في خطوة تستهدف حماية القضاة العراقيين من عمليات الاغتيال والاختطاف التي تستهدفهم خصصت السلطات العراقية أكثر من ستة ملايين دولار من أجل شراء مصفحات وتعيين حراس لهم... فيما أعلن مجلس القضاء الاعلى تحفظه على وجود فقهاء دين في المحكمة الاتحادية مشيرًا إلى أنها بذلك ستتحول من هيئة قضائية إلى فقهية.


وافق مجلس النواب العراقي خلال مناقشة الموازنة السنوية بشكل مبدئي على تخصيصاتها البالغة 470 مليارا و328 مليونا و200 الف دينار (45 مليون دولار تقريبًا). كما وافق المجلس على تخصيص مبلغ 7 مليارات و500 مليون دينار عراقي (اكثر بقليل من 6 ملايين دولار) لشراء 100 سيارة مصفحة للقضاة من اجل حمايتهم من عمليات اغتيال والاختطاف التي تستهدفهم والتي تصاعدت خلال الفترة الاخيرة.

وكان مجلس النواب قرر في السادس عشر من الشهر الماضي تخصيص أسلحة وحوالى 10 آلاف رجل أمن لحماية القضاة البالغ عددهم 1360 قاضيا من عمليات الاغتيال التي تستهدفهم والتي راح ضحيتها 60 منهم منذ عام 2003. وأقر المجلس توفير العدد الكافي من الحماية الشخصية وعناصر الشرطة لحماية القضاة وتوفير الاسلحة اللازمة واماكن السكن لعناصر حمايتهم.

وجاءت هذه الاجراءات اثر مطالبات للجنة القانونية البرلمانية السلطة التنفيذية بتوفير الحماية اللازمة للقضاة وتهيئة مستلزمات اداء عملهم. وقال عضو اللجنة القاضي محمود الحسن خلال مؤتمر صحافي انه في ظل الظروف التي تعيشها البلاد quot;والهجمة الارهابية التي تقودها قوى الظلام ضد العراقيين والتي كان القضاة والقانونيون في محافظات الموصل والبصرة والانبار وكركوك وغيرها اخر من تم استهدافهم من قبل تلك القوى الظلامية فإن قوى الشر استهدفت هؤلاء لا لشيء الا لانهم قالوا كلمة الحق وارادوا تطبيق القانون بصورة صحيحةquot;.

واضاف ان اسباب هذا الاستهداف يكمن ايضا في ضعف منظومة الحماية وقلة التسليح وعدم وجود مركبات كافية لافراد الحماية اضافة الى عدم وجود مكان لايواء افراد الحماية الى جانب منزل القاضي. واوضح انه بناء على ما تقدم وبعد تشخيص الخلل في موضوع استهداف القضاة يرى اعضاء اللجنة القانونية ضرورة توفير الحماية الكاملة لهم وتهيئة مستلزمات عملهم.

وقد ابلغ مصدر قضائي quot;ايلافquot; ان الحكومة ماضية في تخصيص خمسة عناصر أمن تابعين لوزارة الداخلية لحماية كل قاضي وأفراد أسرته لحمايتهم من استهدافهم. واشار الى انه قد تم حتى الآن تخصيص 2500 شرطي و7500 حارس أمني تابعين لوزارة الداخلية لمرافقة القضاة في مقر عملهم وحراسة مساكنهم اضافة الى تخصيص سيارات مصفحة لتنقل رؤساء المحاكم.

وأضاف أن الجهاز القضائي العراقي فقد منذ عام 2003 حوالي 74 قاضيا بينهم 21 رئيس محكمة فيما قتل في الفترة نفسها 151 موظفا في المحاكم العراقية بينهم ممن حملوا منصب مدعٍ عام ومحقق ومعاون قضائي.

ويتعرض القضاة العراقيون وخاصة اولئك الذين يحققون في تنفيذ عمليات ارهابية لانتقام المسلحين وخاصة في محافظة نينوى الشمالية التي تواجه نشاطا ملحوظا للجماعات المسلحة بحيث اشار محافظها اثيل النجيفي مؤخرا الى أن الاغتيالات التي تستهدف القضاة في مدينة الموصل عاصمة المحافظة تتجه quot;من سيئ إلى أسوأquot;.

تشريع quot;دينية الدولةquot; يصطدم باعتراض مجلس القضاء الأعلى

وكشفت اللجنة القانونية البرلمانية عن تحفظ مجلس القضاء الاعلى على فقرة فقهاء الشريعة في مشروع قانون المحكمة الاتحادية بشكل رسمي. وقال عضو اللجنة لطيف مصطفى ان quot;السلطة القضائية أبدت تحفظها على فقرة فقهاء الشريعة كونها ستحول المحكمة من صفة قانونية الى فقهية وقد ابلغت تحفظها هذا في خطاب رسمي الى اللجنة من مجلس القضاء الاعلىquot;. واوضح في تصريح بثه المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي الرسمية انquot;اللجنة القانونية ستدرس تلك التحفظات على الرغم من انها غير ملزمة للبرلمان بحسب الدستورquot;.

ويعد قانون المحكمة الاتحادية الذي اطلعت quot;ايلافquot; على نصه من القوانين التي تعد محل خلاف بين الكتل السياسية حيث ادت الخلافات الى تأجيل عرض القانون أكثر من مرة ، وتعد فقرة فقهاء الشريعة وحق النقض لهم اضافة الى الية انعقاد المحكمة فيما اذا ستكون بالاغلبية ام بحضور جميع اعضائها من النقاط الخلافية الاخرى. ومنذ مطلع العام الحالي فقد اجل مجلس النواب ثماني مرات التصويت على قانون المحكمة الجديد، الذي سيضع أسس التمهيد لتحويل مدنية الدولة العراقية إلى دينية حيث سيتعذر تمرير اي قرارات من دون موافقة هؤلاء الفقهاء.

ولدى مناقشة القانون خلال الأشهر الماضية، طالبت قوى سياسية بأن يكون ضمن قضاة المحكمة 6 رجال دين، اربعة منهم من الشيعة تختارهم المرجعية الشيعية العليا في النجف، واثنين من السنة يختارهم الوقف السني، على ان يتمتعوا بحق النقض quot;الفيتوquot; على اي قرار يتخذ، فيما رأت قوى أخرى أن وجود رجال الدين هؤلاء سيعقد عمل المحكمة بسبب الإختلاف الفقهي بين المذهبين الشيعي والسني. لكن آخرين ردوا بأن وجود رجال الدين ضروري، لأنquot;الدستور ينص على أن التشريع في الدولة العراقية يستند إلى الشريعة الإسلاميةquot;.

ويشكل قانون المحكمة الإتحادية العليا قضية شائكة تتعلق بمؤسسة يتوقف على قراراتها مصير النزاعات السياسية والقانونية، بين القوى والهيئات العاملة في البلاد، خاصة في ما يخص بعض مواده المتعلقة بتشكيل الهيئة القيادية للمحكمة وخاصة عدد خبراء الفقه الاسلامي وفقهاء القانون وأي من الجهتين تكون له الغلبة العددية وسط مخاوف من أن تؤدي هيمنة الجانب الأول إلى التوجه للدولة الدينية على حساب المدنية.

وقد وضع الدستور العراقي الدائم المصادق عليه في استفتاء شعبي أواخر عام 2005 أسس تشكيل المحكمة الاتحادية العليا، وحدد مهماتها ومسؤولياتها في مادته الثانية والتسعين التي تشير إلى انها quot;هيئة قضائية مستقلة ماليا وادارياquot; وانها تتشكل من quot;عدد من القضاة وخبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم وطريقة اختيارهم، وعمل المحكمة بقانون يسن بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النوابquot; وهي المادة التي أدخلت البرلمان في جدل سياسي وفقهي وجدل وخلافات واسعة لن تحسم إلا بتوافق سياسي بين الكتل البرلمانية.

ويخشى معارضون زيادة عدد خبراء الفقه الاسلامي إلى تحول المحكمة إلى شبه مرجعية دينية اكثر منها قانونية للفصل في النزاعات، وتفسير القوانين النافذة واحكامها. ويجادل هؤلاء بأن الدستور لم يحدد عدد خبراء المحكمة سواء الفقهاء منهم او الخبراء وأن مشروع القانون هو الذي يسعى لذلك معتبرين ان التوازن في هذه الاعداد مطلوب بالحاح. كما ان هناك خلافا حول الية اختيار هؤلاء الخبراء والجهات التي سترشحهم والتي ستوافق عليهم اضافة إلى المواصفات التي يجب ان يتمتعوا بها لتولي مهماتهم الحساسة هذه.

لكن المناقشات التي جرت في مجلس النواب قد اقتربت من الاتفاق على وجود 4 من فقهاء الدين في عضوية المحكمة التي تضم 17 عضوا، ومنحهم حق النقض على القرارات والقوانين التي تخالف احكام الشريعة الاسلامية على أن يكون النقض من عدمه وتمريره بموافقة ثلاثة من هؤلاء الفقهاء الأربعة. وأكدت اللجنة القانونية في مجلس النواب أنه تم الاتفاق على أن يكون من ضمن أعضاء المحكمة الـ 17 تسعة أعضاء من القضاة وأربعة فقهاء في الشريعة الإسلامية وأربعة خبراء قانونيين.

وتشير مسودة قانون المحكمة الاتحادية العراقية العليا التي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها على أن أحكام وقرارات المحكمة باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن وملزمة للجميع، وكذلك يكون رأي المحكمة في تفسير اي نص دستوري باتا وملزما.

وتختص المحكمة بممارسة الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة التشريعية وتفسير نصوص الدستور، كما تختص بالفصل في القضايا التي تنشأ عن تنفيذ القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية.

وتقوم المحكمة بحسب قانونها الجديد بالفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية وفي الفصل في المنازعات التي تحصل بين حكومات الأقاليم والمحافظات.

وتشير الأسباب الموجبة لإصدار قانون المحكمة إلى انه quot;عملا بالاحكام الواردة في المواد (52-92-94-97) من دستور جمهورية العراق ولمواكبة ما ورد فيه من تغييرات لتطوير العملية الديمقراطية والمؤسسات الدستورية فقد شرع هذا القانونquot;.