يفرض أمن الخليج وجوده في أي تجديد أو إطلالة جديدة في حكم الرئاسة الأميركية، اليوم مع تجديد لـ أوباما، ماذا سيكون في أفق المستقبل، مع أزمات تشتعل وفي دول عدة في المنطقة بين الألم والحلم.
الرياض: مع إعلان فوز الرئيس الأميركي باراك أوباما بفترة رئاسية جديدة، ومع التهنئة السعودية العابرة للقارات بسرعة الضوء، يتكون السؤال حول مستقبل العلاقة بين الرياض وواشنطن خصوصًا وأن السعودية تعرف سيرة أوباما جيدًا.
الحكومة السعودية أشادت في تهنئتها اليوم بالتطور التاريخي في العلاقات بين البلدين، الذي شهد في أربعته السابقة تقاربًا بعض الشيء، وأخفته في أحيان شعلات quot;الربيع العربيquot;.
العلاقات السعودية الأميركية تشهد ما يشبه quot;الزواج الكاثوليكي، مهما بلغت درجة الخصام فالعلاقة مستمرةquot;، وهو ما ذكره في رحلة سابقة السفير السعودي السابق لدى أميركا الأمير بندر بن سلطان الذي يترأس استخبارات بلاده وأمنها الوطني.
هنا سألت quot;إيلافquot; سياسيًا سعوديًا وآخر اقتصاديًا، لمعرفة المستقبل في الرباعية الجديدة للرئيس الأميركي، فهل سيتغيّر شيء، أم ستظل السياسة مرسومة وفق المصالح والسياسات الواقعية المستجدة؟
سياسيًا: quot;التقارب بين الرياض وواشنطن سوف يزدادquot;
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور علي الخشيبان قال خلال حديثه لـ quot;إيلافquot; إن العلاقات السعودية الأميركية قديمة ومتينة وهي راسخة في عمق سياسة البلدين، وقال عن فوز أوباما بالفترة الجديدة له الكثير من المؤشرات وخاصة أنه جاء وسط مرحلة حساسة في المنطقة العربية حيث تزامنت الثورات العربية مع فترة رئاسته الاولى؛ حيث رأى الخشيبان أن ذلك جعل أوباما قريبًا من الأحداث السياسية العربية وخاصة دول الثورات العربية.
وأضاف أن السياسة الأميركية في ظل وجود الرئيس اوباما مدركة للكثير من متغيّرات المنطقة ومحافظة على مصالحها الاقليمية ومدركة كذلك الأدوار الرئيسة التي تلعبها السعودية كبلد يمثل ثقلاً عربيًا وإسلاميًا، ومن ذلك لجأت السياسة الاميركية الى التنسيق والتعاون مع الرياض في تلك الفترات؛ ldquo;نظراً لكون المملكة ذات العمق السياسي والقوة الاقتصادية في المنطقة قادرة على التعامل مع الوضع في المنطقة وفهم معطياته السياسية بشكل ايجابيrdquo;.
ورأى الخشيبان أن السياسة السعودية والأميركية حريصتان على احترام رغبات الشعوب في المنطقة إلى quot;جانب المحافظة على الدم العربي والإسلامي من الانتهاكquot;.
وفي قراءته، رأى الخشيبان أن العلاقات السعودية/ الأميركية في ضوء ترشح الرئيس أوباما سوف تمارس الدور السابق نفسه من التنسيق والتعاون في سبيل المنطقة وإخراجها من تلك الصعوبات التي تواجهها وخاصة قضية الحد من انتشار الاسلحة النووية في المنطقة والثورات العربية والقضية الفلسطينية.
واعتبر أن التقارب السعودي الأميركي مع أوباما quot;سوف يزدادquot; لكون المملكة هي الأكثر استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا في المنطقة، وتلعب دوراً مهماً كونها القطب الاكبر في المنطقة العربية، وعن رؤيته للمنطقة قريباً رأى أن الأيام القادمة ستكون مسرحًا لدور فاعل لعلاقات اكثر تنسيقاً واستقرارًا بين البلدين؛ خاصة وأن الثورات العربية وإعادة التشكيل السياسي للمنطقة وقدوم أفكار سياسية تتطلب تنسيقاً مستمراً بين البلدين وهو ما يعني استمراراً راسخًا ومتينًا للعلاقة بين البلدين.

الاقتصاد: أميركا تعقد أعظم الصفقات مع quot;المنقذquot; السعودية!
الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور مرزوق الغانم قال إن السعودية كانت quot;منقذاًquot; للاقتصاد الأميركي في فترة انكماشه، واعتبر خلال حديثه مع ldquo;إيلافrdquo; أن أكبر صفقة أسلحة في تاريخ أميركا تقودها السعودية.
ولفت الغانم إلى أن الاقتصاد لن يتأثر بتجديد للرئيس أوباما من عدمه أو أحد الجمهوريين؛ فحجم التبادل التجاري بين البلدين يتجاوز الـ (55 مليار دولار) ومجلس الأعمال بين البلدين يعرف درب التقابل والتجاذب بينهما ولو خف وهج السياسة.
وامتدح الغانم التقارب الاقتصادي ومحاولة تسهيل الاستثمارات بين البلدين خاصة من الجانب الأميركي الذي يدخل بقوة في المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية، وللتوجهات الكبرى له في محاولة حث الأفراد على ريادة الأعمال وكذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
سياسيًا كذلك: ماذا عن المنطقة.. وسوريا وإيران؟
المنطقة تمرّ بها رياح مفاجئة، كل يوم تحمل في محتواها عجاجاً لا يسمح بالرؤية البعيدة، وأحياناً القريبة.. quot;إيلافquot; سألت ضيفها السياسي الدكتور علي الخشيبان عن القضية الايرانية والقضية السورية والدور الأميركي في ذلك الذي سيعود على المنطقة بالأثر، فأجاب بأنه: بحكم ارتباط القضيتين السورية والإيرانية السياسي وصعوبة الفصل المباشر بين القضيتين؛ فإن أوباما سيكون quot;بعيدًا عن الحسم العسكري في سوريا وسوف يدعم الجهود الثورية في الداخل وسوف يعمل على تنسيق وتوحيد الصفوف بينهاquot;.
وتوقع الخشيبان أن أوباما سوف يلجأ الى مضاعفة العقوبات الاقتصادية على إيران لكونه مقتنعاً وبشكل كامل بنجاح تلك العقوبات، بينما رأى أن الأزمة الأكبر التي ستواجهه في قضية إيران هي أن تتخذ إسرائيل قرارًا فرديًا بضرب المفاعلات النووية الايرانية وهذا ما سوف يضاعف ويفاقم الأزمة.
وقال إن أوباما سوف يلعب دوراً بارزًا في فترته الثانية للحد من اتخاذ إسرائيل قرارًا بمهاجمة إيران، ما لم يستنفذ الرئيس اوباما كل الفرص الدبلوماسية قبل أن يقرر منع إيران من امتلاك سلاح نووي بالقوة العسكرية.
وأضاف أن سوريا ولبنان بعيد رحيل الاسد سوف يكلفان أميركا الكثير من الجهد؛ مستشرفاً الخشيبان ما سيكون إن كانت أميركا استطاعت أن تتحاشى التدخل العسكري في سوريا فلن تستطيع أن تتحاشى التدخل الاقتصادي والعمل بكل قواها سياسيًا واقتصادياً؛ من أجل تسريع عملية الاستقرار السياسي في سوريا اولاً ثم لبنان لكون هاتان الدولتان قريبتين من اسرائيل.
الإسلام السياسي وأوباما
واعتبر من جانب آخر أن السياسة الأميركية أظهرت ارتباكًا كبيراً في تقدير تعاونها مع التيار الاسلامي وخاصة أن وجهتها في دعم ثوار سوريا أو غيرهم لم تعد قادرة على تحديد وجهة الخوف ومقداره، وهل هو من الاسلاميين وأيديولوجياتهم أم من الإسلام..؟
ورأى أن السياسة الاميركية في عهد الرئيس أوباما مطالبة ألا تكرر أخطاء الرئيس بوش الابن في اول ردة فعل له على هجوم سبتمبر .. موجهًا الرئيس بأن عليه الكثير من المهام الصعبة لتحديد الرؤية الحقيقية للسياسة الأميركية للتعامل مع الثورات العربية، وقياداتها بعيدًا عن خلط الأوراق بين الاسلام والمسلمين.