أحد النواب يحتفل بفوزه

يرى محللون سياسيون أن دور القبائل في الكويت آخذ في التعاظم وما يدلل على ذلك فوز الإسلاميين الكبير في انتخابات مجلس الأمة، وبحسب المحللين فإن المرأة أقصيت من البرلمان الجديد بسبب موالاة البرلمانيات السابقات للحكومة التي طالتها اتهامات بالفساد.


الكويت:يشكل الانتصار الساحق الذي حققته المعارضة بقيادة الاسلاميين في الانتخابات الكويتية بحسب المحللين عقابا من قبل الناخبين للحكومة السابقة المتهمة بالفساد وللموالين لها، وانعكاسا لتعاظم تأثير القبائل الذين باتوا رأس حربة المعارضة.
اما المرأة التي غابت عن البرلمان بعد ان حققت دخولا تاريخيا في 2009، فتدفع ثمن موالاة معظم النائبات السابقات للحكومة فضلا عن إقصائها او عدم تشجيعها من قبل مكونات التيار الاسلامي.

وقال المحلل السياسي عايد المناع لوكالة فرانس برس ان فوز المعارضة quot;هو فوز لالتقاء الاسلاميين والقبائل على معارضة الحكومةquot; وquot;عقاب للحكومة السابقة على اتهامات الفسادquot;.
والقبائل التي كانت تاريخيا quot;متكأ السلطة الاكبرquot;، باتت حاليا القوة الاكبر في المعارضة من خلال نوابها الذين ينتمي قسم كبير منهم إلى التيار الاسلامي. ويشكل ابناء القبائل اكثر من 55% من السكان.

واتت الانتخابات بعد تصاعد للتوترات القبلية الحضرية في الكويت.
لكن بالنسبة إلى المحلل السياسي، فإن العامل الابرز في هذا الفوز هو quot;انه يأتي في اعقاب الحراك الشبابي الشعبي غير المسبوق الذي شهدته الكويتquot;.

ويشير عايد المناع الى نزول عشرات آلاف الشباب للتظاهر في quot;ساحة الارادةquot; في تشرين الثاني/نوفمبر للمطالبة بمكافحة الفساد والاصلاح السياسي في مشهد غير مسبوق يستلهم احداث الربيع العربي.
والاسلاميون دعموا هذا الحراك الذي قادته مجموعات شبابية ناشطة تطالب باصلاحات جذرية تصل الى حد تعديل الدستور وقيام امارة دستورية.

ونتيجة لهذا التحرك، تم قبول استقالة الحكومة وحل امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح البرلمان.
وبحسب المناع، فان تصويت الناخبين هو ايضا quot;عقاب للحكومة السابقة المتهمة بالفساد من خلال فضيحة الايداعات المليونيةquot;، وهي فضيحة تتعلق بتلقي نواب ايداعات بملايين الدولارات، فيما تؤكد المعارضة انها رشى من قبل الحكومة.

كما اشار الى quot;العجز الحكومي التام في موضوع التنمية وفي الرد على الاحتجاجات الشعبيةquot; والى quot;الاخطاء المتكررة للحكومة والتعامل الامني واقتحام ديوانية الحربشquot; حين تم ضرب عدد من النواب، في نهاية 2010.
وكتبت صحيفة القبس في افتتاحية حلّلت فيها النتائج التي وصفتها بانها quot;متفجرةquot; للانتخابات، ان quot;السلطة هي اول الخاسرين، وهذا ناتج اولا من الاداء المتردي للحكومات المتعاقبة على مدى سنوات: غياب الرؤية وانعدام القرار، وفساد ومحاباة، وعدم قدرة على العمل السليمquot;.

ومنذ العام 2006، دخل رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر محمد الصباح في مواجهات مستمرة مع المعارضة التي اتهمت حكوماته المتعاقبة بالفساد، ولم تنته الازمات السياسية قط في كل تلك الفترة اذ شكلت سبع حكومات وحل البرلمان اربع مرات.
وفازت المعارضة الكويتية بقيادة الاسلاميين في انتخابات الخميس ب34 مقعدا من اصل خمسين، بينهم 21 نائبا قبليا معارضا، فيما خرجت المرأة من البرلمان وتكبد الليبراليون خسارة كبيرة.

وحقق الاسلاميون السنة المعارضون من تيار الاخوان المسلمين والتيار السلفي والمقربين منهم الانتصار الابرز اذ باتوا يسيطرون على 23 مقعدا مقارنة بتسعة مقاعد في البرلمان السابق، ويضاف الى هؤلاء خمسة اسلاميين من الشيعة.

وعن التأثير القبلي قال المحلل السياسي ذو التوجه الليبرالي شملان العيسى لوكالة فرانس برس ان quot;ابناء الباديةquot; باتوا القوة الاكبر في المعارضة الاسلامية.
لكن العيسى اشار الى ان quot;الاسلاميين منقسمون، فالاخوان المسلمون والسلفيون من غير القبليين لا يتشاطرون الاجندة نفسها مع ابناء القبائلquot; مشيرا الى quot;اختلافات جذرية بينهمquot;.

وقال ان الاسلاميين quot;يريدون المشاركة في الحكومة والوزارات واسلمة القوانينquot; اما ابناء القبائل فلديهم quot;مطالب تتعلق بالاسكان وتجنيسquot; البدون.
اما مسألة التواجد الاميركي في الكويت فلا تشكل اي مشكلة بالنسبة للاسلاميين بحسب العيسى.

وقال في هذا السياق ان quot;الاسلاميين وغير الاسلاميين مع بقاء القوات الاميركية في الكويتquot;، فيما يشكل هذا الوجود المقتصر على قاعدة واحدة ضمانة في وجه القوى الاقليمية مثل ايران، وحتى العراق.
اما غياب المرأة عن البرلمان فهو بالنسبة إلىالعيسى quot;نتيجة إبعادها من قبل التيار الاسلامي، وانما خصوصا لان المرأة خذلت المرأة اذ ان غالبية النائبات الاربع السابقات كن مواليات للحكومةquot;.

لكن اسرة ال الصباح التي تحكم الكويت منذ اكثر من 250 سنة تبقى في صلب المعادلة السياسية في الكويت، وغالبا ما يعزو المراقبون المشاكل السياسية في البلاد الى quot;صراع داخل الاسرةquot;.
ولا يشكك احد في الكويت بضرورة استمرار حكم ال الصباح، لكن الحملات الانتخابية غصّت بدعوات لوضع حد للخلافات الداخلية بين شيوخ الاسرة، والتي تترجم داخل مجلس الامة.

وبحسب العيسى، فان بعض شخصيات الاسرة الحاكمة quot;وقفوا مع المعارضةquot;.
اما وزير النفط السابق عادل الصبيح فقال لوكالة فرانس برس ان quot;الازمات السياسية المتكررة ناشئة عن عجز السلطة، اي الاسرة الحاكمة، والحكومة، عن ملء الفراغ السياسي في البلدquot;.
واضاف quot;جميع الخيوط الساسية في الكويت تنتهي بيد الاسرة الحاكمة، فادارتها يجب ان تكون بالعدل والمساواة والحق ... وما نراه في الساحة هو غياب السلطة عن دورها الحقيقيquot;.

وفي كل الاحوال، قد لا يؤدي الفوز الكبير للمعارضة وحصولها على قدرة حسم التصويت في مجلس الامة الى نهاية التأزم السياسي.
ففيما توقع شملان العيسى quot;موسما ساخنا بعد شهر عسل موقتquot; والا يعمر المجلس اكثر من سنتين، رأى المناع ان المستقبل يتعلق quot;بقدرة الحكومة على مداراة التيار الاسلاميquot;.