لربما بالغت أنقرة في حجم طلبها بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ لنشرها على الحدود مع سوريا، فألمانيا تجري اتصالات بعيدًا عن الأضواء مع تركيا لتقليص حجم طلبها، وفق مصدر مطلع على المفاوضات.


تطلب تركيا مساعدة حلف شمالي الأطلسي للدفاع عمليًا عن جميع البلدات والمدن الواقعة على امتداد الحدود البالغ طولها اكثر من 900 كلم مع سوريا، وبعمق 80 كلم، بحسب المصدر الذي أضاف أن ألمانيا تريد من تركيا إبقاء طلبها في الحدود الدنيا.

وكانت ألمانيا أشارت مع الولايات المتحدة وهولندا الى استعدادها لإرسال منظومات الدفاع الجوي تحسبا لامتداد النزاع السوري الى الأراضي التركية بعدما قدمت تركيا طلبا رسميا الى حلف الأطلسي لنشر هذه الصواريخ يوم الأربعاء الماضي.

وفي الوقت الذي لم يتسن تقييم ما وصلت اليه المفاوضات بين تركيا وألمانيا فإنها تشكل نتيجة منطقية لمواقف كل من الدولتين، بوجود معارضة واسعة بين الألمان ضد نشر هذه المنظومة مقابل مطالب شعبية في تركيا بحماية المدنيين من تداعيات الحرب في سوريا.

ونقلت وكالة أنباء الاناضول عن وزير الدفاع التركي عصمت يلدز تصريحه للصحافيين في اقليم سيفاش شرقي تركيا أن حلف الأطلسي سيعمل مع الجيش التركي في إعداد دراسة تقنية quot;لحماية مناطق من تركياquot;.

ويعارض الرأي العام الالماني منذ عقود مشاركة بلدهم في نزاعات دولية ما عدا استثناءات نادرة مثل افغانستان والبلقان. ويرفض 59 في المئة من الالمان نشر بطاريات باتريوت المانية في تركيا، كما أظهر استطلاع نشرت نتائجه مؤخرا مؤسسة انفراتَست ديماب.

ومن المقرر ان يبدأ خبراء حلف الأطلسي الثلاثاء زيارة المواقع المرشحة لنشر بطاريات باتريوت قرب الحدود التركية من سوريا. وسيعمل الخبراء مع نظرائهم الاتراك لتحديد عدد الصواريخ والجنود الأجانب الذين يتولون تشغيلها وفترة نشر هذه الوحدات المضادة للصواريخ.

وقالت وسائل اعلام تركية ان البطاريات ستتمركز في ثلاث مدن هي ملاطيا التي توجد فيها محطة رادار أطلسية ومدينة دياربكر التي توجد فيها قاعدة جوية واقليم شانلي اورفة الحدودي. ولكن مسؤولا في وزارة الخارجية التركية رفض تأكيد هذه التقارير.

في غضون ذلك، أكد الجيش التركي مجددًا يوم الاثنين ان نشر بطاريات باتريوت لن يُستخدم لفرض منطقة حظر جوي أو لأغراض هجومية قائلا ان هذه المنظومات ستكون للدفاع عن الأراضي التركية ضد الغارات الجوية والصواريخ السورية.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين ودبلوماسيين في حلف الأطلسي ان منظومات باتريوت لن تُنشر لإسقاط طائرات بل ستكون معَدَّة quot;لإسقاط صواريخ بالستية تهدد الأراضي او الممتلكات التركيةquot;، على حد تعبير أحد المسؤولين.

وفي غضون ساعات من طلب تركيا رسميًا إرسال صواريخ باتريوت أوصى وزير الدفاع الالماني توماس دي ميزيير بالموافقة على نشر قوات وصواريخ ألمانية في تركيا. ولكن مسؤولين ألمانا أبلغوا نظراءهم الأتراك أن ليس من المنطقي توفير دفاع جوي لكامل المنطقة التي حددت تركيا معالمها بصورة تفتقر الى الدقة خلال المحادثات، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن المصدر المطلع على المفاوضات الثنائية في هذا الشأن.

وتتطلب الاستجابة الى طلب تركيا نشر نحو 15 بطارية باتريوت، كما قال المصدر مضيفا ان حصة ألمانيا المتوقعة من هذا الطلب ستكون فوق طاقتها. وأشار المصدر إلى أن المساهمة الهولندية ستكون حتى أصغر حجما ولا يُعرف إن كانت الولايات المتحدة ستتقدم لسدّ النقص بين ما تستطيع ألمانيا وهولندا ان توفراه وما تقول تركيا انه سيلبي حاجتها.

وامتنع مسؤول في وزارة الخارجية التركية عن التعليق على الموقف الالماني ولم ترد هيئة الأركان التركية على طلبات التعليق.

وتغطي كل بطارية من صواريخ باتريوت دائرة نصف قطرها نحو 25 كلم وتتطلب كل بطارية نحو 70 الى 80 عنصرا رغم ان هذا العدد يمكن ان يتفاوت حسب الموقع ومن بلد الى آخر. وكانت الولايات المتحدة نشرت بطاريات باتريوت عامي 1991 و2003 لحماية اراضي حليفتها الأطلسية خلال الحرب مع العراق.

ويمكن ان تصدر الموافقة على نشر الصواريخ رسميا في اجتماع وزراء خارجية حلف الأطلسي في بروكسل يومي 4 و5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقد تصدر الموافقة على مساهمة ألمانيا في اجتماع حكومة المستشارة انغيلا ميركل بعد ذلك مباشرة.

وحينذاك ستُنجز التحضيرات لشحن الوحدات المقرر إرسالها الى تركيا اثناء مناقشة المقترح في مجلس النواب الالماني. ومن المتوقع ان يجري التصويت النهائي في مجلس الشيوخ في 21 كانون الأول/ديسمبر أو قبل هذا التاريخ.