قوة القاعدة تزيد في بعض دول المغرب العربي

يبين مسار تطور القاعدة في دول المغرب العربي، اختلافها عن الدول الباقية، فمن المرشح أن تصبح أقوى في تلك المنطقة نظراً لقدرة عناصرها على الذوبان داخل المكونات البشرية. وقد كشف خطف الوال الجزائري قرب الحدود مع ليبيا استغلال هذا التنظيم للفراغ في المنطقة.


كشف خطف القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لوال جزائري أخيرًا قرب الحدود مع ليبيا، محاولات هذا التنظيم استغلال الفراغ الذي تمر منه المنطقة لتعزيز قوته، خاصة في ظل طرح المراقبين الكثير من علامات الاستفهام حول مصير الأسلحة الليبية، بعد سقوط نظام القذافي.

وفي هذا الإطار، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ وباحث في جامعة محمد الخامس في الرباط، إن quot;مسار تطور القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يبين اختلافه عن باقي تنظيمات القاعدة الموزعة في بلدان المشرق العربي، واليمن، والصومال، وأفغانستانquot;، مشيرا إلى أن quot;تنظيمات فروع القاعدة تزدهر في المناطق التي تغيب فيها الدولة أو تكون الدولة فاشلة، وهو وضع ظل غير موجود في منطقة شمال إفريقيا إلى حدود انهيار نظام القذافي، ودخول ليبيا في وضع انتقاليquot;.

وأكد المنار اسليمي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إن quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هي استثناء عن باقي تنظيمات القاعدة الأخرى، لأنها استمرت ولم تضعف، رغم وجود دول، وإن كانت ضعيفة (مالي ndash;النيجر ndash; موريتانيا)، لكنها ليست فاشلة كالصومال، وأفغانستان، والعراقquot;.

وأبرز الأستاذ الباحث إن quot;تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مرشح بأن يتقوى في المنطقة لقدرة موارده البشرية - التي لا تتجاوز 300 شخص حسب بعض التقارير الأمنية - على الذوبان داخل المكونات البشرية المنتشرة جنوب الصحراء، وقدرته على نسج علاقات واتفاقات مصالح مع تجار السلاح والمخدرات، إضافة إلى تمرسه في استعمال المناطق الفارغة في المجال الجغرافي الممتد جنوب ليبيا، والجزائر، وشمال مالي، والنيجر، إلى حدود موريطانيا دخولا إلى مخيمات البوليساريو في صفات مختلفةquot;.

لكن السؤال الأمني الذي يحمل مجموعة مخاطر قادمة إلى المنطقة، يشرح المنار اسليمي، يتمثل في مايلي: quot;أين هي أسلحة القذافي من صواريخ مضادة للطائرات، والصواريخ المحمولة على الأكتاف (ارجيبي)؟. فالتقارير تقول إن البعض منها وصل إلى حضن القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي استطاعت الآن أن تبني مقدراتها من السلاح، بعد أن تمكنت من تأمين مواردها المالية من العلاقة مع تجار منطقة الساحل جنوب الصحراء، ومن فدية الرهائنquot;.

وأشار الأستاذ الباحث إلى أنه quot;من المتوقع أن تستعيد القاعدة موارد بشرية قتالية جديدة بعد بداية عودة بعض مقاتلي المغرب العربي، الذين كانوا مشاركين في تنظيم القاعدة العراق بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركيةquot;، موضحا أن quot;كل عوامل القوة حاضرة لدى القاعدة في المغرب الإسلامي أكثر من أي وقت مضى، ويضاف إليها شرط الدولة الفاشلة الذي أضحى متوفرا الآن في المغرب العربي من خلال ما يجري في ليبيا، التي لديها صعوبات في بناء الدولة ومراقبة ترابها الداخلي، ما يفتح إمكانية كبيرة للقاعدة لكي تتوسع.

فنموذج أفغانستان سيكون حاضرا هذه المرة في تصورات قيادات التنظيم لكن بشكل آخر ليس بالضرورة حضور قوات أجنبية، فالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تركز عملها إقليميا وقد تخلت عن فكرة مهاجمة أوروبا انطلاقا من المغرب العربي، فهي ستكون حاضنة جديدة لكل الموارد البشرية العائدة من العراق أو أفغانستان، كما أنها تطور نموذج شباب المجاهدين في الصومال ونموذج جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بـ quot;بو حرامquot; في نيجرياquot;.

من جهته، قال سعيد لكحل، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إنه quot;يصعب إعطاء رقم دقيق للعناصر المنضوية تحت فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكن المؤكد أنها تفوق الألفquot;، موضحا أن quot;عوامل كثيرة ساهمت في استقطاب العناصر لصالح التنظيم أهمها الوضع المضطرب في الجزائر منذ 1992، ثم حالة اليأس والتفكك التي تعرفها جبهة البوليساريو، وهو ما شجع عناصر كثيرة منها على الالتحاق بالقاعدة وأخرى بالتعاون معها، فضلا عن الوضع الذي ترتب عن انهيار نظام القذافي، وسهولة الحصول على الأسلحة، ناهيك عن وسع منطقة الساحل (حوالي 8 ملايين كلم مربع)، وغياب التنسيق الفعلي بين دول المنطقة وما يحصل عليه فرع القاعدة من أموال مقابل إطلاق سراح المختطفينquot;.

وأكد المحلل المغربي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إن quot;كل هذه العوامل وغيرها جعلت تنظيم القاعدة يتقوى لدرجة أن موريتانيا ومالي خاضتا مواجهات عسكرية ضد عناصر دون أن تتمكن من القضاء عليها، بل حتى الجزائر بعتادها وعدتها العسكرية فشلت طوال ما يقرب من عقدين. لهذا لم يعد تنظيم القاعدة يهدد فقط دول المنطقة، بل بات يهدد أوربا نفسها. والتقارير الصادرة بهذا الشأن تؤكد حجم التهديد وأخطارهquot;.

وأضاف سعيد لكحل quot;لفرع القاعدة في منطقة الساحل مجموعات مسلحة لكل منها مجالها الترابي الذي تنشط فيه، ما يزيد من فاعليتها وخطورتها. وتلعب التضاريس الصحراوية دورا رئيسيا في تمكين عناصر القاعدة من الاختباء والتحرك بعيدا عن كل مراقبة أمنية. كما يستغل تنظيم القاعدة علاقاته مع المهربين والسكان الأصليين خاصة الطوارق الذين يوفرون له الدعم والملاذquot;، مبرزا أن خطورة تنظيم القاعدة ستزداد حينما يزداد التنسيق بين فروعه في الصومال، ونيجيريا، ومالي، والجزائرquot;.

وكانت القاعدة في بلاد المغرب، وجهت، أخيرا، تحذيرا لفرنسا ودول أوروبية أخرى، طلبت منها عدم دعم عملية quot;وشيكةquot; تهدف لتحرير رهائنهم في مالي.