كشفت تقارير صحافية أميركية عن اجتماع دارت كواليسه في آذار/ ماس الماضي داخل غرفة تقدير الموقف في البيت الأبيض بين كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركيين بخصوص مقترح مثير للجدل، كان يرغب من خلاله مسؤولو مكافحة الإرهاب في أن ينشئوا حملة اعتقالات حكومية، بتجميع ملايين السجلات المتعلقة بالمواطنين الأميركيين، بمن فيهم حتى هؤلاء الأشخاص غير المشتبه في تورّطهم بأي جرائم.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: قال أناس مطلعون على تفاصيل ما دار بهذا الاجتماع من نقاشات إن ماري إلين كالاهان، مسؤولة الخصوصية السابقة في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، أشارت إلى أن خطوة كهذه تمثل تغييراً كبيراً في الطريقة التي تتفاعل من خلالها الحكومة مع عامة الشعب.

لكن المدعي العام أدخل التغيرات المقررة في هذا الصدد حيز التنفيذ بعدها بأسبوع. ومن خلال طلبات تقدمت بها بموجب قانون حرية المعلومات ومقابلات أجرتها مع مسؤولين في وكالات عدة، نجحت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في صياغة الصدام الذي نشب بشأن برنامج مكافحة الإرهاب في داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وأوضحت الصحيفة أن النقاش كان مواجهة بين بعض ممن يرون أن الخطوة مسألة كفاءة ndash; بخصوص طول مدة الاحتفاظ بالبيانات أو المكان الذي يجب أن تُخزَّن فيه ndash; وبين آخرين يرونها خطوة تتيح للحكومة بشكل غير مسبوق مراقبة المواطنين الأميركيين.

ستسمح القواعد الآن لمركز مكافحة الإرهاب الوطني بفحص الملفات الحكومية للمواطنين الأميركيين، خشية أن يكون لأي منهم سلوكيات إجرامية، حتى إن لم يكن هناك ما يستدعي الاشتباه فيهم. وبات بمقدور المركز الآن نسخ كل قواعد البيانات الحكومية وسجلات الطيران وقوائم موظفي الكازينوهات وأسماء الأميركيين الذين يستضيفون طلاب النقد الأجنبي وآخرين كثيرين.

كما باتت للمركز صلاحية الاحتفاظ بالبيانات المتعقلة بالمواطنين الأميركيين الأبرياء لمدة تصل إلى 5 أعوام، ولتحليلها بغية البحث عن الأنماط السلوكية المشتبه فيها. وهي الأمور التي كانت محظورة من قبل. كما تسمح التغييرات بمنح قواعد بيانات المعلومات الخاصة بالمدنيين الأميركيين إلى الحكومات الأجنبية بغية تحليلها من جانبها.

وستقوم بالفعل الولايات المتحدة والحكومات الأجنبية باستخدام المعلومات للبحث عن أدلة تشير إلى أن الأشخاص قد يتورطون في ارتكاب جرائم مستقبلية. وقال بهذا الخصوص واحد من أبرز مسؤولي الإدارة الأميركية السابقين الذي كان على دراية بالنقاشات التي دارت في البيت الأبيض حول هذا الموضوع quot;إنه أمر مثير في نطاقهquot;.

وأوضح مسؤولو مكافحة الإرهاب أنهم سيتعاملون بحذر مع تلك البيانات. ومن الجدير ذكره أن الكونغرس سعى إلى منع العملاء الحكوميين من سلب الملفات الحكومية بشكل عشوائي حين قام بتمرير قانون الخصوصية الفيدرالي في العام 1974. وهو القانون الذي يحظر على الوكالات الحكومية تقاسم البيانات مع بعضها البعض لأغراض quot;غير متماشيةquot; مع السبب الذي تم تجميع البيانات من أجله في الأساس.

لكن هذا القانون يسمح للوكالات بأن تستثني نفسها من كثير من المتطلبات عن طريق وضع إشعارات في السجل الفيدرالي. وقال في تلك الجزئية روبرت غيلمان، وهو مستشار في شؤون الخصوصية يقدم المشورة إلى الوكالات بخصوص الطريقة التي يمكن من خلالها أن تتوافق مع قانون الخصوصية quot;كل ما يتعين عليك أن تفعله هو أن تنشر إشعاراً في السجل الفيدرالي، وبعدها يكون بوسعك فعل كل ما تصبو إليهquot;.

وهو ما جعل مناهضي برنامج مركز مكافحة الإرهاب داخل الإدارة بقيادة كالاهان غير قادرين على القول إن البرنامج يشكل خرقاً للقانون. وبموجب القواعد الجديدة التي صدرت في آذار/ مارس الماضي، بات بمقدور المركز الحصول على أي قواعد بيانات تقوم الحكومة بتجميعها، وتقول إنها تعتقد أنها تحتوي على معلومات ذات صلة بالإرهاب.

هذا ولم تواجه خطط وأفكار مركز مكافحة الإرهاب الوطني بحالة مماثلة من الاعتراض من جانب المواطنين، وهو ما يعود جزئياً إلى أن النقاشات دارت خلف الأبواب المغلقة.

ونوهت الصحيفة في الإطار عينه بأنه وبموجب القواعد الجديدة، سيتعيّن على كل وكالة فيدرالية أن تتفاوض بشأن البنود التي ستسلم بموجبها البيانات لمركز مكافحة الإرهاب.