لم يقنع إعلان الرئيس الإيراني عن إستعداد بلاده للعودة الى المفاوضات حول ملفها النووي المجتمع الدولي، بسبب تعمّد طهران إستغلال الوقت من أجل تطوير برنامجها، وتكشف تقارير ان الغرب يبدو انه تعلم الدرس بحيث ستكون هذه المرة مختلفة.


مفاعل quot;بوشهرquot; التووي في إيران

بيروت: في حين أن الغرب يصر على إيران كي تثبت جديتها في نقاش برنامجها النووي، يتوقع الخبراء جولة جديدة من المحادثات النووية، بينما يعتبر البعض ان بدء المحادثات قريباً جداً قد يبعث برسالة خاطئة.

فإعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد quot;الفاترquot; يوم الخميس عن أن ايران مستعدة للعودة الى المحادثات الدولية بشأن برنامجها النووي - ولو بشروطها- جزء من لعبة الشطرنج الدبلوماسية التي يعتقد معظم الخبراء الايرانيين والمسؤولين الغربيين انها ستؤدي إلى استئناف المحادثات في الاسابيع القادمة.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; ان المسؤولين والخبراء لا يثقون بأن المناقشات سوف تؤدي إلى النتائج اللازمة لدرء هجوم عسكري محتم على منشآت ايران النووية وما يتصل بها، على سبيل المثال: قيود صارمة على تخصيب اليورانيوم في إيران، زيادة إمكانية المفتشين الدوليين بالوصول إلى المنشآت ايران النووية، وعلى وجه الخصوص الوصول إلى منشآتها الحديثة تحت الارض بالقرب من مدينة قم.

من جهتهم، يريد الايرانيون أن يبدوا عقلانيين ومنفتحين خلال اجتماعهم مع القوى العالمية للحديث عن برنامجهم النووي، وسوف تعقد محادثات مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن الدولي بالإضافة الى المانيا، وفي الوقت ذاته سوف تشدد طهران على ما تعتبره quot;حقهاquot; في تخصيب اليورانيوم لتحقيق ما تصر على انه quot;أسباب مدنية سلمية بحتةquot;.

لكن القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (فرنسا وبريطانيا والمانيا) تعتمد على مقولة quot;ان خدعتني مرة فالعيب عليك، وإن خدعتني مرتين فالعيب عليquot;، وتصر على ان طهران يجب ان تثبت جديتها بشأن المحادثات، كأن توافق على تعليق انشطة تخصيب اليورانيوم مع استمرار المحادثات.

واستخدمت إيران في السابق بطاقة المفاوضات لشراء الوقت للمضي قدماً ببرنامجها النووي، لكن الدول الغربية تصر على أن هذه المرة يجب ان تكون الامور مختلفة.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي رفيع المستوى في واشنطن، قوله :quot;تصرفات الايرانيين تتناقض تماماً مع كلماتهم اللطيفة عن استعدادهم للعودة الى طاولة المفاوضاتquot;، مضيفاً انه quot;من الجيد أن تعود إيران إلى المفاوضات، لكن لا شيء يوحي بانهم ينوون التصرف بجديةquot;.

كانت فرنسا الأكثر تحديدا حول ما يجب على إيران القيام به لاستئناف المحادثات، فيعلن المسؤولون الفرنسيون ان طهران يجب ان تعلق quot;أنشطتها الحساسةquot; بما في ذلك تخصيب اليورانيوم وتحديث أجهزة الطرد المركزي، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الكامل إلى المرافق والأنشطة النووية.

من جهته، يقول راي تاكيه، خبير في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ومستشار في الشؤون الإيرانية والخليج العربي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، ان القوى الغربية قد سمحت لخطوطها الحمراء مع ايران بأن تهتز في الماضي من أجل ضمان استمرار المحادثات، معتبراً أن هذا الأمر سيتكرر بعد بضعة أسابيع أو بضعة أشهر من الآن من أجل إعادة طهران الى طاولة المفاوضات.

واعتبرت الـ quot;ساينس مونيتورquot; ان تكثيف العقوبات الاقتصادية على ايران التي بدأت في هذا العام، من استهداف البنك المركزي الايراني وفرض حظر على واردات النفط الايرانية، يهدف إلى اقناع الايرانيين بأن المجتمع الدولي جاد بشأن وقف تقدمها نحو امتلاك اسلحة نووية.

ويقلق الخبراء من أن عودة ايران إلى المحادثات قبل أن تظهر آثار العقوبات على اقتصادها، وتشعر حقا انها مضطرة لتعديل سلوكها، سوف يرسل رسائل خاطئة.

واولها لإيران التي تفترض انها تمكنت مرة أخرى من خداع الغرب بالتوجه إلى المحادثات، في الوقت الذي تستمر فيه بتخصيب اليورانيوم.

أما الثانية فإلى إسرائيل التي سوف ترى ان موافقتها على مجاراة الولايات المتحدة و quot;منح الدبلوماسية فرصةquot; لم تؤد إلى أي تغيير، وسوف تقرر أن الحل الوحيد هو الهجوم العسكري على أجهزة الطرد المركزي ومواقع تجميع الصواريخ الايرانية.

وقد جادل بعض الخبراء أن هذا لن يحدث لأن إسرائيل تعلم، وكذلك الولايات المتحدة، انه لا يمكن تدمير برنامج ايران النووي، بل تأخيره فقط، وأن القصف العسكري سوف يزيد تصميم إيران للحصول على القنبلة النووية.

لعبة الشطرنج اليوم يمكن أن تؤدي إلى محادثات بشأن البرنامج النووي الايراني، لكن من غير المرجح أن تكون المفتاح لعكس ما يبدو أنه quot;انزلاق نحو التدخل العسكريquot;.