يصر نبال اسطنبولي على أن الثورة السورية سلمية حتى الآن، لكن بطش النظام فرض عسكرتها، وهي متجهة إلى النصر لأن النظام السوري يعيش بتنفس روسي اصطناعي، لكن روسيا اعتادت بيع حلفائها، الواحد تلو الآخر.


في حوار خاص بـ quot;إيلافquot;، يرى عضو الهيئة العامة للثورة السورية في حلب، نبال اسطنبولي تقدمًا كبيرًا على الصعيد الميداني والعسكري، تعكسه حالة الارتباك الواضحة في صفوف جيش النظام، ومطالبة حلفاء الأسد بهدنة في عيد الأضحى المبارك. ويؤكد أن الثورة السورية لم تتخلَّ يومًا عن سلميتها، بدليل استمرار خروج المظاهرات المعارضة للنظام في المناطق التي لا تشهد أي اشتباكات وتخضع لسيطرة الثوار.

وفي ما يأتي نص الحوار:

مع دخول الثورة السورية شهرها العشرين، كيف تقيّمون واقع الأمر في سوريا سياسيًا وعسكريًا؟

انطلقت الثورة السوريّة المباركة ضدّ الظلم والاستبداد، للتحرّر والانعتاق من نظامٍ شموليّ أحكم سيطرته على كلّ مفاصل الحياة في سوريا على مدى 42 عامًا. وقد مرّت هذه الثورة بمخاضٍ عسير ومراحلَ صعبة على الصعيدين السياسي والعسكري، إذ عانى بلدنا من تصحّر سياسي خلال الحقبة الماضية، وبالتالي لم يكن من اليسير تنظيم العمل السياسي المعارض في جبهةٍ متناغمةٍ متناسقة. لكن في كلّ يوم، ومع استمرار نشاط الحراك الثوري، تتقارب المكوّنات السياسيّة وتزداد قدرتها على الحوار وصولًا إلى مرحلةٍ مستقبليّة نرى فيها أجندة واضحة، تتضمّن رؤيتنا كسوريّين لبلدنا، وذلك تحت الخطّ العريض الذي تتوافق عليه كلّ مكوّنات المعارضة والمتمثّل باسقاط النظام. عسكريًا، هناك ارتفاع مستمر في معنويّات الثوّار، الذين يقاتلون في سبيل حرّيتهم وكرامتهم. وعلى النقيض تمامًا، يعاني جيش النظام من الضعف والتشتت وانهيار المعنويّات، كون الجنود يقاتلون في سبيل طغمةٍ حاكمة، ويقتلون أهلهم وشعبهم في سبيل استمرارها.

هل تخلت الثورة السورية عن مبدأ السلمية الذي رفعته طويلًا مع عسكرتها؟

بدأت الثورة السوريّة سلميّة قولًا وفعلًا، والتسلّح والعسكرة فُرضا عليها فرضًا بعدما تعرّض المتظاهرون العزّل لعمليّات القمع والقتل الممنهجين. أتت العسكرة ردّ فعلٍ على همجيّة النظام ووحشيّته. لكن حتّى الآن، وفي المناطق التي يزول عنها بطش النظام، تخرج المظاهرات السلمية، وما زلنا نسمع الشعارات الجميلة، شعارات الحرّية والكرامة التي تعوّدنا سماعها منذ بداية الثورة السوريّة.

كيف تنظرون إلى قدرة النظام السوري على الصمود بعد كل هذه الفترة؟

لقد صمد النظام في وجه ثورتنا الشعبيّة المباركة نتيجة الدعم اللامحدود واللامتناهي المتدفّق من روسيا والصين، وتأييد المحور الإقليمي الممتد من ايران إلى حزب الله في لبنان، مرورًا بحكومة نوري المالكي في العراق. لقد أرهقت هذه الثورة الأنظمة التي تقف وراء بشّار الأسد، فهي الآن تطرح فكرة مرحلة انتقاليّة بإشرافه، وهذا يعني اضطرارهم لتقديم التنازلات. ولا ننسى جميعًا أنّ روسيا تعوّدت على الدوام بيع حلفائها الواحد تلو الآخر، والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة، من العراق إلى صربيا إلى ليبيا، والنظام السوري هو التالي في هذه السلسلة.

أرقام غير نهائية

كيف ترون إسهام المنظمات الحقوقية والإغاثية في حل مشكلة اللجوء والنزوح التي يعاني منها الشعب السوري؟

على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظّمات الإغاثيّة الدوليّة والإقليميّة، إلّا أنّها تبقى عاجزةً عن الإيفاء باحتياجات مئات الآلاف من المهجّرين اللاجئين في دول الجوار، والملايين الذين تركوا بيوتهم ونزحوا داخل سوريا. أعتقد هنا أنّ المجتمع الدولي يستطيع فعل الكثير للتخفيف من معاناة هؤلاء المهجّرين حتّى عودتهم إلى بيوتهم عندما يحلّ الأمن والاستقرار في سوريا.

هل لديكم أرقام موثقة بخصوص المعاناة الإنسانية الحالية؟

تتحدّث الأرقام الموثّقة لدينا عن 33731 شهيدًا وأكثر من 70 ألف جريح، وحوالي 130 ألف معتقل داخل زنزانات ومعتقلات النظام، ولربّما مثلهم من المفقودين. وهناك ما يربو على 1500 من الأطفال ومثلهم من النساء من ضمن العدد الكلّي للشهداء.

لدينا كذلك أرقام يتمّ تداولها من خلال الجهات الحكوميّة والمنظّمات الإغاثيّة في دول الجوار، والتي تتحدّث عن أكثر من 150 ألف لاجئ في تركيا، وحوالي 120 ألف لاجئ في الأردن، وما يقارب 80 ألف لاجئ في لبنان. وتتحدّث تقديرات المنظّمات الدوليّة عن نحو ثلاثة ملايين لاجئ هجّروا من بيوتهم قسرًا داخل سوريا. تبقى هذه الأرقام تقريبيّة لصعوبة الظروف والإحصاء ولكنّها في تزايد يومي مستمر.

حقد النظام

هل سينجح الثوار في تحرير حلب، أم يكون مصيرها كمصير عملية تحرير دمشق؟

ما يجري في حلب حاليًّا هو بداية لمعركة استنزاف يخوضها الثوّار لتحرير حلب كعاصمة اقتصاديّة وخزّان بشري كبير، وإخراجها من قبضة النظام. وقد نجح الثوّار في رفع يد النظام وكفّها عن حلب، وهذا ما يفسّر القصف العشوائي بالطيران الحربي للأحياء الآهلة بالسكّان، الذي عبّر عن حقدٍ أعمى يسيطر على طريقة تعامل هذا النظام مع مدينة حلب. عمليّة تحرير المدينة مستمرّة، ونأمل أن تكون نقطة البداية لتحرير سوريا كاملةً.

كيف ترون مستقبل الحل في سوريا، وإلى أين تتجه الأمور برأيكم؟

على الرغم من التضحيات الجسام، والأرواح الطاهرة التي أزهقت، ودماء الشهداء التي سالت لتروي أرض الوطن وترابه، فإنّنا متفائلون بالمستقبل، وواثقون من تحقيق النصر، ومفعمون بالأمل بمستقبلٍ جديد يكتبه السوريّون بدمهم بعيدًا عن أيّ تدخّل إقليمي وخارجي. سيكون الحلّ السياسي تتويجًا للانتصار العسكري وللحراك الثوري المستمر منذ الخامس عشر من آذار (مارس) 2011. وكلّ الشكر لكلّ إنسانٍ حرّ وقف إلى جانب الشعب السوري في ثورته لنيل حرّيته. وأُطمئن كلّ السوريّين الأحرار والشرفاء بأنّ النصر قادمٌ لا محالة، بإذن الله.