يقول خبراء حلف شمال الأطلسي laquo;الناتوraquo;، الذي يدعم ثوار ليبيا، إن تقدمهم نحو طرابلس سيحمل في طياته laquo;كارثةraquo; على البلاد. فهم ليسوا في وضع يؤهّلهم للحكم حاليًا، ولن يكون بوسعهم تقديم البديل الحيوي لاستقرار البلاد بعد الفراغ السياسي الذي سيحدثه انهيار نظام القذافي.


ثوار ليبيا.. الثأر أحد أكبر المخاوف في عهد ما بعد القذافي

يحذر العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين من أن انهيار نظام العقيد معمّر القذافي في الوقت الحالي laquo;سيخلق فراغًا خطرًا على سائر الأطراف المعنيّةraquo;.

جاء هذا التحذير بعد أحداث مدينة الزاوية، وهي شريان الإمدادات الرئيس لطرابلس، وتصريحات قادة الثوار العسكريين بأنهم يتوقعون الاحتفال بدخول العاصمة مع الاحتفال بعيد الفطر، أي مع حلول نهاية الشهر الحالي.

يستند اولئك الخبراء في هذا التحليل على أن الثوار، المدعومين عسكريًا ومعنويًا من قبل الغرب، متشرذمون وبدون قيادة ذات برنامج أو أو أهداف محددة، وأن وصولهم الى سدة الحكم في طرابلس حاليًا يعني أنهم سيتولون الحكم بدون أن يكونوا مستعدين له.

laquo;النصر - الكارثةraquo;

يبدي عدد من الخبراء في laquo;حلف شمال الأطلسيraquo; (الناتو) الذي يوفر الغطاء الجوي للثوار، إجماعًا على وصف السيناريو، الذي يلوح في الأفق الآن بعد تقدم قوات الثوار نحو العاصمة، بأنه سيكون laquo;النصر - الكارثةraquo;.

ونقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية عن أحد هؤلاء الخبراء قوله: laquo;هذا هو التعبير الذي يُستخدم على نطاق واسع داخل أروقة الناتو الآن، إذ إن الأحداث الراهنة تنذر بالخطر الآتي لا محالة في حال انهار نظام القذافي. وحتى إذا لم تصل الأمور الى مرحلة الكارثة فسنشهد على الأقل قدرًا من الفوضى يقود غالبًا الى الشيء نفسه وللأسباب نفسهاraquo;.

مغزى مقتل يونس

يستشهد الخبراء في تشاؤمهم إزاء مستقبل ليبيا بحادثة اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس. فقد نسب laquo;إعدامهraquo; الى أحد أجنحة الثوار laquo;المارقةraquo;. وقالوا إن كلمة laquo;مارقةraquo; نفسها تعني أن laquo;المجلس الوطني الانتقاليraquo; ليس مظلة تتوحد تحتها قوى المعارضة. وأشاروا الى أن تعامله مع اغتيال اللواء يظهر انقسامات عميقة داخل تركيبته، وهذا ما أدى الى زواله بدون بديل له حتى الآن

عبد الفتاح يونس

ويقول مصدر دبلوماسي غربي في طرابلس: laquo;باغتيال اللواء يونس وتقدم الثوار نحو طرابلس واحتمال سقوطها في ايديهم، فقد ذهب التخطيط أدراج الرياح.

فليس من تركيبة واضحة للمجلس الوطني الانتقالي، ولا وجود للجنة تنفيذية له أو بديل منها. وعليه فأعتقد أن سقوط طرابلس في الوقت الحالي هو أسوأ سيناريو محتمل لليبيا. والسبب في هذا هو أنه لا يوجد شخص قادر على توحيد الأمّة تحت قيادته والحكم باسمهاraquo;.

وقال هذا الدبلوماسي إن الغرب laquo;أخطأ بشكل مريع تقدير قوة الإسلاميين ونفوذهم المتصاعد يومًا بعد آخر. كما إنه أخطأ الحسابات بتجاهله شبه الكامل الدور البالغ الأهمية الذي تؤديه قبائل البلاد ومغزى ولائها، وركّز الغرب بدلاً من ذلك على الليبراليين الذين تلقوا تعليمهم في عواصمه لأنهم يلقون على مسامعه ما يحب أن يسمعهraquo;.

مطالبة برحيل عبد الجيل نفسه

تأكيدًا على الانقسامات الحادة التي أحالت المجلس الوطني الانتقالي عديم الفائدة تقريبًا، طالب عسكري قاد من جبال الغرب جزءًا من القوات التي تصدرت الزحف على الزاوية رئيس المجلس - مصطفى عبد الجليل - بتقديم استقالته على ضوء التخبط الذي ضرب أطنابه في أركان المجلس بعد مقتل اللواء يونس.

وقال هذا القائد، الذي طلب حجب هويته، إن مجلسًا يمثل سائر قطاعات الشعب الليبي - بما في ذلك سكان الغرب - هو الأفضل لحكم البلاد بعد رحيل القذافي، على أن تصبح مهمته الرئيسة هي الإعداد لانتخابات ديمقراطية تأتي بحكومة دائمة ومستقرة.

مصطفى عبد الجليل

وأضاف قوله إن الأسلوب الذي تعامل به المجلس مع حادثة الاغتيال laquo;يوضح مدى افتقار المجلس الوطني الكفاءة والأهلية للحكم. أنت لا تتعامل مع شخص مثل اللواء يونس على ذلك النحو.. ثم أنك لا تسعى إلى إخفاء ما حدث فعلاً وتتمنى أن ينسى الناس ما حدث، وكأنه أي شخص عابرraquo;.

خلفية

كانت laquo;إيلافraquo;قد نقلت أن يونس (67 عامًا)، الذي كان يشغل مصب وزير الداخلية في حكومة طرابلس، اعتقل من جانب قيادة الثوار بعدما علمت أن انشقاقه كان laquo;خدعة وأنه يتواطأ مع قوات القذافي ويمدّها بالسلاحraquo;. وقالت هذه الأنباء وقتها إنه معتقل في أحد المعسكرات الحربية في بنغازي.

لكن عبد الجليل، رئيس المجلس، خرج في مؤتمر صحافي ليلة الخميس 28 من الشهر الماضي، وهو يوم اغتيال اللواء نفسه، برواية مختلفة تقول إن المجلس استدعى يونس اليه من بلدة بريقا ليجيب عن بعض أسئلة قادة الثوار، لكنه اغتيل مع اثنين من مساعديه وهو في الطريق الى بنغازي. وأضاف أن أحد الجناة اعتقل، موحيًا برابط له مع laquo;القاعدةraquo;. ومع ذلك فلم يشر إليها بالاسم، واكتفى بالتحذير من أن laquo;جماعات مسلحةraquo; تعمل بشكل مستقل عن الثوار داخل المدن التي يسيطرون عليها.

من جهتها قالت صحيفة laquo;ليبيا اليومraquo; إن بعض الأفراد المسلحين التابعين لإحدى كتائب الثوار قاموا باعتقاله وتصفيته بعد التحقيق معه في قضايا نسبت إليه. وأضافت أن عملية قتله جاءت حتى بعد إصدار الأوامر من قبل المجلس الوطني الانتقالي بإطلاق سراحه.

فوضى في القيادة

في أوائل الشهر الحالي نقلت مجلة laquo;فورين بوليسيraquo; الأميركية عن ديرك فانديوالي، البروفيسير الخبير في الشؤون الليبية في جامعة دارتسموث الأميركية، قوله: laquo;ما لا شك فيه هو ان الفوضى تضرب أطنابها وسط قادة الثوار العسكريين. فقد ظلوا عاجزين عن وضع استراتيجية واضحة ومحددة المعالم لطبيعة القيادة. وإحساسي هو أنها لن تنجح في هذا الصدد بالرغم من المساعدات الكبيرة التي تتلقاهاraquo;.

ويقول فانديوالي إن حادثة الاغتيال laquo;تلقي بالضوء على نوع المخاطر التي تواجهها طبيعة القيادة الارتجالية للثوار. وما نراه هو دولة ابتدائية لا تستند الى أي شكل من أشكال مؤسسات الدولة.. ونرى أيضًا أن المجلس الوطني الانتقالي مؤلف من أعضاء عيّنوا أنفسهم بأنفسهم، ولذا صار محتمًا للفوضى أن تسود بالكاملraquo;.

بعبع الثأر

القذافي
في روما حذّر دبلوماسي غربي خبير بالمنطقة من أن سقوط طرابلس laquo;يأتي معه بخطر التصفيات الثأرية.. ليس من جانب الثوار في حق الموالين للقذافي وحسب، وإنما ثوار ضد ثوار آخرين أيضًاraquo;.

ومن واشنطن نقلت laquo;تايمزraquo; عن توم مالينوفسكي، مدير laquo;هيومان رايتس ووتشraquo; الذي يستعين به البيت الأبيض كثيرًا في تقويم الأوضاع الليبية الأخيرة قوله: laquo;على ضوء كل هذه العوامل فثمة قلق متصاعد داخل الإدارة الأميركية إزاء أهلية الثوار للحكم بعد القذافي. الجميع يريد سقوط العقيد اليوم قبل غد، لكن هذا يحمل في طيّاته مخاطر هائلة قد لا تحمد عقباهاraquo;.

الإسلاميون.. والقبائل أيضًا

بالطبع فهناك مخاوف من تنامي قوة الإسلاميين وأيضًا التأثير القبلي على مجريات الأحداث. واستشهدت laquo;تايمزraquo; في هذا بنعمان بن عثمان، الذي كان قائدًا جهاديًا، لكنه نبذ العنف قبل حوالي عشر سنوات.

ويقول بن عثمان: laquo;اعتقد أن العبء الأكبر على الإطلاق في مرحلة ما بعد القذافي هو التوفيق بين ثلاثة تيارات أساسية وهي: الإسلاميون والقبائل والديمقراطية. هذه مكونات المستقبل الليبي. والسؤال المهم الآن هو: كيف يمكن لنا التوفيق بين هذه المكونات الثلاثة، بحيث تعمل جنبًا الى جنب من أجل مصلحة البلاد؟raquo;.

شطرنج

المرحلة الأخيرة في أي مباراة في الشطرنج تبدأ عندما تتبقى مجرد قطع قليلة. فهذه هي المرحلة التي ينشط فيها الملك عادة بعد فترة كان كل همّه هو الاختباء في زاوية ما وراء بيادقه.. هذه هي المرحلة التي يتحرك فيها الملك الى وسط اللوح.. وهي أيضًا المرحلة التي تكتسب فيها البيادق أهمية عالية بسبب أهليتها للمرة الأولى للترقية الى مناصب أعلى..!