شكلت شجاعة الشابة الباكستانية ملالا يوسف زاي الناشطة من اجل حق الفتيات في التعليم مصدر إلهام لتلامذة باكستان الذين يعانون النقص المزمن في تمويل النظام الدراسي في بلادهم وتهديدات متمردي طالبان.


بيشاور: تتلقى الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي البالغة 15 عاما العلاج حاليا في مستشفى في مدينة برمنغهام البريطانية بعد إصابتها في رأسها وكتفها قرب الرقبة جرّاء اطلاق نار من عناصر في طالبان في التاسع من تشرين الاول/اكتوبر في مدينة مينغورا الواقعة في وادي سوات في ولاية خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان.

وتوجه اهلها مساء الخميس لزيارتها في المستشفى بعيد وصولهم الى بريطانيا.

وأكدت متحدثة باسم المستشفى لفرانس برس ان quot;والدتها، والدها وشقيقيها هناquot; في برمنغهام في وسط انكلترا، مضيفة quot;لقد زاروها الليلة الماضيةquot;.

وقال متمردو طالبان الباكستانيون الذين دمروا حوالى 200 مدرسة في سوات بين عامي 2007 و2009، انهم استهدفوا الناشطة الشابة لانها كانت تنشط من اجل حق الفتيات في التعليم.

وخلال الاسبوع الماضي، دمر متشددون اربع مدارس في شمال غرب باكستان، اثنتان منها قرب بيشاور كبرى مدن شمال غرب البلاد، واثنتان في محافظة مهمند القبلية المجاورة، وفق ما أفاد مسؤولون محليون وكالة فرانس برس.

وقال وزير الاعلام الاقليمي ميان افتخار حسين لفرانس برس ان quot;المتمردين يستهدفون اكثر مدارس الفتيات ويأمرون المدرسين والتلميذات بملازمة منازلهم، تطبيقا لرؤيتهم للتعاليم الاسلامية، اذا ما ارادوا ان يسلموا من تبعات مريعةquot;.

وبحسب نسيم بايغام الاستاذ في الكلية الاسلامية العامة للفتيات في بيشاور، فإن الهجوم على ملالا وتدمير مدارس في الاونة الاخيرة اثار الخوف في نفوس الاهالي.

الا ان الطالبات في الكلية يعتبرن ملالا مصدر الهام لهن، فقد برزت هذه الناشطة منذ سن ال11 عاما من خلال ادارتها مدونة الكترونية انتقدت فيها طالبان وعبرت عن حبها للمعرفة.

وصرحت الطالبة صبى رياض لفرانس برس quot;انه لامر محزن ان نرى طالبان يدمرون مدارسquot;، مضيفة quot;هذه الهجمات تثير الاضطراب لكن ملالا اعطتنا الشجاعة للكفاح في سبيل قضية التعليمquot;.

من جهتها قالت زميلتها راضية خان ان quot;الفتيات لن يخفن يوما من هذه الهجمات. سنكمل دراستنا حتى لو دمروا مدارسنا وهاجموا فتيات مثل ملالاquot;.

واضافة الى تهديدات الاسلاميين المتشددين، تواجه المدارس الباكستانية نقصا مزمنا في التمويل، وهو ما يحول دون تخفيض معدل الامية (42%) في هذا البلد المسلم الذي يعد 180 مليون نسمة.

وتنفق باكستان اقل من 2,5% من اجمالي ناتجها المحلي على التعليم، بحسب بيانات منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ما يضعها في قائمة اسوأ عشرة بلدان في العالم على هذا الصعيد.

وبحسب تقرير صادر عن الامم المتحدة، فان 5,1 ملايين طفل باكستاني لا يذهبون الى المدرسة، 63% منهم فتيات. كما تشير دراسة حديثة للحكومة الى فوارق كبيرة في مستوى التعلم لدى الفتيان والفتيات في انحاء البلاد.

وتبلغ نسب تعليم الفتيات ادنى معدلاتها في ولاية الناشطة ملالا، خيبر بختونخوا، وفي بلوشستان (جنوب غرب)، المنطقة المضطربة التي تشهد اعمال عنف تستهدف الاقلية الشيعية وهجمات لطالبان وتمردا محليا.

وهذا الوضع مرده، اضافة الى الضغط الممارس من المتشددين الاسلاميين، الفقر المدقع الذي يطال اكثر من 20% من الشعب الباكستاني بحسب الحكومة، وحوالى 30% منهم بحسب منظمات غير حكومية.

ويؤكد توصيف احمد خان من جامعة كراتشي ان quot;الفتيات هن اولى ضحايا الفقر والاميةquot;، في وقت تشير التقديرات الى ان عدد الاطفال العاملين دون ال14 عاما يبلغ 3,3 ملايين.

وتقول زهرة يوسف التي ترأس لجنة حقوق الانسان في باكستان ان quot;اي عائلة فقيرة تفضل ارسال صبي الى المدرسة. غالبية العائلات تعتبر ان تعليم الفتيات هو هدر للمال الذي بالامكان ادخاره لزواجهنquot;.

ومع ذلك، يصر بعض الاهالي على تعليم بناتهم.

وتصرح عذراء شبير (32 عاما) التي تزوجت في سن ال14 وارغمت على العمل في مصنع للاحذية مع زوجها quot;لدي ابنتان، كلاهما في الجامعة شأنهما شأن شقيقيهما. أريدهما ان تتعلما وتنجحا، ولا يهم اذا ما كنت مضطرة للعمل بجهد لتحقيق ذلكquot;.

وتضيف مبتسمة quot;فقرنا يلاحقنا، كما طالبان، لكننا نستطيع الدفاع عن نفسنا، كما فعلت ملالا في وجه طالبانquot;.