المالكي وبوتين خلال اللقاء في موسكو

أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان بلاده ستشتري المزيد من الأسلحة من روسيا مستقبلاً مشددًا على ضرورة حل الأزمة السورية سلميًا رافضًا تزويد أي من طرفي النزاع هناك بالاسلحة محذرًا من أن استخدام القوة لحل الأزمة سيدهور الوضع في الشرق الأوسط أكثر مما هو عليه الآن فيما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن موقفي بغداد وموسكو من حل الأزمة السورية متشابهان واكد تفهم روسيا لقلق العراق من خطورة انتشار العداءات الإثنية والطائفية في المنطقة.


خلال اجتماع عقده رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع الرئيس السوري فلاديمير بوتين في موسكو اليوم جرى بحث تطوير العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك مؤكدًا ضرورة توسيع التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار وفي القطاعات الاخرى مبينا ان الأبواب مفتوحة امام الشركات الروسية للعمل في العراق لاسيما في مجال النفط والكهرباء.

وقال المالكي quot;ان مباحثاتنا مع المسؤولين في روسيا كانت مثمرة ونحن نتطلع الى مزيد من التعاون والتنسيق بين البلدين داعيا الى توسيع التعاون الاقتصادي وزيادة الفرص الدراسية للطلبة العراقيين في الجامعات الروسيةquot;.

من جهته اعرب الرئيس بوتين عن استعداد بلاده لتوسيع التعاون ودفع عجلة العمل بين البلدين.. وقال اننا نسعى الى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ولدينا افق كبير في هذا المجال من خلال شركاتنا العاملة في العراق، معربا عن امله في ان يتطور عمل الشركات الروسية في العراق، مؤكدا ان روسيا لديها رغبة اكيدة في توسيع تعاونها مع العراق في المجالين التجاري والعسكري. وطالب بوتين العراق برفع بعض القيود على عمل الشركات الروسية على أراضيه.

ودعا بوتين خلال المباحثات السلطات العراقية الى رفع بعض العقوبات التجارية القائمة وقال quot;اذا كان من الممكن رفع بعض القيود في تجارتنا المتبادلة فمن شأنها ان تتطور بسرعة أكبرquot;. واضاف quot; اعتقد اننا من جانبنا قد قمنا برفع هذه القيودquot;. ويدور الحديث هنا عن توريدات الانابيب الروسية الصنع الى العراق حيث واجهت الشركات الروسية اثناء عقد الصفقات بعض القيود والمطالب القانونية الاضافية. وقد اجاب المالكي على ذلك بأن بلاده قد الغت هذه القيود فعلا.

واعرب بوتين عن امله في أن تقدم القيادة العراقية الدعم اللازم لشركات الطاقة الروسية الكبرى التي تعمل في البلاد وقال quot;للاسف، فان حجم التبادل التجاري بيننا ليس كبيرا الى الحد المطلوب بعد ولكن ثمة مشاريع كبيرة جيدة وواعدة وتقوم شركاتنا بالعمل في العراقquot;.

واوضح الرئيس الروسي ان الحديث يدور عن العديد من الشركات الكبرى للطاقة وليس فقط عن الروسية بل والدولية ايضا واضاف قوله quot;آمل في ان يتطور عملها تدريجيا، واعول على دعمكمquot;. واضاف quot;بامكاننا ان نقوم بأول خطوات جدية في مجال التعاون العسكري التقنيquot;.

الازمة السورية

كما بحث المالكي مع بوتين الازمة السورية وتداعياتها على دول المنطقة والموقفين الروسي والعراقي المتقاربين منها حيث اكد المسؤول العراقي ضرورة العمل لحل هذه الازمة بالطرق السلمية.

وقال المالكي ان بلاده تدعو إلى التسوية السلمية للنزاع السوري وتدين من يقوم بتمويل وتسليح أحد الجانبين المتناحرين. واضاف أن الموقف العراقي قريب جدا من الموقف الروسي موضحا أن العراق يعتبر أن الحل السلمي هو الحل الوحيد الممكن للمشكلة السورية لأن التدخل العسكري سيؤدي الى اشعال الاضطرابات في المنطقة.

وأكد المالكي أن العراق لا يؤيد تلك الدول التي ترى أنه لا يمكن حل المشكلة السورية إلا بطريقة أمنية والإطاحة بالنظام باستخدام القوة. وشدد على ان العراق يعارض تزويد أي طرف للنزاع بالسلاح وتمويله وقال إن بلاده تتخذ موقفا حياديا ويعتبر أن كل شيء يجب أن يسوى بطريقة سلمية كما نقلت عنه quot;وكالة quot;إنترفاكسquot;الروسية.

وأشار إلى ان العراق كان يعاني مشاكل كثيرة بسبب التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية. لذلك فإنه يعارض بشكل قاطع أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية لأن الشعب السوري يحق له بأن يحل مشاكله بنفسه وحذر قائلا إنه في حال استخدام القوة لحل المشكلة السورية فإن الوضع في الشرق الأوسط يمكن أن يتدهور أكثر مما هو الآن ويحق للشعب السوري بأن يقرر في إبقاء بشار الأسد رئيسا أو لا.

وقال المالكي إن الحكومة العراقية قد أطلعت كلا من كوفي أنان والأخضر الابراهيمي على الموقف العراقي الذي ينحصر في الضغط على جميع أطراف النزاع سواء كانت الحكومة السورية أو الثوار بهدف إيقاف العمليات الحربية والجلوس إلى طاولة المفاوضات وحل كل شيء بطريقة سلمية. وأشار إلى أنّ الموقف العراقي متطابق مع الموقف الروسي بهذا الشأن وقال إن العراق يتمنى بأن تكون روسيا بصفتها دولة كبرى ذات نفوذ عالمي على عزم دائم لحل المشكلة بطريقة سلمية.

واضاف المالكي ان لدى العراق رغبة في شراء اسلحة دفاعية من روسيا لاستخدامها في مكافحة الارهاب ومدافع مضادة للجو ومن المحتمل طائرات مروحية خاصة بمكافحة الارهاب. وأعلنعن احتمال شراء العراق أنواعًا اخرى من الاسلحة الروسية مستقبلا.. وقال quot;اذا اردنا شراء دبابات وطائرات فاننا بالطبع سنحتاج الى مبالغ مالية اكبر من 4.2 مليارات دولار التي أعلن عنها امس وهذا يعتمد على الوضع الاقتصادي للعراق. وأشار إلى أنّ بغداد تشتري الاسلحة من روسيا وكذلك من الولايات المتحدة الاميركية وبلدان اخرى وكافة انواع هذه الاسلحة هي دفاعية.

ومن جهته أشار بوتين الى أن موقفي روسيا والعراق من سبل حل الأزمة السورية متشابهان واكد تفهم روسيا قلق العراق من خطورة انتشار العداءات الإثنية والطائفية في المنطقة. وكان المالكي قال لدى وصوله الى موسكو الاثنين ان بلاده تبحث مع روسيا حاليا عن مخرج للازمة السورية مشددا على ضرورة العمل لإنهائها بالطرق السلمية مؤكدا ان العراق لايؤيد المعارضة ولا السلطة في هذه الازمة هناك وقال ان العراق لن يكون جزءا من النار المشتعلة على مقربة من حدوده مع سوريا.

وحذر من ان هذه الازمة المستمرة قد تنعكس على الدول الاخرى في منطقة الشرق الاوسط مشددا على ان العراق يعارض الاطاحة بالانظمة باستخدام القوة. يذكر ان العراق يدعو الى حل الازمة السورية عبر الحوار، وسبق ان طرح مبادرة تقوم على اجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة انتقالية. وترفض بغداد تسليح طرفي النزاع في سوريا حيث يدور صراع دامٍ منذ منتصف اذار (مارس) عام 2011 بين السلطة والمعارضة التي تعرضت للقمع اثر مطالبتها باسقاط النظام قبل ان تتحول الى حركة مسلحة.

كما ترفض موسكو تسليح المعارضة السورية وقد استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات عبر مجلس الامن الدولي تدين استخدام نظام الرئيس السوري بشار الاسد للعنف. وعلى صعيد العلاقات بين البلدين ايضا فقد اختتمت المباحثات بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والعراقي هوشيار زيباري بتوقيع بروتوكول للتعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين. فقد عقد اجتماع الوزيرين في احد مباني وزارة الخارجية الروسية.

وكان المالكي التقى امس نظيره الروسي دميتري مدفيديف ودعاه لزيارة بغداد، مؤكدا اهتمام العراق بتوطيد العلاقات مع روسيا. وأعرب المالكي عن اعتقاده ان زيارة مدفيديف المرتقبة لبغداد ستعطي دافعا قويا لتطوير العلاقات الثنائية بين روسيا والعراق.

بغداد تدعو موسكو لمساعدتها في الخروج من الفصل السابع

ومن جانبها، أعلنت وزارة الخارجية العراقية اليوم ان وزيرها هوشيار زيباري ونظيره الروسي سيرغي لافروف قد وقعا في مقر ضيافة وزارة الخارجية في موسكو على مذكرة تفاهم للتعاون السياسي والدبلوماسي بين العراق وروسيا الاتحادية. وجرت في اعقاب مراسم التوقيع مباحثات سياسية وفنية بين الجانبين حول سبل تطوير وتفعيل العلاقات العراقية الروسية وتبادل الآراء حول تطورات الاوضاع الدولية والإقليمية وتطورات الازمة السورية ، وأكد الجانبان ضرورة وقف العنف وسفك الدماء وإيجاد مخرج سياسي للازمة المتفاقمة.

وطلب الجانب العراقي مساعدة روسيا لتحرير العراق مما تبقى من احكام الفصل السابع مع دولة الكويت والذي فرض على العراق اثر غزو قوات النظام السابق للكويت عام 1990 وكبل قدراته العسكرية والاقتصادية. وجرى نقاش حول آليات إنهاء ولاية المنسق الدولي الخاص المعني بشؤون المفقودين والممتلكات الكويتية تحت الفصل السابع ، واتفق الطرفان على العمل معا مع بقية اعضاء مجلس الامن الدائمين لاستصدار قرار جديد لإنهاء الولاية قبل نهاية العام.

وضم الوفد العراقي من وزير الخارجية ورئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء ثامر الغضبان وفاضل محمد جواد المستشار القانوني لرئيس مجلس الوزراء وسامي الاعرجي رئيس هيئة الاستثمار الوطنية وسفير العراق لدى روسيا السيد فايق نيروي.. فيما ضم الوفد الروسي وكيل وزارة الخارجية بكدانووف ورئيس دائرة الشرق الاوسط وكبار مستشاري وزارة الخارجية للشؤون العربية والعراقية وسفير روسيا الاتحادية في بغداد.

العراقية تدعو لعرض اتفاقات التسليح مع روسيا على مجلس النواب

دعا مستشار القائمة العراقية هاني عاشور الى عرض الاتفاقيات التي وقعها رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي خلال زيارته الاخيرة الى روسيا على مجلس النواب للمصادقة عليها واعتبارها اتفاقيات عاملة ملزمة وفق ما نص عليه الدستور العراقي في المادة 61 الفقرة رابعا.

وقال عاشور في تصريح صحافي تلقته quot;ايلافquot; اليوم ان الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها الحكومة العراقية لا تكون ناجزة الا بعد المصادقة عليها من قبل البرلمان لتكون ملزمة للطرفين ولكي لا يتم تغييرها من وقت لآخر. وأشار إلى أنّ هذه الاتفاقيات ومنها ما وقعه رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي في زيارته الاخيرة الى موسكو لابد ان يتم تنظيمها بقانون وتجري المصادقة عليها وفق ما نص عليه الدستور العراقي وهي من واجبات مجلس النواب حصرا.

واوضح عاشور ان هذه الاتفاقيات وغيرها هي جزء من سيادة الدولة وحقوقها ولابد ان تأخذ طريقها للمصادقة باعتبارها اتفاقيات ومعاهدات تكتسب شرعيتها من موافقة الدولتين عليها ، لتأخذ طابعها القانوني والدستوري ، مشيرا إلى أنّ اتفاقيات بمبالغ كبيرة كالتي يعقدها رئيس مجلس الوزراء لن تأخذ طابعها القانوني والالزامي الا بعد المصادقة البرلمانية عليها لانها من حقوق الشعب العراقي.

وكانت الحكومة الروسية أعلنت امس أنها وقعت صفقات سلاح بقيمة 4.2 مليارات دولار مع العراق لتصبح اكبر مورد سلاح له بعد الولايات المتحدة. وتعطي الصفقات التي كشف النقاب عنها في وثيقة للحكومة الروسية خلال اجتماع بين المالكي ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف روسيا دفعة قوية في وقت يحيط فيه الغموض بمبيعاتها المستقبلية من السلاح لليبيا وسوريا. وكان العراق منطقة مغلقة أمام صناعة الدفاع الروسية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وأطاح بالرئيس السابق صدام حسين احد أكبر مشتري السلاح الروسي.

وقال رسلان بوخوف مدير مركز كاست للدراسات الأمنية والدفاعية الروسي quot;بعد سقوط صدام حسين بدا أننا فقدنا البلد إلى الأبدquot; كمشتر للسلاح الروسي. وأضاف أن هذه العقود ستساعد روسيا على الحفاظ على مكانتها كثاني أكبر بائع للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة. وأشار إلى أنّ الاتفاق العراقي يظهر أن حكومة العراق quot;مستعدة لتبني سياسة خارجية ودفاعية مستقلةquot; لكن ربما أيّدتهم الولايات المتحدة ضمنا لاسترضاء روسيا التي ألغت اتفاقا لبيع أنظمة دفاع جوي لايران محتجة بعقوبات الأمم المتحدة بشأن برنامج ايران النووي.

وأشارت الوثيقة إلى أنّ العقود وقعت خلال زيارات لروسيا قام بها وزير الدفاع العراقي وكالة سعدون الدليمي عبر الاشهر الماضية نيسان (ابريل) وتموز (يوليو) وآب (اغسطس). وكانت صحيفة فيدوموستي الروسية قد ذكرت في أواخر الشهر الماضي انه يجري الاتفاق على عقود قيمتها 4.3 مليارات دولار قبل زيارة المالكي. وقالت انها تشمل 30 طائرة هليكوبتر قتالية من طراز ام.آي-28إن.إي و42 منصة متحركة لاطلاق الصواريخ من طراز بانتسير-إس1.

وتمثل هذه العقود بحسب مصادر روسية ثالث أكبر صفقة لبيع سلاح روسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 بعد صفقة قيمتها 7.5 مليارات دولار مع الجزائر عام 2006 وأخرى بقيمة ستة مليارات دولار مع فنزويلا في 2009.

وقال مسؤولون روس إن روسيا خسرت اتفاقات لبيع اسلحة بقيمة حوالى أربعة مليارات دولار مع ليبيا بسبب سقوط الزعيم الراحل معمر القذافي كما أن مستقبل مبيعات السلاح الروسية لسوريا بات غامضا بسبب الصراع هناك.