صار الحضور النسائي في مجالس إدارات الشركات والمؤسسات الإماراتية إلزاميًا، ما رأت فيه المرأة تمكينًا لها، واعترافًا بقدراتها، مؤكدةً أنها لن تغزو سوق العمل، ولن تنافس الرجل إلا بالقدرات، لأنها شريكة أساسية في التنمية على كل الصعد.


أحمد قنديل من دبي: أصدر مجلس الوزراء في الإمارات قرارًا بإلزامية تمثيل العنصر النسائي في مجالس إدارات كل الهيئات والشركات الحكومية في الدولة.

كما أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدة على موقع تويتر أن الإمارات تلزم مجالس إدارة الشركات الإماراتية، الخاصة والحكومية، أن تضم سيدات، ما يشكل سابقة على المستوى العربي.
وبهذا القرار تكون الإمارات ثاني دولة في العالم بعد النروج تلزم بضم مجالس الإدارات العنصر النسائي، وتعدّ الدولة الأولى عربيًا في تطبيقه.

وقد نص دستور الإمارات على أن المرأة تتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل، كما اشتمل على بنود تؤكد مبدأ المساواة الاجتماعية، وأن للمرأة الحق الكامل في التعليم والعمل والوظائف مثلها مثل الرجل.

تجدر الإشارة إلى أن 22 بالمئة من مجالس إدارات الجهات الحكومية، سواء الاتحادية أو المحلية، تضم عنصرًا نسائيًا، وتنخفض هذه النسبة إلى نحو 1.5 بالمئة في مجالس إدارات الشركات المدرجة في الأسواق المالية في الدولة.

حصلت على أكثر مما تريد


ذكرت حبيبة الحوسني، مدير عام صندوق الزواج في الإمارات، لـquot;إيلافquot; أن المرأة الإماراتية استطاعت أن تصل إلى الكثير من المناصب في المجتمع، بفضل الدعم المتواصل من حكام وشيوخ الدولة، quot;وحرصهم المستمر على جعل المرأة شريكًا أساسيًا بجوار الرجل في تنمية المجتمعquot;، لافتة إلى أن المرأة في الإمارات quot;حصلت على أكثر مما تريد، وأكثر مما كانت تتمنى، وذلك من دون أن تطالب بأي شيء من ذلك، وهذا يدل على أن الحكومة تولي المرأة اهتمامًا كبيرًا، وتضعها بين أولى أولوياتها، وتعمل على تقديم دعم لا محدود لها في المجالات كافة، وجعلها عنصرًا فاعلًا ومؤثرًا بقوة في المجتمعquot;.

وأوضحت الحوسني أن صدور مثل هذا القرار يشكل تحديًا كبيرًا للمرأة، إذ يضعها في منافسة قوية مع الرجل، ولذلك عليها أن تثبت أنها قادرة على المنافسة والعطاء بكل جدّ ونشاط وكفاءة، مثلها مثل الرجل.

وأشارت إلى أن quot;دخول المرأة إلى مجالس الإدارة لا يعد غزوًا أو سيطرة على سوق العمل، لأن المرأة موجودة بالفعل في كثير من مجالس الإدارة، فرئيس مجلس إدارة صندوق الزواج امرأة، كما إن أحد أعضاء مجلس الإدارة امرأة أيضًا، وهو ما يعني أن المرأة تمارس دورها بكل حرية وفاعلية ونشاط في مؤسسات المجتمع، جنبًا إلى جنب، بجوار الرجلquot;.

أضافت الحوسني أن نجاح المرأة في مجالس الإدارة سيعتمد على مدى استعدادها وتميزها وجديتها ورغبتها في العمل في المجال الذي ستنضم إليه، مبينة أن النساء المتميزات كثيرات في كل قطاعات الدولة، وقد يتفوقن على الرجال في بعض المجالات، وقد يبذلن مجهودًا لتطوير تلك المؤسسات أكثر من الرجل.

نتيجة إيجابية
في السياق نفسه، قالت الدكتورة فاطمة حمد ناصر المزروعي، الأديبة الإماراتية وعضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي سابقًا، لـquot;إيلافquot; إن هذا القرار صائب وجاء في وقته، وهو محصلة إيجابية للإنجازات التي حققتها المرأة الإماراتية في مجال العمل في السنوات الأخيرة، وإثباتا لقدرتها وجدارتها في مختلف القطاعات والمناصب التي شغلتها وتشغلها في المجتمع. وأكدت أن تمتع هذا القرار بصفة الإلزامية هو شيء جيد لتنويع الآراء والأفكار داخل مجالس إدارات الشركات.

وأوضحت المزروعي أن المرأة ستنجح في عملها في تلك المجالس، سواء كانت تابعة لشركات حكومية أو خاصة، إذا تم توظيفها بحسب كفاءتها وخبرتها، quot;أي أن يتم اختيار ذوات التخصص والمعرفة والخبرة العالية وذوات العلاقة بمجالات عمل تلك الشركات التي سيشغلن فيها أعضاء في مجالس الإدارة، فلدى المرأة الإماراتية قدرة كبيرة على المشاركة في صناعة القرار، ووجود المرأة في تلك المجالس يعدّ أحد المؤشرات المهمة على تقدم الدولة وتطورها في كل المجالات، ودليلًا على تمكين المرأة وتأثيرها بقوة وفعالية في المجتمعquot;.

ليس غزوًا بل شراكة
أشارت المزروعي إلى أن هذا القرار quot;لا يعني أن المرأة ستغزو سوق العمل، أو ستسيطر عليه، لأن المرأة والرجل شريكان في بناء المجتمع، ولا يمكن لأحدهما أن يسيطر على المجتمع من دون الآخر، كما إن الحكومة الإماراتية تنظر إلى المرأة على أنها شريكة في المجتمع ونصف الحياةquot;.

وأوضحت أن المرأة تضيف الكثير إلى مجالس إدارات الشركات، quot;لأنها نجحت ولفتت الأنظار بشدة في السنوات الأخيرة في تنمية كل قطاعات المجتمع، فالمرأة الإماراتية الآن وزيرة وسفيرة ومديرة مؤسسة ونائب في المجلس الوطني ومهندسة وطبيبة وسيدة أعمال ومعلمة وغيرها من الوظائف والمواقع المختلفة، وقد تتفوق على الرجل في إدارة بعض المؤسسات والشركات، خصوصًا تلك المرتبطة بالجوانب الاجتماعية والأسرية في المجتمعquot;.

وذكرت المزروعي أن الحياة قائمة على الشراكة والمشاركة بين الرجل والمرأة، ولذلك من الطبيعي أن تكون مجالس إدارات المؤسسات مكونة من فريق متكامل من العناصر الكفوءة وأصحاب الخبرات والمعرفة من الجانبين، من أجل تحقيق أهداف تلك المؤسسات، وفق أفضل المعايير وبمعدلات سريعة وعالية الجودة، منوهة بأن مسألة اختيار أعضاء مجالس الإدارة quot;لا بد أن تكون قائمة على معيار الكفاءة أولًا، فإذا تم اختيار أشخاص غير مناسبين وغير ذوي صلة بأعمال تلك المؤسسات والشركات في مجالس الإدارة، فستترتب عليه آثار سلبية على المؤسسات والمرأة نفسهاquot;.

وتوقعت المزروعي نجاح المرأة في مجالس إدارات المؤسسات الخاصة بشكل كبير، حيث ستكون لها حرية حركة أكبر من المؤسسات الحكومية، مبينة أن quot;الرأي العام يرى أن قرار إلزام مجالس الإدارة بوجود النساء فيها هو خطوة ممتازة كان المجتمع يتمناها منذ مدة، لأنها تمثل استكمالًا لدور المرأة الناجح في تنمية المجتمع وتحقيق التنمية الشاملة في قطاعاته كافةquot;.

تمكين المرأة


من جهتها، قالت الدكتورة عائشة الرومي، أستاذة طب الأطفال وعضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي سابقًا، لـquot;إيلافquot; إن الإمارات بدأت في مراحل تمكين المرأة في المجتمع منذ سنوات عدة، عندما بدأت الحكومة تعيين المرأة في مناصب رفيعة في الدولة، وزيرات وسفيرات ومسؤولات ومديرات وأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي، لافتة إلى أن الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات، رئيسة الاتحاد النسائي العام، تلعب دورًا مهمًا للغاية من أجل تمكين المرأة وجعلها شريكًا أساسيًا في بناء المجتمع.

وبينت الرومي أن أبرز المعوقات التي يمكن أن تواجه المرأة في ذلك هو نقص خبرتها في بعض المجالات التي قد تكون بعيدة عن مجال عملها أو تخصصاتها العلمية. وأوضحت أنه إذا لم تكن للمرأة خبرات مهنية فيجب تجربتها أولًا في العمل في مجالس إدارة المؤسسات الحكومية حتى تحصل على الخبرة اللازمة، ومن ثم يمكنها الانضمام لاحقًا بعد صقل خبراتها إلى العمل في مجالس إدارة المؤسسات الخاصة.

وعن مدى قبول الرأي العام بهذا القرار، أوضحت الرومي أن quot;الرجال بالطبع قد لا يرحّبون بالقرار، وفي المقابل تجد فئات المجتمع الأخرى مرحّبة به، لأنه يعلي من شأن المرأة وقيمتها في المجتمعquot;.

وأضافت الرومي أن هذا القرار لا يمهّد لأن تسيطر المرأة على سوق العمل، بل يمهد لأن تكون شريكًا للرجل في خدمة هذا المجتمع، لأن المرأة جزء لا يتجزأ من الدولة، متوقعة أن تثبت المرأة جدارتها بقوة في المؤسسات التي ستنضم إليها وتتفوق على الرجل أيضًا.