احتجاجات في شمال لبنان على فيلم quot;براءة المسلمينquot;

ملفات عديدة في لبنان اليوم، لكن أبرزها على الاطلاق الإطلالة الشخصية الحامية لنصر الله في مسيرة احتجاج على quot;براءة المسلمينquot;، والإطلالة المتلفزة لسمير جعجع، وضع فيها الكثير من النقاط على الحروف.


بدأت أمس الإثنين رسميًا السنة القضائية الجديدة في لبنان، والقضية الأبرز على جدولها هي قضية النائب والوزير السابق ميشال سماحة، القضية التي يكبر ملفها يومًا بعد يوم، وتنذر بانضمام آخرين إليه في سجنه، بعد تسريبات أمنية وقضائية عديدة تنذر بتطورات خطيرة في القضية خلال الأيام القليلة القادمة. ومن الدلالات التي تشي بها هذه التسريبات إمكانية دخول مدير عام الأمن السابق اللواء جميل السيّد إلى قاعة الاستجواب أمام قاضي التحقيق العسكري شاهدًا، ليتحول متهمًا ويتم إيقافه على ذمة التحقيق. إلا أن مصدرًا أمنيًا واحدًا لم يؤكد هذا الأمر بما لا يقطع الشك.

تشكيك مستمر

من ناحية أخرى، دخل رئيس تيار التوحيد العربي، الوزير السابق وئام وهاب، على خط هذه القضية بعد صمت طويل، ليقول في تصريح صحفي إن التحقيقات في هذه القضية لم تبدأ بعد، لأن ميلاد كفوري لم يأتِ للتحقيق بعدquot;، مستنتجًا من الحوار الذي نشرته وسائل الإعلام بين كفوري وسماحة أن quot;كفوري استغبى سماحة وأوقع بهquot;.

ولاحظ وهاب أن سماحة كان يسجل الأحاديث التي تدور في سيارته لصالح جهاز مخابراتي غير المخابرات السورية، مستدركًا: quot;فتشوا عن المخابرات الفرنسية في موضوع سماحةquot;. كما أكد وهاب أن مدير الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك، المتهم في ملف ميشال سماحة، لا يُعطي الموضوع أي اهتمام quot;لما هو مشغول به في أزمة بلادهquot;.

وفي سياق التشكيك نفسه، استمرت جريدة الديار في حملتها الدفاعية عن سماحة، من خلال كشفها ملابسات تلفيق الاتهامات المساقة ضده. ففي عددها الصادر اليوم، ذكرت الديار أن الحملة الإعلامية التي تم القيام بها لدعم إتهام سماحة كلفّت أكثر من ثلاثة ملايين دولار، تم توزيعها على الصحف والمحطات التلفزيونية، من أجل إضعاف موقف سماحة أمام القضاء وتعزيز الإتهامات ضده.

المقداد إلى التوقيف

إلى ملف سماحة الشائك والمتشعب، ثمة ملف آخر لا يقل تعقيدًا. فالموقوفون من آل المقداد وجناحها العسكري عرضوا اليوم الثلاثاء على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، فادعى عليهم وعلى سوريين بجرم إنشاء تنظيم مسلح بهدف القيام بأعمال إرهابية وخطف الناس وترويعهم بقوة السلاح، وتهديد عناصر عسكرية ومعاملتها بالشدة والعنف، وحيازة أسلحة حربية غير مرخصة، سندًا للمادتين 335 و381 عقوبات والمادتين 5 و6 أسلحة، وأحالهم إلى قاضي التحقيق العسكري الأول طالبًا إصدار مذكرات وجاهية بتوقيفهم.

وخلافاً لما أشيع خلال اليومين الماضيين عن قرب إطلاق سراح ماهر المقداد، أمين سر رابطة آل المقداد، أكدت مصادر قضائية مطلعة على التحقيق أن استجواب المقداد مستمر، وقرار إخلاء سبيله أو إطلاق سراحه رهن بنتيجة التحقيقات. وكان مقرّبون من المقداد أكدوا لوسائل الإعلام أن ماهر لم يكن يحمل سلاحًا حين أوقفته مخابرات الجيش اللبناني.

تصالح مع الراعي

وفي حديث مطول لمحطة أم تي في، قال سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، إن زيارة البابا quot;أبرزت أملًا كان موجودًا يجب أن نستفيد منهquot;، لافتًا إلى quot;أننا نتعرض كمسيحيين لحملة مبرمجة لإضعاف معنوياتنا يقوم بها حلفاء سوريا في لبنان وأبواقها، كي نصل لإستنتاج إننا ضعفناquot;. وشدد جعجع في قراءته للزيارة الباباوية على وجوب أن quot;نجهد كي يقرأ كل مسيحي وكل مسلم الإرشاد الرسولي من أجل أن ينعكس في كل عمل من أعمالناquot;.

وفي إشارة إلى عودة مياه علاقاته والبطريرك الماروني مار بشارة الراعي إلى مجاريها، أوضح جعجع أن السلام quot;كان حارًا مع البطريرك في بعبداquot;، مشيرًا إلى أنه quot;كان ثمة خلاف معه، والعلاقة الآن أصبحت طبيعيةquot;.

وتوقف جعجع عند الإعلان الايراني عن وجود عناصر من الحرس الثوري في لبنان، فقال إن ذلك يعني quot;انتبهوا فلنا مصالح كبيرة في لبنان وسوريا بغض النظر عن الفرقاء المعنيينquot;. وبحسب جعجع، الذهاب إلى الحوار في هكذا مناخ يعني التعايش مع هذه الوضعية والعمل على تحسين التفاصيل، ما يراه مشكلة كبرى في لبنان خصوصًا في ظل الغليان في المنطقة.

وإستنكر جعجع الفيلم المسيء للاسلام بشدة، لأنه برأيه يسيء الى مشاعر أكثر من نصف اللبنانيين، ولأنه فيلم تافه لا شيء فيه سوى اساءة للاساءة بابتذال وحقد.

نصرالله يهدد أميركا شخصيًا

تظاهرة في ضاحية بيروت الجنوبية ردًا على دعوة نصرالله ضد الفيلم المسيء للإسلام

وقبل إطلالة جعجع التلفزيونية، انشغل العالم بإطلالة حية مفاجئة لأمين عام حزب الله حسن نصرالله، على الجموع التي لبت دعوته للاحتجاج على الفيلم المسيء للرسول. وبهذه المسيرة، يكون لبنان قد بدأ ينخرط بقوة في التحركات الاحتجاجية على quot;براءة المسلمينquot;، بعدما مرّت سحابة حادثة إحراق مطعم quot;كاي أف سيquot; في طرابلس، التي سارع الجميع إلى احتواء تداعياتها لتمر زيارة البابا على خير. وهي مسيرة أولى بين خمس مسيرات دعا حزب الله إلى انطلاقها في مناطق لبنانية مختلفة.

حضور نصرالله ألهب مشاعر المشاركين إذ خاطبهم شخصيًا وليس من وراء شاشة كما درجت عادته الأمنية، فدعا المسلمين إلى مقاطعة مواقع الإنترنت التي تصر على بث الفيلم المسيء للرسول والإسلام، وهدد الولايات المتحدة الأميركية بتداعيات خطيرة جدًا إن تم نشر الفيلم كاملًا ، مجددًا دعوته لإصدار قرار دولي يجرم الإساءة للأديان السماوية والأنبياء.

وعلى هذه الخطوة، علق جعجع قائلًا: quot; أخذ نصرالله قضية الفيلم وحولها الى قضية حزبية بدلًا من الدفاع عنها، وعمل منها جسر عبور إلى بعد سياسيquot;. واستطرد قائلًا: quot;أتبنى كل المطالب التي طرحها من منع نشره وملاحقة من وراءه أمام المحاكم، وهذا ما كان يجب أن يحصل لكن ليس بهذه الطريقةquot;.

وأضاف جعجع: quot;بدل ما قام به نصرالله، كان الأجدى لو جرى اجتماع في بكركي شارك فيه عشرات رجال الدين وخرج بهذه التوصيات، واتمنى على البطريرك الراعي القيام بذلك وتنظيم مؤتمرquot;. ولفت إلى وجود quot;طرق قانونية لملاحقة من نشر الفيلم مثلًا، وكل من شاهد الفيلم له حق الإدعاء، لتقدم عشرات آلاف الدعاوى في كل الدول، ويوكل أهم المحامين في العالم لملاحقة المرتكبينquot;.

قانون الستين أو الصغرى؟

وعلى الهامش الانتخابي للبنان، من المرتقب أن تبدأ معركة قانون الانتخاب سياسيًا ونيابيًا لن تخلو من الشراسة، خصوصًا أن أطرافًا لبنانية عديدة تعتبر هذا القانون المطروح للنقاش مدخلًا أساسيًا لمستقبلها السياسي في لبنان. فمصادر حزب الله تقولها علانيةً أن الحزب لن يسمح، أيًا كانت الظروف، بالعودة إلى قانون 1960، في توجه للتلميح للنائب ميشال عون بأنه، وحركة أمل طبعًا، يقفان مع أي قانون انتخابي يراه مناسبًا.

من جانبه، يوافق جعجع حزب الله في عدم العودة إلى قانون الستين، ويعتبر أن quot;أفضل قانون انتخابي يؤمّن التمثيل الصحيح هو قانون الدوائر الصغرى، وإن لم يتم اعتماده فنحن مع النسبية quot;.

وفي هذا السياق، يتفق مشاركون عدة في لقاءات بكركي على أن قراءة محاضر اللقاءات الموثّقة لدى أمانة سر البطريركية المارونية، تؤكد أن عون خرج على كل ما تمّ تداوله بين المجتمعين حينها. كما أن المطارنة الموارنة الذين حضروا هذه اللقاءات فوجئوا بإعلان النائب آلان عون خروج التيار الوطني الحر من كل لقاءات بكركي واجتماعاتها.

أما كتلة المستقبل، فقد أبلغ رئيسها، الرئيس فؤاد السنيورة، البطرك الراعي في آخر زيارة له إلى بكركي، وقوف المستقبل والرئيس سعد الحريري في صف أي قانون توافق عليه بكركي ويحظى بموافقة المسيحيين.