يشدد مروان الطيب بشيري الناطق باسم ثورة 17 سبتمبر 2011 في الجزائر على أنّ الحراك المرتقب هو صنيعة شبانية بعيدة عن العنف، وإذ يؤكد على وقوع ما يصفه انسدادًا جماهيريًا سلطويًا، يصرّ بشيري على أنّ خصوصية الجيش الجزائري ستحدد كل شيء.


مروان الطيب بشيري

في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، شدّد مروان الطيب بشيري المتحدث باسم شباب ثورة 17 أيلول/سبتمبر 2011، على أنّ هذه المبادرة المثيرة ستكون بمثابة خريف غضب وحراكًا اجتماعيًا، تسعى الهيئة الناشئة حديثًا quot;المجلس الأعلى للشباب الجزائريquot; إلى إنضاجه. ويرى الأخير أنّ ساعة الحسم حانت لتجاوز عقدة الخوف والنهوض بأمانة الشهداء، وإكمال رسالة ثورة نوفمبر التحررية 1954، في دولة الشعب لا شعب الدولة.

وفيما اعتبر معلقون اختيار الرقم 17 رمزية يُراد من ورائها التيمن بالثورة الليبية، يرفض بشيري هذا الطرح، ويسجل أنّ الشعب الجزائري سيد على مستقبله، ومبادرة شباب الجزائر ليست هزة ارتدادية لثورات الآخرين أو انعكاسًا لمد الثورات العربية، بل هو مسؤول عن أفعاله كجيل نشأ من رحم الثورة، وهو يصدر مرجعية الثورة، ولا يستورد بضاعة مُزجاة، على حد تعبير بشيري.

كما يحيل المكتب الإعلامي لمجلس الشباب إلى أنّ استعمال الشباب كأحد مفكات براغي النظام، رغم وجود بعض صور التوتر وعدم الرضا، يعتبر أمرًا مرفوضًا من منطلق أنّ شباب الجزائر يبادر ولا يؤمر بالمبادرة، مثلما يُخطط لشؤونه ولا يُخطط له من خارجه.

وعما إذا ستكون ثورة السابع عشر أيلول سلمية أم عنفية، يدرك مهندسو الثورة أنّ جر البلاد إلى دوامة عنف سيكون وليجة لأوليجارشية الظل أن تفسد في الأرض وتعلو مرتين، لذلك تربأ المجموعة بالأمة لرفع سلاح السلم كمدخل حقيقي لهدم قلاع العنف وتفويت الفرصة على سلطة الظلّ لتبييض ديناصوراتها في الخفاء.

ويقول بشيري إنّ النزعة تميل إلى الضغط السلمي في الإصلاح والتغيير وتفكيك أسباب التوتر، لافتًا إلى أنّ شراسة الصدام التي ميزت الجزائريين في السابق، بيّنت أنّ العنف ولو طال مداه سيُجابه بالعنف الشرعي، معتبرًا ثورة الخامس تشرين الأول/ أكتوبر 1988، لم تكن تنطوي على مفهوم الثورة كخلاص سياسي، بل كانت ترسبات اجتماعية مناهضة لسياسات النظام آنذاك.

بينما ثورة الشهر المقبل ndash; يشير بشيري - قائمة على إجماع قوى الجيل الجديد دون غيرها، لأنّ الجزائر تعيش أزمة مجايلة مع ما ارتكبه الجيل القديم بصراعاته، وهو لا يدع مجالاً للشك في وجوب توخي الحيطة والحذر في أن يقوم شباب 2011 بأخذ زمام المبادرة والتمرد على مظلات المتطاحنين ممن ينعتهم quot;الحرسquot; وquot;العسسquot; وبقايا quot;العصر الكولونياليquot;.

عليه، يجزم بشيري أنّ رسالة الشباب الجزائري تقوم على أنه لا مكانة لهم، إذا لم يفتكوا مكانتهم بسواعدهم ويقتلعوا العقبات التي ما فتئت تتراكم، ويستلزم معها كسر الصمت وتجاوز quot;حماقات أبوية في توريث أدبيات قبيحة وشائنةquot; كالخصومات السياسوية الشخصية والنفاق السياسي وتعديد الوجوه والتستر على الفساد والجريمة.

وبشأن محاولات أطراف داخلية وخارجية التموقع ضمن quot;توليفة 17 سبتمبرquot;، يكشف بشيري أنّ quot;برنارد هنري ليفيquot; حاول التقرب بلكنة جون بول سارتر التحررية، لكنّ الزخم النخبوي لدى الشباب الجزائري فرّق جيدًا بين الحراك والتحريك.

عناصر من قوى الامن الجزائري تصد متظاهرين

في مقابل انتقاده إصرار السلطة على نمط quot;الكل الأمنيquot; في كل مقاربة ترتئيها للشعب، يتبرم بشيري من عدم وجود جبهة موحّدة متشبعة بالإصلاح، وسعي كل فصيل إلى الاستئثار بالسبق الثوري، عبر إطلاق نداءات مزاجية وعلى استحياء.

ويستدل محدثنا بتجربة شبابية لشق عصا الطاعة السياسية داخل فلك الأحزاب ولكنها جوبهت بالقمع، على منوال ما حصل في حزب الغالبية quot;جبهة التحريرquot; التي تحولت بمنظوره من مرجع وطني إلى عبء وطني، على حد وصفه.

ويلاحظ الناطق باسم ثورة السابع عشر أيلول، أنّ الجبهة الاجتماعية في الجزائر صلبة وتتذمر مما هي عليه، ولكن الإرهاق الأمني والوهن جعلها تتحرك وفق الحاجة الاجتماعية وليست السياسية.

لا يستسغ بشيري غائية إطلاق quot;مجلس وطني لإعادة بناء النظامquot;، حيث إنّ ذاك المجلس الذي راج الحديث عنه أخيرًا، لا يمتلك مشروعًا ثوريًا متكاملاً بشأن منهجية مجابهة النظام ككل متكامل أو توزيع جبهات الضغط في إطار حل السياسي بالسياسي والاجتماعي بالاجتماعي، ما يعكس إفلاسًا وليس مصداقية، علمًا أنّ مجلس إعادة بناء النظام ضمّ مجموعة من السياسيين ورجال الإعلام والحقوقيين والشخصيات أمثال: عبد الحميد مهري، حسين آيت أحمد، أحمد بن بيتور، عبد الكريم طابو، موسى تواتي وغيرهم.

إزاء مؤدى ثورة السابع عشر سبتمبر، يوقن عرّابوها أنّ خصوصية الجيش الجزائري ستحدّد كل شيء يحدث في الجزائر، ويشرح بشيري أنّ أي دولة تؤسس جيشها كمؤسسة دستورية، ولكن في الجزائر تاريخيًا حدث العكس، ما جعل التشخيص صعبًا بشأن ماهية النظام الجزائري أين يبدأ وأين ينتهي.

وردًا عن سؤال لـquot;إيلافquot; عن احتمال فشل مساعي ثورة الشهر المقبل، في ظلّ حالتي الفتور والركود التي تميّز الشارع الجزائري حاليًا، يبدي بشيري تفاؤلاً، استنادا إلى سوسيولوجية البلد ومعيار الحركة والسكون، إذ يميّز quot;الشعب الجزائري العظيمquot; بين الخبيث من الطيب، خصوصًا في الوعي السياسي، الذي أنعش عقول الشباب، وهم يغرفون من معين التكنولوجيا الإعلامية، حقائق لا يمكن التستر عليها بالكتمان والزيف.