صفحة quot;الحزب النازي المصريquot; على فايسبوك

فجأة وبدون مقدمات، فجّر أحد المصريين قنبلة في وجه العالم كلّه بإعلانه عن نيته تأسيس حزب نازي، في أعقاب نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام حكم الرئيس حسني مبارك، بعد بقائه 30 سنة في السلطة.


أعاد إعلان تأسيس حزب نازي في مصر إلى الأذهان شبح النازية، التي تبناها أدولف هتلر لألمانيا، والفظائع التي أرتكبها ضد الإنسانية.

وبرزت قضية النازية إلى مقدمة الأحداث من جديد بعد إنتصار الثورة المصرية، ونضال شعوب أخرى في سوريا واليمن وليبيا من أجل حريتها، وكأن الثورات العربية حينما إندلعت ضد الإستبداد والقهر، إنما جاءت من أجل بث الروح في النازية من جديد.

النازية العربية

quot;إيلافquot; بحثت في القضية المثيرة للجدل. وهل هناك من المصريين أو العرب من يؤمن بالنازية؟ وما مدى إمكانية إنشاء حزب نازي في مصر أو أي من الدول العربية؟ وكانت المفاجأة انتشار العديد من الصفحات على موقع فايسبوك تتحدث عن النازية، وتدعو إلى إحياء مبادئها عربياً، وهناك العديد من الشباب يؤمنون بها، ويسعون إلى تكوين أحزاب سياسية، غير أن الملاحظة المهمة هي أن عدد عناصرها قليل جداً، يتراوح ما بين العضو الواحد و230 عضواً، لكنهم يرون أنهم مجرد نواة، سوف تنبت ملايين الأعضاء مع مرور الوقت.

النازية على فايسبوك

quot;النازية المصريةquot; عنوان صفحة أسسها شخص يدعى أحمد الحمراوي منذ شهرين، ولا تضم أي أعضاء سواه، ويبدو أنه يعمل فناناً تشكيلياً، حيث يضع صورته وهو يرسم إحدى اللوحات. وحاولت quot;إيلافquot; التواصل معه لمعرفة دوافعه وراء إنشاء الصفحة، إلا أنه لم يستجب.

quot;منظمة النازي المصريquot; عنوان صفحة أخرى على موقع فايسبوك. وتضم ثلاثة أعضاء، إضافة إلى مؤسسها، التي آثرعدم كتابة أية معلومات تكشف عن شخصيته. وبعكس صفحة quot;النازية المصريةquot;، التي تخلو من أي تفاعلات، فإن صفحة quot;منظمة النازي المصريquot;، دأب مؤسسها على دعوة الشباب إلى الإنضمام إليها، حيث كتب أربعة تدوينات على الحائط في يومي 18 و19 مارس/آذار، ويبدو أنه لم يكتب شيئاً في ما بعد.

في 18 مارس، كتب يقول quot;إلى من لم تلوثهم السياسة، إلى كل من يريد أن ينتقد بشرف، ويعترض لسبب، ويصفق باعجاب، إلى كل إنسان يريد أن يكون له دور فعال في الحياة السياسية، إنضم إلينا نحن منظمة النازي المصريquot;.

وفي اليوم نفسهـ الذي هو يوم تأسيس المجموعة، كتب quot;الهدف الأول للمنظمة هو العمل على إزالة الحواجز بين الملكيات، وجعلها عامة، وتحديد الملكيات الخاصةquot;، وبتاريخ 19 مارس، كتب quot;يشرفني الانضمام إلى هذه الصفحة، بل يشرفني أن أكون أحد مسؤوليها، هذا تشريف لي في الحقيقة، وشكراً، وأدعو كل الأصدقاء إلى الانضمام إليها، لمواجهة نازية مجتمعنا، ومكافحة فساده، ونشر الفضيلة والخير والمساواةquot;.

وتضم صفحة quot;الحزب النازي.. كبير العمالquot; ثلاثة معجبين بها، إضافة إلى مؤسسها. فيما يرتفع عدد المشاركين في quot;الحزب النازي المصريquot; إلى 45 عضواً، إضافة إلى مؤسس الصفحة، الذي لم يكتب أية معلومات تكشف عن هويته، وتتميز الصفحة بالتفاعلية، حيث تتضمن الكثير من المشاركات من الأعضاء. وفي تعريف الحزب، كتب مؤسسه يقول quot;أنا شاب زيكم ومنكم، اتردّت ليّا روحي، وأنا بهتف في الميدان لمصر الجريحة وضد النظام الفاسدquot;.

في حين كتبت عضوة في الحزب تقول quot;لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياًquot;. وفي تعليق طريف، كتب أحدهم يسأل quot;وهيكون بقى فيه اجتماعات سرية وعناصر حفظ أمن ونظام وحاجات من دي ولا إيه؟، ويرد مؤسس الحزب quot;ليه اجتماعات سرية؟. ورغم إرسال رسالة إليه لتعريفه بهويتنا ورغبتنا في الحديث إليه عن الحزب وأهدافه، إلا أنه لم يستجب.

أول حزب نازي

فإذا كانت الثورات العربية قد إنطلقت من فايسبوك، فإن النازية العربية سوف تنطلق منه أيضاً، فالمجموعة الأكثر نشاطاً على فايسبوك، وتستعد لإعلان أول حزب نازي في مصر، هي quot;حزب العمال الوطني المصري الإشتراكيquot;.

ويضم نحو 300 ناشط على فايسبوك أو في الحياة السياسية، وجميعهم من الشباب، وإستطاعت quot;إيلافquot; الوصول إلى مؤسس الحزب، ويدعى محيي الدين الحسيني، ويبلغ من العمر 20 عاماً، ويدرس في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، وقال لنا إنه شارك في ثورة 25 يناير، وهتف بسقوط النظام الحاكم، ولما إنتصرت الثورة على الإستبداد فكر ملياً في الخطوة التالية، ووجد أن مصر تستحق أن تكون دولة عظمى، بعدما قامت بثورة عظمية، لم يشهد العالم لها مثيلاً من قبل.

وأضاف أنه شعر أن الجنس المصري عريق ونقي تماماً مثل الجنس الألماني، ومن ثم يجب أن يتبوأ مكانة عريقة بين الأمم، بل يجب أن تكون مصر خلال المرحلة المقبلة دولة عظمى. وعن مبادئ الحزب، أوضح الحسيني لـquot;إيلافquot; أن الحزب يتشابه مع الأحزاب السياسية الأخرى في ما يخص التعاطي مع السياسة، لكنه يتميز عنها بأن لديه عقيدة، والعقيدة في رأيه أعلى من الدين.

وإستطرد قائلاً: الناس ينقسمون إلى أعراق، وعقيدتنا تقوم على تدرج تلك الأعراق، حيث يقف في أعلى درجات سلم الجنس البشري quot;العربي المصري، ويقع في أسفله الجنس السامي، وخاصة اليهود، والزنوج والغجر، وعقيدتنا لا تؤمن بالمساواة بين الأجناس أو الافراد، بل تؤمن بتفاوتها من حيث القدرات، فالجنس الأقوى هو القادر على أن يحارب، وأن يسيطر على الضعيف، حتى يجد لنفسه متسعًا من الحياةquot; حسب تعبيره.

وأشار إلى أن عقيدة حزبه، المزمع تأسيسه، تهدف إلى تمكين quot;الجنس المصريquot; من قيادة العالم لمدة ألف عام مقبلة على الأقل. وهذا يتطلب أن يكون كل العرب موحدين تحت سلطة زعيم مصري، وذلك لخلق أمّة عربية كبيرة صلبة كالفولاذ، تستطيع أن تصبح سيدة أفريقيا وآسيا والعالم كله، خلال فترة تتراوح ما بين 10 و20 عاماً.

ورغم أن ثورة 25 يناير إندلعت من أجل القضاء على الحكم الفردي المطلق، إلا أن عقيدة الحزب النازي الجديد، تدعو إلى عودة الحكم المطلق، وفقاً لحديث الحسيني، الذي قال: quot;عقيدتنا تؤمن بحكم الزعيم المطلق غير محدود الصلاحيات، وتقسم الشعب الى ثلاث طبقات، العليا: أصحاب رؤوس الأموال والعلماء، والمتوسطة: طبقة الجيش، والأخيرة: طبقة الجماهير العاملةquot;.

صدى واسع بين الشباب

ووفقاً للحسيني، الذي وجدت أفكاره صدى لدى الكثير من أقرانه الشباب، فإن الحزب يقوم على 26 مبدأً، أهمها: quot;يطلق لقب مواطن على المصري فقط بإختلاف ديانته، ولا يحق لمن عداه الحصول على حقوق المواطنة. طرد كل غير عربي خارج البلاد. واجب المواطن الأول هو العمل لما فيه مصلحة الوطن. تشرف الدولة علىكل المعاملات التجارية الضخمة. مراجعة شاملة وتجديد النظام التربوي والتعليمي، بما يتوافق مع المبادئ النازية. وضع حد للصحافة الزائفة. تسحب الجنسيات العربية من اليهود، ولا يحق لهم التمتع بحقوق المواطنةquot;.

نازية عصرية

حول توقعاته لإمكانية نجاحه في إعلان الحزب، قال الحسيني: منذ أن ولدت الفكرة في رأسي تحدثت إلى أصدقائي وبعض المقريبن مني، ولاقت إعجابهم، وإقترحوا عليَ نشرها على فايسبوك، وإستطلاع رأي الناس حولها، ولاقت إعجاب الكثير، وهناك المئات من المؤيدين للحزب في مختلف أنحاء مصر، بل هناك مؤيدون في شتى الدول العربية، ولاسيما دول المغرب العربي، وأتوقع أننا سوف ننجح خلال الشهور القليلة المقبلة من جمع خمسة آلاف توكيل للأعضاء، وهو الشرط الأساسي في قانون إنشاء الأحزاب السياسية.

ولدى سؤاله: ولكنك سوف تواجه معارضة شديدة من قبل العالم كله، لاسيما هناك تجارب مريرة مع النازية الألمانية؟ أجاب: نحن نقدم النازية بفكر يناسب روح الألفية الثالثة، تناسب روح الثورة العربية الجديدة، ونازيتنا ليست موجهة ضد أي شعب، بل تهدف إلى توحيد قوميتنا العربية، ووضعها في المكانة اللائقة بها كحضارة عريقة تمتد آلاف السنين. وإنني أتساءل: كيف يسمح العالم بإنشاء قومية لليهود على أرض فلسطين، وهي ليست أرضهم، ويرعاها ويتعهد بحمايتها وضمان تفوقها العسكري والإقتصادي، في الوقت نفسه يحرم على العرب ذلك؟!.

أكثر من حزب

تجتذب صفحة الحزب النازي العربي نحو 230 عضواً من مختلف أنحاء الدول العربية، وغالبية الأعضاء ينتمون إلى مصر، رغم أن مؤسسها جزائري، وهي الأكثر تفاعلية بين المجموعات الأخرى على موقع فايسبوك، وتحتوي على العديد من الفيديوهات التي يظهر فيها هتلر، والأقوال المنسبوبة إليه، ومنها quot;إن الصعاب التي تنتظرنا في كفاحنا من أجل نشر مفهومنا الجديد للدولة، تكمن في عدم وجود مناضلين يَثبتوا معنا في الكفاح الطويل، فمجتمعنا لا همّ له إلا البقاء في الفترة الراهنة، لكن الصعاب والعقبات ستقوي من همتنا، لأنها ستبرز عظمة الغاية التي نريدهاquot;، وquot;سنعلم النشء الجديد أن الإخلاص ونكران الذات والتحفظ هي فضائل يجب أن يتحلى بها كل شعب عظيم. كما سندعو المربين إلى تدريب التلاميذ على تحمل الألم بصمت ورباطة جأش، لكي تجعل منهم في المستقبل جنوداً ثابتين قادرين على أداء واجبهم في أشد الظروف وأقسى الحالاتquot;.

وquot;جسد ممدد من الخليج الى المحيط انت يا وطني، ولكننا سنقذف في داخلك شعلة المجد لتنتفض مارداً لا يرحم الاعداء ويثار لهزائم الأمةquot;، وquot;في يوم من الأيام سيأتي هتلر عربي، ليحرقكم أيها اليهود، أنا واثق بأن هذا اليوم آت لا محال، والهتلر العربي آت لامحالquot;.

محمود محمد محامي شاب، عضو في الحزب، قال لـquot;إيلافquot;، إنه ينتمي في الأساس إلى حزب العمال الوطني المصري الإشتراكي، وعضو في مجموعة quot;الحزب النازيquot;، وأضاف أنه quot;مؤمن جداً بالمبادئ النازية، كرهاً في اليهود، الذين إغتصبوا أرض فلسطينquot;.

وتابع: أعتقد أن الفترة المقبلة سوف تشهد ميلاد أكثر من حزب نازي في مصر، فهناك حزب العمال الوطني المصري الإشتراكي، والحزب النازي المصري، والحزب النازي العربي، وكلها لديها أفكار مختلفة، لكنها تقوم على مبادئ النازية، ولكن ليس بالشكل التي كانت عليه في عهد هتلر، وسوف تتماشى تلك الأفكار مع متطلبات العصر الجديد، إلا أنهاكلها تتفق في إعلاء شأن الجنس العربي بغضّ النظر عن ديانته ـ باستثناء اليهودية بالطبع ـ على سائر الأجناس الأخرى.

تذكير بالنازية الألمانية

يذكر أن النازية تعود إلى الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألمانيquot;Nationalsozialistischen Deutschen Arbeiterparteiquot;، بزعامة أدولف هتلر، الذي تمكن في العام 1933 من إنشاء نظام دكتاتوري مطلق، ما سمّي بدولة الزعيم والمملكة الثالثة، وأقام دولة عنصرية على أساس سيادة وتفوق الجنس الآري.

وارتكب العديد من الجرائم بحق الإنسانية إبان الحرب العالمية الثانية، منها quot;الهولوكاوستquot;، التي قام خلال بإحراق اليهود والغجر والمعوقين، وقصار القامة أو المرضى بمرض وراثي، واستخدم بعضهم في إجراء التجارب الطبية قبل إحراقهم. وبعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية، شكلت محاكم خاصة للنازيين بعد حظر حزبهم قانونياً، وأعدم 85 قيادياً في 21 ديسمبر/كانون الأولمن العام 1946.