كثفت الجماعات المحافظة الروسية حربها ضد المثلية الجنسية، فوصلت حد ملاحقة المغنية مادونا والمطالبة بسحب نوع من الألبان عليه رسم قوس قزح اعتبر إساءة إلى القيم والتقاليد الروسية. وتشير هذه التطورات إلى تزايد أجواء عدم التسامح في البلاد.


بيروت: اكتشفت الشرطة الروسية خطرًا جديدًا على صحة الناس وقيمهم، ما هو إلا علبة كرتونية منتشرة في محلات السوبر ماركت في البلاد، تحتوي على أحد منتجات الألبان التي تنتجها شركة بيبسي كو الأميركية. وأدت هذه العلبة التي تحمل اسم quot;رجل الحليب السعيدquot; (أي الرجل الذي يحلب البقرة) إلى استنفار العديد من الجماعات المحافظة، ومن ضمنها جماعة مجلس الشعب، التي وضعت القضية على مكاتب المدعين العامين في روسيا.

أخافهم قوس قزح

تستخدم شركة بيبسي هذه العلامة التجارية لبيع جميع مشتقات الألبان في علب كرتونية تحمل صورة رجل مبتسم يعتمر قبعة الطاهي، فيما يبدو وراءه قوس قزح يمتد عبر السماء.
ويعتبر العديد من المحافظين في روسيا أن استخدام قوس قزح ليس بريئًا، إذ يؤشر إلى الرمز العالمي للممثليين، فاعترضوا على هذه العلامة التجارية مطالبين القضاء بالنظر في المسألة.

هذا الهجوم الذي تتعرض له هذه العلامة التجارية هو جزء من حملة يشنها المحافظون الروس ضد المثليين والسحاقيات في البلاد، لأن المثلية الجنسية ليست مجرد خطيئة في نظرهم، بل هي أيضًا رمز للقيم الغربية.
وشملت الحرب ضد المثلية أيضًا موسيقى البوب، إذ استدعت محكمة في مدينة سان بطرسبورغ المغنية الأميركية مادونا للتحقيق في اتهامات لها بالترويج للمثلية الجنسية، خلال حفلها الأخير في المدينة في بداية آب (أغسطس) الماضي.

أضرار quot;مادوناquot; المعنوية

لقد تم استدعاء مادونا بناءً على قانون صدر في سانت بطرسبورغ في بداية العام، أصدره حزب روسيا المتحدة التابع للرئيس فلاديمير بوتين، يجرم السلوك العام الذي يشجع على اللواط والسحاق والازدواجية والتحول الجنسي بين القاصرين.
يشار إلى أن هذا القرار أدى إلى اتخاذ وزارة الخارجية الكندية خطوات مقابلة، فحذرت المثليين والمثليات من السفر إلى بطرسبورغ، وحثتهم على تجنب التعبير عن ميولهم أو عواطفهم أمام العامة.
خلال الحفل، دعت مادونا إلى quot;الاحترام والتسامح والمحبةquot; ووزعت الشارات الوردية كرمز لقبول مثليي الجنس. ويقول عدد من المدعين في القضية إن هذه الأفعال كافية للتسبب بالضرر المعنوي الهائل، مطالبين مادونا بدفع مبلغ 333 مليون روبل، أي ما يقرب من 8.3 ملايين دولار، تعويضًا عن هذه الأضرار.

أسوأ من الانتحار

هذه الحالات تشير إلى أن روسيا، وبعد أكثر من عقدين من الزمن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لا تزال دولة غير متسامحة. ووفقًا لدراسة حديثة أجريت في مركز ليفادا للإحصاء، أظهرت الأرقام أن 62 بالمئة من الروس شاذون جنسيًا، بالرغم من أن الشذوذ هو الشيء الوحيد الذي يعتبر في روسيا أسوأ من الانتحار.
وعلى الرغم من التمييز المجحف بحق المثليين، تمكنت quot;ثقافة مثليي الجنسquot; من الصمود في روسيا، إذ هناك العديد من النوادي الخاصة بالمثليين في موسكو وسانت بطرسبورغ. لكن هذه النوادي تمثل الاستثناء لا القاعدة، إذ عادة ما يتعرض أفرادها للضرب والاعتقال.

متسولو السفارات

وفي وقت سابق من هذا الشهر، اقتحم رجال مقنعون احتفالًا ضم نحو 70 مثليًا في أحد النوادي، وهددوا أفراد الأمن والسقاة بالسلاح وشرعوا في ضرب المحتفلين.
فيتولي ميلونوف، وهو نائب عن حزب روسيا المتحدة في الجمعية التشريعية بسان بطرسبورغ، وأحد المبادرين لوضع قانون مكافحة مثليي الجنس في المدينة، ذهب أبعد من ذلك في إلقاء اللوم على المحتفلين، معتبرًا أنهم كانوا مسؤولين عن أعمال العنف. وقال ميلونوف إن المثليين أثاروا أعمال العنف بحكم سلوكهم البغيض والإباحي، معتبرًا أن المثليين quot;يركضون كالمسعورين إلى القنصليات الأجنبية متسولين المساعدات المالية من النجوم أو من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتونquot;.