يعلّق نشطاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارضة في المغرب آمالا كبيرة على مؤتمرهم التاسع الذي يعقد خلال الايام المقبلة، لإعادة وهج الحزب الى سابق عهده، خاصة بعد الفشل في الانتخابات الماضية أمام الاسلاميين.


أيمن بن التهامي من الرباط: دخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارضة في المغرب، في سباق مع الزمن لترتيب بيته الداخلي استعدادا للمؤتمر التاسع الذي سينعقد خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

يعقد الاتحاديون آمالا كبيرة على هذه المحطة لـ quot;إعادة الوهجquot; إلى هذا المكون السياسي الحداثي، الذي يعد الأكثر قدرة على الوقوف في وجه المدّ الإسلامي.

ستنحصر المنافسة على قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، خلفا لعبد الواحد الراضي، بين إدريس لشكر، وأحمد الزايدي، ولحبيب المالكي، وفتح الله ولعلو.

بحثا عن الشعبية المفقودة

فقد الاتحاد الاشتراكي، في السنوات العشر الأخيرة، الكثير من شعبيته، وهو ما جعله يختار الاصطفاف في المعارضة، خاصة بعد أن وجّه إليه الناخبون quot;رسالة قاسيةquot;، عندما عزفوا عن التصويت لمرشحيه في الانتخابات التشريعية الأخيرة ليحتل بذلك المرتبة الخامسة.
ورغم استعادته شيئا من مكانته عبر quot;بوابة المعارضةquot;، إلا أنه يراهن على تحقيق حضور أقوى، بعد انتخاب زعيم جديد للحزب.

في هذا الإطار، قالت فاطمة بلموذن، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، إن quot;الانتظارات كبيرة في هذه المرحلة، خاصة بعد المستجدات التي طرأت على الساحة السياسية المغربية، وأيضا في بلدان متعددة في العالم العربيquot;.

وأضافت فاطمة بلموذن، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;هذا يفرض على الاتحاد تركيز نفسه داخل المنظومة السياسية العامة بشكل أكثر قوة وفعالية، ويستفيد من الدروس والأخطاء التي ارتكبها، خاصة في الـ 10 سنوات الأخيرة، ومن أهمها ابتعاده عن المجتمعquot;.

وذكرت القيادية السياسية أن quot;اللجنة التحضيرية بذلت مجهودا كبيرا في ما يخص تشخيص وتقييم أداء الحزب، في العشر سنوات الأخيرة، وأيضا في ما يخص وضع تصور واضح للمشروع المجتمعي والسياسي لهذا المكون السياسيquot;.

وأوضحت عضو المكتب السياسي أن هذه المشاريع تنبني على ثوابت الحزب الأساسية، ألا وهي الديمقراطية، والاشتراكية، والحداثة، إذ أصبح من الضروري أن لا ينسى الاتحاد دوره في تحديث المجتمع والعمل السياسي والاقتصاد المغربيquot;.

وأشارت إلى أن الاتحاديين ينتظرون انتخاب قيادة تستطيع أن تقوم بهذه المهام، وقادرة على تحقيق نوع من التجديد على مستوى القيادات، والهياكل الحزبية، سواء الهيكل المتعلق بالقيادة المركزية، أو الجهوية، أو المحليةquot;.

أضافت فاطمة بلموذن quot;هناك تراخٍ كبير في التنظيم، ونحن اليوم ندخل إلى المؤتمر بهذا النوع من التراخي، إذ وجدنا صعوبة في تدبير أمور التحضير بشكل إيجابي كما كنا نتمنىquot;.

وذكرت أنه سيكون على عاتق القيادة المقبلة حل هذه الإشكالات المرتبطة بالهياكل والتنظيم السياسي، وإعادة بناء الحزب على أسس جديدة، تنبني على اعتماد نوع من الحداثة في تدبير الاتحاد، وتغيير طرق العمل وطرق تأطير المجتمع والاستماع إليه، بشكل يجعلنا نعود إلى الدور الذي منحه الدستور الجديد للأحزابquot;.

أما بالنسبة إلى النساء، تؤكد فاطمة بلموذن، فينتظرن من هذا المؤتمر أن يوضح الحزب استراتيجيته في معالجة إشكاليتين أساسيتين، هما الحضور النسائي والشبابي داخل الاتحاد.

وأوضحت أن القطاعين النسائي والشبابي عاشا في الفترة الأخيرة ركودا كبيرًا جدا انعكس على القاعدة الحزبية.

أضافت: quot;نتمنى أن تكون لحظة المؤتمر معبرة عن تطلعات المناضلين إلى حزب قوي، يستثمر رصيده التاريخي في إعادة بناء نفسه، وبناء الذات، وكذا العودة إلى الساحة السياسية من أجل تطوير المنظومة السياسية العامة في البلادquot;.

تحديات عدة تنتظر الكاتب الأول

قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني المحمدية، إن هناك عدة تحديات تواجه الكاتب الأول المقبل للاتحاد الاشتراكي، مشيرا إلى أن أول هذه التحديات هي إعادة النظر في البنية التنظيمية للحزب، لأننا نعرف أن هذه البنية تشكل القوة الأساسية للاتحاد.

وأوضح محمد زين الدين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن هذه البنية تعرضت لترهل سياسي بفعل عدم تجديد نخب الحزب، الذي كان يشكل رافدا أساسيا بالنسبة إلى تزويد المجتمع المغربي بالنخب المتعددة.

أما التحدي الثاني، يشرح المحلل السياسي، فيتجلى في كون أن الكاتب الأول المقبل مطالب بإعادة دينامية الاتحاد لأنها تعطلت منذ توقف مسار الانتقال الديمقراطي، مبرزا أنه quot;سجل نوعا من التراجع لدور الاتحاد الاشتراكي، في السنوات الأخيرة، باعتباره حاملا لمشروع مجتمعي ديمقراطي حداثيquot;.

كما أنه مطالب، حسب زين الدين، بإعادة النظر في مشروعه الهيكلي في سياق التحولات التي حدثت إثر الربيع العربي.

وفي ما يخص التحالفات، فأكد أن quot;الحزب مفروض عليه مراجعة مسألة تحالفاته من خلال التقرب أكثر من التيارات اليسارية، على الرغم من تعامله معها بحذر، مشددا على quot;ضرورة إعادة الوهج للاتحاد، وربط امتداداته النقابية، والحقوقية والطلابية، والمدنية بشكل عام. فهذه الروابط مهمة بالنسبة للاتحاد، لأن قوته تكمن في بنيته التنظيميةquot;.