قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي من ليبيا التي يزورها للمرة الأولى منذ توليه الرئاسة، إن بلاده ستسلم رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي إلى طرابلس لمواجهة اتهامات بإساءة استخدام السلطة إذا ضمنت ليبيا له محاكمة عادلة. وأشار المرزوقي إلى أنّ حكومته ستطلب كل الضمانات لإقامة محاكمة عادلة له.
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ومصطفى عبدالجليل خلال مؤتمر صحافي في طرابلس يوم الاثنين |
طرابلس: وعد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الاثنين في طرابلس بتسليم رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية الجديدة إذا ضمنت له quot;محاكمة عادلةquot;.
والمحمودي، الذي ظل رئيسًا لوزراء ليبيا حتى آخر أيام نظام معمّر القذافي موقوف في تونس، وقرر القضاء التونسي في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر السماح بتسليمه.
لكن الرئيس التونسي بالإنابة فؤاد المبزع لم يوقع مرسوم التسليم، تاركًا هذا الأمر لخلفه المرزوقي.
وقال المرزوقي في لقاء مع ممثلين للمجتمع المدني الليبي quot;حين نتلقى ضمانات بمحاكمة عادلة، نعم، من حقكم محاكمتهquot;.
وأضاف ردًا على سؤال quot;كما إن من حقنا أن نطلب تسليم (الرئيس التونسي السابق زين العابدين) بن علي بهدف محاكمته في تونس عن الجرائم التي ارتكبها، من حقكم أيضًا أن تطلبوا منا تسليم المحموديquot;.
وشدد المرزوقي خلال مؤتمر صحافي عقده في وقت لاحق على أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها، مشيرًا إلى أن حكومته ستقوم بعدها بطلب كل الضمانات لإقامة محاكمة عادلة، ولضمان ألا يكون هناك أي تعرّض لسلامة المحمودي الشخصية.
وقال المرزوقي إن quot;لدينا مبادئ ندافع عنها، لهذا نطلب منكم الصبرquot;. واعتقل المحمودي (70 عامًا) في تونس في 21 أيلول/سبتمبر قرب الحدود الجزائرية.
وتقول هيئة الدفاع عنه إن تسليمه غير ممكن ما دامت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة لم تعلن موقفها حيال طلبه الحصول على اللجوء السياسي.
وبدأ المرزوقي الاثنين زيارة إلى ليبيا، هي الأولى له إلى الخارج منذ تسلمه مهامه منتصف كانون الأول/ديسمبر، ومن المقرر أن ينتقل إلى مصراتة، ثم إلى بنغازي (شرق).
البغدادي المحمودي اعتقل بتونس في سبتمبر/أيلول 2011 |
وأوضح مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي أن هدف زيارة المرزوقي هو وضع قطار التعاون التونسي - الليبي على السكة.
وأضاف أن اتفاقًا حصل بين السلطات الليبية والتونسية على إعادة تفعيل الاتفاقات الموقعة سابقًا بين البلدين.
وأشار إلى أن المعاهدات الموقعة بين النظامين المخلوعين لمعمّر القذافي وزين العابدين بن علي لم تكن مطبقة.
وقال إن التكامل والاندماج بين البلدين يمثلان هدفًا طويل الأمد، معتبرًا أن التعاون بين الجارين الأفريقيين الشماليين قد يمثل نواة لإقامة اتحاد المغرب العربي.
وأوضح عبد الجليل من جانبه أن البلدين مرتبطان بـ50 اتفاقًا، إلا أنها ليست مطبقة بشكل كبير.
وتقدم رئيس المجلس الوطني الانتقالي باعتذار عن الأحداث التي تكررت على حدود البلدين، متحدثًا عن أعمال quot;فرديةquot;.
وأدت هجمات شنّها ليبيون على المراكز الحدودية إلى إغلاق الحدود مرات عدة منذ سقوط نظام معمّر القذافي في آب/أغسطس الماضي.
ودعا الرئيس التونسي ndash;خلال اليوم الأول من زيارته، حسب وكالة الأنباء الليبية الرسمية- إلى quot;وضع آليات جديدة من أجل بناء الوطن العربي الكبير، من خلال إعادة ضخّ الحياة من جديد في المغربالعربي، لبناء الوطن المغربي الكبير، بل إلى أوسع من ذلك في ما بعد لإقامة اتحاد الشعوب العربية المستقلةquot;.
وأضاف quot;نحن نعتبر أن المغرب العربي هو مشروع، يجب الآن أن يعود إلى الحياة، وفي ما يخص تونس، نحن نعتبر أن جارتنا الشقيقة الجزائر مهمة جدًا لنا..، وجارتنا الشقيقة ليبيا أيضًا، ولا نستطيع أن نتصور مستقبلاً بدونهما، ويجب كذلك أن يكون المغرب وموريتانيا جزءًا من هذه المغامرةquot;.
من ناحية ثانية، حثّ المرزوقي تونس وليبيا على تجاوز مرحلة التعاون والولوج إلى مرحلة الاندماج، معربًا عن أمله في أن تكون زيارته الحالية إلى ليبيا quot;منعطفًا في حقبة جديدة من التاريخ الطويل والمشتركquot; بين البلدين الجارين.
كما اعتبر أن عودة الديمقراطية وسيادة الشعوب quot;ستفتح مجالاً رحبًا جدًا للاندماج والعمل المشترك، الذي كانت الدكتاتوريات السابقة تمنعهquot;.
وتُعلق السلطات التونسية الجديدة آمالاً على زيارة الرئيس المؤقت إلى ليبيا، من أجل التوصل إلى اتفاق بين البلدين، تساهم بموجبه ليبيا في امتصاص نسبة من العاطلين عن العمل التونسيين، حيث سبق لعدد من وزراء حزب حركة النهضة الإسلامي الإشارة إلى أن الحكومة التونسية الجديدة تعوّل على إمكانية استيعاب السوق الليبية نحو 200 ألف عامل تونسي.
غير أن مراقبين يعتبرون أن هذه المراهنة سابقة لأوانها، باعتبار أن الأوضاع الأمنية في ليبيا ما زالت هشّة، فضلاً عن أن التوتر الأمني زادت حدته أخيرًا على مستوى الحدود بين البلدين.
التعليقات