يتواصل سقوط القتلى والجرحى في سوريا بشكل يومي وسط مخاوف من الذهاب إلى سيناريو الحرب الأهلية التي قد تجر هذا البلد إلى مستنقع عميق من الفوضى والاضطرابات، هذا فيما لا يبدو أن دمشق ستتعامل بإيجابية مع المبادرة العربية الأخيرة.


طفل سوري يجلس بجانب احدى الآليات العسكرية المدمرة خلال المواجهات

ألقت النساء الارز على ثلاثة توابيت ملفوفة بالعلم السوري، تكريماً للشبان الذين لقوا حتفهم في العنف الذي دمر مدينة حمص وشلّعها إلى أشلاء.

التوابيت الثلاثة حملت ضابط شرطة وجنديين، وخرجت من مشرحة المستشفى العسكري. على بعد بضعة أقدام من أكفانهم، اصطفت أربع جثث متفحمة في اكياس سوداء. وقال مسؤولون إن المسلحين قتلوا كل هؤلاء الضحايا يوم الاحد، بينما وصف أحد الأطباء في المستشفى ما حصل بأن quot;الأيام العشرين الماضية كلها مثل هذا الأحدquot;.

قدمت الجولة التي نظمتها الحكومة يوم الاثنين في حمص لمحة عن عمليات القتل في المدينة، وسفك الدماء الذي كان بمثابة تحذير لسوريا والعالم عما قد تنحى اليه الثورة في حال لم تتوصل الحكومة أو المعارضة إلى نتيجة نهائية.

إلى جانب القتل والدماء، أظهرت الجولة هوة واسعة وتناقضا بين الأخبار التي تتناول الصراع السوري، ففي حين أن المحتجين تحدثوا لعدة أشهر عن ضراوة الحملة التي تشنها الحكومة، قال سكان المدينة يوم الاثنين ان المسلحين المجهولين يثيرون الرعب في المدينة.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; ان حلّ الأزمة السورية يبدو بعيداً. حكومة الرئيس السوري بشار الاسد أدانت بشدة يوم الاثنين خطة السلام الجديدة التي اقترحتها جامعة الدول العربية، واصفة إياها بـ quot;الانتهاك الصارخ للسيادة السورية ودليل على وجود مخطط تآمريquot;.

تنص الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية أن يسلم الرئيس الأسد السلطة في البلاد إلى نائبه ويبدأ المفاوضات مع معارضيه.

على الرغم من الرفض، كانت هناك علامات على أن الحكومات الغربية تعتمد على خطة جديدة لزيادة عزلة سوريا. فقال ممثل ألمانيا لدى الأمم المتحدة ، بيتر فيتيغ أمام مجموعة صغيرة من الصحافيين إن هناك خطة قد quot;تغير قواعد اللعبةquot;، داعياً إلى إجراء قوي من قبل مجلس الأمن في الأمم لإرسال quot;رسالة واضحة للنظام السوري والشعب على حد سواءquot;.

صوّتت مجلس جامعة الدول العربية يوم الاحد على مواصلة مهمة مراقبيها في سوريا، مع موظفين إضافيين.

يوم الاثنين، قال رئيس بعثة المراقبة، الجنرال محمد الدابي، إن البعثة حققت بعض النجاح، قائلاً ان quot;شدة اعمال العنف قد انخفضتquot; بسبب المراقبين، وفقاً لرويترز. وقال نشطاء مناهضون للحكومة إن العكس هو الصحيح، وأنه تم قتل المئات من الناس على الرغم من وجود مراقبين.

يقول النشطاء ان قوات الأمن قتلت المئات من الناس في المدينة منذ شهر آذار/مارس وانضم الرجال المسلحون، بمن في ذلك المنشقون عن الجيش، للصراع محاولين السيطرة على الأحياء والرد على عنف الحكومة في اشتباكات وكمائن واغتيالات. وبدأت عمليات الخطف والقتل الطائفي بتقسيم المدينة المتنوعة دينياً، وخلقت حدوداً جديدة.

في الجولة الحكومية الى المستشفى العسكري، تركز اللوم على الجماعات الارهابية المسلحة بتنفيذ أعمال العنف والقتل. كان هناك اعتراف ضئيل أو معدوم بدور الحكومة في أعمال العنف، أو مطالب المحتجين، الآخذين في الانقسام في ظل الارتباك والغضب والحزن.

هيثم قاسم يحضر جنازة صهره، شرطي مرور أصيب في ظهره بينما كان يقف في الشارع يوم الاحد. يقول: quot;هل هذه هي الاحتجاجات السلمية؟quot;

في جناح مرضى الحروق في المستشفى، يجلس جمال مصطفى، الذي نجا من هجوم على حافلة أدى إلى مقتل 11 شخصاً. يقول إن مسلحين هاجموا حافلة تقل جنوداً ومدنيين، وقذائف صاروخية، مشيراً إلى أنه فر من خلال نافذة واختبأ في متجر. أضاف: quot;انها ليست مجرد عملية تخريب، بل جريمة. هؤلاء الناس ليسوا بشراً. انهم يريدون اي ذريعة للتدخل الأجنبيquot;.

في محطة أخرى، في حي الحميدية المسيحي إلى حد كبير، يقول السكان إن دوريات من الجيش تجوب المنطقة، متخوفين من أن شبح القتل الطائفي يدفع بعض المسيحيين إلى مغادرة حمص.

كانت هناك شكاوى، لا سيما بين التجار، حول المصاعب التي تسببها أعمال العنف. يقولون إن الجنود يتمترسون وراء أكياس الرمل في الشارع التجاري المزدحم، حيث تقفل المتاجر في فترة ما بعد الظهر لتجنب الليالي المحفوفة بالمخاطر.

لم تشمل جولة الحكومة بابا عمرو أو الخالدية، اثنين من الاحياء المضطربة التي تعاني العنف. عندما توقف الحافلة الصغيرة في الساحة الرئيسة، اقترب رجل لمجموعة من الصحافيين، ولامهم لعدم زيارة تلك الأحياء.

وقال ردا على سؤال من احد الصحافيين عن رأيه في الأسد: quot;لا تسألني عن الرئيس. عمري 60 سنة. أريد أن أنهي حياتي مع عائلتيquot;. بدأ العديد من الرجال بالجدال مع الرجل، وحاول أصدقاءه جذبه إلى داخل أحد المقاهي لحمايته.

فجأة، بداً الرجل خائفاً، فقال: quot;خذ رقمي. غداُ سوف ترى اسمي على لوحةquot;، إشارة إلى قائمة طويلة ومتزايدة من القتلى في المدينة.