اعتمدت حكومة الإمارات التاسع عشر من شهر رمضان موعداً رسمياً لإحياء الذكرى السنوية لرحيل الشيخ زايد آل نهيان مؤسس الدولة، ولهذا الغرض بدأت وسائل الإعلام بالاستعدادات اللازمة لنقل الفعاليات التي تنطلق تحت شعار quot;ليلة الوفاء لزايد العطاءquot;.


وصف الشيخ زايد بأنه مؤسس أنجح مشروع وحدوي عربي

دبي: قررت الحكومة الإماراتية اعتماد يوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك من كل عام موعداً رسمياً لإحياء الذكري السنوية لرحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة، وتستعد حالياًوسائل الإعلام كافةفي الإمارات لتنظيم الفعاليات التي من شأنها إحياء الذكري المجيدة لرجل قلّما يجود به الزمان.

كما تستعد وسائل الإعلام المحلية لإحياء هذه الذكرى من خلال برامج وطنية اذاعية وتلفزيونية وملفات في الصحف اليومية، تتضمن مقاطع من أقوال الشيخ زايد،وتبرز فكره الثاقب في المجالات كافة.

ومن المقرر أن تقام مساء الجمعة المقبل الموافق فيه19 رمضان المبارك فعاليات quot;ليلة الوفاء لزايد العطاءquot; في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي وعدد من المساجد في كل مدن الدولة، وتنظم هذه الفعاليات هيئة الشؤون الإسلامية والأوقاف في أبوظبي ودائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري في دبي ودائرة الشؤون الإسلامية في الشارقة. وبهذه المناسبة سيتم توحيد الخطب في صلاة الجمعةفي كل المساجد في دولة الإمارات، إلى جانب إلقاء عدد من المحاضرات والدروس حول مآثر وإنجازات الشيخ زايد الحضارية.

مؤسس أنجح مشروع وحدوي عربي

وصف الشيخ زايد بأنه مؤسس أنجح مشروع وحدوي عربي في التاريخ المعاصر، ترأس دولة الإمارات بتاريخ 2/12/1971 ورحل عنها بتاريخ 2/11/2004 الموافق التاسع عشر من شهر رمضان، حيث فقدت الأمة العربية برحيل الشيخ زياد واحدًا من رجالاتها الكبار، وأحد القادة القوميين الذي نذر نفسه لوطنه ولأمته، وكان رجل الوحدة بلا منازع، فقد اثمرت رؤيته لمستقبل بلاده عن أهم مشروع وحدوي عربي في التاريخ المعاصر.

ولد الشيخ زايد عام 1918 في مدينة أبوظبي، في قلعة الحصن، التي بناها والده الشيخ سلطان، الذي حكم في مدينة العين في الفترة مابين 1922-1926. وزايد هو الرابع بين إخوته، والرابع عشر في سلسة آل نهيان، ووالدته الشيخة quot;سلامةquot;، وسمّي زايدا تيمنًا باسم جده لأبيه زايد الكبير أمير قبيلة بني ياس، الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة من 1855 إلى 1909، وكان قد تولى إماراتها وهو في العشرين من عمره، واشتهر بالذكاء والشجاعة وحسن التصرف ومعاملة الآخرين، مما أكسبه شعبية كبيرة بين رعاياه، وكان فارسًا قويًا وحّد بين القبائل، وصنع أمجاد بني ياس، التي خرج من بطونها آل نهيان.

نشأته

كانت نشأة الشيخ زايد إسلامية بدوية، أعطته القدرة على التحمل والجلد والصبر، فلم يتلق الشيخ زايد تعليمًا أكاديميًا، حيث لم تكن ثمة مدارس في ذلك الوقت، واقتصر تعليمه على التعاليم الدينية التي تلقاها على يد المطوع، وبدأ تعلم القرآن الكريم، وهو في الخامسة، وأتمه في سن الثامنة، كما تعلم العمل السياسي في الكتاب. ويعترف زايد بأنه كان يرفض التعليم في بعض الأحيان، ويتمرد على معلمه في أحيان أخرى.

حكمة

تولى حكم مدينة العين وهو في الثامنة والعشرين من عمره، بصفة حاكم للمنطقة الشرقية، وكانت هذه النقلة التاريخية هي التي كوّنت شخصية الشيخ زايد السياسية، حيث انتقل عام 1946 إلى قلعة المويجعي، ليمارس مهامه الجديدة، والمويجعي قلعة قديمه تقع عند مشارف مدينة العين.

عمل خلال تلك الفترة على تحسين أحوال المواطنين المعيشية، وتحيق العدل، والعدالة في حكمهم، ومن مجلسه خارج القلعة، وتحت شجرته المفضلة في ذلك الوقت، كان يحل مشاكل المتخاصمين، ويستقبل الضيوف والزوار دائمي التردد عليه، وكان بسيطًا وعادلاً في أحكامه، مما أكسبه حب أهل العين. عن ذلك يقول الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسجر في كتابه quot;الرمال العربيةquot;: إن زايد ربّ أسرة كبيرة، يجلس دائماً للاستماع إلى مشاكل الناس، ويقوم بحلها، ويخرج من عنده المتخاصمون في هدوء، وكلهم رضا بأحكامه التي تتميز بالذكاء، والحكمة، والعدلquot;.

أما زايد فيقول: quot;إن بابنا مفتوح، وسيظل دائماً كذلك. ونحن نرجو الله أن يجعلنا دائماً سنداً لكل مظلوم. إن أي صاحب شكوى يستطيع أن يقابلني في أي وقت. ويحدثني عن مظلمته مباشرةquot;.

وشهدت أبوظبي في فترة حكمه لها، نهضة عمرانية، وتنموية، وصحية، واقتصادية شاملة، إذ امتدت الطرق المعبدة الحديثة إلى مئات الأميال، ودخلت الكهرباء، والمياه النقية العذبة، إلى كل مكان وبيت، وانتشر التعليم، وأنشئت المدارس المجهزة تجهيزًا حديثًا، وأقيمت المستشفيات والعيادات الطبية المتطورة في المدن والحضر، وتحققت العدالة الاجتماعية، وانتشر الأمن، والأمان، والاستقرار، وبدأت الكوادر الإماراتية المؤهلة تأخذ مواقعها في مختلف مجالات العمل، حيث جعل من أبوظبي نواة، انطلق منها لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان أن تحقق له ذلك عام 1971.

مواقفه

من أبرز مواقفه الوطنية العروبية، موقفه الشهير أثناء حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، حينما خرج على العالم متجاهلاً كل التهديدات الغربية، وقال quot;إن الذين قدموا دماءهم في معركة الشرف قد تقدموا الصفوف كلها، وإن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي، إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى، فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمرquot;.

وقام بقطع النفط عن الدول المساندة لإسرائيل، وتبعه باقي الدول العربية المصدرة للنفط آنذاك، مما شكل ضغطاً فاعلاً على القرار الدولي بالنسبة إلى هذه الحرب. لم يكتف بذلك، بل قام على الفور بالاتصال بسفير دولة الإمارات في لندن، وطلب منه حجزكل غرف إجراء العمليات الجراحية المتنقلة، وشراء هذا النوع من الغرف من كل أنحاء أوروبا وإرسالها فوراً إلى دمشق والقاهرة، وطلب أن تقدم التسهيلات كافةلرجال الأعلام الذين يريدون زيارة جبهات القتال العربية في سوريا ومصر، وان تكونكل نفقاتهم على حسابه الشخصي، وسافر بالفعل 40 صحافياً يمثلون أكبر دور الصحافة في بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وأسبانيا، متجهين إلى دمشق والقاهرة لتغطية أخبار المعارك.