كابول: الرئيس الافغاني السابق برهان الدين رباني الذي قتل الثلاثاء في اعتداء انتحاري في كابول، كان احد وجوه مقاومة الغزو السوفياتي، وقد عاد الى المسرح السياسي قبل عام، رئيسا لمجلس تقضي مهمته بالتفاوض من اجل السلام مع المتمردين.

وكان رباني (71 عاما) آخر رئيس دولة اعترفت به الامم المتحدة قبل ان تستولي حركة طالبان على الحكم في كابول في 1996. وقد اعترض الزعماء الباشتون اكبر الاتنيات الافغانية التي يتحدر منها الملوك القدامى وقادة طالبان، على سلطة هذا الرئيس الطاجيكي الذي تولى الرئاسة خلال السنوات الاربع للحرب الاهلية الدامية بين قادة الحرب المجاهدين التي ألحقت بكابول دمارا جزئيا.

ويفيد عدد كبير من تقارير منظمات غير حكومية ان رباني تورط على غرار عدد كبير من زعماء الحرب الافغان الاخرين، في انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان قبل ان يلتحق اواخر 2001 بالحكومة التي تحظى بتأييد البلدان الغربية.

ولم يمسك رباني الذي انتخب في 1992 لدى سقوط النظام الموالي للسوفيات بعد ثلاث سنوات على انسحاب الجيش الاحمر من افغانستان، بمقاليد السلطة بصورة فعلية ابدا. وكان رباني الذي نازعه الباشتون سلطته واجه ايضا في بلد تسوده التقاليد الحربية، منافسة زعماء الحرب وفي طليعتهم وزير دفاعه الطاجيكي احمد شاه مسعود الملقب quot;باسد بانشيرquot; بطل المقاومة ضد الاتحاد السوفياتي ثم حركة طالبان، والذي اغتيل قبل يومين من اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

وقد غادر رباني المولود في 1940 في فيض اباد بولاية بدخشان (شمال شرق)، سفوح جبال الهندكوش في هيمالايا للتخصص في مجال التعليم. وبعدما درس في كابول ثم في جامعة الازهر بالقاهرة، انضم الى صفوف حركة جامعية اسلامية معتدلة ومعادية للشيوعية في الستينات.

وفي 1971، انضم الى الجماعة الاسلامية لكن الشيوعيين ارغموه على الذهاب الى المنفى في باكستان. وبعد الاجتياح السوفياتي في 1979 اضطلع حزبه بدور مركزي في الجهاد ضد الجيش الاحمر. لكن نجم زعيمي الحرب احمد شاه مسعود في وادي بانشير شمال كابول واسماعيل خان في ضواحي هراة (غرب)، سرعان ما سطع وحجب الاضواء عن رباني.

ولدى انهيار النظام الذي اقامه السوفيات في 1992، عاد رباني الى كابول وتولى الرئاسة في حزيران/يونيو. وابعدت حركة طالبان التي اعادت السلام الى عاصمة ادمتها سنوات من المواجهات، رباني عن الحكم في 1996.

لكن تفسيرها الصارم للشريعة الاسلامية واستضافتها اسامة بن لادن حملا الامم المتحدة على عدم الاعتراف بها، ثم اطاحتها قوة عسكرية تزعمتها الولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر من تلك السنة ومغادرة طالبان كابول، عاد رباني الى العاصمة، كما لو ان شيئا لم يحصل، وعقد فيها بضعة مؤتمرات صحافية وفرض نفسه رئيسا وحيدا للبلاد. وبضغط من المجموعة الدولية، وافق رباني اخيرا على تسليم السلطة الى الباشتوني حميد كرزاي في 22 كانون الاول/ديسمبر 2001.

ومنذ ذلك الحين، استقر رباني في كابول حيث ازدهرت اعمال عشيرته، واصبح عضوا في البرلمان الافغاني. وفي 10 تشرين الاول/اكتوبر 2010، اقترح اسمه حميد كرزاي وانتخب رئيسا للمجلس الاعلى الجديد من اجل السلام المسؤول عن اجراء اتصالات بالمتمردين ولاسيما حركة طالبان وايجاد حلول لانهاء الحرب. ولم تحمل هذه الهيئة الجديدة الاطراف الاخرين على الانفتاح لان حركة طالبان ما زالت حتى الان تعارض رسميا اجراء اي مفاوضات.