قرر البابا بنديكتوس السادس عشر أن يلقي بثقل الكنيسة الكاثوليكية للمساهمة في إحلال السلام في سوريا، من خلال مهمة فاتيكانية شجاعة وحساسة في هذا البلد المتقاتل، حيث ينقسم مسيحيوه بين مؤيدين لنظام بشار الأسد ومناهضين له.


الفاتيكان: أمام قرابة 300 شخص مشاركين في السينودس حول quot;التبشير الجديدquot;، اعلن الكاردينال الايطالي تارتشيتسيو برتوني الذي يعد الذراع اليمنى للبابا بنديكتوس السادس عشر، أن وفدًا سيتوجه quot;للتعبير عن التضامن الأخويquot; للسينودس مع quot;الشعب كافةquot;.

وتابع أن الوفد سيتوجه quot;الاسبوع المقبلquot; الى دمشق حيث سيتمم الاجراءات اللازمة مع السفير البابوي المونسينيور ماريو تزيناري والسلطات المحلية. واوضح برتوني أن الاساقفة لا يمكنهم أن يظلوا quot;مجرد متفرجينquot; امام مأساة، quot;حلها لا يمكن أن يكونالا سياسياًquot;.

واضاف أن الوفد سيشجع quot;كل الذين التزموا التوصل الى اتفاق يحترم حقوق وواجبات الجميع مع التركيز خصوصًا على ما ينص عليه القانون الانسانيquot;. واشار إلى أن الوفد سيحمل مساعدات جمعها الاساقفة لضحايا النزاع. وقال المتحدث باسم الكرسي الرسولي الاب فيدريكو لومباردي إنه سيتم الاعلان قريبًا عن اجراءات الزيارة.

واضاف لومباردي أن المهمة التي تبرز quot;التزام الكنيسة برمتها، سيشارك فيها علاوة عن مسؤولي الحوار بين الاديان والشؤون الخارجية، الفرنسيان جان لوي توران ودومينيك مامبرتي، وشخصيات رفيعة المستوى من دول مختلفة تشمل الكونغولي لوران مونسنغوو رئيس اساقفة كينشاسا الذي يلعب دورًا كبيرًا في جهود السلام في جمهورية الكونغو الديموقراطية، والكولومبي فابيو سويسكون موتيس والفيتنامي جوزف نغوين نانغ، والاميركي تيموثي دولان رئيس اساقفة نيويورك والذي بدا يبرز في اوساط الكنيسة.

وأشار أسقف سوري إلى أن هذا الاعلام quot;يتخطى كل توقعاتquot; الاساقفة العرب الذين اعربوا باستمرار خلال السينودس عن مخاوف من اسلام مهيمن، مما يثير شكوكًا حول امكان اجراء حوار فعلي. ولفترة طويلة، كانت غالبية الكاثوليك في سوريا مؤيدة لنظام بشار الاسد العلماني الذي كان يحمي حقوقهم كأقلية.

لكن ومع تزايد اعمال القمع، انضم قسم منهم الى المعارضة، لكن يبدو أن قسمًا آخر لا يزال يدعم النظام تخوفًا من وصول الاسلاميين الى الحكم. الا ان البطريرك الماروني اللبناني المونسينيور بشارة الراعي اعترض قائلا quot;للغربيين الذين يقولون إن المسيحيين يدعمون النظام السوري اقول إن المسيحيين هم مع الدولة وليس مع النظام. إنهم قلقون على استقرار بلادهم وليس استقرار النظامquot;.

ولفترة طويلة، بدا موقف الفاتيكان غير متناسب مع القمع الذي يمارسه الاسد. الا ان السفير الرسولي زيناري التزم موقفًا متوازنًا اذ عبر عن هذه المخاوف دون أن يدخل في الخطاب المعادي للاسلام والمتشائم لبعض رجال الدين الكاثوليك.

وكان البابا الذي يدعو الى حوار يقوم على الاحترام بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة دعا خلال زيارة الى لبنان في اواسط ايلول (سبتمبر) الى وقف تسليم الاسلحة وأشاد بـquot;شجاعةquot; الشباب السوريين ودعا الدول العربية الى quot;اقتراح حلول قابلة للتطبيقquot;. الا أنه لم ينتقد النظام السوري بشكل صريح.

واستقبل جورج صبرا المسيحي والمتحدث باسم المجلس الوطني السوري في اواخر ايلول (سبتمبر) من قبل البابا وشكره على تصريحاته خلال زيارته الى لبنان. وقال صبرا لموقع quot;فاتيكان انسايدرquot; إن quot;زيارته شكلت دعمًا لقضية الحرية والمسيحيون ليسوا بحاجة لمن يحميهمquot;.

من جهته، قال الكاهن اليسوعي باولو دالوليو الذي شجع لفترة طويلة في سوريا على الحوار بين المسلمين والمسيحيين وتم ترحيله لادانته اعمال القمع التي يمارسها النظام، إنه quot;يرحب بهذه المبادرة نحو التضامنquot;، لكنه اشار الى أنه quot;في دمشق، لن يروا سوى المسؤولين الذين يدعمون النظام. ويمكن أن يستغل النظام هذه الرسالة. لكنهم اذا توجهوا ايضًا الى مخيمات اللاجئين في الاردن وتركيا، فعندها ستكون فيها مبادرة تضامن مع كل الشعب السوريquot;.