آخر تحديث: السبت 1 ديسمبر الساعة: 11:00 ت. غ

يتسلم الرئيس المصري محمد مرسي الذي يواجه أسوأ أزمة سياسية منذ توليه السلطة قبل خمسة أشهر، اليوم مشروع الدستور الذي أقر صباح أمس فيما احتشد آلاف في تظاهرة لدعمه في القاهرة وهدد المعارضون المعتصمون في التحرير بالتصعيد.


القاهرة: يتسلم الرئيس المصري محمد مرسي اليوم السبت مشروع الدستور الذي اقر صباح الجمعة فيما احتشد الاف في تظاهرة لدعمه في القاهرة وهدد المعارضون المعتصمون في التحرير بالتصعيد وتنظيم مسيرات الى مقر الرئاسة. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية إن لقاء مرسي برئيس الجمعية التأسيسية حسام الغرياني واعضائها الذين سيسلمونه مشروع الدستور تأجل الى الرابعة عصرا. وكان الغرياني اعلن أن اللقاء سيعقد قبيل ظهر.
وقالت صحيفة الاهرام المصرية إنه ينتظر أن يوجه الرئيس المصري quot;خلال ساعاتquot; الدعوة الى المواطنين للاستفتاء عليه. ودعت جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية المتحالفة معها الى تظاهرات حاشدة بعد ظهر السبت امام جامعة القاهرة اطلقت عليها quot;مليونية الشرعية والشريعةquot;.
وتنظر المحكمة الدستورية الاحد في طعن في دستورية قانون الانتخابات الذي انتخب على أساسه مجلس الشورى وتطالب بحله ويحتمل أن تنظر كذلك في طعن آخر على دستورية القانون الذي شكلت على أساسه الجمعية التأسيسية.
كما تنظر محكمة القضاء الاداري الثلاثاء 12 دعوى تطالب بـquot;وقف تنفيذ وإلغاء الاعلان الدستوريquot; الاخير الذي أصدره مرسي.
معارضو مرسي في التحرير
ولا يزال مئات المعارضين معتصمين في ميدان التحرير غداة تظاهرات كبيرة طالبت بإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري وحصّن بموجبه قراراته من أي رقابة قضائية كما حصّن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى من اي حكم قضائي محتمل بحلهما.
وأمس الجمعة، احتشد عشرات الالاف من المعارضين للاعلان الدستوري الذي اصدره مرسي في ميدان التحرير في القاهرة وميادين مدن مصرية اخرى للمطالبة بإلغاء هذا الاعلان وحل الجمعية التأسيسية للدستور التي صادقت على مشروع الدستور الجديد.
وخرجت مسيرات معارضي الرئيس المصري من عدة مناطق في القاهرة باتجاه ميدان التحرير الذي احتشد فيه عشرات الالاف من المعارضين مساء الجمعة. كما خرجت تظاهرات مماثلة في عدة محافظات مصرية، شمالا في الاسكندرية وكفر الشيخ وشرقا في السويس والاسماعيلية وجنوبا في اسيوط. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للرئيس وجماعة الاخوان المسلمين، كما طالبوا بحلّ الجمعية التأسيسية وإلغاء الاعلان الدستوري.
زحفاً زحفًا... نحو قصر الرئاسة
وهددت جبهة الإنقاذ الوطني في مصر بالزحف بمسيرات إلى قصر الاتحادية الرئاسي في مصر الجديدة شرق القاهرة والاعتصام أمامه، إذا لم يتم إلغاء الإعلان الدستوري الأخير، وسحب مشروع الدستور الجديد.

وفي بيان أصدرته عقب اجتماع عقدته مساء الجمعة في مقر حزب الوفد في القاهرة، أعلنت القوى السياسية المكونة للجبهة quot;استمرار تصعيد موقفها تجاه رفض الإعلان الدستوريquot; الذي وصفته بـquot;غير الشرعيquot; أو تمرير مسودة الدستور الحالية وعرضها على الاستفتاء دون توافق وطني عبر إضراب للنقابات العامة وحجب الصحف والفضائيات خلال يومي الثلاثاء والاربعاء القادمين.

وأضاف البيان quot;تدرس الجبهة بكل جدية وبكل تصميم الاستجابة إلى مطالب جموع شعبنا التي عبرت عنها في ميادين التحرير منذ الجمعة الماضية والثلاثاء الذي تلاها وجمعة اليوم بالزحف الى قصر الاتحادية والاعتصام أمامهquot;. وتضم جبهة الانقاذ الوطني أحزابا يسارية وليبرالية منها: الوفد، والدستور، والتيار الشعبي، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إضافة إلى الجمعية الوطنية للتغيير.
العصيان المدني لإسقاط مشروع الدستور

والقى حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب التيار الشعبي والدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور خطبا تجاوب معها المتظاهرون بشكل كبير. وقرر البرادعي وصباحي والمرشح الرئاسي السابق ايضا عمرو موسى الاعتصام في التحرير حتى تحقيق المطالب الأساسية والعودة إلى ما قبل الإعلان الدستوري والدخول في حوار وطني جاد.

واعتبر البرادعي من فوق المنصة الرئيسة في ميدان التحرير ان مشروع الدستور الحالي quot;فاقد للشرعية من حيث الشكل والمضمونquot; مطالبا بالتوافق على جمعية تأسيسية جديدة quot;تؤسس لبناء نظام ديمقراطي حقيقي وبالعمل على مواجهة حالة الاستقطابquot; التي تعصف بالبلاد.

وقال البرادعي، رئيس حزب الدستور المعارض، ان quot;العصيان المدني هو الخيار الأوحد لإسقاط مشروع الدستور الجديد والإعلان الدستوريquot; الذي أصدره مرسي منذ أيام. وفي تغريدة له على موقع تويتر اعتبر البرادعي ان quot;شرعية النظام المصري تتأكلquot; مضيفا ان quot;ما يقوم به الرئيس واللجنة التأسيسية الآن هو انقلاب على الديمقراطية. شرعية النظام تتآكلquot;.
وكان البرادعي اعتبر مساء الخميس في حوار تلفزيوني ان الدستور الجديد quot;دستور فلكلوري لا قيمة ولا مستقبل له ومصيره مزبلة التاريخquot;. ودعت منصة ميدان التحرير الى العصيان المدني الثلاثاء القادم، وهو ما لم يعرف بعد اذا ما كانت القوى المدنية ستتبناه بشكل كامل ام لا.
مرسي محرج

وتعرض الرئيس المصري الجمعة لموقف محرج بعد ادائه صلاة الجمعة في ضاحية التجمع الخامس حيث يسكن، حيث اعترض عشرات المصلين على دعوة خطيب المسجد بتأييد رئيس الجمهورية في ما يصدره من قرارات. وهتف المصلون quot;يسقط يسقط حكم المرشدquot;، في اشارة الى محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان التي ينتمي اليها مرسي.
وقال حسن الازهري، 26 عاما، محام، الذي تواجد في مسجد الشربتلي الذي صلى به مرسي quot;المشكلة بدأت حين دعا الخطيب الى تأييد مرسي وهو ما اعترض عليه عشرات المصلينquot;، واضاف quot;الخطبة لم تكتمل وأقيمت الصلاة على عجل.. بعدها حاول مرسي تهدئة المصلين والتواصل مع المعترضينquot;.
تعليق عمل المحاكم واحتجاب الصحف
من جهتها، استمرّت الهيئات القضائية الجمعة في رفض الإعلان الدستوري لمرسي حيث أوصت الجمعية العمومية لنادي قضاة مجلس الدولة بتعليق العمل حتى إلغاء هذا الاعلان وعدم الاشراف على الاستفتاء على الدستور.

كما قرر عدد من الصحف الخاصة والحزبية الاحتجاب عن الصدور الثلاثاء المقبل، وقررت ثلاث قنوات تلفزيونية فضائية، تسويد شاشاتها الاربعاء احتجاجا على الاعلان الدستوري وعلى الدستور الجديد.
وقالت quot;اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية الرأي والتعبيرquot; التي دعت للاحتجاج إن الصحف التي ستحتجب هي quot;المصري اليومquot;، quot;التحريرquot;، quot;الوطنquot;، quot;الصباحquot;، quot;اليوم السابعquot;، quot;الشروقquot;، quot;الوفدquot;، quot;الأهاليquot;، quot;الأسبوعquot;، quot;الأحرارquot;، quot;الفجرquot;.فيما وافقت قنوات quot;اون تي فيquot; ، وquot;دريمquot;، وquot;سي بي سيquot; على تسويد شاشتها.

وكان المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الاسلاميون، اعلن ان اعضاء الجمعية اقروا بنود الدستور الـ234 التي طرحت عليهم في جلسة ماراتونية بدأت بعيد ظهر الخميس واستمرت طوال ليل الخميس الى الجمعة.
وسيقدم النص الذي اقر بالاجماع بحسب الغرياني، السبت الى الرئيس مرسي لينظم خلال اسبوعين استفتاء للمصادقة عليه حتى يحل محل الدستور السابق الذي الغي بعد سقوط حسني مبارك في مطلع 2011.

مقاطعة
وقاطعت المعارضة الليبرالية والعلمانية وكذلك الكنيسة القبطية اشغال الجمعية معتبرة ان النص الجديد لا يشمل ضمانات كافية للحريات العامة وحرية التعبير والصحافة والحريات النقابية ويفتح الباب امام السلطة التشريعية لوضع قوانين تتيح مصادرة الصحف او تعطيلها وحل النقابات. كما تعترض على مادة في الدستور تؤكد انها تفتح الباب لتفسيرات متشددة لquot;مبادئ الشريعة الاسلاميةquot;.
فقد تمت الموافقة بالاجماع خلال جلسة الجمعية التأسيسية التي بثها التلفزيون المصري على الهواء مباشرة، على المادة الثانية للدستور التي تنص على ان quot;مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيس للتشريعquot;، وهي مطابقة للمادة الثانية التي كانت موجودة في الدستور الذي كان ساريا في عهد حسني مبارك واسقط بعد اطاحته في 11 شباط/فبراير 2011 والتي تحظى بإجماع القوى السياسية المصرية والكنيسة القبطية.
المادة 219

لكن المادة 219 من المسودة النهائية للدستور تنص على ان quot;مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعةquot; تفتح الباب لتفسيرات واسعة بما في ذلك الاكثر تشددا كما يقول معارضوها الذين يؤكدون انها لا نحظى باجماع.

وقد اعلن بطريرك الكنيسة القبطية البابا تواضروس الثاني اعتراضه الشديد على هذه المادة. ويحدد الدستور الجديد مدة الولاية الرئاسية باربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، بعدما قاد مبارك البلاد على مدى ثلاثين عاما.
quot;دستور مباركquot; لم يتضمن تهديدات للصحافة

كما يلغي منصب نائب الرئيس ليتولى مهام الرئاسة رئيس الوزراء في حال قيام ظرف موقت يمنع الرئيس من ممارسة مهامه ورئيس مجلس الشعب في حال الشغور. وبموجب الدستور الجديد لم يعد بوسع قادة الحزب الوطني الديمقراطي السابقين الذين كانوا في مناصبهم عند قيام الثورة ضد النظام الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية.

وابقت المسودة النهائية للدستور ايضا مواد اخرى اعترض عليها الاعضاء المنسحبون من الجمعية التأسيسية خصوصا تلك التي تتيح حل النقابات بحكم قضائي ووقف ومصادرة وتعطيل الصحف بحكم قضائي.
وتقول المعارضة ان الدستور الذي كان قائما في ظل حكم مبارك لم يكن يتضمن quot;هذه التهديدات للصحافة والنقاباتquot;. ويتضمن الدستور ايضا مادة اثارت انتقادات شديدة من دعاة حقوق الانسان وهي تسمح باحالة مدنيين الى المحاكم العسكرية في حال نشوب ازمة تستهدف القوات المسلحة.