تصطدم القوى الغربية والجامعة العربية بتصلب موقف روسيا، التي حذرت من أنها ستستخدم حقها بالنقض (الفيتو) ضد أي قرار في الأمم المتحدة تعتبره quot;غير مقبولquot; لإنهاء الأزمة في سوريا. يأتي ذلك فيوقت سقط فيه ما لا يقلّ عن 59 قتيلاً الأربعاء.

تظاهرة سابقة ضدّ النظام بالقرب من دمشق

دمشق: أعلن المندوب الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن روسيا ستستخدم الفيتو ضد أي مشروع قرار حول سوريا تعتبره quot;غير مقبولquot;، كما أفادت وكالات الأنباء الروسية.

وردًا على هذا الموقف، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن quot;كل عضو في المجلس عليه اتخاذ قرار واختيار معسكرهquot;، داعية quot;كل عضو في مجلس الأمن الدولي إلى اختيارquot; الجانب الذي يؤيّده في سوريا، بين quot;الشعب السوريquot; وquot;الديكتاتورية الوحشيةquot;.

من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الأربعاء إن مجلس الأمن الدولي قد يصوّت في الأسبوع المقبل على قرار لإنهاء سفك الدماء في سوريا.

وكان جوبيه صرّح في وقت سابق الأربعاء أمام النواب الفرنسيين quot;للمرة الأولى، وبدون إبداء تفاؤل مفرط، كان موقف روسيا quot;أقل quot;سلبيةquot;، ملمحًا إلى وجود أمل في تبني مشروع قرار، يدعم خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة.

من جانبها حضّت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الأربعاء أعضاء مجلس الأمن الدولي على تحمّل مسؤولياتهم وquot;التحرك من دون تأخيرquot; لوضع حد لأعمال العنف في سوريا.

في هذا الوقت، بدأ سفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الأربعاء مشاورات تتعلق بمشروع قرار حول سوريا، ما زالت روسيا ترفضه.

ولدى دخوله إلى قاعة مجلس الأمن، أعرب السفير البرتغالي جوزيه فيليبي مورايس كابرال عن quot;تشجّعهquot;، معتبرًا أن ثمة quot;إمكانية للتوصل إلى تسويةquot;، لكنه لم يعط تفاصيل إضافية.

أما نظيره الهندي هاديب سينغ بوري فقد أشار مع ذلك إلى أن بلاده ما زالت تنتقد مقطعين في مشروع القرار، وهما المتعلقان بإدانة أعمال العنف في سوريا، ونقل الرئيس بشار الأسد صلاحيته إلى نائبه.

عربيًا، أعلن مصدر مسؤول في الجامعة العربية أن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون في 11 شباط/فبراير الحالي في القاهرة لبحث الأوضاع في سوريا ووضع بعثة المراقبين العرب في هذا البلد.

وكانت قطر طلبت استضافة هذا الاجتماع، إلا أنه تقرر بعد مشاورات عربية عقده في القاهرة.

وقال المصدر إن الوزراء سيناقشون quot;وضع بعثة المراقبين في سوريا، التي تم تعليق مهمتها بسبب تصاعد أعمال العنفquot;.

وفي الرباط، أكد الوزير المغربي المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني أن المغرب quot;ملتزم بالعمل مع جميع شركائه من أجل التوصل إلى توافقquot; حول مشروع القرار، الذي قدمه الثلاثاء إلى مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا.

ميدانيًا، كثفت السلطات السورية حملاتها العسكرية للحدّ من الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام السوري، إذ أفاد مصدر حقوقي عن مقتل 59 شخصًا في سوريا الأربعاء، بينهم 15 عسكريًا وستة منشقين خلال اشتباكات بين الجيش ومجموعات منشقة عنه، كما قتل 38 مدنيًا، معظمهم في ريف دمشق خلال العمليات التي تشنها القوات السورية.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه quot;ارتفع عدد الذين قتلوا خلال العمليات العسكرية في وادي بردى (ريف دمشق) اليوم إلى 21 شخصًا، بينهم سيدةquot;.

وكان المرصد أفاد في بيان سابق الأربعاء عن اشتباكات دارت بين القوات النظامية ومجموعات منشقة في وادي بردى، قتل فيها ستة من المنشقين.

وأشار المرصد في بيانه إلى أنه quot;إثر الاشتباكات انشق نحو 30 عسكريًا مع مدرعةquot;. وأضاف البيان إن quot;الرشاشات الثقيلة تستخدم في قصف عين الفيجة ودير قانونquot; في المنطقة نفسها.

كما quot;استشهد شاب في بلدة معضمية الشام برصاص قوات الأمن، التي اقتحمت البلدة، واستشهدت طفلة في بلدة عربين إثر إطلاق نار من قبل القوات السورية، واستشهد آخر في بلدة عين ترما خلال مداهماتquot; في ريف دمشق، بحسب المرصد.

وفي حمص، معقل الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري، أضاف المرصد في بيان منفصل quot;قتل ما لا يقلّ عن 15 من القوات النظامية السورية خلال اشتباكات جرت بين الجيش ومجموعة منشقة عنهquot;.

وأكدالمرصد أن quot;ثمانية مواطنين على الأقل قتلوا خلال إطلاق رصاص من القوات السورية في أحياء عدةفي مدينة حمصquot;.

وفي ريف درعا، مهد الحركة الاحتجاجية (جنوب) أوضح المرصد quot;أن خمسة مواطنين استشهدوا خلال العمليات العسكرية في قرية الغارية الشرقيةquot;.

وأضاف المرصد quot;إن قوات عسكرية أمنية مشتركة، تضم عشرات الآليات، اقتحمت مدنًا عدةفي ريف درعا، بينها نوى والمسيفرة وداعلquot;.

وقالإن quot;بلدة خربة غزالة شهدت أكبر عملية من نوعها منذ انطلاق الثورة، حيث ترافق الاقتحام مع إطلاق رصاص كثيف، وبدأت القوات حملة مداهمات، اعتقلت خلالها نحو 100 شخص، كما أحرقت عشرات الدراجات الناريةquot;.

وفي ريف إدلب (شمال غرب) أضاف المرصد quot;إن مواطنًا استشهد إثر إصابته برصاص قناصة في ساحة هنانو بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاءquot;. وأشار إلى أن quot;20 عسكريًا انشقوا في بلدة الراميquot;.

وفي منطقة ريف إدلب أيضًا، quot;فجّرت مجموعة منشقة عبوة ناسفة بشاحنة عسكرية من نوع زيل في بلدة أبلين، تبعها إطلاق رصاص كثيف من قبل القوات السوريةquot;، بحسب المرصد. ولفت المرصد إلى عدم ورود quot;معلومات عن عدد قتلى الانفجارquot;.

من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن quot;مجموعة إرهابية مسلحة أقدمت صباح الأربعاء على مهاجمة سيارة تنقل التموين إلى إحدى الوحدات العسكرية في ريف درعا، وتصدت لها العناصر المرافقة للسيارة والجهات المختصة، وأسفر الاشتباك عن مقتل 11 إرهابيًا، وجرح آخرين، واستشهاد عسكري، وجرح اثنين آخرينquot;.

وفي ريف دمشق، أضافت الوكالة إن quot;الجهات المختصة ألقت القبض على مجموعة إرهابية مسلحة في عربين، وعثرت على مصنع في سقبا، اتخذته المجموعات الإرهابية المسلحة لإعداد المتفجراتquot;.

وكثفت القوات السورية عملياتها في الأيام الأخيرة مستفيدة من الدعم الروسي، واستمرار الانقسامات في مجلس الأمن الدولي بشأن قرار ضد النظام السوري.

أمنيًا أيضًا، خطف 11 زائرًا إيرانيًا جديدًا في سوريا، كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية الأربعاء، موضحة أن عملية الخطف هذه ترفع إلى 29 عدد الإيرانيين المخطوفين في سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر.

وأعلن قنصل إيران في سوريا عبد المجيد كامجو، بحسب ما قالت الوكالة، إن quot;11 من الزوار الإيرانيين خطفوا في مدينة حماهquot; (وسط).

وأضاف إن quot;مسلحين يحاولون اغتنام وجود الزوار ليدفعوا إلى الاعتقاد أن إيران ترسل قوات إلى سوريا، لكنها حجة واهية. إن كل الإيرانيين المخطوفين حتى الآن مدنيونquot;.

إلى ذلك، دعت المعارضة السورية إلى التظاهر في اليومين المقبلين في سائر أنحاء البلاد إحياء للذكرى السنوية الثلاثين لمجزرة حماه، التي ارتكبها النظام السوري عام 1982، وأدت إلى سقوط عشرات آلاف القتلى.

تحقيق quot;تقدمquot; في المحادثات بين السفراء في الأمم المتحدة حول سوريا

أعلن دبلوماسيون أن سفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذين يحاولون وضع صيغة نهائية لمشروع قرار حول سوريا، حققوا quot;بعض التقدمquot; الأربعاء خلال اجتماع استمر حوالى ثلاث ساعات.

وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت للصحافيين quot;حققنا بعض التقدم اليومquot;. وأضاف quot;هناك رغبة (في مجلس الأمن) في التوصل إلى نص يمكن تبنيه خلال الأيام المقبلةquot;، مضيفًا مع ذلك quot;لم نصل بعد إلى هذا الحدquot;.

من ناحيته، قال السفير الروسي فيتال تشوركين quot;هناك تفهم أفضل لما يجب القيام به من أجل التوصل إلى تسويةquot;. وأضاف quot;أعتقد أنها كانت جلسة جيدةquot; من المفاوضاتquot;، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.

وقال دبلوماسيون إنه إثر هذه المحادثات سيتم الإعداد لمسودة مشروع قرار، على أن تجري الخميس محادثات جديدة.

وذكر أحد الدبلوماسيين أن المحادثات تناولت خصوصًا مستوى الدعم، الذي يمكن أن يقدمه مجلس الأمن إلى الخطة، التي تقدمت بها الجامعة العربية لحل الأزمة السورية، كما تناولت المقطع الذي يشير إلى احتمال تدخل عسكري. ويشير مشروع القرار إلى ضرورة حل الأزمة السورية سلميًا، ولكن بعض الدول، ومن بينها روسيا والصين، ترغب في صيغة ترفض بشكل واضح أي استعمال للقوة.

وكان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قال الأربعاء quot;إذا كان النص غير مقبول، فسنصوّت ضدهquot;، علمًا أن تصويت روسيا ضد أي نص في مجلس الأمن يعادل استخدامها حق النقض.

وأضاف السفير الروسي quot;لن نسمح بأي نص نعتبره خاطئًا، ومن شأنه أن يؤدي إلى تفاقم النزاع. لن نسمح بتبنيه، نقولها بصراحة لزملائناquot;.

لكن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أعلن مع ذلك الأربعاء أن مجلس الأمن قد يصوّت في الأسبوع المقبل بشأن سوريا. وأضاف في كلمة في باريس quot;نأمل بأن نرى التصويت، ربما خلال الأسبوع المقبلquot;.