حين يجتمع الرئيس الأميركي باراك اوباما مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اليوم في مقر الأمم المتحدة، سيفتح الاجتماع فصلا جديدا في ما يرى مراقبون أنها اشد العلاقات التي أقامها الرئيس الأميركيّ الحاليّ مع زعيم أجنبي توترا.


لقاء سابق في 2009 بين أوباما وأردوغان

نيويورك: مرت العلاقة الأميركية ـ التركية بحالات مد وجزر. وبعد ان صوتت تركيا ضد فرض عقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي خلال اجتماع عُقد في تورونتو العام الماضي اشتبك اوباما واردوغان في نقاش حاد دام ساعتين.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في الادارة الاميركية ان اوباما يعتزم الضغط بشدة على اردوغان في لقاء اليوم لتسوية نزاع تركيا مع إسرائيل.

ويشعر البيت الأبيض بالقلق على الأخص من تهديد تركيا بارسال قطع بحرية لمرافقة سفن الاغاثة التركية الى قطاع غزة خشية ان يتصاعد مثل هذا الموقف إلى مواجهة عنيفة.

ولكن اوباما واردوغان كانا في غالب الأحيان يتوصلان إلى توافق في النهاية، كما حدث بشأن التحولات السياسة في مصر وليبيا، وبدفع من اوباما، في توصلهما إلى ضرورة الضغط دوليا على الرئيس السوري بشار الأسد بعد رفضه الكف عن البطش بالمحتجين.

وفي الأسبوع الماضي وقعت تركيا اتفاقية مع الولايات المتحدة لوضع محطة رادار اميركية للدفاع الصاروخي في الأراضي التركية، واعتبر مسؤولون أميركيون ان الاتفاقية أهم مكسب استراتيجي في العلاقات الاميركية ـ التركية منذ عشرين عاما تحقق ثمرة الثقة التي نشأت بين اوباما واردوغان.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض توماس دونيلون ان اوباما معجب باردوغان quot;ويعتقد انه رجل مبادئ ورجل فعل ايضاquot;.

ويتبوأ اردوغان الذي سُجن ذات مرة لإلقائه قصيدة في اجتماع سياسي، موقعا متميزا في حسابات اوباما لمعالجة قضايا بينها الانتفاضات العربية وعملية السلام في الشرق الأوسط.

وتحادث اردوغان واواباما هاتفيا هذا العام وحده تسع مرات، ولم يهاتف الرئيس الاميركي أكثر من اردوغان إلا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وقال الباحث في مجلس العلاقات الخارجية روبرت دانين لصحيفة نيويورك تايمز ان هذه العلاقة quot;استثمار لم يتحقق مردوده حتى الآن ولكننا ما زلنا في بداية اللعب. فان محاولة استدراج تركيا نحو الغرب استثمار مربح إزاء فشل اوروبا في هذه المهمةquot;. ولكن دانين اضاف ان مواقف اردوغان وخاصة خطابيته تثير قلقا بالغا.

في عام 2009 كانت تركيا أول بلد مسلم زاره اوباما بعد توليه الرئاسة، وتحدث في حينه عن امكانية تحول تركيا الى نموذج علاقة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.

وإزاء إحساس تركيا نفسها بأهميتها لم تكن الولايات المتحدة قادرة على تجاهل اردوغان أصلا، لا سيما وان وزير خارجيته احمد داود اوغلو رسم معالم نظام جديد في الشرق الأوسط، يمكن ان تقيم تركيا تحالفا قويا مع مصر في اطاره.

ولكن اردوغان استعرض عضلات تركيا بطرق أفزعت الولايات المتحدة، فعندما كانت ادارة اوباما تعمل على تحشيد الدعم الدولي لفرض عقوبات ضد ايران بقرار من الأمم المتحدة العام الماضي، انضمت تركيا الى البرازيل في تحرك دبلوماسي منفصل للخروج من الطريق المسدود مع طهران بشأن برنامجها النووي.

وبعد ان رفضت الولايات المتحدة هذا التحرك صوتت تركيا والبرازيل ضد العقوبات في مجلس الأمن الدولي، وجاءت نتيجة التصويت بعيدة عن الاجماع مؤدية الى اشتباك اوباما مع اردوغان في كندا.

وفي آب/أغسطس قام اردوغان بمبادرة أخرى تجاه النظام السوريا الذي ينكل بالمحتجين في وقت كانت الولايات منهمكة في تعبئة الدعم للخروج برد دولي على دمشق.

وقال مسؤولون اميركيون ان اردوغان طلب من اوباما التريث بضعة ايام لاقناع الأسد بالتخفيف من غلوائه، ولكن اوباما أبدى ممانعة مشيرا الى تقاير استخباراتية تقول ان الأسد يصعد حملته، بحسب المسؤولين.

وإذ فوجئ اردوغان بهذه الأنباء وافق على مسايرة الضغوط الدولية، وتفكر تركيا الآن في فرض عقوبات من جانبها هي ضد نظام الأسد.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين اميركيين ان رأب الصدع بين تركيا وإسرائيل لن يكون سهلا، فان الغارة الإسرائيلية المميتة على الاسطول التركي الذي كان متوجها الى غزة ترك جراحا ما زالت فاغرة.

وفي يوم الاثنين ناشدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون نظيرها التركي داود اوغلو ان يُبقي الباب مفتوحا لإسرائيل، كما أفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، ولكن لا يُعرف إن كانت كلنتون حققت تقدما في مسعاها.

وقال الباحث دانين ان هذا الوضع quot;إما نتيجة تخبط في معالجة الوضع أو قرار تركي مدفوع ايديولوجيا واستراتيجيا. وعلينا أن نختبر أي منهما هو السببquot;.