مشهد من وصول المراقبين العرب إلى الزبداني

يصل مراقبو جامعة الدول العربية إلى إحدى المدن، فيُستقبلون بحفاوة وترحاب. غير أن الحشد المرحِّب سرعان ما يتحول إلى جمهور عدائي، فيفرّ المراقبون، ويبدأ إطلاق النار، وتبقى التساؤلات عن الجهة المسؤولة عن إطلاق الرصاص.


بيروت:عندما وصل مراقبو جامعة الدول العربية إلى بلدة جبلية في جنوب غرب سوريا، كان في استقبالهم أهل البلدة، التي تعتبر معقل المعارضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، فرحّبوا بهم، واستقبلوهم كالأبطال، فيما تجمهروا حول سيارتهم، وحملوهم على أكتفاهم.

لكن بعد بضع ساعات، سُمع أزيز الرصاص، فهرب المراقبون تحت وابل من الرصاص، ولم يتمكن أحد من معرفة الجهة المسؤولة عن إطلاق النار على الوفد.

اعتبرت صحيفة quot;لوس انجلوس تايمزquot; أن حادثة يوم الأحد كانت لمحة مقلقة في النزاع المتصاعد، الذي يهدد بدفع سوريا إلى حرب أهلية، والتحديات التي يواجهها نحو 160 مراقب، يحاولون التحقق من الاتهامات المتبادلة حول العنف، في ظل ظروف خطرة في بعض الأحيان.

أعلن نشطاء المعارضة وبعض المراقبين أن بعثة الجامعة العربية فشلت بالفعل، مشيرين إلى أنها لم تعط الوقت والموارد للعمل باستقلالية، من أجل تحديد ما إذا كانت الحكومة التزمت بتعهدها في إنهاء الحملة العسكرية، التي تقول الأمم المتحدة إنها أودت بحياة أكثر من 5000 شخص منذ آذار (مارس).

من جهتها، تشكك الحكومة في الأرقام، زاعمة أن معظم الضحايا كانوا من قوات الأمن، الذين تم استهدافهم من قبل الإرهابيين المدعومين من الخارج.

أما في الزبداني، بالقرب من الحدود مع لبنان، فيقول السكان إن قوات الأمن طوّقت البلدة يوم الجمعة، وهمرتها بقذائف الدبابات ونيران الأسلحة. ونقلت الصحيفة عن أحد سكان البلدة قوله: quot;الأطفال يموتون هنا، ولا نستطيع نقلهم إلى المستشفى. نعيش من دون كهرباء وماء منذ ثلاثة أيامquot;.

بناء على هذه الأنباء، أوفدت الجامعة العربية مراقبين خمسة من الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، للتحقيق في ما كان يحدث.

لكن المسؤولين السوريين أبلغوا الفريق المتجه إلى الزبداني، أن الطريق المؤدي إلى البلدة مليء بعبوات ناسفة، وحثوهم على تجنب الذهاب. وأضافوا أنه في حال أصرّ المراقبون، فإن أفراد الأمن الموكلين حراستهم لا يمكنهم مرافقتهم إلى المدينة، التي يدافع عنها سكانها، الذين انشقوا عن الجيش، والذين يقاتلون تحت راية الجيش السوري الحر.

وقال أحد أفراد البعثة: quot;بسبب هذه التصرفات، لا نستطيع أن نعرف ما إذا كان الأمر صحيحاً، أو إنهم يحاولون إبقاءنا بعيدين عمّا يحدث هناكquot;.

وقال المراقبون إن هذه ليست المرة الأولى، التي يتم وضعهم فيها أمام خيار من هذا القبيل، وعادة ما كانوا يصرفون النظر عن الزيارة، لكن هذه المرة قرروا أن يصرّوا على التوجّه إلى الزبداني.

توجّه المراقبون من دمشق في موكب سريع مليء بأفراد قوات الأمن المسلحة، وبعد نصف ساعة، دخلوا إلى المنطقة، التي بدت وكأنها خط الجبهة في الحرب، فالطريق أفرغت من حركة المرور، ونقاط التفتيش منتشرة على طول الطريق، ويحرسها ضباط يرتدون خوذات وسترات واقية من الرصاص، يقفون على عربة مدرعة في بعض الأحيان.

عند نقطة تفتيش على بعد 10 أميال من الزبداني، قاد أحد ضباط شرطة مكافحة الشغب، الوفد المراقب نحو طريق موحل يؤدي إلى ساحة البلدة، ليريهم ما يزعم بأنها قنابل عدة، عثر عليها على جوانب الطرق. وقال المراقبون إنهم التقطوا صوراً لما يبدو أنها حاويات وقود صدئة مزودة بأسلاك.

سأل أحد المراقبين quot;أين هي الصواعق؟quot;، فأجابه الضابط إنه ليس مهندساً، لكنه يعتقد أن العلب المعدنية تحتوي على متفجرات.

أثناء اقترابهم من الأحياء السكنية، التقى المراقبون بعائلات تفرّ من البلدة سيراً على الأقدام أو بالسيارات، وهم يحملون ما تيسر من ممتلكاتهم، أو بدون أي شيء على الإطلاق. سألهم مراقب quot;لماذا تفرّون؟quot;، فأجابته امرأة، ترتدي معطفاً أسود بغضب: quot;لو لم تكن هناك مشكلة، لما هربناquot;.

quot;نحن الآن نسير في الشارع، ولا نعرف إلى أين نحن ذاهبونquot; قالت عائشة، التي رفضت الإفصاح عن اسمها الكامل خوفاً من الانتقام.

ويقول مراقب من الوفد، الذي توجّه إلى الزبداني، إن البلدة بدت مهجورة بشكل مخيف، إلى أن وصلوا إلى أحد الأحياء، التي تنتشر على جدرانها شعارات quot;سوريا الحرةquot;، حيث تسابق الشباب للترحيب بهم، بينما كان في انتظارهم مئات الأشخاص الذين استقبلوهم بالهتافات وعبارات الترحيب.