رغم توصل كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا العام الماضي إلى اتفاق بشأن معاهدة كبرى خاصة بخفض الأسلحة النووية، تعثرت المحادثات من جديد، ومن المرجّح أن تعمل عودة فلاديمير بوتين للرئاسة الروسية العام المقبل على تعقيد الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس باراك أوباما لدفع الحد من التسلّح.


عودة فلاديمير بوتين للرئاسة في روسيا سيسبّب متاعب لإدارة الرئيس باراك أوباما

واشنطن: من المقرر أن تعمل عودة فلاديمير بوتين للرئاسة الروسية العام المقبل على تعقيد الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس باراك أوباما لدفع الحد من التسلح والاتفاقات التجارية، وهي الخطوة التي ستعمّق الشكوك القائمة بالفعل بشأن نوايا وتوجهات الدولة.

فبعد توصّل الدولتين العام الماضي إلى اتفاق بشأن معاهدة كبرى خاصة بخفض الأسلحة النووية، تعثرت المحادثات بشأن الخطوات المقبلة في مساعي خفض ترسانة موسكو من رؤوس الأسلحة النووية التكتيكية وفي التغلب على اعتراضاتها على منظمة الدفاع الصاروخية الجديدة للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ndash; وهي المناطق التي سبق أن لعب بها بوتين أحياناً دور المشكك.

هذا وقد دخل الرئيس باراك أوباما في علاقة عمل وطيدة مع الرئيس ديمتري ميدفيديف، الذي أعلن قبل يومين أنه سيتنحى، ليمهّد الطريق مرة أخرى لعودة بوتين إلى منصب الرئيس.

وكان يأمل مسؤولون في واشنطن أن يصبح ميدفيديف ثقلاً موازناً لما وصفوها بـ quot;دولة المافيا الافتراضيةquot; التي تدار من جانب بوتين، في سلسلة من برقيات وزارة الخارجية التي أماط عنها النقاب موقع ويكيليكس.

وقد أعلن بوتين عن ترشحه لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في مؤتمر حزبي موالٍ للكريملن في العاصمة موسكو أول أمس.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، ضمن تحليل لها في هذا السياق، أن الأخبار التي تم تداولها على مدار اليومين الماضيين بشأن احتمالية حدوث تغيير في القيادة الروسية، تعنى بعودة بوتين مرة أخرى إلى الرئاسة، أكدت حقيقة انزلاق روسيا إلى ما تنظر إليها على أنها دولة بوليسية.

وقد حاول البيت الأبيض التخفيف من وطأة التأثيرات التي قد تنجم عن عودة بوتين، وما تعنيه بالنسبة للعلاقات الجيدة التي بدأها أوباما مع موسكو.

ونقلت الصحيفة هنا عن تومي فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، قوله quot; لطالما كانت تعني مساعي إعادة العلاقات بين الدولتين بمصالح وطنية دون أن تعني بشخصيات فرديةquot;.

على صعيد متصل، نشرت صحيفة الغارديان مقالاً تحليليا في الخصوص نفسه أكدت من خلاله أن عودة بوتين مرة أخرى تنذر بأجواء مستقبلية كئيبة بالنسبة إلى روسيا وكذلك الغرب. واستهلت الصحيفة حديثها بفشل ميدفيديف طوال السنوات الأربع الماضية في فعل أي شيء يعينه على تفنيد الفكرة المأخوذة عنه باعتباره مجرد ظل لبوتين.

وقد حاولت إدارة أوباما التواصل مع ميدفيديف على أمل أن تتمكن من دفع سياسة روسيا الخارجية بعيداً عن قوة بوتين الموجهة المتشددة وتحويلها إلى طريقة أكثر إيجابية.

لكن مع حلول العام 2010، بدأ يدرك دبلوماسيون أميركيون أن مشروع ميدفيديف ميؤوس منه. وأكدت الغارديان من جهتها أن إعلان ميدفيديف يوم السبت أنه سيتنحى ليتيح فرصة قيادة البلاد أمام بوتين لولاية رئاسية ثالثة لم يفاجئ أحداً.

وتابعت الصحيفة تحليلها في هذا الجانب بقولها إن عودة بوتين تعني أن الغرب سيواجه عقدا آخر من العلاقات الصعبة مع روسيا. كما لفتت الصحيفة إلى عدم وجود أي احتمالية تبشر بإمكانية حدوث أي تحسن حقيقي في العلاقات البريطانية- الروسية.

ولم تغفل الصحيفة كذلك الحديث عن الواقع المستقبلي الذي ينتظر روسيا، مع قدوم بوتين للسلطة من جديد، حيث قالت إن الآفاق تبدو قاتمة لروسيا نفسها أيضاً.

وبررت ذلك بأن البلاد تواجه ركوداً سياسياً واقتصادياً منذ فترة زمنية طويلة، بالإضافة إلى سير المشهد الداخلي في البلاد عبر قيادة من حزب واحد فقط.

ثم أعقبت الصحيفة بقولها إن بوتين قد يبقى في السلطة، من الناحية النظرية، حتى عام 2024، وحينها سيبلغ من العمر 72 عاماً.

وفي مقابل ذلك، توقع المدون والناشط المناهض للفساد، أليكسي نافالني، أن ينهار نظام السرقات المعمول به في روسيا قبل ذلك التاريخ. وفي ظل عدم وجود آلية سياسية تعنى بالإطاحة ببوتين من السلطة، قال نافالني أيضاً إن حدوث ثورة روسية أخرى أمر لا مفر منه على ما يبدو. كما سبق لكثير من المحللين أن أوضحوا أن بوتين سئم من دور القائد الذي يلعبه.