واشنطن: تزيد التلميحات والتهديدات والاشارات السياسية المبطنة من جانب إسرائيل حول شن هجوم محتمل على إيران، الضغوط على الرئيس الاميركي باراك اوباما وتشكل موضوعا ساخنا للنقاشات قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.

وعلق اوباما على التكهنات الاحد قائلا انه لا يعتقد ان إسرائيل قد اتخذت قرارا بعد بمهاجمة منشآت نووية إيرانية تعتبرها مصدر تهديد لها. واعتبر ان تشديد العقوبات quot;بشكل لا سابق لهquot; له تاثير قوي على النظام الإيراني.

وصرح اوباما لشبكة quot;ان بي سيquot; ان الجمهورية الاسلامية quot;باتت تشعر بتأثيرquot; عقوبات المجتمع الدولي، مستبعدا اي رد إيراني يستهدف الاراضي الاميركية. وازدادت التكهنات حول احتمال تنفيذ ضربة إسرائيلية على البرنامج النووي الإيراني بعد مقال في مجلة quot;نيويورك تايمزquot; اعده رونين بيرغمان الخبير في الاستخبارات الإسرائيلية قال فيه ان إسرائيل ستشن ضربة على إيران هذا العام.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك دعا الى تحرك سريع لكن غير محدد ضد إيران مضيفا quot;الذين يفضلون موعدا لاحقا قد يجدون ان لاحقا سياتي متاخراquot;. وزادت التكهنات ايضا بعد مقال لديفيد ايغنيشوس المحرر في quot;واشنطن بوستquot; اشار فيه الى ان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا يعتقد ان quot;هناك احتمالا كبيرا بان تشن إسرائيل ضربة في نيسان/ابريل او ايار/مايو او حزيران/يونيوquot;.

وكتب ايغنيشوس quot;نقل عن الرئيس اوباما وبانيتا انهما ابلغا إسرائيل بان الولايات المتحدة تعارض شن هجومquot;. ومع ان بانيتا رفض التعليق الا انه لم يناقض المقال مما زاد من الشكوك حول التحرك الإسرائيلي.

ويقول الخبراء انه حتى لو لم تقرر إسرائيل التحرك فانها ربما ترى في الاشارات العدائية سبيلا لفرض المزيد من الضغوط غير العسكرية على إيران.

وقال كليف كابتشان الخبير في شؤون إيران في مجموعة quot;يوريجا غروبquot; للاستشارات ان quot;إسرائيل تمارس بذلك ضغوطا على الكونغرس الاميركي لفرض المزيد من العقوبات وتطبيق العقوبات التي تم تبنيها باسرع وقتquot;.

واضاف كابتشان ان التخوف من شن هجوم إسرائيلي يمكن ان ينظر اليه على انه محاولة لارغام إيران على العودة الى المفاوضات حول ملفها النووي. واعتبر بعض المحللين في واشنطن ان موقف إسرائيل لا يعدو كونه مناورة مذكرين بان الضربات العسكرية السابقة كالضربة على مفاعل نووي سوري في العام 2007 لم تسبقها اي تهديدات.

كما ان القادة الإسرائيليين قد لا يكونون مستعدين بعد لمواجهة العواقب التي يمكن ان تترتب على مثل هذا الهجوم والتي يمكن ان تشمل ردا بالصواريخ واعمالا تنفذها مجموعات ارهابية ضد إسرائيل. لكن لا احد في واشنطن يمكنه الجزم بما تخطط إسرائيل للقيام به.

وتكشف هذه التكهنات من جديد الخلاف بين البيت الابيض ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والتي يمكن ان تظهر مجددا عندما يزور نتانياهو واشنطن الشهر المقبل. وكانت الادارة الاميركية اشارت الى انها لا تعتبر انه تم بلوغ مرحلة الانتقال الى شن ضربة على إيران والتي تبقى الحل الاخير.

وكان بانيتا صرح لصحافيين الاسبوع الماضي ان quot;إسرائيل اعلنت انها تدرس الموضوع ... ولقد عبرنا عن تحفظاتناquot;. واعتبر تريستا بارسي الخبير في الشؤون الإيرانية انه في الوقت الذي تزيد فيه واشنطن ضغوطها على طهران، يمكن ان تساعد التهديدات الإسرائيلية في اعادة هذه الاخيرة الى طاولة المفاوضات لتفادي التعرض لهجوم.

الا ان بارسي الذي الف مؤخرا كتابا حول سياسة اوباما في إيران بعنوان quot;رمية نرد واحدةquot; حذر من ان التهديد الضمني بالحرب يشكل مقامرة كبيرة اذا لم تنجح العقوبات في وقف البرنامج النووي. واضاف ان quot;الادارة تعلم ان هناك متغيرات لا يمكنها السيطرة عليهاquot;، في اشارة الى عدم امكان التكهن بما ستكون عليه ردود الفعل في إسرائيل وإيران في حالة ازمة خطيرة.

كما سيكون لضربة عسكرية احادية الجانب من قبل إسرائيل عواقب استراتيجية كبيرة بالنسبة الى الولايات المتحدة وانعكاسات سياسية لا يستهان بها بالنسبة الى اوباما. ومن شبه المؤكد ان واشنطن ستجد نفسها متورطة في ازمة جديدة في الشرق الاوسط في وقت يريد فيه اوباما التركيز على التاييد الذي حصده بقراره سحب الجنود من العراق.

كما سترتفع اسعار النفط مما سيحد من انتعاش الاقتصاد الاميركي الذي بدا يتحسن وسيبطئ تراجع البطالة الذي يحتاج اليه اوباما للفوز بولاية رئاسية جديدة. ويدرك القادة الإسرائيليون الضليعين في السياسة الاميركية ذلك، ويعلمون في الوقت نفسه ان اوباما سيكون حساسا للضغوط خلال حملته من اجل اعادة انتخابه.

وقال دانيال ليفي من مؤسسة quot;نيو اميركا فاونديشنquot; ان اللهجة الجدية من قبل إسرائيل والشعور بحلول ازمة لم يكونا بسبب تقدم مفاجئ في البرنامج النووي الإيراني بل بدوافع سياسيةquot;. واضاف ان quot;السبب الوحيد لاتخاذ المسالة هذه الاهمية الان هو الانتخابات الرئاسية الاميركيةquot;.

وتابع ان quot;(إسرائيل) تدرك ان ايا كان الرئيس الاميركي العام المقبل فانه سيكون في موقع اكثر قوة مما هو عليه رئيس خلال عام انتخابيquot;. ويحاول الجمهوريون استغلال تحفظ ادارة اوباما على شن هجوم على إيران، اذ يتهمه ميت رومني الذي يتصدر مرشحي الحزب الجمهوري بـquot;المهادنةquot; ويحاول بذلك انتقاد ملف السياسة الخارجية الاميركية.