يشدّد خبراء قانون وعسكريون تحدّثوا الى إيلاف من القاهرة، على أنّ تركيا لم تخرق القانون الدولي عندما اعترضت وفتشت طائرة روسية تحمل أسلحة ومسافرين. ويخلص بعضهم إلى اعتبار الامداد الروسي العسكري لقوات الاسد هو المستهدف من الحادثة التي أثارت توترًا اضافيًّا بين دمشق وأنقرة وموسكو.


القاهرة: دخل الصدام والنزاع بين سوريا وتركيا منعطفاً خطيرًا، فبعد تبادل الدولتين التعدي العسكري على الحدود مؤخرًا، نشبت أزمة جديدة عقب قيام سلاح الجو التركي بإجبار طائرة مدنية سورية على الهبوط في أنقرة للاشتباه بأنها تنقل أسلحة، وقامت بتفتيشها.

وقال رئيس وزراء تركيا طيب اردوغان يوم الخميس إن طائرة الركاب السورية التي أجبرت على الهبوط في أنقرة كانت تحمل عتادًا روسي الصنع موجهاً إلى وزارة الدفاع السورية مما يزيد حدة التوتر بين البلدين.

العتاد الروسي إلى سوريا يتعرّض لملاحقة الأتراك

وقالت دمشق إن الطائرة تحمل شحنة مشروعة ووصفت الإجراءات التركية بأنها عمل من أعمال quot;القرصنة الجويةquot; بينما اتهمت موسكو أنقرة بتعريض حياة مسافرين روس للخطر عندما اعترضت الطائرة في وقت متأخر مساء الأربعاء.

ويعتبر إجبار الطائرة على الهبوط واحتجازها مؤشرًا آخر على إصرار أنقرة المتنامي على موقفها بشأن الأزمة في سوريا بعد أن حذر رئيس الأركان التركي يوم الأربعاء من أن الجيش سيستخدم قوة أكبر إذا استمر سقوط القذائف السورية على الأراضي التركية.

وقال اردوغان في مؤتمر صحافي في العاصمة التركية: quot;كانت هذه ذخائر من مؤسسة روسية تماثل هيئة الصناعات الميكانيكية والكيميائية عندنا مرسلة إلى وزارة الدفاع السوريةquot;، في إشارة إلى الشركة الحكومية التي تمد الجيش التركي بالعتاد.

وذكرت متحدثة باسم مطار فنوكوفو في موسكو لوكالة أنباء إيتار-تاس الحكومية إن كل ما كان على الطائرة اجتاز اجراءات الفحص الجمركي والأمني ولم يتم العثور على أي شيء محظور على متنها.

اتساق مع القانون الدوليّ

أوضح الدكتور أبو العلا النمر رئيس قسم القانون الدولي في جامعة عين شمس أن ما حدث من جانب دولة تركيا بإجبار طائرة مدنية على الهبوط للتفتيش إجراء غير مألوف بالنسبة للأعراف الدولية، ولكن في الوقت نفسه القانون الدولي والاتفاقيات الدولية تعطي الحق لكل دولة في منع أو توقف وإجبار أي طائرة تمر في أجوائها الفضائية على النزول والتفتيش طالما كانت الضرورة تقضي ذلك بوصول معلومات استخباراتية بأن مرور الطائرة سوف يمس الأمن القومي للبلاد أو كونها تحمل أسلحة أو متفجرات أو غير ذلك.

وقال النمر لـquot;إيلافquot; إن تركيا استعملت حقوقها القانونية وفقًا للاتفاقيات الدولية التي تربط الدول بعضها ببعض، وقد يكون التجاوز من جانب تركيا لو قامت باعتقال ركاب الطائرة ففي هذه الحالة نطلق على ما فعلته تركيا بالقرصنة الدولية، وعندئذ تتدخل الأمم المتحدة ومجالس حقوق الإنسان، أما إن تم التفتيش وقامت السلطات التركية بالسماح بعودة الطائرة فعندئذ لم تتجاوز في ما قامت به.

التعامل بالمثل

وعن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها سوريا تجاه ما حدث لها، أوضح أستاذ القانون الدولي أن سوريا ليس أمامها سوى اتباع نظام التعامل بالمثل بمنع أو تفتيش الطائرات التركية التي تعبر الفضاء السوري، ما دون ذلك فليس من حقها اتخاذ أي إجراء قانوني إلا في حالة تقدمها بشكوى للأمم المتحدة بالقبض على الركاب أو أحد طاقم الطائرة.

الدكتور محمود سلطان أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة يؤكد أن الاتفاقيات الدولية أعطت للدول السيادة الكاملة أرضًا وفضاء، وبالتالي ليس من حق أي طائرة المرور دون الإذن المسبق من الدولة التي سوف تعبر فضاءها، وفي حالة وصول معلومات بأن مرور الطائرة سوف يسبب مخاطر على أمن الدولة فمن حقها منعها أو إجبارها على النزول اضطراريًا للتفتيش واعتقال من بداخلها إذا كانت تحمل مواد متفجرة أو أسلحة أو غير ذلك.

وأشار إلى أن تركيا لم تتجاوز في ما قامت به خاصة وأن هناك أزمات بين الدولتين على الحدود مما يشير إلى وجود سوء نية من الدولتين كل تجاه الآخر.

الامداد العسكري للأسد هو المستهدف

من جانبه يرى اللواء طلعت مسلم الخبير الأمني والاستراتيجي أن العلاقات بين الدولتين ملتهبة بعد قيام سوريا بتكرار ضرب الحدود التركية، ووصل الأمر إلى سقوط طائرة حربية تركية فكان الرد العسكري التركي، مما يشير إلى أن الدولتين في حالة ترقب كل تجاه الأخرى.

وتركيا قامت بإجبار الطائرة المدنية على النزول بعد وصول معلومات أنها تحمل أسلحة من روسيا إلى سوريا، ولأن تركيا تريد دوراً سياسيًا في الأزمة السورية وإنهاء النظام الحالي، فهي تريد وقف أي إمداد عسكري لنظام بشار الأسد، ومن هذا المنطلق كان العمل على تفتيش الطائرة للبحث على أسلحة، وبالتالي إحراج روسيا على المستوى الدولي.

وتوقع اللواء طلعت مسلم حدوث مناوشات بين سوريا وتركيا خلال الأيام القادمة قد تصل إلى تدخل عسكري آخر للجيش التركي أو قد يصل الأمر كذلك للتدخل الأجنبي العسكري عن طريق تركيا من قبل حلف الناتو بحجة الوقوف الى جانب تركيا الحليف الأساسي الآن للحلف.