اتهم بعض المثقفين الإماراتيين إعلام بلادهم بعدم منحهم فرصة التعبير عن آرائهم الإصلاحية المطالبة بانتخابات عامة وتوسيع صلاحيات المجلس الوطني الإتحادي، وصل لحد شتم رئيس جمعية الصحافيين لهم وأوضحوا أنه تم استبعاد كل الكفاءات من القوائم الانتخابية كي يكون المجلس ضعيفاً تسيطر عليه الحكومة.

يتهم بعض المثقفين الإماراتيين إعلام بلادهم بإغلاق أبواب التعبير في وجه آرائهم الإصلاحية

دبي: يرى بعض المثقفين الإماراتيين أن صحافة بلادهم المحلية لا تمنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم الاصلاحية والداعية إلى إجراء انتخابات عامة تسمح بمشاركة كل الإماراتيين فيها، وطالبوا بمنح المزيد من الصلاحيات للمجلس الوطني الاتحادي وتحويله من مجلس استشاري إلى مجلس تشريعي ورقابي بمعنى الكلمة مثله مثل بقية البرلمانات القوية في العالم.

ولفت هؤلاء إلى أنهم تعرضوا لهجوم شديد من قبل الصحافة المحلية وعلى رأسها رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات محمد يوسف الذي قدم لهم نقدا لاذعا وصل إلى درجة quot;السبابquot; بسبب توقيعهم على عريضة الإصلاحات التي رفعوها لرئيس دولة الإمارات، وذلك وفقا لما ذكره عبدالله الشرهان العضو السابق في المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي خلال لقائه المشترك مع الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالله الشامسي في برنامج أبعاد خليجية على قناة quot;الحوارquot; التي استضافتهما معا مؤخرا للحديث عن quot;الانتخابات الإماراتية.. الخطوة التاليةquot;.

وقال الشرهان إنه تعذرت استضافته في الإعلام الإماراتي المحلي أو في الإعلام المتخم كما يسميه، مبينا أنه طرق أبواب الكثير من تلك المؤسسات الإعلامية المحلية للحديث عن quot;انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2011quot; ولكن لم يوافق أحد على استضافته لأنهم ينظرون إليه على أنه خارج عن النص وأن أي حديث عن الانتخابات بشيء يخرج عن الخط المسموح به يعتبر تجاوزا ويمنع تداوله في وسائل الإعلام.

وأضاف أن بعض الأفراد قاموا بمهاجمته هو ومن وقّع معه على العريضة التي رفعوها لرئيس الدولة وذلك من خلال التبرؤ منهم عبر الكتابة في الصحف المحلية، مشيرا إلى أن quot;رئيس جمعية الصحافيين محمد يوسف المؤتمن على الكلمة في الإمارات كان يخرج لنا بكلام أسمو عن أن أقوله.. نحن مستعدون أن نكتب في الصحف ونتحدث في الإعلام ولكن لا يسمح لنا بذلك.. لماذا إذن يكتب هؤلاء ويهاجموننا بالسباب والشتائم.. أين الرأي والرأي الآخر.. أين الديمقراطية؟.. نحن لم ننزل إلى مستوى الكلام الذي قاله رئيس جمعية الصحافيين في حقنا ولم ولن نشتمه كما شتمنا لأن ذلك عيب.. نحن نسمو بأنفسنا عن صغار الأمور هذهquot;.

وذكر الشرهان أنه يؤيّد فكرة إجراء الانتخابات في الإمارات قلبا وقالبا على أن تتاح لكل المواطنين من دون استثناء، لأن الانتخابات تعد أعلى منبر ممكن أن يشارك فيه المواطنون في شؤون وطنهم، ولكنه أوضح أنه ليس مع الانتخابات في شكلها الحالي وذلك لأن الانتخابات في جميع دول العالم تنظم عن طريق قانون انتخابي يرتب العملية الانتخابية وأنه لا يوجد في الإمارات هذا القانون الذي يمكنه أن ينظم العملية الانتخابية.

وأكد الشرهان أن مقدمة الدستور الإماراتي توضح أن هناك وعدا للإماراتيين بانتخابات حرة وأنه لابد وأن يتم الوفاء بالوعد، لافتا إلى أن الشعب الإماراتي ينتظر منذ 40 عاما قرار الإعلان عن إجراء انتخابات عامة، وأنه في عام 2006 استبشر خيرا بالتعديلات الدستورية واعتقد أن هذه التعديلات هي بداية العرس الديمقراطي في الدولة، ولكنه فوجئ أن التجربة الانتخابية في عام 2006 لم تكن موفقة.

وأضاف أن عدد الناخبين قد زاد في انتخابات 2011 بسبب quot;العريضةquot; المطالبة بإصلاحات، مبينا أن عدد الناخبين الذي زاد إلى 130 ألف شخص إما أنه مقصود أو عشوائي حيث ضم هذا العدد كثيراً من الشباب وهذا شيء إيجابي، ولكنه قال إنه كان ينتظر أن يكون هناك عدد كبير من مثقفي الدولة من مهندسين وأطباء وغيرهم من أصحاب الخبرة وذلك جنبا إلى جنب مع هؤلاء الشباب. مبينا أنه تم عمل استبعاد مقصود لكل الكفاءات من القوائم الانتخابية بحيث لا تأتي الكفاءات إلى المجلس وبالتالي يكون هناك مجلس ضعيف تسيطر عليه الحكومة وتسيره كما تشاء.

وذكر الشرهان أن تلك quot;العريضةquot; وقّع عليها 133 شخصا وبعد ذلك زاد العدد إلى 466 شخصا، والأمر الغريب أنه لم يرد أي اسم من هؤلاء الـ466 شخصا في القوائم الانتخابية، ما يعني أن هذا خلق نوعا من التهميش بغرض تهميش من وقّعوا على هذه العريضة.

وأوضح الشرهان أن quot;وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي الدكتور أنور قرقاش قد صرح بأن الانتخابات ستشهد اقبالا شديدا ومنقطع النظير عليها، لأن أعداد المرشحين في هذه الانتخابات لا يقل عن 10%، وهذه النسبة غير صحيحة حيث أن عدد المرشحين الذي يفترض أن يكون هو 12600 مرشح، أما الرقم الفعلي فهو 469 شخصا من 129 ألف ناخب، ما يعني أن الناس غير مقتنعين بذلك بسبب عدم وجود مجلس تشريعي قوي يعبر عن صوت الناسquot;.

وخاطب الشرهان الدكتور قرقاش بأنه quot;كنا نتمنى أن تدار هذه الانتخابات من خلال قانون انتخابي موحد.. وقرقاش يحمل حملاً ثقيلاً على كاهلهquot;. وأضاف quot;معنى أن هناك 500 مرشح قد تقدموا بالترشح في عام 2006 وأن 469 مرشحا فقط قد تقدموا في هذه الانتخابات وهذا يعني أن تكرار تلك التجربة الانتخابية ليست ناجحةquot;. وتوقع ألا يصوت في انتخابات اليوم أكثر من 20% من جملة الناخبين. ولفت الشرهان إلى أنه إذا كان المجلس الجديد مثل المجالس السابقة فلا فائدة منه طالما لا توجد له صلاحيات.

دور الإعلام غائب.. والانتخابات حق لكل مواطن

ومن جهته قال الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالله الشامسي أن الانتخابات حق مشروع لكل مواطن ومواطنة في الإمارات، لافتا إلى أن ما يسمى بالعملية الانتخابية في الإمارات يختلف عن المفهوم الدارج للانتخابات التي نراها في الدول الأخرى، فهذه الانتخابات لا تعد أكثر من كونها عملية انتقاء أعطت للبعض حق الانتخاب وحرمت آخرين منها وهي عملية تشبه إلى حد كبير عملية إعادة تعيين المرشحين بطريقة جديدة.

وأضاف الشامسى أن هناك مطالبات عديدة منذ سنوات طويلة بإعطاء صلاحيات للمجلس فالمجلس الوطني مجلس محدود الصلاحية لا يستطيع أن يجتمع إلا بموافقة من مجلس الوزراء، كما أن أجندته أيضا يجب أن تعتمد من مجلس الوزراء، مبينا أن quot;الحكومة تبالغ إلى حد كبير في تضخيم تلك العملية الانتخابية، وبهذا قد يصل عدد كبير من الإماراتيين إلى سن التقاعد دون أن تسنح لهم فرصة الترشيح أو الانتخابquot;. وأوضح أنه في صباح يوم الإنتخابات كان هناك فئتان: فئة درجة أولى تذهب لصناديق الاقتراع وتنتخب وفئة درجة ثانية لم تكن أسماؤها في قوائم الناخبين وعليها أن تنتظر في المنازل إعلان النتائج.

وقال الشامسي: quot;شعب الإمارات فقد الثقة في هذه الانتخابات رغم أنه جاهز تماما لخوض التجربة الديمقراطية ووضعه يشبه وضع أي شعب في العالم.. ولو علم الإماراتيون أن ذهابهم إلى هذه الانتخابات سيؤدي إلى حدوث تغيير في المجتمع كانوا قد اختاروا أحد أمرين: إما أن يرشحوا أنفسهم أو أن يذهبوا للانتخابquot;.

وتساءل الشامسي: quot;لماذا لا يكون هناك حوار في الصحافة المحلية حول قضية الانتخابات وصلاحيات المجلس الوطني؟ ولماذا يتم مصادرة الرأي الآخر في هذه الصحافة التي لا تناقش هذا الموضوع بشفافية؟.. أين دور محطات الإذاعة والتلفزيون المحلية من ذلك؟ لماذا يغيب الحوار تماما؟quot;.

وأشار إلى أنه يبدو أن هناك توجهاً في الدولة بأن الرأي الآخر يجب ألا يسمع، وأن هناك رأياً واحدا فقط، موضحا أنه يجب على الحكومة في إطار مبادرة رئيس الدولة حول التمكين التي أطلقها قبل 5 سنوات أن يكون هناك حوار مجتمعي تقوده الدولة.

وأضاف: quot;هموم المجتمع يجب ألا تناقش في الغرف المغلقة إنما ينبغي أن تناقش في المجتمع بشكل عام، وأن يساهم كل أفراد المجتمع في هذا الحوار وإلا فما فائدة الحوار أصلاً... ومن المفترض وجود حوار مجتمعي حول كيفية تطوير هذه التجربة .. فالدولة العصرية لا يمكن أن تكون عبارة عن بنايات وشوارع فقط، إنما لا بدّ أن تتمتع أيضا بالنظام السياسي المتطور والمجتمع الواعي المثقف وأن تضم برلماناً حقيقياً ذات صلاحيات حتى يكون نظامها سياسيا عصريا بكل المقاييس.. نتمنى من حكومة الإمارات أن تقود هذا التغيير وأن تتحكم في بنود هذا التغيير في إطار بناء المجتمع الإماراتيquot;.

طرائف من الحملات الدعائية للمرشحين

علمت quot;إيلافquot; من مصادر قريبة أن من أبرز الأسماء المرشحة ليكونوا أعضاءً معينين في المجلس الوطني الاتحادي هم سعيد حارب وعزه سليمان وضرار بلهول عن إمارة دبي وموزه العتيبة عن إمارة أبوظبي.

كما رصدت quot;إيلافquot; بعض الطرائف والمواقف الغريبة في الحملات الانتخابية لبعض المرشحين في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي ومنها:

اتصل مرشح ببرنامج البث المباشر quot;الرابعة والناسquot; الذي يذاع في تلفزيون وإذاعة عجمان قائلا إنه مرشح لانتخابات quot;الوطنيquot; في إمارة أم القيوين وإنه مساند للمطلقات والأرامل والنساء، طالبا من الجمهور أن ينتخبوه، والأمر الطريف أنه بعد دقائق قليلة من اتصاله قامت زوجة هذا المرشح بالاتصال بالبرنامج نفسه وقالت للمذيع إن زوجها كذاب وأنه قام بتطليقها ولم يعطها نفقتها، متسائلةً، كيف يمكن لشخص مثل هذا أن يدافع عن قضايا النساء والأرامل والمطلقات؟!.

وفي مثال آخر يقوم مرشح في دبي بتقديم دعايته الانتخابية عن طريق توزيع quot;شاي كركquot; على الناخبين لكي ينتخبوه.

ومرشح آخر في دبي ذهب لصلاة الجمعة في أحد مساجد دبي وبعد الصلاة قام بمقابلة الناخبين وطلب منهم أن يقسموا على القرآن بأنهم سيقومون بانتخابه يوم quot;السبتquot; 24 أيلول (سبتمبر) 2011 المخصص للانتخابات وبالفعل أجبرهم على أداء القسم.

كما قام أحد المرشحين باستخدام إحدى شركات الدعاية والإعلان للترويج لحملته الانتخابية ولكن الشيء المثير أن تلك الشركة قامت بإحضار أخ المرشح لكي يمدحه ويتحدث عنه بصورة ايجابية.

والغريب أن أحد المرشحين في دبي قد اقتصد في برنامجه الانتخابي لدرجة غير مسبوقة حيث ذكر في برنامجه أنه سيسعى لحل مشكلات الصحة والتعليم وإلخ.... ولم يكتب أي برنامج له غير ذلك. فيما يبدو أنه فضل عدم إجهاد نفسه في ذكر بقية الخدمات التي سيقدمها.

والشيء الواضح في تلك الحملات الانتخابية أن جميع المرشحين يركزون في برامجهم على قضايا التعليم والصحة والتوطين، فهي برامج متشابهة وصفها متابعون بأنها أقرب إلى أن تكون دعاية واهية ولم يكن هناك أي برامج متميزة.