شهدت وزارة الداخلية العراقية أكبر حملة تنقلات في تاريخها أطاحت بكبار ضباطها ونقل وكلاء الوزير فيها من مناصبهم التي شغلوها منذ سنوات. ولعل أهم ما فيها التنقلات التي شملت المشرفين على الملف الأمني في الوزارة.
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: في وقت تزداد فيه الخلافات على شغل وزارة الداخلية العراقية من قبل الكتل السياسية، وتزايد العمليات الارهابية في بغداد وبقية المحافظات شهدت الوزارة quot;ثورةquot; تنقلات بين كبار ضباطها، خاصة بالنسبة إلى المشرفين على الملف الاستخباري.
فقد أبلغ مصدر، هو ضابط كبير في وزارة الداخلية يزور عمان، إيلاف اليوم أن رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة قام بحملة تنقلات كبرى لم تشهدها الوزارة من قبل.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن مدير الشؤون الداخلية اللواء أحمد أبو رغيف الذي نقل قبل فترة وجيزة الى مديرية المعلومات- الاستخبارات تم تهميشه الى دائرة المحاربين.
وأشار المصدر الى أن مديرية الشؤون الداخلية ذات الأهمية الكبيرة تم تفكيكها تقريبًا، وتوزيع ضباطها إلى دوائر أخرى. متوقعا أن تحرك ملفات فساد، يرى أنها كيدية، ضد اللواء أبو رغيف، الذي قال إنه أدار الملف الأمني في الوزارة بمهنية عالية.
وأضاف أنه تم إسناد الملف الاستخباري في الوزارة إلى الفريق أحمد الخفاجي المقرب من المجلس الإسلامي العراقي، وكان ضابطًا أسيراً في إيران إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ويشغل منصب وكيل الوزير للشؤون الساندة.
المصدر قال لـquot;إيلافquot; إن هذا الضابط حضره الأميركيون منذ أن كانوا يمسكون بالملف الأمني في العراق قبل عام 2011 في دائرة الشؤون الساندة، وهي دائرة خدمية، لوجود شكوك لديهم من تقربه لإيران بسبب فترة الأسر، ولأنه يعد محسوبًا على المجلس الإسلامي الأعلى الذي يتزعمه عمار الحكيم.
ورأى أن التنقلات غلب عليها طابع تبادل المناصب، فالوكيل لشؤون الاستخبارات حسين كمال نقل للشؤون الساندة بدلاً من الفريق أحمد الخفاجي، الذي كان يشغلها، وأصبح يشغل شؤون الاستخبارات الآن.
وتم نقل اللواء حسين كمال، وهو كردي، إلى الوكالة الوطنية للتحقيقات، بعدما كان وكيل الوزارة لشؤون الاستخبارات. وهذا المنصب كان مخصصًا للأكراد ضمن اتفاق خاص عام 2004.
وأضاف المصدر أن اللواء حسين العوادي، الذي كان يشغل منصب إدارة الشرطة الاتحادية، نقل إلى قيادة شرطة الحدود، وجاء قائد شرطة الحدود الفريق محسن الكعبي بدلاً منه إلى الشرطة الاتحادية.
المصدر بيّن أن هذه التنقلات جاءت بسبب الاختراقات المتعددة في الأشهر الماضية، التي أودت بحياة المئات من العراقيين. ولوجود مؤشرات وشكاوى فساد لدى بعض الضباط في وزارة الداخلية بسبب الفترة الزمنية التي قضوها في مناصبهم وملاحظة مؤشرات استئثار بالمنصب على حساب العمل.
من جانب آخر رأى المصدر، وهو خبير في الشؤون الأمنية، أن هذه quot;الثورةquot; من التنقلات التي قادها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حظيت بموافقة بقية قادة الائتلاف الشيعي ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض.
ويرى متابع عراقي أن هذه التنقلات تظهر أن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في العراق نوري المالكي ممسكًا بقبضة الأمن بعيدًا عن أي ضابط كبير لديه علاقة بالجانب الاميركي. لكنها من جانب آخر، تقرب الملف الأمني لإيران، التي رأى المتابع العراقي أنها مهتمة بالاستقرار في العراق اليوم أكثر من ذي قبل، ما دامت تحقق ما كانت تتمناه عبر إبعاد أي مقرب لواشنطن في العراق.
وأضاف أن جهازها الاستخباري القوي سيقدم معلومات مهمة إلى الجهاز الأمني العراقي بعدما كانت تخشى أن تتداخل مع المقربين من واشنطن، وتخشى أن يكون ذلك تمهيدًا لاختراق أمني لها، حسب قوله.
وحول الجانب الطائفي والقومي، الذي قد يفهم منه في هذه الحركة من التنقلات، يرى المتابع العراقي أن هناك حربًا باردة في العراق بين الجانب الشيعي والكردي. وهذه الحركة من التنقلات غير بعيدة أبداً عن ذلك.
وهي كذلك تأكيد لمبدأ المحاصصة، الذي بات معيارًا لكل المناصب في العراق. فوزارة الداخلية كانت ولما تزل من حصة المكون الشيعي، ويديرها بالوكالة الآن رئيس الوزراء نوري المالكي، مع المقرب منه الوكيل الأقدم في الوزارة عدنان الأسدي، التي لما يزل من أقوى المرشحين لشغل حقيبتها.
لم يرد أي رد فعل حتى الآن على حركة التنقلات هذه في أهم وزارة عراقية بسبب عدم تسرّب الخبر الذي اتخذ مساء أمس الأربعاء. ومن المتوقع أن تمر هذه التنقلات من دون عائق مهما كانت ردود الفعل الكردية حولها.
يذكر أن الوزارات الأمنية العراقية ما زالت تدار بالوكالة بسبب عدم توافق الكتل السياسية حول المرشحين لها، حيث نسبت حقيبة الدفاع إلى المكون السني، والداخلية إلى المكون الشيعي، والمخابرات إلى المكون الكردي.
ويحمّل ائتلاف دولة القانون ائتلافَ العراقية تأخير حسم مرشح الدفاع بسبب تقديم أسماء لا تنال إجماع الكتب بسبب شمول بعضهم بقانون المساءلة والعدالة (قانون اجتثاث البعث)، حسب تبريرات ائتلاف دولة القانون. فيما يرى نواب العراقية أن السبب في رفض مرشحيها لمنصب الدفاع كي يبقى رئيس الوزراء العراقي ممسكًا بكل الملفات الأمنية، وهو التبرير الكردي نفسه.
ويترقب العراقيون أن يلتئم شمل قادة الكتل السياسية قريبًا ضمن الاجتماع الوطني، الذي كان دعا إليه رئيس الجمهورية جلال طالباني. لكن خلافات وشروط الكتل المتناقضة والمختلفة في ما بينها تحول حتى الآن دون انعقاده.
التعليقات