الاعتقاد بوجود quot;مؤامرةquot; ضد حكم الإخوان المسلمين في مصر، هو الذي دفع على ما يبدو الرئيس محمد مرسي لإصدار إعلانه الدستوري الأخير، والذي قيد بموجبه القضاء بعدما شعر أن الخطر يأتيه من ذلك الباب.

تسير الأوضاع في مصر الآن صوب حالة من الغموض في ظل تشبث الرئيس محمد مرسي بموقفه الخاص بالإعلان الدستوري ومن ورائه جماعة الإخوان وتصدي قوى المعارضة في المقابل لما يعتبرونها محاولات الرئيس للاستحواذ على السلطة.
وتتعامل جماعة الإخوان حالياً من منطلق أن هناك مؤامرة تسعى لإبعادها عن السلطة في كل مرحلة، وهي إذ تعلن عن تأهبها وتحضرها لضرب خصومها بصورة استباقية، على الصعيدين الفعلي والافتراضي، خاصة وأنها تتعرض لتهديد حقيقي في تلك الأثناء للمرة الأولى منذ تصدرها المشهد السياسي في مصر عقب الثورة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الأطراف السياسية تحديها للإسلاميين في صراع الهيمنة والتحكم، لم يظهر الإخوان حتى اللحظة أي إشارات دالة على التراجع، خاصة في الأيام التي تلت القرار الذي أعلن مرسي بموجبه عن الإعلان الدستوري الذي أثار جدلاً واسعاً، ودفع البعض للقول إنه محاولة حقيقية منه للاستحواذ على السلطة.
ونوهت في هذا الصدد مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن ردة الفعل الشعبية كانت سريعة وحادة، حيث سرعان ما امتلأ ميدان التحرير بأعداد غفيرة من المعترضين.
فيما تعرضت في نفس الوقت المقرات الخاصة بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في عدة مدن بأنحاء الجمهورية لاعتداءات وحرائق.
بينما يقوم أنصار الجماعة اليوم السبت بتظاهرة مليونية دعماً لقرار الرئيس وما يقوم به من جهود في سبيل quot; تظهير البلاد من رموز النظام السابقquot;. وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه مستشارو مرسي أنه ليس مبارك بلحية، وأنه إذ يسعى للرد بصورة استباقية على مؤامرة من جانب ساسة المعارضة وأذناب نظام مبارك ستقوم بموجبها المحكمة الدستورية بحل الجمعية التأسيسية للدستور وإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعتبرونه انقلاباً قضائياً قد يدخل البلاد في نفق من الفوضى.
ولم يفصح مرسي عن أية معلومات أو تفاصيل عن تلك المؤامرة خلال المقابلة المسجلة التي أجراها يوم الـ 29 من الشهر الماضي مع التلفزيون الرسمي المصري.
حيث اكتفى مرسي في هذا السياق بالقول :quot; حين وصلتني معلومات تفيد بأن البلاد معرضة لتهديد، كان يتعين عليّ اتخاذ قرارات صعبةquot;. ورأت فورين بوليسي أن الانتصارات التي تحققت في مراكز الاقتراع أدت إلى إنعاش ثقة الجماعة بنفسها، وهو ما وصفه البعض بالغطرسة، كما أدت إلى تعزيز تصورها القائم من قبل بخصوص معارضة مصر غير الإسلامية باعتبارها معارضة صغيرة وغير متصلة بالموضوع.
هذا ويرى مسؤولو الجماعة أن احتمالية فقدانها لأغلبيتها السياسية تبدو غير واردة على الإطلاق، وأن تلك الاحتمالية لم تدخل حتى حيز حساباتها الإستراتيجية.
ونقلت المجلة عن حازم خير الدين وهو واحد من مستشاري حزب الحرية والعدالة السياسيين قوله :quot; هل يتعين علينا أن نظهر قوتنا ؟ فإذا كان بمقدوركم أن تقوموا بتعبئة نصف مليون شخص، فإن بمقدورنا نحن أن نقوم بتعبئة 20 مليون شخصquot;.
وقال جهاد الحديد وهو واحد من أبرز مستشاري حزب الحرية والعدالة :quot; نفس الأشخاص الذين يقيمون الآن مؤتمرات صحافية هم العناصر الرئيسية بالنظام القديم الذي يئن مما يفعله الرئيس مرسيquot;.
ويقول مراد علي وهو مدير قسم الاتصالات بحزب الحرية والعدالة quot; إنهم متخوفون من أن يكرر نجاح مرسي التجربة التركية. فحين سينجح الإسلاميون في تحقيق ثمة شيء للشعب المصري في الاقتصاد والرخاء والعدالة الاجتماعية وأمور من هذا القبيل، فإن هذا سينتهي ببقاء الإسلاميين في السلطة على مدار مدة تتراوح ما بين 10 و 15 عاماًquot;.
وعاود خير الدين ليقول :quot; الدوائر الانتخابية التي صوتت للإسلاميين في مصر بطول الطريق منذ العام 2005 تشكل نسبة قدرها 70 %quot;. وفي المقابل، أكدت المجلة أن ثقة الإخوان بتفوقها السياسي الطاغي يعني أنها تميل لنسب أي هزيمة قد تلحق بها إلى المؤامرات أو التأثيرات الشائنة. وختمت فورين بوليسي بنقلها عن القائد الليبرالي محمد البرادعي قوله :quot; لم يحظى حتى الفراعنة بهذا القدر الكبير من السلطات. وهذه كارثة وسخرية من الثورة التي أتت به إلى سدة الحكمquot;.