسيادة البلاد وإبداء الرأي بشأنها.
ثالثاً:قائمة بأولويات القوانين وتشريعها عن طريق مجلس النواب اعتماداً على الاهداف الاستراتيجية المتفق عليها.
رابعاً:تقديم مقترحات لتعديل القوانين النافذة وعلى الاخص الصادرة عن مجلس قيادة الثورة المنحل وقوانين بقية المراحل المختلفة والقرارات والتعليمات الصادرة في عهد النظام السابق بغية الإلغاء او التعديل انسجاما مع الدستور والنظام الديمقراطي والاتحادي وبما يحقق العدالة وبالتنسيق مع السلطات المعنية.
خامسا:العمل من اجل تحقيق توافق وصياغة رؤى مشتركة بخصوص التعديلات الدستورية بما يضمن معالجة الثغرات التي برزت خلال المرحلة السابقة وبما يعزز كفاءة النظام الديمقراطي الاتحادي ويخدم الاستقرار والتقدم.

المجالات التنفيذية:
المادة (6):
اولا: بحث قضايا المصالحة الوطنية واتخاذ القرارات بشأنها ضمن سياقات المجلس المتفق عليه.
ثانيا: توحيد الرؤى في ادارة الملفات الاستراتيجية في مؤسسات الدولة العليا الاقتصادية والامنية والخارجية والخدمية والطاقة وغيرها لتحقيق الانسجام ووحدة سياسة الدولة في استكمال مهامها التنفيذية.
ثالثا: وضع ضوابط ومعايير تضمن الانسجام بين تخصيصات الموازنة العامة وأولويات الخطط والأهداف الاستراتيجية.
رابعا: تحديد الاولويات الوطنية وفي مقدمتها اخراج العراق من البند السابع ووضع جدول زمني لتنفيذها ومتابعة ذلك.
خامسا: ايجاد الحلول اللازمة والفاعلة لإنجاح السلطة التنفيذية في القيام بأعمالها وإزالة العوائق التي تعترض اداءها.

المجالات القضائية:
المادة (7):
اولا: العمل على ضمان فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ثانيا: اقتراح تشكيل المحكمة الاتحادية العليا واليات عملها وضمان حياديتها وفقاً للدستور.
ثالثا: تقديم المقترحات الضرورية لإنجاز إصلاح النظام القضائي وتعزيز استقلاله وحياديته والعمل لتحقيق دولة القانون.

عضوية المجلس:
المادة (8):
يتكون المجلس من:
أولاً: رئيس الجمهورية ونوابه
ثانياً: رئيس مجلس الوزراء ونوابه
ثالثاً: رئيس مجلس النواب ونائبيه
رابعاً: رئيس أقليم كردستان
خامساً: رئيس مجلس القضاء الأعلى
سادسآ: عضوين من كل من الكتل الرئيسة الأربع

أحكام عامة
المادة (9):
للمجلس إصدار الأنظمة والقرارات والتعليمات لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون.

المادة (10)
ينفذ هذا القانون من تاريخ المصادقة عليه وينشر في الجريدة الرسمية.

الأسباب الموجبة

بناءً على الإتفاق السياسي وبالنظر إلى الحاجة الملحة لتنسيق ورسم السياسات العليا في ادارة الدولة بما يحقق المشاركة في وحدة القرار، وانطلاقاً من الحوارات والتفاهمات بين مختلف القوى الوطنية وإجماع الرأي بالحاجة الى تأسيس مجلس وطني لتحقيق أهداف المصالحة الوطنية والخروج من الصراعات الطائفية وتهيئة الأجواء المناسبة لمجتمع الرفاهية.

وكان قادة الكتل السياسية اتفقوا برعاية رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي على quot;التزام الدستور وتحقيق التوافق والتوازن وإنهاء عمل هيئة المساءلة والعدالة وتفعيل المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة شراكة وطنية وتشكيل مجلس السياسات الإستراتيجية تناط رئاسته بالقائمة العراقية وتحديداً اياد علاويquot;.