في الوقت الذي تقع فيه كل من إيران وتنظيم القاعدة تحت مطرقة العقوبات الدولية، لا سيما الأميركية، يبدو ان الطرفين بحاجة إلى التحالف لخفيف وطأة الضغوط المتصاعدة عليهما في الأونة الأخيرة، الأمر الذي يثير شكوك ومخاوف الإدارة في واشنطن.


لافتة أميركية تصف الرئيس الإيراني بـquot;الشريك الصامت للقاعدةquot;

لندن: كشف مسؤولون اميركيون ان إيران منحت مزيدا من الحريات في الآونة الأخيرة لنحو خمسة من عناصر تنظيم القاعدة كانوا تحت الاقامة الجبرية، بينها خيار مغادرة إيران وربما قدمت قدراً من المعونة المادية الى الجماعة الارهابية.

ويشكل الرجال الخمسة الذين اعتقلتهم إيران عام 2003 ما يسمى مجلس إدارة القاعدة، وهو فريق يضم اعضاء الحلقة الداخلية للتنظيم من مستشاري اسامة بن لادن ومعهم خبير في المتفجرات يُعتقد انه مرشح لمنصب قيادي في التنظيم.

ويتوقع مراقبون ان تؤدي هذه الاتهامات الى تصعيد حدة التوتر بين واشنطن وطهران، إذ كانت لجنة في مجلس الشيوخ الاميركي تحركت يوم الخميس لتشديد العقوبات على إيران التي تحدت جميع الضغوط حتى الآن، وقالت مصادر دبلوماسية ان طهران منعت قبل ايام مفتشي الأمم المتحدة من دخول مواقع ومقابلة علماء إيرانيين.

ويحذر منتقدو السياسة الاميركية تجاه طهران من ان المعلومات المتوفرة عن أنشطة إيران محدودة، وان بعض صانعي هذه السياسة قد يستخدمون تقارير استفزازية لتبرير العمل العسكري ضد طهران.

ومن جهتها، نفت طهران ان تكون لها أي صلة بتنظيم القاعدة.

ويعتقد مسؤولون اميركيون ان هناك مؤشرات جديدة نفيد بأن الحكومة الإيرانية قدمت لعناصر القاعدة في إيران مساعدة محدودة، بما في ذلك معونة لوجستية ومال وسيارات، كما افادت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; نقلا عن مصدر مطلع على هذا التطورات.

وما يزيد الضغوط المسلطة على إيران ان مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر قال في افادة امام مجلس الشيوخ quot;ان اجهزة الاستخبارات الاميركية تعتقد ان النظام الإيراني اكثر استعداداً الآن لتنفيذ هجوم داخل الولايات المتحدةquot;.

ويدور سجال محتدم داخل الإدارة الاميركية حول ما إذا كانت الحريات التي منحتها إيران لعناصر القاعدة الذين فرضت عليهم الاقامة الجبرية تعني نشوء علاقات وثيقة بين إيران والقاعدة.

المخاوف ليست في محلها

إلا ان بعض المسؤولين حذروا انه من السابق لأوانه الخروج باستنتاجات عن نيات إيران ونبهوا من اصدار احكام تقول ان إيران تشكل خطرا داهماً. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; عن احد المسؤولين انه ليست هناك معلومات مهمة تشير الى وجود علاقة عمل بين إيران والقاعدة.

وأوضح مسؤول آخر، ان تحريك مقاتيلن وأموال شيء في حين ان تخطيط هجمات ارهابية كبيرة ضد الغرب انطلاقا من الأراضي الإيرانية هو على الأرجح شيء آخر لن تسمح به إيران.

وبدورها، دعت المعاونة السابقة في مجلس الأمن القومي خلال ادارتي كلنتون وبوش، هيلاري مان ليفريت الى التروي والتحوط من الظنون بوجود صلات بين إيران والقاعدة، مشيرةً الى ان إيران اعادت في السابق اكثر من 200 عنصر من عناصر القاعدة عبروا الحدود الى إيران، وحتى قدمت نسخا من جوازات سفرهم الى الأمم المتحدة.

وأضافت: quot;ان هناك هستيريا مدفوعة بحمى الحرب وان الكثير مما يقال لا يُعتد به ومشكوك فيهquot; مبيّنةً quot;ان منح عناصر القاعدة حريات اوسع قد لا يمثل محاولة لاقامة شراكة مع القاعدة بل قرار بأن اطلاق سراحهم يمكن ان يسبب متاعب للولايات المتحدةquot;.

واستنتجت ان التفكير الإيراني يذهب الى منطق quot;لندع الولايات المتحدة تتعامل معهمquot;.

إيران ملاذ القاعدة

سيف العدل الموجود في إيرانمرشح لقيادة التنظيم

ولكن مسؤولين وخبراء آخرين يرون ان الظروف قد تكون ناضجة الآن لاقامة شراكة مباشرة بين إيران والقاعدة بسبب الضغوط الاميركية والغربية على الاثنين في الوقت الحاضر.

فالعديد من قيادات القاعدة قُتلوا في ضربات الطائرات الاميركية بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية، وفي غارة القوات الخاصة التي اسفرت عن مقتل اسامة بن لادن العام الماضي.

ويعني ذلك ان quot;التنظيم يحتاج الى رفد صفوفه بقيادات جديدةquot;.

واشار الخبير بشؤون تنظيم القاعدة في جامعة quot;جورجتاونquot;، بروس هوفمان الى ان اقامة علاقة مع إيران هي من افضل الفرص المتاحة امام القاعدة لإنعاش التنظيمquot;.

ونقلت الصحيفة عن سيث جونز من مؤسسة quot;راندquot; للأبحاث ان القاعدة في مأزق الآن وبعض قياداتهم الكبار موجودون في أماكن من السهل الوصول اليها.

كما ان طهران بدورها، تتعرض لضغوط متزايدة بسبب العقوبات الغربية، تحتاج هي الأخرى الى حلفاء.

ويرى جونز ان إيران قدمت من الناحية العملية ملاذا آمنا للعديد من قادة القاعدة الكبار على امتداد سنوات، مضيفاَ ان بعض قادة القاعدة هربوا الى إيران عندما بدأت الولايات المتحدة هجومها على افغانستان عام 2001.

وتابع: quot;ومنذ ذلك الوقت كان هؤلاء القادة يتواصلون ويحولون الأموال ويساعدون في تجنيد مقاتلين للتنظيم من قاعدتهم في إيران، كما يُعتقد ان عناصر من ذوي المستويات الأدنى يقيمون الآن في إيران.

واعاد جونز من مؤسسة quot;راندquot; للأبحاث، التذكير بأنه بعد الهجوم الذي نفذه تنظيم القاعدة في العربية السعودية عام ،2003 عمدت إيران الى فرض الإقامة الجبرية على غالبية عناصر التنظيم، ولكنها سمحت لهم بالإتصال بآخرين من اعضاء التنظيم وتحويل الأموال الى نظرائهم في باكستان.

ويضم مجلس ادارة القاعدة المؤلف من المستشارين الخمسة لقيادة التنظيم المخطط وخبير المتفجرات سيف العدل من مصر ، والناطق باسم التنظيم سليمان ابو غيث من الكويت، وابو الخير من مصر، وعضو مجلس الشورى الحلقة الأقرب الى بن لادن، والمخطط عبد الله احمد عبد الله من مصر، والزعيم الروحي ابو حفص الموريتاني.

ويشكل هؤلاء فيما بينهم قيادة مالية وروحية وحركية، وتربط عددا منهم علاقات قديمة بقيادة القاعدة في باكستان.

ولا يُعرف إن كان احد من الرجال الخمسة سيغتنم فرصة العرض المقدم اليهم للعودة الى بلده حيث يمكن ان يواجه خطر الملاحقة أو ما إذا كانت إيران ستوافق على توجههم الى بلد آخر مثل باكستان، كما قال مسؤولون اميركيون.

واضاف المسؤولون ان طبيعة القيود التي ستفرض على تحركاتهم إذا قرروا البقاء في إيران ليست معروفة.

ويعتبر سيف العدل نجما صاعدا في تنظيم القاعدة، إذ اصدرت الولايات المتحدة قرار اتهام بحقه لدوره المفترض في تفجير السفارات الاميركية في شرق افريقيا عام 1998، وبعد مقتل بن لادن طُرح اسم سيف العدل بوصفه مرشحا لقيادة التنظيم بحسب صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot;.