تستعد العاصمة السورية لمعركة شرسة حاسمة، فالناشطون المعارضون وسكان العاصمة يؤكدون أن طرفي النزاع يحشدان قواتهما وينتظران ساعة الصفر. وتزيد المعارضة تغلغلها في أحياء دمشق، بينماتحاصرها القوات النظامية براجمات الصواريخ.


دمشق: تعيش دمشق أوضاعًا استثنائية مع تعزيز القوات النظامية لنقاط تمركزها وتواصل قصف المناطق الثائرة، فيما تتحضر المعارضة لمعركة حاسمة تخوّلها من الوصول إلى وسط المدينة. ويقول أبو أحمد الميداني، وهو قائد إحدى المجموعات التابعة للجيش الحر، إن quot;المعارضة السورية تعد العدة والخطط الميدانية للتغلغل أكثر في دمشق بهدف خوض المعركة الحاسمة مع نظام الرئيس بشار الأسدquot;.

ويؤكد أحد سكان العاصمة لـquot;الشرق الأوسطquot; أنه quot;لا يوجد مكان آمن في العاصمة. كل الأحياء معرضة إما لاشتباكات مفاجئة بين المعارضة والنظام أو للقصف من قبل طائرات النظامquot;. ويضيف quot;حتى الأحياء الراقية لم تعد بمنأى عن الحرب الدائرة في المدينة، لقد استهدف منذ مدة حي أبو رمانة الراقي المعروف بالتحصينات الأمنية المحيطة بهquot;.

ويؤكد علاء، وهو أحد القاطنين في حي كفرسوسة، أن quot;المدينة تتحضر لمعركة كبيرةquot;، مضيفًا: quot;كلا الطرفين يحشد قواته وينتظر ساعة الصفرquot;، موضحاً أن النظام يحاصر العاصمة براجمات الصواريخ ويستقدم حافلات من الشبيحة من المحافظات الأخرى. ويشير علاء إلى أن قوات النظام quot;تغلق مداخل المدينة في بعض الحالات بحيث تمنع الدخول والخروج منها، وذلك بسبب الخوف من حدوث أي تحوّل مفاجئquot;.

وتدور المعارك بين الجيشين الحر والنظامي في مناطق مختلطة طائفية. ففي حي القابون الذي يقطنه سنة وعلويون، تحدث عمليات كر وفر بين الطرفين، وكذلك حي القدم المختلط أيضًا بين سنة وأقلية علوية، أما في مناطق عربين وداريا وجرمانا وصحنايا التي تشهد عمليات واسعة منذ أشهر فيتألف نسيجها السكاني من سنة ومسيحيين وعلويين ودروز.

وأكثر الأحياء توترًا في العاصمة برزة (شمال)، والقابون، وركن الدين (شمال)، وبساتين المزة (غرب)، وجوبر (شرق)، والقدم (جنوب)، وكفرسوسة (جنوب غرب)، والتضامن (جنوب شرق)، ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين (جنوب).

المعارضة تسيطر على مطار عسكري في ريف دمشق

وأمس السبت، دارت اشتباكات عنيفة منذ الصباح في عدد من مناطق ريف دمشق بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين، ترافقت مع اشتباكات متقطعة وقصف في الاحياء الجنوبية من العاصمة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد إن المعارضة السورية المسلحة سيطرت مساء السبت على quot;أجزاء كبيرةquot; من مطار مرج السلطان العسكري في منطقة ريف دمشق وتمكنت من تدمير مروحيتين عسكريتين.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الأنباء الفرنسية إن المعارضة السورية المسلحة quot;سيطرت على اجزاء كبيرة من مطار مرج السلطان العسكري في ريف دمشق بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظاميةquot;. واوضح أن المعارضة quot;دمرت مروحيتين كانتا على ارض المطار وسيطرت على دبابة واسرت 12 جنديًا نظاميًاquot;. ويقع هذا المطار على بعد نحو 15 كلم شرق العاصمة دمشق.

85 قتيلاً السبت

وبلغ عدد ضحايا اعمال العنف في سوريا السبت 85 قتيلاً هم 19 مدنيًا و42 مقاتلاً معارضاً و24 جنديًا، بحسب حصيلة للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرًا ويقول إنه يعتمد على شبكة من الناشطين في كل انحاء البلاد ومصادر طبية في الداخل.

وافاد المرصد مساء السبت عن تمدد الاشتباكات في العاصمة الى حيي برزة وتشرين (شمال) وعن تجدد القصف على حي العسالي (جنوب) من جانب القوات النظامية التي نفذت ايضاً حملة دهم في حي البرامكة (جنوب غرب). واوردت وكالة الانباء السورية الرسمية quot;ساناquot; من جهتها أن القوات النظامية لاحقت وتمكنت من القضاء على quot;ارهابيين من تنظيم القاعدةquot; في ريف دمشق، في الزبداني والغوطة الشرقية وبيت سحم وداريا.

ونقلت سانا عن مصدر مسؤول أن الاشتباك في داريا quot;اسفر عن القضاء على عدد من اخطر الارهابيين القناصين من تنظيم القاعدة كانوا يتحصنون فى منازل الاهالي بعد تهجيرهم منها ومصادرة صنوف من الاسلحة والذخيرة التي كانوا يستخدمونها في الاعتداء على المواطنين ورجال الجيشquot;. واشارت لجان التنسيق المحلية في بريد الكتروني الى أن قوات النظام تحاول اقتحام داريا.

معارك حلب

وشهدت مدينة حلب (شمال) كذلك معارك عنيفة بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة، بحسب المرصد الذي اشار الى أنها تركزت في محيط مبنى المخابرات الجوية في حي جمعية الزهراء الذي يحاول المعارضون السيطرة عليه.

وقال شاهد قدم نفسه باسم ابو محمد إن المقاتلين المعارضين هاجموا عناصر من القوات النظامية تتولى حراسة سد تشرين الاستراتيجي الواقع على نهر الفرات بين محافظتي حلب والرقة (شرق). ويسيطر مقاتلو المعارضة على واحدة من الطرق الرئيسية التي تربط بين حلب والرقة، ومن شأن السيطرة على سد تشرين تأمين معبر ثانٍ لهم بين المحافظتين الواقعتين على الحدود مع تركيا.

ويستعد المقاتلون المعارضون لشن هجوم يريدونه حاسمًا على كتيبة الدفاع الجوي في الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي التي يحاصرونها منذ اسابيع، وهي من آخر معاقل القوات النظامية في ريف حلب. وقال قائد كتيبة نور الدين الزنكي الشيخ توفيق لصحافي في وكالة فرانس برس quot;عندما تسقط كتيبة الشيخ سليمان، سيتحرر كل القسم الغربي من محافظة حلبquot;، مشيرًا الى أن دور مدينة حلب سيحين بعد ذلك.

وسجل المقاتلون المعارضون تقدمًا على الارض خلال الاسابيع الماضية في منطقتي الشمال والشرق، اذ استولوا على مقر الفوج 46 في ريف حلب التابع للقوات النظامية، كما سيطروا قبل يومين على مدينة الميادين في محافظة دير الزور (شرق) وفيها مقر كتيبة للدفاع الجوي.

تعزيزات في حمص

في محافظة حمص (وسط)، افاد المرصد وناشطون عن تعرض مدينتي القصير والرستن اللتين تحاول القوات النظامية اقتحامهما منذ اشهر للقصف العنيف. وافاد المرصد عن quot;تعزيزات عسكرية للقوات النظامية في محيط حي دير بعلبة في مدينة حمص تمهيدًا لاقتحام الحيquot;، بينما ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن quot;قصفًا عنيفًا يستهدف أحياء حمص القديمة المحاصرة (باب هود وباب التركمان والحميدية ) بالمدفعية والهاون التابعة لجيش النظامquot;.

في محافظة الحسكة (شمال شرق)، يستمر التوتر في راس العين بين مقاتلين اكراد ومقاتلين معارضين دخلوا المدينة في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر بعد معارك دامية مع القوات النظامية انتهت بانسحاب هذه الاخيرة.

وقال احد سكان راس العين لوكالة الأنباء الفرنسية إن quot;عدد السكان بات قليلاً جداً في المدينة، وان معظم الاهالي فرواquot;، مشيرًا الى quot;انقطاع التيار الكهربائي والمياه والاتصالاتquot; بعد ايام من المعارك الدامية بين الاكراد ومقاتلين إسلاميين معارضين.

واشار المرصد الى quot;جهود يقوم بها بعض الاطراف للوصول الى مصالحةquot; بين الطرفين. واتفقت المجموعات الكردية الرئيسية في سوريا على تشكيل قوة عسكرية موحدة لمواجهة المقاتلين المعارضين الإسلاميين في شمال شرق البلاد، بحسب ما افاد وكالة فرانس برس الجمعة ناشطون اكراد.