مصريون يحرقون العلم الإسرائيلي أثناء الإحتجاجات الأخيرة

فيما بدأت الحكومة المصرية في بناء جدار عازل حول مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، تصاعدت حدّة الغضب الشعبي ضد هذا الإجراء، واعتُبِر الأمر تحدياً لمشاعر المصريين، لا سيما بعدما طردت تركيا السفير الإسرائيلي لديها إحتجاجاً على مقتل مواطنيها.


شرعت الحكومة المصرية في بناء جدار عازل حول السفارة الإسرائيلية في القاهرة، يأتي ذلك في أعقاب فضّ الإعتصام، الذي نظمه الآلاف حول السفارة، إحتجاجاً على مقتل أربعة جنود مصريين برصاص إسرائيلي على الحدود بين البلدين شهر أغسطس/ آب الماضي، واستطاع أحدهم تسلّق المبنى الكائن فيه مقر السفارة، وإنزال العلم الإسرائيلي من فوقه.

وفقاً للمعلومات، فإن السور سوف يكون بارتفاع يتراوح ما بين ثلاثة وخمسة أمتار، ويبدأ من أول مبنى على كورنيش النيل وحتى آخر مبنى مجاور لكوبري الجامعة المواجهة للسفارة.

ولاحظ مراسل quot;إيلافquot; أن العمال بدأوا في العمل منذ السبت، وتم رفع السور المكوّن من خرسانة سابقة التجهيز، وسط متابعة المارة الذين أبدوا اندهاشهم من إصرار الحكومة على حماية السفارة، بينما قررت تركيا طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة.

لا للجدار

قال أحمد البلاسي من أهالي الجيزة إن السور يشبه إلى حد كبير السور العازل في فلسطين، وقال لـquot;إيلافquot; يبدو أن حكومة عصام شرف حريصة على علاقاتها مع إسرائيل أكثر من حرصها على حياة مواطنيها، مشيراً إلى أن هذا السور من ميزانية مصر، وإذا كانت إسرائيل تريد أن تحمي سفارتها فيجب عليها أن تحقق بشفافية في مقتل الجنود المصريين، ويجب تسليم القتلة لمحاكمتهم في القاهرة. مؤكداً أن إحترام مصر وشعبها هو الضمانة الوحيدة للإستمرار في علاقات جيدة مع تل أبيب.

حصانة إسرائيلية مرفوضة

من جانبه، إنتقد الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان محسن راضي بناء الجدار العازل حول السفارة الإسرائيلية، وقال لـquot;إيلافquot; إن بناء هذا الجدار يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل تتمتع بحصانة خاصة لدى الحكومة المصرية.

وأضاف أن هذا الجدار يمثل تحدياً سافراً لمشاعر المصريين، وسوف يهدمونه عاجلاً أم آجلاً، مشيراً إلى أن بناء هذا الجدار أمام السفارة الإسرائيلية يعتبر دليلاً جديداً على أن وضع الحرية في مصر متأزم جداً، وأن هناك تقليصًا مستمرًا لمساحة تلك الحرية التي نالها الشعب بعد ثورة 25 يناير.

ولفت راضي البرلماني السابق إلى أن الحكومة المصرية تصرّ على بناء جدار عازل حول سفارة إسرائيل في القاهرة، لحمايتها من المصريين الغاضبين لمقتل أربعة من أبنائهم برصاص إسرائيلي، في الوقت الذي تطرد تركيا السفير الإسرائيلي من أنقرة، إحتجاجاً على مقتل أتراك برصاص إسرائيلي أيضاً، داعياً الحكومة المصرية إلى إعادة النظر في هذا الجدار.

بلا قيمة ويجب قطع العلاقات

وصف السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس إتحاد الثورات العربية الجدار بأنه quot;إجراء طبيعي بدون قيمةquot;، وقال لـquot;إيلافquot; إنه من مهام الحكومة المصرية وفقاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن حماية السفارات على الأراضي المصرية من أعمال الحكومة، ولها أن تتخذ ما تراه من تدابير في هذا السبيل.

لكن في الوقت عينه، لم يخف إمتعاضه من سلبية الحكومة المصرية في مواجهة quot;التعنّت الإسرائيليquot; وعدم إجراء تحقيق في مقتل الجنود المصريين، ودعا إلى أن تسير مصر على النهج التركي في تخيفض التمثيل الدبلوماسي بين البلديين إلى مستوى ملحق دبلوماسي، وهي أدنى درجات الدبلوماسية.

وتابع: quot;الجريمة التي إرتكبتها إسرائيل في حق مصر تستلزم قطع العلاقات الدبلوماسية معها، ومع ذلك نحن نطالب بتخفيضها فقط إلى مستوى ملحق دبلوماسيquot;.

ووفقاً لطهطاوي، الذي عمل سفيراً لمصر في دول عربية وأوروبية عدة، وتقلد منصب المتحدث الرسمي باسم الأزهر قبل أن يستقيل، وينضم إلى ثورة 25 يناير، التي أسقطت نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، فإن إنزال العلم الإسرائيلي من فوق السفارة في القاهرة لا يعتبر عملاً ضد القانون الدولي، مشيراً إلى أنه يأتي كرد فعل شعبي غاضب، لافتاً إلى أن هذا العمل يقاس بمعايير سياسية، وليست قانونية، معتبراً أن الحكومة المصرية لم تقصِّر في حماية السفارة، بل وفّرت لها وللعاملين فيها أقصى درجات الأمن والحماية.

حماية السفارة مسؤولية مصرية

وقال مصدر دبلوماسي لـquot;إيلافquot; إن الحكومة المصرية قررت بناء السور لتوفير أكبر قدر من الحماية للسفارة والعاملين فيها، مشيراً إلى أن حماية السفارات الموجودة على الأراضي المصرية مسؤولية الحكومة المصرية، معتبراً أن تعريضها للخطر يمثل خرقاً للقانون الدولي.

ولفت إلى أن حق التظاهر والإحتجاج مكفول للجميع، ولن يحول السور بين إحتجاج المصريين، ولكن سيكون التظاهر على مسافة ليست قريبة من مقر السفارة.

إحتجاجات

يذكر أن إحتجاجات شعبية واسعة إندلعت ضد إسرائيل في مصر في أعقاب مقتل ثلاثة جنود وضابط على الحدود بين البلدين، وطالب المحتجون الذين حاصروا مقر السفارة لمدة أسبوعين بطرد السفير الإسرائيلي، وسحب نظيره المصري، وإلغاء إتفاقية كامب ديفيد.

وقررت الحكومة إستدعاء السفير الإسرائيلي للإحتجاج، وتسليمه طلباً رسمياً بالتحقيق في الجريمة، وردّ وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود بارك والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بتقديم إعتذارات شفاهية عن مقتل المصريين، ومارست أميركا ضغوطاً شديدة على مصر من أجل التراجع عن قرار سحب السفير المصري. ووعدت إسرائيل بإجراء تحقيق مشترك في مقتل المصريين الأربعة.