قال شيركو عباس، رئيس المجلس الوطني الكردستاني، إن أميركا وست دول أوروبية ستدعم بناء جيش كردي مستقل في المناطق الكردية بسوريا، وسيكون مستقلًا عن البشمركة العراقية، مهمته قتال السلفيين الإسلاميين في أراضي الأكراد.


كشف شيركو عباس، رئيس المجلس الوطني الكردستاني، النقاب عن عزم المكونات الكردية السورية بناء جيش كردي مستقل، من أجل طرد الجماعات السلفية المتشددة من إقليم كردستان سوريا.

وبيّن في حديث مع quot;إيلافquot; أن وظيفة هذا الجيش quot;حماية مناطق إقليم كردستان من أي تدخل خارجي، سواء كان من النظام أو الجيش السوري الحر أو الجماعات السلفية والإرهابية التي لا تعترف بحقوقنا، ولن نسمح لها بالسيطرة على مناطقناquot;.

وأكد عباس أن الولايات المتحدة وست دول اوروبية ستموّل بناء الجيش الكردي المستقل، quot;تجمعنابها وجهة نظر متطابقة إزاء خطر التيار الإسلامي المتشدد، ونعتبر قدوم المتطرفين إلى سوريا خطاً أحمرquot;.

وعن شكل الدعم الغربي للجيش الكردي المستقل، قال عباس إن الدعم مالي ولوجستي وعسكري، نافيًا أن يكون امتدادًا للبشمركة المنتشرة في اقليم كردستان العراق، بل سيتكون من نسيج إقليم كردستان سوريا، وسيضم أكرادًا وعربًا مسلمين ومسيحيين، انشق بعضهم عن الجيش النظامي وبعضهم عن الجيش الحر، بالاضافة إلى متطوعين من سكان المناطق الكردية.

في ما يأتي نص الحوار:

اتحد أكراد سوريا ضمن قوة عسكرية واحدة لمواجهة الجماعات السلفية.. هل لديكم نية في الانخراط فيها؟

لا تدوم الاتفاقيات بين الأحزاب الكردية في سوريا لتعدد ولاءات قياداتها، وتأثير الأجندات الخارجية عليها. وحده حزب الاتحاد الديمقراطي يملك قوات عسكرية. لكن بعض الأطراف الكردية توصلت إلى اتفاق حول تشكيل قيادة عسكرية مشتركة فقط، وليس قوات مشتركة، وذلك في الاتفاقية الأخيرة في هولير.

ألا يذكي تشكيل القوات الكردية النزاع مع بقية الأطراف السورية؟

القوات التي تتشكل الآن، ونأمل أن تتوحد، مهمتها حماية أمن المناطق الكردية وليس الدخول في صراعات مسلحة مع أي طرف سوري آخر في هذه الظروف الحرجة الآن. معظم قوى الحراك الكردي متوافقون على رفض دخول أي قوة خارجية إلى المنطقة الكردية، ونحن نقبل بتشكيل تنظيم عسكري كردي موحد، شريطة أن يكون تحت قيادة كردية عليا فاعلة على الأرض، لا تأتمر بمرجعيات متنوعة، ولها القدرة والصلاحية على فرض آرائها وأوامرها الخاصة، غايتها حماية المنطقة والشعب المتواجد فيه من الأكراد والعرب والآشوريين والأرمن وغيرهم من الأقليات.

في مواجهة السلفيين

ألا يخدم تشكيل هذه القوات نظام بشار الأسد بشرذمة المكون السوري؟

جاء العمل على تشكيل هذه القوة على خلفية الاجتياحات الأخيرة للمنطقة، التي أرادت أن تزيح قوات الحماية الشعبية، وأن تظهر الأكراد معارضين للثورة، وهذا ما أثار الشكوك حول غاية الجماعات السلفية والعشائر العربية المدعومة من تركيا، التي تمكنت من اقتحام المدينة الكردية في شمال سوريا، واتجهت لمحاصرة منابع النفط في أقصى الجزيرة شرقًا. لا شك أن هؤلاء يخدمون النظام بلباس انتهازي، ومن الضروري شرح الواقع الكردي، بهدف إزالة الشكوك حول تشكيل قوات كردية موحدة مشتركة.

ألم تأتِ تحركات الجماعات السلفية والعشائر العربية ضد المناطق الكردية بسبب الموقف الكردي السلبي تجاه الثورة السورية؟

يدرك جميع الإخوة في الثورة السورية أن الأكراد، بقوة عسكرية أو من دونها، كانوا من أوائل القوة الثائرة في وجه السلطة الشمولية، وهم أول القوى المعارضة التي طالبت بإسقاط النظام. الآن، في وقتٍ يئن شعبنا تحت نتائج الأحداث الدموية الواسعة في البلاد، من المهم تشكيل قوة كردية عسكرية من أبناء المنطقة ذاتها لحمايتها وتحديد مسارها من القوات الدينية السلفية والعنصرية العروبية التي تود اجتياحها، والتي غايتها لا تختلف عن غاية النظام الأسدي - البعثي، وهي القضاء على القضية الكردية.

ليس بشمركة

ماذا عن الجيش الكردي؟

نؤيد إقامة جيش كردي سوري مستقل، ونعمل من أجل تحقيق هذا الهدف، حتى يتم الاتفاق بين الحركة الكردية وبين المعارضة السورية على أسس ثابتة، تضمن للأكراد حماية أنفسهم بصورة دستورية وشرعية. وهذا لا يتم إلا ضمن فيدرالية قومية للأكراد. وهذا الجيش سيعمل تحت إشراف الحركة السياسية الكردية، المؤمنة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومنها المجلس الوطني الكردستاني في سوريا، الذي يعمل من أجل هذه المبادئ الإنسانية العالمية.

ومن أين ستمولون قيام هذا الجيش؟

حصلنا على دعم من الولايات المتحدة ومن ست دول أوروبية أخرى، تجمعنا بها وجهة نظر متطابقة إزاء خطر التيار الإسلامي المتشدد، ونعتبر قدوم المتطرفين إلى سوريا خطًا أحمر. وهذا الدعم مالي ولوجستي وعسكري، فالغرب يتطلع إلى الهدوء والإستقرار في إقليم كردستان سوريا. لذلك، سنبني جيشًا يُبعد الحملات الإرهابية المتطرفة المدعومة من دول الجوار.

هل هو امتداد للبشمركة في كردستان العراق؟

لا طبعًا.. سيتكون الجيش الكردي المستقل من نسيج إقليم كردستان سوريا وسيضم أكرادًا وعرباً ومسيحيين، وستكون غالبية عناصر الجيش من الأكراد بحكم أغلبيتهم السكانية في كردستان سوريا. وسيتألف من بعض المنشقين عن الجيش النظامي وبعض المنشقين عن الجيش الحر، بالاضافة إلى متطوعين من سكان المناطق الكردية. وظيفته الأساس حماية مناطق إقليم كردستان من أي تدخل خارجي، سواء كان من النظام أو الجيش السوري الحر أو الجماعات السلفية والإرهابية التي لا تعترف بحقوقنا، ولن نسمح لها بالسيطرة على مناطقنا، بل سنقاتلها حتى آخر نقطة دم.

مع الجيش الحر.. ولكن!

من أدخل الجماعات السلفية إلى سوريا؟

دخلت المجموعات السلفية من العراق ولبنان وتركيا والأردن إلى سوريا، بسبب الإهمال الكبير من جانب قوى الحرية والديمقراطية في العالم لما يجري في سوريا منذ اندلاع الثورة الشعبية فيها. لم تكن القوى الدولية تجهل بما في المنطقة من حركات وتنظيمات من هذا النوع. أما بالنسبة للمجموعات التي تسللت إلى مدينة سرى كانيى أو رأس العين، فإنها تابعة لعشائر عربية لا تعترف بالطموح القومي الكردي، بالتنسيق مع تركيا، التي أرادت القضاء على نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي المتزايد في المنطقة الكردية عمومًا، وفي تلك المدينة خصوصًا.

لماذا ترفضون التعامل مع الجيش السوري الحر؟

نحن لا نرفض الجيش السوري الحر، الذي تكون من العسكريين المنشقين من الجيش النظامي الذي تربى تربية بعثية معادية للأمة الكردية جمعاء. وتقوم سياستنا على مبدأ فتح قنوات الحوار مع الجيش السوري الحر، لإقناعه بعدالة القضية الكردية، وعلى أساس تكوين جيش سوري مستقبلي خاضع للإرادة السياسية للشعب السوري، الذي يقلقنا هو سعي الجماعات التكفيرية والإرهابية والسلفية للسيطرة على مفاصل وقيادات ومسار هذا الجيش، وهذا ما لا نريده في المنطقة الكردية . فعلى الجيش السوري الحر البقاء كحارس للدستور وحدود البلاد، من دون الانخراط في اللعبة السياسية للأحزاب التي يجب أن تحترم استقلالية الجيش الوطني، لأن وظيفة الأحزاب مختلفة تمامًا عن وظيفة الجيش أو الأجهزة الأمنية.

رفضوا شروطنا البسيطة

إلى أية نقطة وصلت مباحثات الأحزاب الكردية مع الائتلاف الوطني السوري؟

تقدمت الأحزاب الكردية بشروط للانضمام إلى الائتلاف الوطني السوري. فرئيسه معاذ الخطيب كان إمام المسجد الأموي في ظل نظام الأسد البعثي، ولم يحرك في يومٍ من الأيام ساكنًا ضد السياسة العنصرية التي كان يمارسها ذلك النظام على الشعب الكردي لمحو وجوده القومي وصهره في بوتقة القومية العربية واغتصاب أرضه وثرواته. وهذه الشروط الكردية بسيطة تتعلق بإزالة آثار السياسة البعثية التي قامت على الاستيطان ونهب الثروات، من دون أن تتطرق إلى شكل الإدارة التي يطالب بها الشعب الكردي. جوبهت هذه الشروط بالرفض من قبل رئاسة الائتلاف الوطني، بذريعة أن هذه المسائل دستورية يجب تأجيلها إلى ما بعد إسقاط نظام الأسد وإقامة نظام سياسي جدي، على الرغم من أن الائتلاف وضع في وثيقته الأساسية مختلف المسائل الدستورية الأخرى التي تهم الشعب السوري... إلا ما يهم الشعب الكردي.

ألا تخشون من فتنة كردية كردية؟

نسعى لحل كل النزاعات السياسية بين الأكراد عن طريق الحوار، مع فتح المجال الرحب للرأي الحر المخالف والنقد البعيد عن الأساليب الدنيئة. وبما أن الشعب الكردي متجانس دينيًا وطائفيًا، فلا مجال لإثارة فتنة طائفية بين صفوفه، وتدرك الأحزاب الكردية أن أعداء الأكراد يعملون لتفرقتها، لذا نأمل منها أن تكون على مستوى المسؤولية التاريخية التي تحملها الآن.

تطورات متشابهة

ألا تبدو التطورات الأخيرة في كردستان سوريا مماثلة لما حصل في كردستان العراق؟

لا يمكن تشبيه الحالتين من حيث مراكز القوى والتحالفات الإقليمية والزعامات الكبيرة، وقبول العراقيين بالفيدرالية إلى حد كبير مقارنة بما نراه من اختلاف فظيع في وجهات نظر غالبية القوى السياسية السورية المعارضة، وكذلك في النظام المترنح تجاه القضية الكردية في سوريا. لكن يمكن القول إن القضية الكردية في سوريا اتخذت مسارًا لافتًا للنظر في الفترة الأخيرة، وستكون لذلك نتائج مستقبلية، ربما يحدث تغيير في الخريطة السياسية للقوى المؤثرة فعليًا في الساحة السورية.

هل شكلت الأحداث الأخيرة مناسبة لتفجير الوعي الكردي بالقومية؟

الوعي القومي الكردي في غرب كردستان عريق تاريخيًا، لكن الأحداث الأخيرة في سوريا قد سارعت في قولبته تنظيميًا وثوريًا، وأجبرت الحركة السياسية الكردية على الخروج من قوقعة الركون والحراك البطيء إلى آفاق الفعل المؤثر، والمشاركة إلى حد ما في مسيرات الشعب التي تعتبر قاطرات هائلة لحشد الطاقات الخلاقة بحسب ما يريده الشعب وليس القيادات التي كانت خاملة إلى درجة ما سابقًا.

أردناهم وما أرادونا

كيف تنظرون إلى تعامل إدارة الرئيس باراك أوباما مع الموضوع السوري؟

كانت السياسة الأميركية حتى اليوم هشة وغير واقعية تجاه ما يجري في سوريا، خصوصًا مع تصريحات البيت الأبيض بأن استخدام السلاح الكيميائي من قبل النظام الأسدي خط أحمر. هذا التصريح الذي فهمه النظام كغض للطرف عن استخدام سائر الأسلحة الأخرى ضد الشعب السوري. وقد حاول البيت الأبيض استخدام الإخوان المسلمين وتركيا الأردوغانية كحصان طروادة لدك قلاع الحركات المتطرفة والإرهابية والسلفية المتسللة إلى سوريا، في حال وصولها إلى الحكم في دمشق، إلا أن هذه الحركات قد فرّخت الكثير من صغارها وانتشرت في البلاد وقويت شكيمتها وراحت تفرض نفسها على الجيش السوري الحر بقوة.

لماذا تصرون على الفيدرالية ولا تتحدون مع بقية المكونات السورية؟

بمراجعة تاريخنا مع الأخوة العرب السوريين منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية إلى اليوم، نجد أننا فضلنا العيش معهم على الرغم من عروض الفرنسيين علينا بإنشاء كيان مستقل بنا. فكانت النتيجة حرق أطفالنا وسحب جنسياتنا واغتصاب أراضينا وفرض الحصار الاقتصادي علينا وتهجيرنا. لم يجد الأخوة العرب السوريون مشروعًا عنصريًا إلا وطبقوه علينا، ابتداءً من الحكم الوطني وانتهاءً بالبعث الحالي. وذلك تحت مسميات مختلفة منها الوطنية ومنها التقدمية والآن الإسلامية.

هل انكسرت الجرة تمامًا بين الأكراد وبقية السوريين؟

عندما احتل الفرنسيون سوريا، دافع عنها سبعة سوريين، كان بينهم خمسة أكراد. وإذا بنا، بعد التحرير نجد أنفسنا أجانب في أراضينا، التي اغتصبوها بقوانين ومراسيم أصدرها العرب المتعاقبون على السلطة إلى اليوم. أردنا العرب السوريين لكنهم ما أرادونا. أبعد هذا علينا أن لا نطالب بالفيدرالية؟