يقصد معظم المرشحين المحتملين للرئاسة المصرية مشايخ الأزهر، ويقصدون حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان ويلتقون بالمرشد العام، ويتناسون بالقصد أو عن حسن نية القيام بالشيء نفسه مع الكنيسة ولقاء البابا شنودة. مما طرح تساؤلات عديدة لدى الرأي العام حول تجاهل الكنيسة.


مرشحو الرئاسة في مصر يحاولون كسب ودّ الإخوان والأزهر على حساب الكنيسة

القاهرة: منذ إزاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير/شباط، وخلو منصب رئيس الجمهورية، بدأ الكثير من الشخصيات في الإعلان عن الترشح للإنتخابات الرئاسية المقلبة، وبدا واضحاً أن غالبية المرشحين المحتملين يقصدون مشيخة الأزهر، ويجلسون إلى الإمام الأكبر أحمد الطيب، ويقصدون حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ويلتقون بالمرشد العام الدكتور محمد بديع أو رئيس الحزب، ويتناسون بالقصد أو عن حسن نية القيام بالشيء نفسه مع الكنيسة ولقاء البابا شنودة. مما طرح تساؤلات مهمة لدى الرأي العام: هل أصوات الأقباط مضمونة لهذه الدرجة لدى المرشحين، إلى درجة تجاهل الحوار معهم أم إنهم كتلة تصويتية لا يعتمد عليها بشكل كبير، وأن الأهم كتل الإخوان والأزهريين في الوصول إلى رئاسة الجمهورية.

يقول السفير عبدالله الأشعل المرشح المحتمل للرئاسة لـquot;إيلافquot;إن زيارة المرشحين المحتملين لمشيخة الأزهر في هذا الوقتتحديدًا تأتي بغرض الدعاية الانتخابية لا غير من أجل لفت نظر الإعلامإلى الزيارة ومقابلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدليل على ذلكذهاب الدكتور البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة إلى المشيخة، وهو بعيد كل البعد عن الاهتمام بشان الأزهر، والأمرنفسهبالنسبة إلى عمرو موسى، مشيرًا إلى أن الدعاية الانتخابية للرئاسة لم تبدأ بعد، إلا أن المرشحين يحرصون على الذهاب إلى مشيخة الأزهر تباعًا من أجل كسبتعاطف ومساندة الأزهريينلكونهم لهم ثقل انتخابي.

ويؤكد الأشعل أن شيخ الأزهر لا يمكن أن يمنعهم من الزيارة حتى لو كان يعلم بنيتهم، فالأزهر مفتوح للجميع.

بالنسبة إلى زيارة حزب الحرية والعدالة، فيرى الأشعل أن الأمر مختلف، فهو حزب سياسي، والتواصل معه أمر مهم، حتى لو كان على سبيل الدعاية الانتخابية، والمرشحون الذين ذهبوا للحزبذهبوا للتهنئة باعتباره أول حزب للإخوان، معتبرًا أن اللعب على كتلة الإخوان التصويتية أمر صعب، لكونه يتوقف على أن الإخواني لا يعطي صوته لمرشح الرئاسة، إلا في حالتين، أولهما بتعليمات من المرشد العام أو الاقتناع الشخصي، ويرى أن هناك مجموعتين لا يمكن شراء أصواتهما وهما الشيوعيون واللا دينيون.

أما بالنسبة إلى عدم زيارة المرشحين المحتملين للرئاسة الكنيسة فقد أرجع الأشعل السبب إلى مرض البابا شنودة وعلاجهفي الخارج، ولكن هناك مرشحين حضروا أعياد الميلاد المجيدة في الكنيسة، وتوقع حدوث خلال الأيام المقبلة زيارات عديدة لمرشحي الرئاسة إلى الكنيسة لكون الأقباط كتلة تصويتية مهمة لا بد من الحوار معها.

وعن سبب زيارته لمشيخة الأزهر أخيرًا، قال الأشعل إن الزيارة بعيدة كل البعد عن الزيارات التي قام بها المرشحون الآخرون للرئاسة، فهي لم تكن بغرض الدعاية الانتخابية التي لم تبدأ بعد، وأضاف: quot;أنا أحترم ذلك، ولكن الزيارة جاءت لكوني تربطني علاقات قديمة بالأزهر، وهناك تواصل مستمر مع شيخ الأزهر على مدار السنوات الماضية، مشيرًا الى أنه لن يذهب إلى مكتب الإرشاد والكنيسة الآن حتى تبدأ الدعاية الرسمية، فكل ما يهمه الآن معرفة الشارع بمن هو عبد الله الأشعل، ولكن المرشحين الآخرين لديهم منظمات خارجية تموّل حملاتهم، وبالتالي تحركاتهم دائمًا دعائيةquot;.

وينفي جمال أسعد المفكر القبطي لـquot;إيلافquot;عدم القصد العمد لمرشحي الرئاسة في تجاهل الذهاب للكنيسة، مفسرًا ذلك بعدم وجود الظروف الملائمة نظرًا إلى سفر البابا إلى الخارج للعلاج وأزمة اعتصام أصحاب الزواج الثاني، وأضاف أن الأمر الآخر يتمثل في وجود لقاءات جمعت العديد من المرشحين بالأقباط، ولا يشترط أن تكون الزيارة رسمية للمقر البابوي في العباسية.

وأكد أسعد أنه من الصعب على أي مرشح رئاسة تجاهل أصوات الأقباط والحرص على الحوار معهم لكونهم كتلة تصويتية مهمة، ستكون عاملاً حاسمًا في نجاح أحد المرشحين المحتملين للرئاسة، وهم جميعًا يعرفون ذلك جيدًا، حتى مرشحو الرئاسة الإسلاميون يحاولون من خلال لقاءاتهم التقرب إلى الأقباط.

عن حرص المرشحين الذهاب إلى مشيخة الأزهر، يؤكد الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لـquot;إيلافquot; أنه لا يمكن منع أحد مهما كانت شخصيته من زيارة المشيخة ولقاء الإمام الأكبر الذي فتح الباب بعد الثورة للاستماعإلى كلالآراء من أجلالتواصل مع المجتمع والمشاركة في حل أزماته ومن هذا المنطلق كان لقاء المرشحين للرئاسة الذي خلى تمامًامن أي حوار فيه شبهة انتخابية ودعائيةلهم.

مؤكدا أن الإمام الأكبر يرفض تحويل مشيخة الأزهر إلى دعاية انتخابية لأي من المرشحين، ولا يوجد مرشح بعينهيلقى تأييد الأزهريين، لأنه من الصعب بعد الثورةإصدار تعليمات لاختيار مرشح بعينه، فالجميع أحرار في أصواتهم أمام صندوق الانتخابات.

ويرى الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط أنه لشيء طبيعي ذهاب المرشحين للرئاسة إلى المشيخة، لأنها أولوجهة لهم لكسب تعاطف الشارعلمكانة الإمام الأكبر لدى الجميع. وقال لـquot;إيلافquot; إن الحرص يأتي من كون الزيارة سوف تلقى اهتمامًا إعلاميًا بما يحقق دعاية ووجودًا في المنافسة، لافتاً إلىأن زيارة المشيخة تضمن تعاطف الأزهريين والإسلاميين، وعددهم ليس بالقليل في المجتمع الآن بعد الثورة.

أما بالنسبة إلى زيارة حزب الحرية والعدالة ومكتب الإرشاد من قبل المرشحين المحتملين للرئاسة فيرجع إلى مكانة الحزب ومكتب الإرشاد والمرشد الآن داخل المجتمع وتأثيره السياسي والوجود في الشارع بعد ثورة 25 يناير، وبالتالي لا بد من التحاور معه والتقرب إليه ومحاولة الحصول على تعاطف وتأييد الإخوان، والذي سيكون عاملاً حاسمًا في نجاح أحد من المرشحين للرئاسة أو يجعله ينافس بقوة، فالإخوان حاليًا، وتحديدًا حزب الحرية والعدالة، فقد أخذ مكان الحزب الوطني، مما أصبح محركًا أساسيًا في العمل السياسي.

ورفض منصورالقول بتجاهل المرشحين الذهاب إلى الكنيسة، معتبرًا أنها ستكون وجهتهم قريبًا، ولكن دائمًا، اللعب على أصوات الأقباط وكسب تعاطفهم لا يكون في الغالب بزيارة البابا، لأن الكنيسة فصلت نفسها عن العمل السياسي على عكس الأزهر.