وكيل الخارجية العراقية مجتمعاً مع السفير الإيراني |
عنَّفت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني في بغداد وطلبت منه التوقف عن إطلاق تصريحات اعتبرت تدخلاً في الشؤون الداخلية، فيما نأى المجلس الأعلى للقضاء العراقي بنفسه عن عرض إعترافات حمايات طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب عبر شاشات التلفزيون محمّلاً الحكومة مسؤولية هذا الإجراء.
استدعت الخارجية العراقية السفير الإيراني في بغداد ضابط المخابرات السابق حسن داناتي مر، حيث أبلغه وكيل الوزارة لبيد عباوي quot;الابتعاد عن التصريحات لوكالات الأنباء والصحافة، والتي يفهم منها تدخلاً في الشأن الداخلي العراقيquot;، ودعاه إلى quot;احترام السيادة الوطنية للعراق، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وشرح آفاق العملية السياسية في العراق، انطلاقًا من حرص الحكومة العراقية على الحفاظ على علاقات الأخوة والصداقة مع الجمهورية الإسلاميةquot;، كما نقل عنه بيان صحافي عراقي للخارجية.
وأشار إلى أنّ السفير الإيراني أكد من جانبه على quot;حرص بلاده على تعزيز العلاقات وتطويرها مع العراق، ودعمه للمسيرة السياسية، نافيًا بشكل قاطع أن تكون تصريحاته للصحافة تدخلاً في شؤون العراق الداخلية، خاصة المنصوص عليها في دستور العراق، مؤكدًا عدم دقة مانسب إليه من تصريحات في الإعلام العراقيquot;.
جاء استدعاء السفير إثر ضغوط نيابية وشعبية، طالبت بوقفه عند حده، ومنعه من إطلاق تصريحات تسيء إلى العراق، حيث كان اعترض في الأسبوع الماضي على أي مشروع لإنشاء أقاليم جديدة في العراق قائلاً quot;لن نسمح بهاquot;. وما أثار الاستياء بشكل أوسع أن تصريحات السفير جاءت بعد أيام من إعلان قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بأن العراق خاضع لإيرانquot;.
كما أشار السفير أمس إلى زيارة قريبة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران، وقالإن وزراء البلدين سيقومون بتسع زيارات متبادلة حتى نهاية آذار (مارس) المقبل، في خطوة تعدّ قياسية من حيث عدد الزيارات الرسمية المتبادلة، موضحًا أن حجم صادرات إلى العراق بلغ حوالى سبعة مليارات دولار.
رفض نيابي وشعبي لتدخل السفير الإيراني في شؤون العراق
وردًا على تصريح السفير الإيراني حسن دانائي فر عبّرت الناطق باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي عن رفض كتلتها لتصريحات دنائي فر، مؤكدة أن العراق ليس ولاية خراسان، لكي تعلن طهران عن رفضها أو موافقتها على إقامة إقليم فيه، لكونه شأنًا داخليًا، ولايحق لأية دولة التدخل فيه. وأشارت الدملوجي إلى أنّ مثل هذه التصريحات تؤكد أن إيران على تدخل مباشر في الشأن العراقي.
كما رفض ائتلاف الكتل الكردستانية أية تدخلات أو إملاءات خارجية على العراقي، وقال النائب عن الائتلاف محسن السعدون هناك دول تنظر بطمع إلى العراق، بعد خروج القوات الأميركية، وتحاول أن تسيطر عليه، مطالبًا الحكومة والقوى السياسية باتخاذ موقف رسمي من هذه التدخلات، ورفض وصاية أية دولة على العراق، والتعامل معه على أنه دولة ذات سيادة ودستور، وليس إقليمًا تابعًا لها.
من جانبه، أبدى زعيم الكتلة العراقية البيضاء النائب حسن العلوي استغرابه مما أسماه صمت الحكومة العراقية على التصريحات الاستفزازية الصادرة من المسؤولين الإيرانيين، سواء قائد فيلق القدس قاسم سليماني، أو السفير حسن دناني فر، الذي قال إنه quot;يتصرف، وكأن العراق ولاية تابعة لبلاد فارسquot;.
وأشار العلوي إلى أنّ الحكومة العراقية تكيل بمكيالين على صعيد العلاقة مع إيران وتركيا، ففي الوقت الذي استدعت فيه السفير التركي، وهو أمر يعدّ جزءًا من الممارسة الدبلوماسية لأي دولة على إثر التصريحات التي صدرت من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فإنها لم تستدع السفير الإيراني للغرض نفسه.
وعبّر العلوي عن دهشته واستغرابه مما سمّاه التطاول الإيراني المستمر على السيادة العراقية، بينما يفترض أن يتصرف سفير أي دولة وفقًا لقواعد القانون الدولي، الذي يحكم العلاقات بين الدول. وقال quot;إننا إذا ارتضينا هذه القسمة، وذلك بأن يكون فريق من العراقيين ساكتًا عن تدخل إحدى دول الجوار، ويستغرب تدخلات أخرى وبالعكس، فإننا بذلك نضع سيادة بلدنا في مهبّ الريحquot;.
كما طالب شيوخ ووجهاء العشائر العراقية بطرد السفير الإيراني، وإغلاق السفارة والقنصليات الإيرانية في عدد من المدن العراقية، مشددين على أن التصريحات الإيرانية المتكررة تعبّر عن خضوع الحكومة العراقية لإرادة طهران. وقال محافظ نينوى أثيل النجيفي إن موقف إيران من موضوع الأقاليم ليس تدخلاً في الشأن العراقي وحسب، بل رفض إيراني لفقرات في الدستور العراقي.والمعارضة الإيرانية ترفض تدخل السفير الإيراني في قضية سكان أشرف.
من جهتها رفضت المعارضة الإيرانية تصريحات السفير الإيراني حسن داناتي مر عن تدخل السلطات الإيرانية في عملية نقل معسكر أشرف التابعلعناصر منظمة مجاهدي خلق إلى مخيم ليبرتي قرب بغداد.
ودان quot;المجلس الوطني للمقاومة الإيرانيةquot; تصريحات دانايي فر، الذي قال إنه quot;أحد قادة قوة القدس الإرهابية التابعة لفيلق لحرس النظام الإيراني عن تواجد عناصر من السلطة الحاكمة في إيران في معسكر ليبرتي (الحرية)، الذي سينقل إليه سكان معسكر أشرفquot; التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في شمال بغداد، والذي يضم 3400 شخصًا، بينهم ألف من النساء والأطفال.
وأشار المجلس في بيان صحافي من مقره في باريس، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم، إلى أنّ السفير قال لوكالة مهر الإيرانية quot;من المقرر أن يتم نقلهم من معسكر أشرف إلى قاعدة ليبرتي، لغرض تواجد مؤقت لهم فيه، وإجراء المقابلة مع الأفراد من قبل المفوضية العليا للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين، لحسم أمرهم، وسيتواجد هناك ممثلون دبلوماسيون عن مختلف الدول، سواء الدول الأوروبية أو دولتنا، وليس من المقرر أن تكون هناك قاعدة لهمquot;.
واعتبرت المعارضة الإيرانية أي تدخل للنظام الإيراني في مصير ومستقبل سكان مخيم أشرف خطًا أحمر منيعًا، وأن سكان مخيم أشرف أنفسهم لن يقبلوه أبدًا. وأضاف المجلس quot;إن هذه التصريحات تنمّ مرة أخرى عن محاولات النظام الإيراني لإفشال الحل السلمي لقضية مخيم أشرف، الأمر الذي سبق للمقاومة الإيرانية أن حذرت منه مرارًا وتكرارًا، ولذلك ينبغي للأمم المتحدة، خصوصًا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق أن تدين وتستنكر فورًا تصريحات سفير النظام الإيراني في بغداد، وتعلن أن الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة، ومنها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) والمفوضية السامية للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين، ستمنع النظام الإيراني من التدخل المباشر وغير المباشر في معسكر ليبرتي وفي تقرير مصير سكان أشرفquot;.
وأوضح المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن إدعاء السفير بأن quot;الحكومة العراقية تريد أن يتم حسم هذا الملف بدون مواجهة، ولكن هناك مؤشرات وبوادر جادة تؤكد أن قادة مجاهدي خلق يريدون المواجهةquot;... يراد منه تمهيد الطريق علنًا للإجراءات القمعية اللاحقة وإبادة سكان مخيم أشرف جماعيًا على أيدي القوات العراقية وبأمر من النظام الإيراني.
واليوم دعت الأمم المتحدة العراق إلى تنظيم عملية نقل سكان معسكر أشرف الإيرانيين المعارضين إلى موقع جديد داخل البلاد، وتحدثت عن إحراز تقدم في تطبيق اتفاق 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي بشأن سكان المعسكر، والذي ينص على نقلهم من أشرف إلى معسكر جديد، يدعى quot;ليبرتيquot;، في إطار عملية تهدف إلى إعادة توطينهم خارج العراق في ما بعد.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في بيان إنه quot;حان الوقت الآن لكي تقوم الحكومة العراقية بتنظيم وسائل النقل من معسكر أشرف إلى معسكر ليبرتي وغير ذلك من المسائل مع السكانquot;.. فيما quot;تم اتخاذ مزيد من الخطواتquot; باتجاه تنفيد الاتفاق.
وأكد المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين ومكتب يونامي quot;أن مراقبي الأمم المتحدة مستعدون لبدء عملية مراقبة لحقوق الإنسان على مدار الساعة خلال نقل السكان من (معسكر أشرف) وعند وصولهم إلى مخيم ليبرتيquot;. وتابع أن quot;المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مستعدة لبدء تحديد وضع اللاجئين فور بدء وصولهم إلى المخيمquot;، وهي الخطوة الضرورية، التي يتعين القيام بها، قبل إعادة توطينهم في دول أخرى.
وكان العراق، الذي أرجأ إلى نيسان (أبريل) المقبل إغلاق معسكر أشرف، وتعهد بـquot;توفير أمن السكانquot; في المكان الجديد لاستقبالهم، بحسب الأمم المتحدة، لم يحدد موقع هذا المعسكر الموقت، ولا موعد نقل اللاجئين. وكانت السلطات العراقية قررت إغلاق معسكر أشرف، الواقع في محافظة ديالى في شمال شرق بغداد قبل نهاية 2011.
وشهدت العلاقات العراقية الإيرانية خلافات كثيرة ترجع إلى عقود من الزمن، حيث شهد عام 1979 تدهورًا حاداً في العلاقات العراقية إلإيرانية إثر انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وبعد إلغاء رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين اتفاقية الجزائر في 17 أيلول (سبتمبر) عام 1980، معتبرًا كل مياه شط العرب جزءاً من المياه العراقية.
وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه، دخل البلدان في حرب استمرت حتى عام 1988، أسفرت عن سقوط حوالى مليون قتيل من البلدين. وخلال التسعينيات استمر العداء بين البلدين، في ظل احتضان إيران لبعض قوة المعارضة العراقية، وأهمها منظمة بدر، التي كانت تمثل الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.. فيما كان النظام العراقي السابق يقدم الدعم والتسهيلات إلى منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني المتواجدة في العراق.
القضاء العراقي ينفي ويتهم الحكومة بعرض اعترافات حمايات الهاشمي تلفزيونياً
هذا ونأى مجلس القضاء العراقي بنفسه عن عرض إعترافات لحمايات نائب رئيس الجمهورية المتهم بالإرهاب طارق الهاشمي عبر شاشات التلفزيون، محمّلاً الحكومة مسؤولية هذا الإجراء.
وأضاف المجلسأن السلطة القضائية تتبع المبدأ القضائي quot;المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وليس هناك قاضي تحقيق أو هيئة قضائية أمرت بنشر اعترافات أفراد حماية الهاشميquot;. وأكد أن السلطة التنفيذية هي التي بادرت إلى نشرها، لأسباب ترى أنها تطمئن الرأي العام.
وأشار المجلس إلى أنّ quot;اتهام القضاء بالتسييس خرق لمبدأ الفصل بين السلطاتquot;.. وأوضح أن quot;حبس الشخص وتوقيفه قبل المحاكمة يعدّ انتهاكاً للفقرة الثانية عشرة من المادة التاسعة عشرة من الدستور العراقيquot;. وأكد أن quot;توقيف الأشخاص من دون محاكمة يعدّ مخالفاً للأحكام القانونية النافذة، ومنها قانون أصول المحاكمات الجزائية، الذي منع القبض على أي شخص إلا بموجب قرار من قاضي التحقيقquot;.
وأمس دعا الهاشمي الرئيس جلال طلباني إلى التدخل فورًا لوضع حدّ لممارسات رئيس الوزراء نوري المالكي quot;وتجاوزه على الدستور والقوانين النافذة وتعدياته المستمرة على حقوق الإنسان، التي ألحقت العار بالعراقquot;، مشددًا على أنه سيكون له موقف آخر، إذا فشلت المناشدة في إطلاق سراح أفراد حماياته أو إيقاف هذه التجاوزات.
وقال الهاشمي في بيان صحافي لمكتبه المؤقت في إقليم كردستان العراق، الذي لجأ إليه إثر صدور مذكرة باعتقاله، إن السلطات قد إدّعت الأحد الماضي أن 16 فردًا من حماية نائب رئيس الجمهورية متورّطون بأنشطة إرهابية، quot;وهذا أمر يثير السخرية، ولا يشكل جديدًا في سلسلة الاتهامات المفبركة، ولن يلفت انتباه الشعب العراقي، الذي اعتاد سماع مثل هذه الأكاذيب، وبات يستهجن تسخير القضاء من جهةوالماكينة الإعلامية الرسمية من جهة أخرى في التشهير والتسقيط السياسيquot;.
وأضاف إنه quot;للحقيقة نقول إن أفراد الحماية، الذين أشار إليهم البيان الرسمي، كانوا موجودين أصلاً في موقع فوج الحماية عند مداهمة القوات الأمنية الثكنة العسكرية يوم 19 من الشهر الماضي، وتم التأكد في حينه من سلامة موقفهم، بل سمح لهم بالتمتع بالإجازة الدورية، والالتحاق بالعمل في ما بعد، بل إن ضابطًا كبيرًا تابعًا لمكتب القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) أكد لهم في حينه أنهم غير مطلوبين، ومن حقهم مزاولة حياتهم بشكل طبيعي، وسمح لهم بالتمتع بالإجازة الدوريةquot;.
وأشار إلى أنه quot;من المتوقع في ضوء ذلك أن تنشر وجبة جديدة من الاتهامات الباطلة لهذا العدد من الحمايات قريبًا، خصوصًا أن هناك المئات من الجرائم التي ارتكبت في السابق، وقيّدت ضد مجهول، وهي بناء على توجيهات مركزية صدرت أخيرًا من جهات عليا، ووزعت على الدوائر الأمنية، سوف تنسب إلى نائب رئيس الجمهورية وأفراد حمايتهquot;. وشدد الهاشمي على أنه لن يكتفي بإصدار هذا البيان، بل سيكون له موقف آخر، إذا فشلت المناشدة في إطلاق سراح أفراد حماياته أو إيقاف هذه التجاوزات.
وكانت منظمة العفو الدولية قالت السبت الماضي إن قوات الأمن العراقية اعتقلت موظفتين في مكتب الهاشمي، وإنهما يمكن أن تكونا قد تعرّضتا للتعذيب. لكن مسؤولاً كبيرًا في وزارة الداخلية العراقية أكد لـquot;إيلافquot; أمس عدم تعرّض المعتقلين من عناصر حمايات الهاشمي لأي تعذيب فيمحاولة لطمأنة وتهدئةمخاوف منظمة العفو الدولية، فيما أشار عضو في اللجنة القانونية لمجلس النواب إلى أن عدد هؤلاء المعتقلين بلغ 53 شخصًا.
وقال المسؤول إن قضية التحقيق مع المتهمين من عناصر حماية الهاشمي يخضعون إلى إشراف القضاء العراقي بشكل كامل. وأشار إلى أن دور وزارة الداخلية في هذا الأمر هو تنفيذ أوامر إلقاء القبض الصادر من الهيئة القضائية ضد المتهمين. ولفت إلى أن لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب قد زارت المعتقلين، الذين لم يبلغوها عن تعرّضهم لأي عمليات تعذيب، لكنه استدرك قائلاً إن معتقلاً واحدًا إدّعى تعرّضه لعمليات تعذيب، غير أنه لم يثبت ذلك، بعد كشف لجنة مختصة عليه.
يشار إلى أن السلطات قد أصدرتفي منتصف الشهر الماضي أمرًا باعتقال الهاشمي، لكنه لجأ إلى إقليم كردستان الشمالي، حيث حلّ ضيفًا على الرئيس طالباني بعد اتهامه بالإرهاب، الأمر الذي ينفيه، إذ ترفض السلطات الكردية حتى الآن تسليمه إلى بغداد.
التعليقات