أظهر التيار الإسلامي قدرة فائقة على الحشد والتنظيم في جمعة 29 يوليو/تموز الماضي والمسماة بمليونية quot;وحدة الصفquot; أو quot;الشريعة أولاًquot;، وهو ما طرح تساؤلاً مهمًا حول استمرار هذه القدرة وظهورها أمام صندوق الانتخابات البرلمانية المقبلة وإمكانية سيطرة التيارات الإسلامية، ولا سيما السلفيين، على مقاعد البرلمان، بنسبة تجعل التيار الإسلامي يتحكم في السياسة المصرية في الداخل والخارج، وبالتالي الوصول إلى الحكم.
ميدان التحرير في مليونية الإسلاميين في 29 يوليو الماضي |
القاهرة: يؤكد خبراء السياسة وقيادات التيار الإسلامي أنفسهم أن ما حدث في ميدان التحرير ليس مؤشرًا على قدرة الإسلاميين على الفوز بمقاعد البرلمان، مشيرين إلى أنهم لن يحصلوا على أي من مقاعد البرلمان، لوجود معايير أخرى للإنتخابات لم يجرّبوها من قبل.
يقول الدكتور ناجح إبراهيم عضو شورى الجماعة الإسلامية لـquot;إيلافquot; إن هذه أول تجربة انتخابية للجماعات الإسلامية، كالسلفية والصوفية والجهادية والجماعة، ما عدا الإخوان المسلمين، التي تتمتع بالخبرة والتنظيم الجيد، مشيرًا إلى أن التجمع في مليونية ميدان التحرير سهل جدًا لأننا ننادي الناس على شيء واحد.
أما الانتخابات فهي تحتاج تكتيكًا، فمن الممكن أن يكون المرشح إسلاميًا معروفًا ومحبوبًا، ولكن لا يجيد التكتيك فيخسر أمام مرشح أقل منه بكثير.
كما إن الانتخابات تحتاج أموالاً كثيرة، والحركة السلفية والإسلامية فقيرة. وأضاف أن الانتخابات تتحكم فيها العصبية والقبلية والعشائرية، وخاصة في المحافظات الساحلية والحدودية والصعيد، لافتاً إلى أن الإسلاميين، بعضهم من أسر ليست ممن سبق لها أن مارست كل هذه التجارب، وتوقع إبراهيم أن كل تلك العوامل سبب مباشر ومؤثر لفقدان التيار الإسلامي السيطرة على صناديق الانتخابات المقبلة.
معتبرًا أنه ليس بقدر التجمع في ميدان التحرير... تكون سيطرة الإسلاميين على البرلمان، ولكن سيظل الطموح موجودًا وبنسبة كبيرة للإسلاميين نحو السعي إلى الفوز بعدد وافر من مقاعد البرلمان.
ويرى إبراهيم أن الإخوان المسلمين هم القوة الوحيدة في التيار الإسلامي القادرة على تحقيق أعلى نسبة في البرلمان لكونها قادرة على مواجهة العوامل السابقة بما لديها من قاعدة وتنظيم سواء من الأفراد أو المال.
ويعرب محسن راضي القيادي الإخواني لـquot;إيلافquot; عن إعتقاده أن الواقع يشير إلى وجود أرضية للتيار الإسلامي في الشارع، فقد أصبح مشاركًا بقوة في القرار السياسي، كما إنه يتمتع بثقة الناس، ولذلك نجحت دعوته إلى مليونية 29 يوليو الماضي، وظهر أمام الجميع، وخاصة الليبراليين، مدى النجاح الفائق في التنظيم والحشد، ولكن ذلك ليس مقياسًا على قدرته على الحشد للانتخابات البرلمانية المقبلة، فما حدث في ميدان التحرير يختلف تمامًا عما سيحدث في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
مشيرًا إلى وجود عوامل عدة تتحكم فيها، من بينها الوجود الشعبي للمرشح الإسلامي ومدى قدرته على إقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي وأسباب الترشيح، فنجاح المرشح الإسلامي ليس مرتبطًا بعدد الإسلاميين في الدائرة، أضف إلى ذلك التمويل المادي للحملة الانتخابية، ويعتبر راضي أن كل هذه العوامل لن تكون سببًا مانعًا في حصول التيار الإسلامي على نسبة جيدة من مقاعد البرلمان المقبل، إلا أن ذلك لن يكون مفروشًا بالورود كما يعتقد الكثير من الرأي العام بناء على تجمعهم في مليونية quot;الشريعة أولاًquot;.
وأكد راضي أن الإخوان المسلمين هم الأكثر قدرة على المواجهة والاستعداد لمشاكل الانتخابات بما لديهم من خبرات واسعة على مدار الانتخابات الماضية، ويعتبر محسن راضي أنه كان بمقدرتهم وثوق الشارع بهم والفوز بغالبية مقاعد البرلمان لو تمت بنزاهة من النظام البائد السابق، منوهًا بأن الإخوان لن ينافسوا كل مقاعد البرلمان المقبل، والتطلع إلى الحكم والسلطة في الوقت الحالي أمر غير وارد على الإطلاق في خطط الجماعة.
ووفقاً للدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لـquot;إيلافquot; فإن التيار الإٍسلامي سيواجه منافسة شديدة من جانب الأحزاب والتيارات المستقلة والليبرالية التي لها وزنها في الدوائر الانتخابية، إلى جانب أن هناك منافسة بين الإسلاميين في ما بينهم في الدائرة الواحدة، مما يفتت الأصوات ويشتت الإسلاميين حول تأييد أكثر من مرشح، على عكس ما ظهر من توحيد للصفوف في ميدان التحرير.
وأشار إلى أن الانتخابات البرلمانية تتحكم فيها المصالح والأطماع السياسية، ومن الآن فهناك اختلاف بين التيارات الإسلامية الذي ظهر في تعدد الأحزاب السلفية والصوفية وداخل الجماعات الإسلامية، لافتاً إلى أن الانتخابات البرلمانية سوف تظهر اختلافات الإسلاميين مع بعضهم، وتكشف أنهم يفتقدون التنظيم على عكس ما يتوقع الرأي العام، وأن حصولهم على مقاعد في البرلمان لن يكون بالنسبة الكبيرة التي يتوقعها الكثيرون.
يرجع نافعة أن حصول التيار الإسلامي على مقاعد في البرلمان والانتخابات النقابية في السابق إلى كره الناخب لأعضاء الحزب الوطني وعدم وجود منافسين بدلاء فكان اللجوء إلى المرشح الإسلامي.
مؤكدًا أن جماعة الإخوان المسلمين هي القوة الوحيدة من التيار الإسلامي القادرة على حصد مقاعد في البرلمان، ولكن الأمر سيتوقف على مدى استمرار ثقة الشارع بها بعد الثورة، حيث إن قواعد لعبة الانتخابات قد تغيرت تمامًا بعد الثورة، وهناك مستجدات على أساسها سيضع الناخب صوته، ومن أهم تلك المستجدات إجراء الانتخابات في شكل ديمقراطي.
التعليقات