يعتقد خبراء ودبلوماسيون سابقون أن إسرائيل تعيش في أزمة مركبة بعد تدهور علاقاتها مع مصر وتركيا، ويرى هؤلاء في أحاديث مع quot;إيلافquot; أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيتدخلان لجسر الخلافات لا سيما أن المنطقة تشهد حالة من التوتر غير المسبوق.


علاقة جيدةكانت تربطالرئيس المصري السابق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي

يؤكد خبراء سياسيون ودبلوماسيون سابقون أن إسرائيل تتعرض لأكبر أزمة سياسية في تاريخها بعد توتر علاقاتها مع أكبر حليفين لها في منطقة الشرق الأوسط وهما مصر وتركيا، متوقعين استمرار تأثير تلك الأزمة لفترة كبيرة بسبب تغير الأوضاع السياسية والاجتماعية في المنطقة، واستمرار ثورات الربيع العربي، وانتشار عدوى العداء لإسرائيل، احتجاجا على غطرستها المستمرة. ونبهوا إلى أن إسرائيل ستسعى إلى استعادة العلاقات الإستراتيجية التي تربط الدول الثلاث خلال السنوات الماضية وخاصة علاقاتها مع أنقرة.

يقول السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـquot;إيلافquot;إن المشكلة عند إسرائيل ليست في طرد السفير الإسرائيلي من تركيا وذلك لأن العلاقات ستستمر وتتواصل ولكن بمستوى تمثيل دبلوماسي أقل وأدنى، ولكن المشكلة في قرار حكومة رجب طيب إردوغان تجميد كل الاتفاقيات العسكرية، خاصة وأن السوق الدولية للسلاح الإسرائيلي تتمثل في دول بعينها مثل تركيا وباكستان والهند حيث إن معظم الدول العربية والإسلامية لا تتعامل مع إسرائيل في مجال السلاح، وهو ما يضع تل أبيب في مأزق لأن القرار التركي يعكس إرادة سياسية تركية صلبة.

كما يكشف مساعد وزير الخارجية الأسبق عن وجود مخاوف لدى إسرائيل من احتمال أن تكون الأزمة الحالية بداية للتصعيد السياسي، وفى اتجاه أن تكون تركيا مجالا إقليميا لحركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية بعد تفاقم الوضع في سوريا وانشغال نظام بشار بالوضع الداخلي في ظل تسربات استخباراتية بأن نظام الأسد يمكن أن يتواصل إلى صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية تؤدي إلى التغير في سوريا مع بقاء النظام البعثي مقابل التخلي عن تقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية ممثلة في حماس وحزب الله اللبناني.

كما يرى الأشعل أن ما يعقد الأزمة الحالية وجود قناعة لدى مسؤولي تل أبيب بأن الحكومة التركية والمتمثلة في حزب quot;العدالة والتنمية quot;ذي التوجه الإسلامي يريد إعادة النظر في العلاقات الإسرائيلية التركية بشكل تام، ولكنها تضع في الاعتبار موقف المؤسسة العسكرية التركية حتى الآن رغم تزايد سيطرة رجب طيب إردوغان في الفترة الأخيرة على المؤسسة العسكرية لأول مرة منذ مصطفى كمال أتاتورك، وذلك بتعيين أربعة جنرالات جدد بدلاً من آخرين كانوا يعارضون سياسات وتوجهات حكومة حزب العدالة والتنمية.

اردوغان خلال مؤتمر دافوس هاجم الحرب الإسرائيلية على غزة
وتابع الأشعل: quot;أضف إلى ذلك أن مخاوف إسرائيل تزداد بعد التصعيد التركي من باب علمهم بمدى ما يحدث من خلال ما يعرف بدائرة التأثير والتأثر بمعنى أن ما فعلته تركيا قد يشجع دولا أخرى حليفة لإسرائيل مثل باكستان لرفض سياسة تل أبيب تجاه الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنانquot;.

ويرى الأشعل أن تل أبيب حريصة على العلاقات مع مصر وترفض التفريط في حليف قوي في المنطقة، ولهذا كان الاعتذار السريع عن قتل الجنود المصريين على الحدود فالموقف مختلف بين علاقة إسرائيل بمصر وتركيا وحتى الآن لا نستطيع التأكيد على فقدان تل أبيب لأكبر حلفائها في المنطقة، ولكن هناك أزمات تواجه تل أبيب وحكومة نتنياهو في العلاقات الإستراتيجية مع مصر وتركيا ستدفع فاتورة ذلك لفترة من الزمن مستقبلاًquot;.

ويؤكد السفير محمد بسيوني السفير الأسبق لمصر في تل أبيب لquot;إيلافquot;أن طرد أنقرة السفير الإسرائيلي لا يعني قطع العلاقات بين الدولتين، ولكن هو نوع من الاعتراض السياسي والضغط التركي على إسرائيل، وهذا لا يعني فقد تل أبيب التحالف الاستراتيجي مع أنقرة في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية ولكن قد تفقد إسرائيل قوة هذه العلاقة في الوقت الحالي بعد تقرير الأمم المتحدة تجاه الاعتداء على السفينة التركية وهو ما سيسبب إزعاجا كبيرا لتل أبيب وستعمل على إيجاد مخرج دبلوماسي للأزمة دون تقديم اعتذار لتركيا وسوف يكون للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دور في ذلك، ولكن قد يستغرق الأمر وقتا ما حيث تريد أنقرة البحث عن كبريائها في المنطقة.

وأشار بسيوني إلى أن تل أبيب حريصة على استمرار العلاقات الإستراتيجية مع القاهرة وأنقرة واستمرار التحالف لكونهما أكبر دولتين تأثيرا في المنطقة، ولهذا فستبحث الحكومة الإسرائيلية على إيجاد مخرج سياسي للحفاظ على هذا التحالف والذي لم ينهر بسبب القرارات التركية الأخيرة والموقف المصري المشرف من قتل الجنود المصرية على الحدود بين مصر وإسرائيل.

ولفت بسيوني إلى أنه لا يمكن المقارنة بين الموقف التركي بطرد السفير الإسرائيلي والموقف المصري بعد الطرد حيث إن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب تختلف عن العلاقات بين مصر وإسرائيل والتي تربطهم اتفاقية سلام تتطلب استمرار علاقات دبلوماسية بين الدولتين، ولكن هناك حرية لتركيا في تحديد مواقفها تجاه إسرائيل وخاصة أن أنقرة تريد لعب دور محوري في المنطقة بعد وصول حزب quot;العدالة والتنميةquot;للحكم.

ووفقاً للسفير صلاح فهمي مساعد وزير الخارجية الأسبق فإن تركيا أعطت درسا سياسيا لدول المنطقة وللمرة الثانية في كيفية التعامل مع الغطرسة الإسرائيلية بالقرارات الصارمة الأخيرة بطرد السفير الإسرائيلي ووقف الاتفاقيات العسكرية بين الدولتين في حين لم تقدر مصر على اتخاذ قرارات حاسمة في قتل الجنود المصريين على الحدود بأيدي القوات الإسرائيلية على الرغم أن تقرير الأمم المتحدة كان في صفنا.

وأضاف فهمي لquot;إيلافquot; أن تل أبيب تحرص على تحالفها مع أنقرة لوجود علاقات متشعبة على مختلف المجالات وأن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لن تترك العلاقات بين أنقرة وتل أبيب تتصاعد نحو المزيد من التدهور، والأمر نفسه بالنسبة لمصر فمن مصلحة تل أبيب استمرار التحالف مع القاهرة وإن كانت مصر حريصة هي الأخرى على هذا التحالف وخاصة في الوقت الراهن.