يبدي أكاديميون وطلاب استياءً كبيرًا من نبأ ترسيم احدى الجامعات المعروفة في غزة لطالب راسب في الثانوية العامة ضمن طلبتها الجامعيين، وذلك لأسباب مالية محض تتطلّب حسب كثيرين المساءلة والمحاسبة.


غزة: يعتبر قطاع غزة أكثر مناطق العالم اكتظاظًا من حيث عدد السكان إضافة إلى ذلك، فهو حسب التصنيفات العالمية يعد الأقل أمية وجهلاً.

ورغم قلة الوظائف وتكدس عشرات آلاف من الطلبة في بيوتهم بعد إنهائهم للتعليم إلا أن الطموح يرافق الطالب الفلسطيني طمعًا في الالتحاق بإحدى الجامعات الفلسطينية التي تضع معدلات معينة ونسبًا مختلفة كشرط للطالب الملتحق بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة.

أسماء عديدة لعشرات الجامعات الفلسطينية، التي تحتوي على المئات من التخصصات المختلفة، والتي تلبي قدرات جميع الطلاب، وترتفع تكلفة التعليم العالي الجامعي في غزة بشكل كبير، لكن ماذا لو قبلت إحدى الجامعات طالبًا رسب في شهادة الثانوية العامة؟

تفجرت مؤخرًا قضية قبول إحدى الجامعات في قطاع غزة طالباً رسب في الثانوية العامة، وربما تكرر الأمر أكثر من مرة، مما جعل التساؤلات تتكرر حول تحول الموضوع إلى ظاهرة في تلك الجامعة التي لم تعلن وزارة التربية والتعليم في حكومة غزة اسمها، أم أنه اقتصر على حالة أو اثنتين فقط.

رفضت وزارة التربية والتعليم في حكومة غزة عندما توجهت إليها quot;إيلافquot; التعليق على الموضوع، واعتبرت أن المحاسبة للأشخاص في هذه الجامعة قد تمت بطريقة معينة، فيما وضعت خطة رقابية جديدة على الجامعات المختلفة.

لكنها في الوقت ذاتهأكدت أن التعليم الفلسطيني يتمتع بمصداقية عالية.

الدكتورquot;علي النجارquot; المختص بالشؤون الأكاديمية والطلابية في جامعة الأزهر في غزة يرى أن ما حصل من تسجيل طالب راسب في شهادة الثانوية العامة هو quot;خرق واضح وكبير للتعليم ومصداقيته التي يتغنى بها دومًا المسؤولون سواء في غزة أو الضفةquot;.

ويجيب عن تساؤلات quot;إيلافquot; حول شروط التحاق أي طالب في الجامعات الفلسطينية بقوله quot;يستلزم أن تكون لدى الطالب الفلسطيني شهادة مصدقة من قبل وزارة التربية والتعليم تثبت أن الطالب قد اجتاز الثانوية العامة بمعدل لا يقل عن 50%.

هذا المعدل يؤهله للالتحاق بالكليات المختلفة، بعض الجامعات لا تقبل نسبة أقل من65% وتكون التخصصات موزعة حسب الميول العلمية والقدرة لدى الطالبquot;.

وتابع:quot; فمثلاً كليات الهندسة والطب تحتاج لمعدلات مرتفعة تتجاوز أحيانًا في جامعاتنا 90%. وتتوزع على الكليات الأدبية والشرعية بمعدلات مختلفةquot;.

وأضاف النجار quot;هذا الأمر يضعنا أمام صدق العملية التربوية والتعليمية في فلسطين، سمعنا في وسائل الإعلام المحلية عن تسجيل هذا الطالب وربما أكثر من طالب، مقابل أموال طائلة دفعتها عائلاتهم التي تنتمي إلى الطبقات الغنية، هذا يثبت أن هنالك خللاً واضحًا في الشؤون الأكاديمية والطلابية في هذه الجامعة ويستوجب هذا الموضوع مساءلة قانونية لرئيس الجامعة، وكذلك للمسؤول الذي سجل هذا الطالب الراسبquot;.

ويقول الأكاديمي: quot;أعتبر أن فساد نظام الجامعة الأكاديمي الذي يفتقر إلى التخصص كما يعرف الجميع هو من أوصل الجامعة إلى جعل جل أهدافها تتوقف فقط على الاستثمار المالي لا التعليمquot;.

وأضاف:quot;أيضًا السؤال الذي يطرح نفسه أليست وزارة التربية والتعليم لديها قاعدة بيانات لكل الطلاب في الجامعات الفلسطينية، والذين تحتوي بياناتهم على أسمائهم ومعدلاتهم التراكمية في الثانوية العامة، وبالتالي هذا يستدعي محاسبة وزارة التربية والتعليم في غزة على تقصيرها، وعدم معاقبتها لهؤلاء الذين تجاوزوا القانون وحرموا الطالب المتفوق والفقير من حقه في الالتحاق بالجامعةquot;.

جهل وفساد

الطالب رمضان نعيم الذي يدرس الهندسة يعتبر أن ما يحدث وما تسرب من معلومات، هو دليل على الجهل والفساد الذي تعيشه هذه الجامعة.

ويواصل:quot;ما يتم تسريبه من معلومات حول قبول طالب لم يجتَز اختبار الثانوية العامة بنجاح هو خرق واضح للغاية لاتفاقيات التعليم، وهو يضر بالطالب أولا قبل أن يضر بالأساتذة وبالأكاديميينquot;.

ويستغرب نعيم quot;من سكوت الجهات الرسمية في غزة والضفة عما جرى من تجاوزات واضحة لقانون التعليم الفلسطيني بقبول طالب راسب، ويتساءل في الوقت نفسه: quot;ماذا تنتظر حكومة غزة حتى تعاقب هؤلاء الأكاديميين الذين تجاوزوا العرف بسكوتهم عن هذه الأخطاء الواضحة والفاضحةquot;.

ويوضح أن الفساد المالي والإداري في هذه الجامعات قد بلغ نسبة كبيرة لا يمكن تخيلها، وهي من الأسباب الرئيسية التي دفعت هذه الجامعة إلى تسجيل الطالب الراسب في إحدى الكليات.

وعن سؤال إيلاف عن حقوق الطالب المتفوق، يقول: quot;كل المؤشرات تصب في خدمة الطالب الفاشل وتساعد الطلبة الفاشلين على دفع أموال طائلة ثم الالتحاق بأية كليات يريدونها مقابل مبلغ من المال يعود بالنفع والفائدة لأصحاب الاستثمارات الخالصةquot;.

ويختم الطالب قائلاً: quot;الأصل في الموضوع أن تتم محاسبة كل من تجاوز قانون التعليم العالي في فلسطين وأن يتم فرض رقابة معينة بطريقة متخصصة حتى لا تقع مثل هذه الأخطاء مرة ثانية، والمصيبة أن تكون في إحدى الجامعات الكبيرة والمعروفة بسمعتها فهذا سيلحق بها العار وعدم المصداقية، بالإضافة أنها ستبقى تحت دائرة المساءلة من قبل المواطن الفلسطيني المتعلمquot;.

تجاوزت القانون

الطالب عبد الله الذي يدرس المحاسبة فهو يعبر لمراسلة إيلاف عن دهشته أمام هذا الخبر الذي هز الجامعات الفلسطينية كما يقول.

ويواصل بنبرة استنكار واستهجان quot;أستغرب أن جامعتي قد تجاوزت القانون بتسجيلها لطالب راسب في الثانوية العامة كان قد حصل على أقل من 50% واعتباره طالبًا منتظمًا ويحضر المحاضرات بشكل عاديquot;.

وتابع:quot; هذا الأمر يحرم الطلاب المتفوقين وحتى العاديين من حقوقهم التي تميزهم، فالطالب الذي حصل على معدل عالٍ يؤهله لدخول التخصص العلمي كالطب والهندسة، يأتي طالب قد رسب في الثانوية ويدخل نفس التخصص، هذا يستدعي وقفة جادة لمطالبة رؤساء الأقسام والكليات وكذلك الجامعة لمساءلة المسؤولين المتورطين في هذا الموضوعquot;.

ويتابع:quot;معروف أن رسوم الجامعة التي أدرس بها تكاليفها باهظة الثمن وأن أصحاب الأموال وسادة المجتمع الفلسطيني يرسلون أبناءهم مقابل مبالغ كبيرة من الأموال ويدخلون تخصصات مختلفة.. لقد تجاوزت جامعتي قانون التعليم المعروف في فلسطين ولم تتعرض لأي عقاب واضح وصريح بل وصل الأمر للتكتم الإعلامي المتعمد على ما يبدو من الجامعة وكذلك وزارة التعليم العالي في غزة وهذا يجلب لنا كطلاب ألف علامة تساؤل حول مصداقية التعليم الذي نبذل قصارى جهدنا لتسديد أقساطهquot;.