في الأشهر الأخيرة، اعتبر الكثير من المراقبين أن احمدي نجاد يصبح شخصية هامشية بشكل متزايد، وقد لا يكون قادراً على الاستمرار حتى انتهاء ولايته في الصيف المقبل. لكن يبدو أنه يتحدى نعيه السياسي مرة أخرى.


يقاتل الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد لتحدي العقوبات الدولية الشرسة على برنامج بلاده لتخصيب اليورانيوم، ويدرس مفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة، فيما دعا القائد العلى للبلاد إلى الوحدة الوطنية والوقوف إلى جانب الرئيس الايراني ومساندته.

قبل تدخّل المرشد الأعلى مطالباً بدعم الرئيس، كان احمدي نجاد هدفاً للكثير من الانتقادات، لا سيما بسبب سوء إدارته للاقتصاد الايراني.

ووسط تقارير عن عداء مع المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، تعرضت سياسات الرئيس الايراني لهجمات متكررة، وكذلك مستشاريه الأكثر ولاء.

لكن احمدي نجاد الذي فاز في إعادة انتخابه المثيرة للجدل في العام 2009، استطاع من جديد إثبات حيازته على واحدة من الصفات الأكثر أهمية في السياسة الايرانية، التي تتمثل ببساطة في القدرة على البقاء على قيد الحياة.

واعتبرت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; أن الرئيس الايراني لا يزال يملك تأثيراً كبيراً في الجمهورية الإسلامية، على الرغم من وجود الكثير من المنافسين والأعداء الذين يأملون رؤيته خارج منصبه، ويعتبرون أن قراراته السياسية quot;متهورةquot; وخاصة استبدال برنامج الدعم الايراني بدفعات نقدية، الامر الذي غذى التضخم في البلاد.

وأثارت مزاعم بالفساد ضد وزرائه أيضاً حفيظة الأعضاء القدامى في المؤسسة، الذين يعتبرون أحمدي نجاد تهديداً لا يمكن السيطرة عليه إلى النظام الذي عملوا على بنائه.

تصريحات احمدي نجاد حول اسرائيل جعلته منبوذاً من قبل الغرب. لكن من المفارقات، فإن تأييده لمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حول برنامج ايران النووي، أدت فجأة إلى إسكات منتقديه.

في حين دعا احمدي نجاد مرارا إلى المحادثات مع واشنطن خلال فترة ولايته الثانية، إلا أن القادة من مختلف أنحاء الطيف السياسي الإيراني لم يعبروا علناً عن هذا الموقف إلا مؤخراً.

وأشار تقرير صادر عن وزارة الاستخبارات الايرانية، يحدد فوائد التفاوض مع الولايات المتحدة، عزم ايران على التحرك نحو المشاركة الممكنة. ويأتي هذا التحول في الوقت الذي حذرت فيه إسرائيل مراراً بأنها قد تستخدم القوة العسكرية لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية. وتصر ايران على أن برنامجها لتخصيب اليورانيوم هو للأغراض السلمية فقط.

الولايات المتحدة أيضاً أعربت عن استعدادها لاجراء محادثات جديدة مع ايران، سواء على الصعيد الثنائي أو من خلال مجموعة الـ (5 زائد 1) التي تضم بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.

لكن في الأسابيع الأخيرة، أرسلت إدارة الرئيس باراك أوباما إشارات إلى أن الوقت محدود للمفاوضات. وحذر ديبلوماسي أميركي إيران في الأيام الأخيرة بأنه يجب أن توافق على إجراء حوار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

quot;لا يمكن السماح لإيران بتجاهل التزاماتها إلى أجل غير مسمىquot; قال روبرت وود القائم بالاعمال في البعثة الاميركية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، مضيفاً: quot;إذا لم تتعاون إيران مع الوكالة ابتداءً من آذار المقبل، فإن الولايات المتحدة ستعمل مع غيرها من أعضاء المجلس لمتابعة العمل المناسبquot;.

في الداخل الايراني، دعا خامنئي الى quot;هدنة سياسيةquot; من خلال وقف الخلافات الداخلية، لا سيما الانتقادات حول إدارة نجاد للأزمة الاقتصادية وتأثيراتها على العملة الإيرانية.

وقال خامنئي أمام حشد من أفراد الباسيج إن quot;جميع المسؤولين يحتاجون إلى السلام من أجل تحمل مسؤولياتهمquot;، داعياً إلى احترام السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع بأن احمدي نجاد ورفاقه سيُبعَدون من المشهد السياسي الإيراني، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن مستشاره الأكثر إثارة للجدل قد يحاول خلافته كرئيس للبلاد.

تحدثت التقارير في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني عن أن مستشار الرئيس الايراني، اسفنديار رحيم مشائي، قد عقد عزمه على الترشح للرئاسة في يونيو/ حزيران المقبل.

من جهة أخرى، اعتبر الرئيس السابق محمد خاتمي، انه من الأفضل أن يقضي ن احمدي نجاد ما تبقى من فترة ولايته، حتى لا يتهرب من اللوم على كل ما سيحدث في ايران خلال النصف الأول من العام المقبل.
وأضاف: quot;كل الكوارث والمتاعب التي ستحصل في البلاد ستكون ممهورة باسمه، وهذا لن يحدث إذا خرج قبل انتهاء فترة ولايتهquot;.